صنعاء – للمرة الأولى تصرّح إسرائيل بأن قصفها للعاصمة اليمنية صنعاء عصر أمس الخميس هدفه اغتيال قيادات عسكرية عليا في جماعة أنصار الله (الحوثيين).

وذكرت ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي أن التقديرات تفيد بأن "الجيش نجح في عمليته بصنعاء"، وأضافت أن الغارات التي نفذت وفقا لمعلومات استخباراتية دقيقة و"استهدفت اجتماعا لقادة عسكريين وسياسيين"، مبينة أن رئيس أركان ‎الحوثيين اللواء عبد الكريم الغماري كان من بين المستهدفين في الهجوم.

في حين تحدثت مصادر أخرى أن القصف استهدف بشكل متزامن اجتماعا لقيادات عسكرية بارزة، بينهم وزير الدفاع في صنعاء اللواء محمد العاطفي، ووزير الداخلية اللواء عبد الكريم الحوثي، وهي معلومات لم تتأكد صحتها ونفتها جماعة أنصار الله جملة وتفصيلا.

تصديق ونفي

من جهتها وصفت "هيئة البث الإسرائيلية" الهجوم الذي استهدف مواقع في العاصمة اليمنية ‎صنعاء بأنه "استثنائي وذو أهمية كبيرة".

كما ذكرت صحيفة "‏يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن الغارات على ‎صنعاء صادق عليها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش إيال زامير وقيادة الجيش الإسرائيلي، وتم إطلاع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة– عليها عبر الخط الأحمر (خط اتصال سري غير قابل للاختراق).

أبـرز الأهداف والخسائر الناتجة عن الهجوم الإسرائيلي على صنعاء..

معلومات أولية نقلا عن مصادر متعددة:

▪️منطقة حدة:

⬅️ استهداف منزل قيادي (مشرف) في جماعة الحوثي يُدعى جمال زبـارة، قرب شارع صفر بمنطقة حدة جنوب صنعاء.

⬅️ القصف أسفر عن سقوط نحو 9 قتلى وجرحى، من بينهم ضباط عسكريون…

— فارس الحميري Fares Alhemyari (@FaresALhemyari) August 28, 2025

في المقابل، سارعت جماعة أنصار الله لنفي ما أوردته وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأكد مصدر في وزارة الدفاع بصنعاء "عدم صحة الأنباء التي تتحدث عن استهداف قيادات خلال العدوان الصهيوني".

إعلان

كما اعتبر رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء (مجلس الحكم الحوثي) مهدي مشاط أن "الضربات الصهيونية فاشلة وستظل فاشلة". وأكد، في تصريح نشرته وكالة سبأ، أن ما أسماها "ذراعنا الطولى ستلقن الكيان الإسرائيلي الدرس اللازم".

ورأى مشاط أن "المجرم نتنياهو يجر الكيان الصهيوني إلى نهايته"، وخاطبه قائلا "دخلت في تحدّ مع شعب لست بمستوى نزاله". وأضاف "أفشلنا مؤامراتكم رغما عنكم، وضرباتكم لن تهز شعرة في رأس أصغر طفل منا".

يمنيون يقفون خارج محطة وقود قصفتها إسرائيل منذ أيام في صنعاء (رويترز)إفلاس وفشل

أما عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الدكتور حزام الأسد فقال إن "تكرار إعلان العدو الصهيوني استهداف قيادات عسكرية وسياسية يفضح إفلاسه وفشله عسكريا واستخباراتيا وأخلاقيا".

وأضاف "العدو لا يستهدف سوى منشآت مدنية وخدمية أو مناطق خالية قُصفت مرارا، في محاولة يائسة لصناعة انتصار وهمي ولمعاقبة شعبنا وثنيه عن مواقفه الدينية والإنسانية المساندة لغزة".

من جانبه، قال الإعلامي الحوثي عبد الحافظ معجب إن "العدو الإسرائيلي يفتقر للمعلومة الدقيقة، وما يسمى بالعملية النوعية لم تكن سوى مقامرة إعلامية فاشلة تستهدف معنويات الشعب اليمني أكثر مما تستهدف قادة بعينهم".

ورأى معجب أن "الفشل الإسرائيلي هو انعكاس لعجز استخباراتي عميق"، متسائلا "كيف تُبنى عملية بهذا الحجم دون معرفة دقيقة بهوية المستهدفين أو حتى تأكيد نتائجها؟".

القيادي في أنصار الله نصر الدين عامر للجزيرة: ما حدث جولة جديدة من الاستهداف الصهيوني للأعيان المدنية في #صنعاء، ولا صحة للأنباء التي تحدثت عن استهداف قيادات في صنعاء، والعدوان الصهيوني الجديد فاشل كسابقيه وعملياتنا لإسناد #غزة مستمرة#الأخبار pic.twitter.com/ItZj2qlAC9

— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 28, 2025

سيناريو حزب الله

من جهته، اعتبر الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية الدكتور علي الذهب أن الهجمات المتبادلة بين "الكيان الإسرائيلي" وجماعة أنصار الله قائمة على الفعل ورد الفعل، في إطار الظروف الحاكمة لهذه المواجهة، واستبعد تكرار سيناريو حزب الله مع الحوثيين.

وأشار علي الذهب في حديثه للجزيرة نت إلى عدة عوامل تؤيد كلامه تتمثل في:

بُعد المسافة بين فلسطين المحتلة واليمن والتي تبلغ أكثر من 2000 كيلومتر. الكلفة المالية للهجمات الإسرائيلية، من تشغيل الطائرات الحربية واستهلاك الوقود وقيمة الصواريخ المستخدمة. شُح المعلومات الاستخباراتية التي تمتلكها إسرائيل عن مخابئ ومواقع قادة الحوثيين. طبيعة جماعة أنصار الله القائمة على الغموض وتفرّق قادتها في أماكن غير محددة ولا معلومة. القبضة الأمنية والاستخباراتية للحوثيين على مناطق سيطرتهم في اليمن، مما يحد من توفر بنك معلومات عن الجماعة وقادتها لدى "الكيان الإسرائيلي". الدمار الذي لحق بمحطة وقود إثر قصف إسرائيلي لمنشآت في صنعاء قبل أيام (رويترز)

وأكد أن "هناك نقصا كبيرا في المعلومات الاستخباراتية لدى إسرائيل" عن جماعة أنصار الله وقادتهم ومواقعهم العسكرية خاصة مخابئ الصواريخ الباليستية والفرط صوتية.

إعلان

ولفت الخبير الذهب إلى أن إسرائيل كانت تمتلك خطة قديمة أعدت قبل سنوات، واعتمدت على بنك معلومات كبير لاجتثاث حزب الله في لبنان وتصفية قياداته العسكرية والسياسية، ولذلك وقعت عمليات الاغتيال، لكنها لا تملك هذه المعلومات عن جماعة الحوثيين.

وقال إن الجماعة تشكّل تهديدا فعليا لأمن إسرائيل، ولذلك تعمل الأخيرة على ضرب القدرات العسكرية للحوثيين واستهداف قادتهم ومصادر تمويلهم، لكنها غير قادرة على تكرار سيناريو حزب الله اللبناني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات جماعة أنصار الله سیناریو حزب الله فی صنعاء

إقرأ أيضاً:

عائلات سوريين بالقنيطرة تختطفهم إسرائيل يتحدثون حصريا للجزيرة

القنيطرة– على طول محافظة القنيطرة وعرضها يعيش السكان حالة رعب حقيقي إزاء التوغلات وعمليات الاختطاف والقنص التي تمارسها إسرائيل بحق المواطنين السوريين. ويرافق حالة الرعب تلك والشعور بالعجز، شعور بالغضب إزاء "تخلي" الحكومة السورية عنهم.

ففي مختلف أنحاء ريف المحافظة، أقامت دبابات الجيش الإسرائيلي نقاط تفتيش ودوريات، بل نصبت بوابات لإيقاف المدنيين وتفتيشهم. أما الاختطاف فغالبا ما يتم في الهزيع الأخير من الليل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تحقيق لرويترز يكشف فظائع جديدة للدعم السريع بالفاشرlist 2 of 2"الجنائية الدولية" ترفض إطلاق سراح الرئيس الفلبيني السابقend of list

فمن قرى مسهرة والدواية الكبيرة وعموم قرى السويسة وخان أرنبا وجباتا الخشب وجبا، حيث التقيناهم، لا حديث إلا عن الاختطاف والسطو الإسرائيلي الذي لا رادع له والشعور بالغضب إزاء قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة UNDOF والصليب الأحمر اللذين يلجأ الأهالي -دون جدوى- إلى مكاتبهما في المنطقة. ويرفض الجميع هنا الكشف عن وجهه في التصوير خشية اعتقاله لاحقا.

فارس محمد قريان تحدث عن اعتقال إسرائيل شقيقه وابن شقيقه وعبر عن غضبه إزاء لا مبالاة الحكومة (الجزيرة)شراسة وعنف

وتحتل إسرائيل الجولان السوري منذ عام 1967، لكنها وسّعت احتلالها لجنوب سوريا نحو 400 كيلومتر مربع عقب إطاحة الرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وأعلنت أن اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 أصبحت لاغية، وأضحت اقتحاماتُها وتوغلاتها العسكرية منذ ذلك الحين أكثر شراسة وعنفا.

وفي "الدواية الكبيرة" في السويسة ومن بيتها المواجه لنقطة عسكرية أقيمت على ربوة عالية لا تبعد إلا كيلومترين، تحدثت إلينا "كونة أحمد سليمان" عن اعتقال الجيش الإسرائيلي ولديها أحمد وعدنان نجلي عبد الحميد كريّان.

وروت هي وزوجة ابنها المختطف، بمرارة وألم، كيف أصيب والد الرجلين بجلطة بعد اعتقال ابنيه، خصوصا أن أحدهما -وهو أحمد- لم يمض على خروجه من سجن صيدنايا السيئ الصيت إلا بضعة أشهر بعد 6 سنوات ونصف من التعذيب وامتهان الكرامة. وكيف أسلم الوالد الروح لبارئها حسرة قبل أسبوع فقط وهو يكرر: (بدي أحمد وعدنان).

إعلان

حكت لنا الأم كيف دهموا بيتهم قبل 3 أشهر الساعة الثالثة فجرا وصفّدوا ابنيها أحمد وعدنان وانطلقوا بهما بعد تفتيش البيت والبحث -عبثا- عن أسلحة. وتقول الزوجة إنهم كانوا يقولون لزوجها "نحن نعرفك. أنت كنت في صيدنايا".

محمود مكية أخطأ الجنود رأسه فأصابوا رجله (الجزيرة)هروب ليلي

ويشتكى أهالي القرية من اقتحامات الجيش الإسرائيلي لبيوتهم، ويقولون إن أبناءهم لم يعودوا ينامون فيها، ويتساءلون: لماذا لم يوقف العالم إسرائيل؟ بيد أن "كونة أحمد سليمان" تصب جام غضبها على الحكومة السورية، وتقول: "ليش ما يتحرك رئيسنا؟ أين الحكومة؟".

وفي منزل قريب يروي لنا "فارس محمد قريان" كيف كبّل الجنود الإسرائيليون شقيقه محمد قبل 7 أشهر في مداهمة لبيته الثالثة فجرا وجردوه من ملابسه -باستثناء ملابسه الداخلية- أمام زوجاته الأربع وعدد من أبنائه الـ16. وكيف أغاروا مرة أخرى على بيته هو واعتقلوا مروان شادي ابن أخيه قبل 3 أشهر حين لم يجدوه هو. ويقول إن الغارة كانت ربما لاعتقاله شخصيا بوصفه سجينا سابقا في صيدنايا أمضى فيه 4 سنوات ونصفا. ويشير بعض الأهالي هنا إلى أن إسرائيل تتخوف من كل سجين سابق في صيدنايا بوصفهم إسلاميين معادين لإسرائيل.

ويعبر فارس عن غضبه إزاء عجز الحكومة السورية، ويقول إنه لم يذهب إليها ولم يشكُ "لأنها هي من كان يفترض أن تأتي إلينا". ويضيف: "نحس حقيقة أنه لا علاقة لها بالموضوع".

الجنود الإسرائيليون يتخذون من الجبال المطلة على القرى مواقع لهم للسيطرة عليها ناريا واستخباريا (الجزيرة)

وفي جباتا الخشب بريف القنيطرة على مرمى حجر من نقطة إسرائيلية تطل من الأعلى، التقينا محمود مكية وهو طريح الفراش بفعل رصاصة كادت تؤدي إلى بتر ساقه عاجله بها جنود إسرائيليون حين كان يحتطب قبل شهر.

ويقول إن الهدف كان قتله وإن رصاصة أخرى أخطأت رأسه. ويشكو من أن الحكومة لم تهتم بأمره. ويقول محمود مكية إن 7 من أقربائه مازالوا رهن الاختطاف في إسرائيل.

وبينما تصف إسرائيل هذه العمليات بأنها "إجراءات أمنية" تراها السلطات السورية ومنظمات حقوقية "اختطافات". ويقول الدكتور عمار العيسى مسؤول التوثيق والتحقق بالهيئة الوطنية للمفقودين لمركز الجزيرة للحريات إنهم بلغوا بشكل شخصي عن بعض تلك الاعتقالات، رافضا إعطاء أي أرقام محددة، وإن دورهم "تقني هو التوثيق والتحقق وإشراك باقي دوائر الدولة بالموضوع".

وتدين الشبكة السورية لحقوق الإنسان عمليات الاختطاف تلك، ويقول رئيسها فضل عبد الغني في تصريح لمركز الجزيرة للحريات إنها تمثل "انتهاكا صريحا" لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويشير إلى مساسها المباشر بسيادة الدولة السورية ووحدة وسلامة أراضيها كما يقرّها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فصل القوات لعام 1974.

قاعدة لقوات حفظ السلام الأممية مررنا بها أثناء تطوافنا في قرى القنيطرة

ويضيف عبد الغني أن تلك الاعتقالات تنطوى على استخدام غير مشروع للقوة داخل أراض ذات سيادة، وفيها "خرق لمبدأ حماية المدنيين وحظر الاعتقال التعسفي، وانتهاك لجملة من الحقوق الأساسية، وفي مقدمتها الحق في الحرية والأمان الشخصي".

إعلان

وبالإضافة إلى الاعتقالات المستمرة، تقوم القوات الإسرائيلية بتحصين مواقعها عبر رفع السواتر الترابية وبناء أبراج المراقبة. وقد تحققت وحدة "سند" للتحقيقات في الجزيرة من إنشاء 9 معسكرات عسكرية إسرائيلية جديدة في سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول 2024.

ويقول بعض وجهاء المنطقة للجزيرة إن الناس يعيشون اليوم في رعب ولم يعودوا قادرين على العمل في أراضيهم. ويشيرون إلى أنه منذ بدء التوغلات "توقف الكثيرون عن البناء والزراعة"، وأن نحو ألف هكتار من الأراضي التي استولت عليها القوات الإسرائيلية تشمل بساتين وحقولا ومراعي.

ويقول القرويون والرعاة إن القوات الإسرائيلية جرفت مناطق كاملة واقتلعت أشجارا يعتقد أن عمرها مئات السنين لبناء مزيد من التحصينات على الأراضي السورية.

مقالات مشابهة

  • معاريف: سيناريو الحرب بين إسرائيل وحزب الله وإيران ينتظر الانفجار
  • أنصار الله: حضرموت ساحة صراع نفوذ بين أدوات العدوان
  • شبكة حقوقية: محاكم الحوثيين تتحول إلى أداة قمع سياسي في صنعاء
  • اعتراف بارز يكشف حجم حضور «حزب الله» داخل جماعة الحوثي
  • حماس: العدوان الصهيوني لم يتوقف والوساطات الدولية مسؤولة عن وقف الانتهاكات
  • الشباب يبحث عن كسر الهيمنة الاتحادية وتكرار سيناريو 2016 في ربع نهائي كأس الملك
  • سوريا: "إسرائيل" تخطئ الحسابات إذا اعتقدت أنها قادرة على فرض وقائع على الأرض
  • القائد العام للجيش الإيراني يهدد بـ رد حاسم وساحق ضد الكيان الصهيوني
  • عائلات سوريين بالقنيطرة تختطفهم إسرائيل يتحدثون حصريا للجزيرة
  • لأول مرة.. الجيش الإيراني يكشف تفاصيل حدثت خلال حرب الـ12 يوما مع الكيان الصهيوني