موجة الحر في المحيط الهادي زعزعت النظم البيئية
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
بين عامي 2014 و2016، حدث أمر مُقلق للغاية قبالة الساحل الغربي لأميركا الشمالية، فلأكثر من عامين، كانت مياه المحيطات من كاليفورنيا إلى ألاسكا دافئة بشكل غير مُعتاد، حيث تراوحت ما بين 11.7 و15.8 درجة مئوية أعلى من المُعتاد.
ووفقا لدراسة نُشرت حديثا، انهارت غابات أعشاب البحر، واختلّ توازن سلاسل غذائية بأكملها.
استمرت الحرارة، وامتدت عبر آلاف الأميال من المحيط. وقد غيّر هذا الحدث شكل الحياة في الماء بشكل مدمر. ولم تكن هذه صدفة عابرة أو تغيرا موسميا، بل كانت أطول وأشد موجة حر بحرية سُجِّلت في المنطقة على الإطلاق.
فقد دفعت المياه الدافئة الحياة البحرية إلى خارج نطاقها الطبيعي، وعُثر على 240 نوعا من الكائنات البحرية خارج نطاقها الطبيعي خلال موجة الحر، وظهر العديد منها على بُعد أكثر من 900 كيلومتر شمالا من المعتاد.
كما رُصدت دلافين الحيتان الشمالية الصائبة، وبعض الرخويات البحرية الصغيرة مثل "بلاسيدا كريمونيانا"، خارج نطاق موطنها الطبيعي، وفي حين كان هذا التحول بالنسبة لبعض الأنواع، مؤقتا، بدا لأنواع أخرى مؤشرا على تغير أكثر ديمومة.
فمع ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات، تتبع العديد من الكائنات الحية درجات الحرارة التي تكيفت معها، متجهة نحو المياه الشمالية الباردة سعيا للبقاء على قيد الحياة. ولكن خلال موجة الحر التاريخية في المحيط الهادي، لم تتمكن بعض الحيوانات من الحركة بالسرعة الكافية.
وتُعدّ أحواض الأعشاب البحرية وغابات أعشاب البحر موائل حيوية للأسماك واللافقاريات والثدييات البحرية. ومع اختفاء أعشاب البحر، اختفى معها المأوى والغذاء الذي كانت تُوفّره.
كما تضررت نجوم البحر، التي كانت شائعة على طول الشواطئ الصخرية، بشدة. وكاد "نجم البحر دوار الشمس"، وهو مفترس رئيسي، يختفي. وعزا العلماء المشكلة إلى مرض انتشر بشكل أسرع في المياه الدافئة أطلق عليه "مرض هزال نجم البحر".
إعلانودون وجود هذه الحيوانات المفترسة للسيطرة على التجمعات السكانية الأخرى، فإن تأثير الدومينو يلعب دورا في النظام البيئي بأكمله، كما أشارت الدراسة التي اعتمدت على 331 منشورا وتقارير حكومية.
وتبعا لذلك تغيرت مجتمعات العوالق. وانخفضت أعداد أسماك العلف، وهي أنواع صغيرة تُوفر الطاقة للأسماك الكبيرة والطيور والثدييات، وتراجعت جودتها الغذائية. ونتيجةً لذلك، واجهت الحيوانات المفترسة، من الطيور البحرية إلى الحيتان، صعوبةً في إيجاد ما يكفيها من الطعام.
شهدت العديد من الثدييات البحرية حالات نفوق غير عادية، حيث نفقت مجموعات بأكملها بشكل غير متوقع. ولم يكن السبب واضحا دائما فأحيانا كان المرض أو نقص الغذاء، وأحيانًا أخرى كان كليهما.
تشير الدراسة إلى أن الضرر لم يتوقف عند حافة المياه، فعندما انقطعت شبكة الغذاء في المحيط، وأثّر ذلك سلبا على مصائد الأسماك شهد الصيادون على طول ساحل المحيط الهادي إغلاقات متعددة نتيجة اختفاء الأسماك أو انتشار الأمراض، مما أدى إلى فقدان محاصيل بأكملها.
وقد أدى التأثير الاقتصادي لهذه التغيرات، بما في ذلك التراجع في الصناعات المرتبطة بصيد السلطعون والسلمون والمحار، خسائر تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
وتبعا لكل ذلك، واجه ما كان في السابق اقتصادا ساحليا مزدهرا قائمًا على الموارد البحرية فجأة حالةً من عدم اليقين العميق. وشعرت المجتمعات التي تعتمد على المحيط بضغط شديد من جوانب متعددة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة صامويل ستاركو -وهو زميل ما بعد الدكتوراه السابق في جامعة فيكتوريا بأستراليا- إن "موجة الحر البحرية أدت إلى اضطرابات بيئية غير مسبوقة على امتداد آلاف الكيلومترات من الساحل الغربي لأميركا الشمالية".
كما تسببت موجة الحر في المحيط الهادي في تغييرات معقدة لم تقتصر على عدد الأنواع المتأثرة، بل إلى سلسلة من التفاعلات أعادت صياغة أنظمة بيئية بأكملها.
وقالت جوليا باوم، عالمة البيئة البحرية ومستشارة المناخ في جامعة فيكتوريا: "مع تزايد وتيرة وشدة موجات الحر في ظل تغير المناخ، فإن موجة الحر البحرية في شمال شرق المحيط الهادي في الفترة 2014-2016 تقدم مثالا حاسما لكيفية تأثير تغير المناخ على الحياة في المحيطات، وكيف قد تبدو محيطاتنا في المستقبل".
وكانت أحدث التقديرات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) قد حذرت من أن أكثر من نصف الأنواع البحرية في العالم قد تكون على وشك الانقراض بحلول عام 2100 بسبب الحرارة الزائدة بالبحار والمحيطات.
وعند ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.1 درجة مئوية اليوم، فإن ما يقدر بنحو 60% من النظم البيئية البحرية في العالم قد تدهورت بالفعل أو يتم استخدامها بشكل غير مستدام.
كما يهدد الاحترار بمقدار 1.5 درجة مئوية بتدمير ما بين 70% إلى 90% من الشعاب المرجانية، وتعني الزيادة بمقدار درجتين مئويتين خسارة ما يقرب من 100% منها، أي نقطة اللاعودة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات تغي ر المناخ المحیط الهادی البحریة فی موجة الحر فی المحیط الحر فی
إقرأ أيضاً:
البيئة البحرية في عودة الماضي توثق تاريخها لزوار محافظة ظفار
يرسم موسم خريف ظفار بأطلالتة المتجددة لوحات من التراث السياحي والبيئي بتفاصيلة الجميلة وما يحتوية من عبق ماضي عمان القديم والمتعدد في بيئاته المختلفه وتاتي البيئهة البحرية في فعاليات عودة الماضي لتوثيق تاريخ البيئة البحرية بمحافظة ظفار لما تزخر بة من ثروة بحرية منذ زمن جعل منها مرجع لكل زائر او سائح للتعريف بهذه البيئة وما كانت تحتوية من بطولات بين الماضي والحاضر لتحاكي ذلك الواقع الجميل من خلال تجسيد الاعمال في ميناء الفرضة واستقبال وتوديع المسافرين سابقا وحياكة الشباك فترة الخريف من كل عام.
وتحمل ذاكرة ربابنة البحر المشاركين في فعاليات البيئة البحرية بالقرية التراثية لمهرجان صلالة العديد من الذكريات والمغامرات الشائقة وملامح سنوات من السعادة والشقاء وهو ما يجعل من القرية التراثية ملاذا لذكريات الغوص والإبحار بين أمواج بحر العرب والمحيط الهندي مفروشة برمال فضية ناعمة نمشي عليها وكأننا بين أحضان شواطئ ظفار الجميلة ولا تخلو من أحاديث البحر ومغامراته ومصارعة أمواج الخريف من أجل شغف الصيد وكسب الرزق؛ لاستعراض سيرة أعوام مديدة وتاريخ عريق.
وعند زيارة موقع عودة الماضي يلتفت الزائر الى تلك الاهازيج الجميلة التي يقدمونها في البيئة البحرية مجسدين كل ما كان يعمل به في الماضي خصوصا عند استقبال المسافرين وهم محملين بالخيرات التي كانو ينتظرونها المستقبلين على فترات طويلة قد تمتد الى السنة.
ولا يمل المشاركون في الفعالية من إبهار زوار المهرجان وهم يغنون اهازيجهم البحرية الجميلة بصوت واحد ويردون على بعضهم البعض بأبيات تلك الشلات والأهازيج البحرية الشجية ولا يأتي الغناء لمجرد الأبحار في عالم الذكريات وإنما ليحثهم على العمل فهم يرددون تلك الأهازيج وهم ينسجون شباكهم ويعملون بكل تفاؤل لملاقاة ذلك البحر والبحث عن الأمل والعمل الدؤوب الذي لا ينقطع بهم منذ ساعات الصباح الأولى.
ويلفت انتباه زوار البيئة البحرية بعودة الماضي صوت الأهازيج وهي تتعالى بصوت الوالدة صنعة بنت بشير وهي تردد "فضولي جابلي كلمة.. ولايعرف معانيها" ويرد معها بقية الربابنة والنساء اللاتي يقمن بالأعمال النسائية كالغزل على الدواليب.
وتقول الوالدة صنعة بشير إن هذه المهنة إرث عماني أصيل توارثناه أبا عن جد وتعلمنى كل ما يرتبط به بكل محبة وود لأنه يحمل معاني وقيما رائعة للعمل الجماعي مشيرة ان هناك بعض الأهازيج ترتبط بتنفيذ بعض الأعمال وأعضاء فريق البيئة البحرية في عودة الماضي اسرة واحدة يجسدون الماضي القديم وعرضه للزوار حتى يصل بشكل صحيح كما هو جوهر التراث العماني في كل ربوع السلطنة الغالية.
وأضافت بأن من أبرز الفعاليات التي نقوم بها هي عملية (الوشاعة) وهي عملية خياطة الشبك بمختلف أنواعه وهي عملية صعبة ومعقدة جدا ولكنها بالنسبة لنا سهلة..و أثناء عملية الوشاعة يردد أهل البحر بعض الأغاني لايجاد عامل التسلية وروح العمل الجماعي كأغنية (فضولي) كما يشارك في عملية الوشاعة العنصر النسائي بعملية الغزل على الدواليب إضافة إلى عملية الطحن على أداة الرحى القديمة لاستخارج الطحين كما يشتهر أهل البحر بفن (الشبانية) وهو واحد من فنون المحافظة الجميلة.
ويقام فن الشبانية في الأعياد والمناسبات ويكون من خلال الرجال الذين يحملون العصي وهم في مجموعتين متقابلتين بالتمايل إلى الأمام والى الخلف في طريقة تتماشى مع نغمة الإيقاع مكونين مساحة في الوسط يدخل فيها بين حين وآخر ثلاثة رجال يقومون بالقفز إلى الأعلى في طريقة دائرية كأنهم شخص واحد حسب نغمة الإيقاع.
وعن مكونات البيئة البحرية تقول الوالدة صنعة بنت بشير إنها مثال مصغر لما كان عليه أهل البحر في السابق فهناك (الفرضة) وهي عبارة عن غرفتين صغيرتين تخزن فيهما البضائع فواحدة منهما تخزن البضائع القادمة من الخارج من الطريق البحري أما الأخرى فتخزن فيها البضائع المحلية التي ستنقل الى الخارج و هناك أيضا الميناء الذي يتواجد فيه (السنبوق) وهو نوع من أنواع السفن حيث يقوم السنبوق بالذهاب إلى عرض البحر لنقل البضائع من (اللنجات) وهو نوع آخر من السفن ولكنه أكبر حجما حيث لا يمكن أن يصل الى الشاطئ فتذهب اللنجات لاستلام البضائع منه لتنقلها إلى الميناء.