بعد رفض تسليم جثمانه.. هل انتهى المطاف بالسنوار في مقابر الأرقام؟
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
ذكرت تقارير، أن جثمان يحيى السنوار، الذي استشهد في 16 أكتوبر 2024 في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة، وبعد تشريح جثته في المركز الوطني للطب الشرعي بتل أبيب، نقل ليدفن في ما يعرف بـ "مقابر الأرقام" وهي احدة من أكثر المواقع غموضا في إسرائيل.
لم تعلن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفاصيل العملية، ولم تُسلّم الجثمان لعائلته، مكتفية بإجراءات عسكرية مغلقة أعادت إلى الواجهة الملف المعقد لاحتجاز جثامين الفلسطينيين، وهو ملف يمتد لعقود من الزمن ويثير جدلاا قانونيا وأخلاقيا واسعا.
مقابر الأرقام.. القبور التي لا تنطق بالأسماء
تعرف “مقابر الأرقام” بأنها مواقع سرية مخصصة لدفن من تعتبرهم إسرائيل “أعداءها”، حيث تستبدل أسماء المدفونين بأرقام معدنية مسجلة في ملفات عسكرية مغلقة. وتقع إحدى هذه المقابر في منطقة مجدو شمال فلسطين المحتلة، وتضم مئات الجثامين التي تعود بعضها إلى ستينيات القرن الماضي.
وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن عدد الجثامين المحتجزة يبلغ نحو 665، بينما تؤكد منظمات حقوقية أن العدد تضاعف بعد الحرب الأخيرة على غزة، بسبب قيام القوات الإسرائيلية بانتشال جثامين من مناطق القتال ونقلها إلى أماكن غير معلنة.
تبريرات أمنية وانتقادات حقوقية
تستند إسرائيل في هذا الإجراء إلى قرار سابق للمحكمة العليا يسمح بدفن جثامين من تصفهم بـ“الأعداء”، بزعم أن ذلك يخدم الأمن القومي ويسمح بوجود “أوراق تفاوض” مستقبلية لتبادل الأسرى أو استعادة الجنود المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.
لكن منظمات حقوق الإنسان تصف هذه الممارسات بأنها عقاب جماعي ينتهك اتفاقيات جنيف، التي تنص على وجوب تسليم جثامين القتلى إلى ذويهم ودفنهم بشكل لائق. كما يرى مراقبون أن احتجاز الجثامين يُستخدم أحيانًا للضغط السياسي والنفسي، إلى جانب محاولات طمس الأدلة المتعلقة بملابسات مقتل أصحابها.
وتثير هذه السياسة أيضا شبهات متكررة بشأن انتهاكات طبية وأخلاقية، منها ما يُتداول عن سرقة أعضاء بعض الجثامين، وهي اتهامات لم تقدّم السلطات الإسرائيلية أي ردّ رسمي واضح بشأنها حتى الآن.
ملف مفتوح على الغياب
تُعيد قضية دفن يحيى السنوار إلى الأذهان ملفا إنسانيا لا يُغلق، تتداخل فيه السياسة بالأمن، والسرّ بالوجع.
فهناك، في المقابر التي لا تُعلن مواقعها، تتحول الأجساد إلى رموز صامتة لقضية لم تنتهِ بعد. وبينما ترى إسرائيل أن الأمر يدخل ضمن حساباتها الأمنية، يرى آخرون أنه جرح مفتوح في الذاكرة الفلسطينية، يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة إلى الكرامة الإنسانية ذاتها.
حين يصبح القبر وثيقة
في النهاية، لا يحمل قبر يحيى السنوار شاهدا ينقش عليه اسمه، لكن قصته تضاف إلى سجل طويل من الحكايات التي لم ترو بعد.
"مقابر الأرقام" ليست مجرد أرض دفن، بل وثيقة صامتة على صراع لا يزال مفتوحا بين حق الدفن واعتبارات الأمن، بين إنسان يبحث عن اسم وقانون يكتفي برقم.
ومادام هناك جثمان يدفن في الخفاء، ستبقى الأسئلة تطفو فوق التراب، من يملك حق الوداع؟ ومن يقرر متى و أين ينتهي موت إنسان؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يحيى السنوار جثمان يحيى السنوار مقابر الأرقام مجدو شمال فلسطين إسرائيل مقابر الأرقام یحیى السنوار
إقرأ أيضاً:
في الذكرى الأولى لاستشهاد القائد يحيى السنوار.. "حماس": دماء القادة تعزّز طريق المقاومة
غزة - صفا
أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن جذوة الطوفان لن تخبو، وأن دماء القادة الشهداء ستبقى وقودًا لمسيرة المقاومة وتحرير الأرض والمقدسات.
وأضافت الحركة في بيان بالذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد المجاهد يحيى السنوار، أن تضحياته وإخوانه الشهداء ستظل منارة تهدي الأجيال على طريق الثبات والصمود والمقاومة، مجددةً العهد بالوفاء لمسيرتهم حتى تحقيق النصر والتحرير الكامل.
ويصادف اليوم 16 أكتوبر الذكرى الأولى لاستشهاد القائد السنوار، بعد 377 يومًا من عملية طوفان الأقصى، مشتبكًا مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
سيرته
في التاسع عشر من أكتوبر عام 1962، وُلد يحيى إبراهيم السنوار في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، بعد أن هجّرت "إسرائيل" عائلته من مدينة مجدل عسقلان عام 1948.
تلقى السنوار تعليمه في مدارس خان يونس، وأنهى الثانوية العامة في مدرستها الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس اللغة العربية، وبدأت شخصيته السياسية والتنظيمية تتبلور.
في أروقة الجامعة، كان الصوت الأبرز للكتلة الإسلامية، والمنظّر الأهم في ساحات النقاش الطلابية بين مختلف الكتل. تنقل بين مواقع قيادية داخل مجلس الطلبة من 1982 حتى 1987، حتى ترأسه لاحقًا، وكان أحد مؤسسي فرقة “العائدون للفن الإسلامي” بإشراف الشيخ الإمام الشهيد أحمد ياسين، في محاولة لاستخدام الفن كوسيلة مقاومة ثقافية.
مع بدايات الثمانينيات، انتقل السنوار من العمل الطلابي إلى العمل التنظيمي المسلح، فقد شارك عام 1983 في تأسيس جهاز “أمن الدعوة” إلى جانب الشيخ أحمد ياسين، وهو النواة الأولى لما أصبح لاحقًا جهاز الأمن العام لحركة حماس. وبعد ثلاث سنوات، ساهم في تأسيس منظمة “مجد” – الجهاز الأمني للحركة – التي تولت ملاحقة العملاء وكشف المتعاونين مع الاحتلال.
تعرض السنوار للاعتقال عدة مرات؛ أولها عام 1982 في سجن الفارعة لمدة ستة أشهر، ثم عام 1988 حين حكم عليه الاحتلال بأربعة مؤبدات، قضى منها 23 عامًا متواصلة، بينها نحو أربع سنوات في العزل الانفرادي.
داخل الأسر، لم يتوقف عن العمل التنظيمي والفكري، فقاد الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس، وأشرف على عدة إضرابات كبرى عن الطعام.
كما أتقن اللغة العبرية وكرّس سنواته للبحث والكتابة، فألف وترجم كتبًا عن الأمن والسياسة الإسرائيلية، من أبرزها “الشاباك بين الأشلاء”، و“الأحزاب الإسرائيلية”، و“المجد”، و“التجربة والخطأ”، إضافة إلى روايته الأدبية “شوك القرنفل” التي وثقت مراحل النضال الفلسطيني بعد عام 1967.
عام 2011 نال يحيى السنوار الحرية وخرج من السجن في صفقة “وفاء الأحرار”، وكان أحد مهندسيها الأساسيين.
بعد عام من تحرره، تزوج وأنجب ثلاثة أبناء: إبراهيم وعبد الله ورضا، ودخل بعدها مباشرة العمل السياسي والتنظيمي في صفوف الحركة، فانتخب عضوًا في المكتب السياسي، وتولى الملف الأمني عام 2012، ثم الملف العسكري عام 2013.
في 2015 أدرجته الولايات المتحدة على قائمتها “للإرهابيين الدوليين”، وهو العام ذاته الذي كُلّف فيه بإدارة ملف الأسرى الإسرائيليين لدى كتائب القسام.
عام 2017، انتُخب السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحماس في قطاع غزة، وأعيد انتخابه لدورة ثانية عام 2021، قبل أن يقود الحركة بعد اغتيال القائد إسماعيل هنية في واحدة من أكثر مراحلها حساسية خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة عام 2023.
وفي السادس من أغسطس 2024، انتُخب يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس خلفًا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران، ومثّل ذلك لحظة تتويج لمسيرة امتدت أكثر من أربعة عقود، جمع خلالها السنوار بين الفكر والتنظيم والميدان، وبين السجن والقيادة.
وضعه الاحتلال على قائمة الملاحقة ودمر منزله للمرة الرابعة بعد أن استُهدف في حروب سابقة أعوام 1989 و2014 و2021.