أهالي غزة يحاولون تحديد مواقع منازلهم بين الخراب والأنقاض
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
غزة- حينما عاد محمد النجار إلى منطقة النزلة شمال قطاع غزة لتفقّد منزله بعد رحلة نزوحه من الجنوب، لم يتمكن من العثور عليه بسبب الدمار الواسع الذي أصاب المنطقة. ويؤكد ابنه مصباح "أقسم بالله، جيراننا دلونا على مكان البيت الذي تدمر بالكامل".
وكانت نسبة الدمار في مدينة غزة وشمالي القطاع صادمة للنجار وعائلته، فقد تبدلت ملامح المناطق وزالت معالمها، ولم يعد بالإمكان التعرّف عليها بسهولة.
وما إن تجاوز محمد منطقة وادي غزة، الفاصل بين شمال القطاع ووسطه وجنوبه، حتى بدأ بالتعرف على منطقة أخرى لم يألفها من قبل.
اضطر النجار إلى اصطحاب أسرته المكونة من 25 شخصا، هم زوجته وأبناؤه وأحفاده، إلى منطقة غرب مدينة غزة للإقامة هناك، نظرا لكونها أكثر أمانا من منطقة الشمال التي تتعرض لإطلاق النار من آليات الاحتلال. وكانت رحلة النزوح القصيرة قاسية عليهم، فقد اضطروا للإقامة قرب مكب نفايات في بلدة القرارة جنوب القطاع، وتحملوا أذى الحشرات والرائحة الكريهة، دون تلقي أي مساعدة.
وخلال النزوح، اضطرت الأسرة للمبيت في العراء، مما أدى إلى إصابة أحفاده بأمراض عديدة نتيجة سوء الأوضاع الصحية. كما كلفهم التنقل قرابة ألف دولار، في الوقت الذي يعاني فيه هذا الأب من الإفلاس وعدم القدرة على شراء الطعام أو توفير أقل الإمكانيات اللازمة لحياة كريمة لأفراد عائلته.
وتتكون الخيمة التي تقيم بها أسرة النجار حاليا من ألواح خشبية وأغطية قماشية، لا تقي من المطر ولا توفر الدفء اللازم.
بدوره، عاد منتصر نصر إلى شمال غزة بعد رحلة نزوح طويلة من الجنوب، كان يسير بخطوات متثاقلة، يرهقه المرض قبل التعب. أراد أن يرى منزله، لكن ملامح المنطقة اختفت وصار كل شيء صمتًا وكومة رماد.
إعلانبحث طويلا مع أسرته عن بيته الذي فقد معالمه تماما، حتى تعرف عليه بصعوبة بين الركام، وقد أصبح أثرا بعد عين.
واليوم، يقيم نصر أسفل سقف مهدوم بلا جدران، لا يقيه برد الطقس ولا الرياح ولا الأمطار. ويقول بصوت خافت "لم يبقَ لنا مأوى، ولا نملك ثمن خيمة أو حتى أغطية ترد عنا البرد".
نصر الذي أصيب قبل عام في انفجار صاروخ إسرائيلي، يعاني من أمراض متعددة، ولا يستطيع السير بسهولة. وخلال رحلة النزوح، أقام مع أسرته في ما يشبه الخيمة على شاطئ بحر منطقة المواصي غرب خان يونس، يتقاسمون الخبز القليل والماء غير النظيف، والانتظار الطويل.
كانت تلك الأيام- كما يؤكد- الأصعب في حياته، لكنّ ما رآه بعد العودة كان أشد وجعا، إذ لم يجد سوى سقف منهار يؤوي تحته جسده المرهق وأحلامه المحطمة.
أما الغزية إيمان جنيد، ورغم تعرض منزلها للقصف -لم يهدم كاملا وكان بالإمكان إصلاح بعض غرفه- فإنها لما عادت إلى منطقتها شمال قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار، كانت تأمل أن تجده كما تركته. غير أنها حين وصلت، لم تجد شيئا، لا بيتا، ولا شارعا، ولا معلما واحدا تعرفه، كل ما حولها كان أنقاضا وذكريات ضائعة.
فقدت إيمان، وهي أم لأربعة أيتام، زوجها في الأسبوع الأول من الحرب قبل عامين، ومنذ ذلك الوقت تحمل وحدها مسؤولية أطفالها وتكافح من أجل البقاء. تقول بصوت يغلبه الانكسار "هربنا مشيا على الأقدام، لم نأخذ شيئا معنا سوى ما نحمله على ظهورنا، وصلنا إلى المواصي، ونصبنا خيمة على الشاطئ، دون مساعدة من أي جهة".
من جهتها، فقدت إسراء أبو ركبة زوجها إسماعيل منذ الأيام الأولى للعدوان، ولا تعرف له أثرا حتى الآن، وتعيش وحدها مع أطفالها الثلاثة في مواجهة قسوة الحياة والفراغ. وطال الفقد أيضا المنزل، فهي حتى الآن لا تعرف شيئا عنه ولا تستطيع الوصول إليه نظرا لوجوده في منطقة مشروع بيت لاهيا التي لا تزال قوات الاحتلال تسيطر عليها.
واضطرت أبو ركبة للعيش مع أختها الأرملة في خيمة منصوبة فوق كومة من الركام، واختارتا هذا الموقع المرتفع كي لا تغمرهما مياه الأمطار في ليالي الشتاء.
تدرك بلدية غزة حجم الصعوبات التي يواجهها المواطنون في تحديد مواقع بيوتهم وأراضيهم بعد الدمار والتجريف الواسع، بحسب عاصم النبيه عضو المجلس البلدي. ويوضح للجزيرة نت أن لديهم قسما متخصصا في الأنظمة الجغرافية يحتفظ بكل الإحداثيات والبيانات الخاصة بالمنازل والأراضي والشوارع.
ويطمئن النبيه سكان المدينة أن كل بيانات القسم موجودة ومحوسبة ولم تفقدها البلدية، وبوسع المواطن استعادة الإحداثيات الخاصة بأرضه ومنزله، مضيفا "سنتيح ذلك قريبا عبر خدمة مخصصة لهذا الغرض". وأشار إلى أنهم أطلقوا خدمة هاتفية لتلقي الطلبات بشأن مختلف الخدمات، ومن ضمنها المساعدة في تحديد مواقع المنازل المدمرة.
واستدرك عاصم النبيه أن بعض الصعوبات قد تواجه العائلات التي لم تنظم ملكية أراضيها خلال السنوات الماضية، مؤكدا أن البلدية ستعمل على إيجاد حلول لذلك من خلال الاستعانة بمهندسيها المختصين في المرحلة القادمة.
إعلانوتحدث النبيه عن جهودهم في تسهيل عودة السكان إلى منازلهم أو ما تبقى منها عقب وقف إطلاق النار، مبينا أن أولى الخطوات تمثلت في فتح الشوارع الرئيسية ثم المتفرعة منها رغم أن الاحتلال دمّر نحو 85% من آليات البلدية.
وأضاف أنهم يعملون على توصيل المياه للأهالي في ظل الشح الكبير، وبدؤوا بإجراءات إسعافية لصيانة بعض الآبار ضمن خطة شاملة لإعادة تأهيل الخدمات الأساسية تمهيدا لعودة المواطنين تدريجيا إلى مناطقهم المدمرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
مصير علياء قمرون بعد تحديد جلسة محاكمتها بتهمة بث فيديوهات خادشة
كشفت مصادر عن مصير التيك توكر علياء قمرون بعد تحديد المحكمة الاقتصادية بالقاهرة جلسة 23 أكتوبر الجاري لنظر أولى جلسات محاكمتها، على خلفية اتهامها ببث ونشر مقاطع فيديو تتضمن إيحاءات خادشة للحياء العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقًا للمصادر، فإن علياء قمرون ستحضر جلسة المحاكمة وهي مخلي سبيلها، بعدما قررت محكمة الجنايات في وقت سابق إخلاء سبيلها بكفالة 20 ألف جنيه على ذمة التحقيقات، موضحة أن قرار إخلاء السبيل لا يعني البراءة أو إنهاء القضية، وإنما يسمح للمتهمة بالمثول أمام المحكمة وهي غير محبوسة.
ويُوضح «اليوم السابع» مصير علياء قمرون في النقاط التالية:
• تم إخلاء سبيلها على ذمة التحقيقات الجارية.
• النيابة العامة أحالت القضية للمحكمة الاقتصادية المختصة.
• ستُحاكم وهي طليقة وليست محبوسة احتياطيًا كبعض صُنّاع المحتوى الآخرين.
• القرار النهائي للمحكمة سيصدر بعد نظر الجلسات المقررة خلال الأيام المقبلة.
وكانت الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على “علياء قمرون” عقب تداول مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وُصفت بأنها تحتوي على إيحاءات غير لائقة وتتنافى مع قيم وتقاليد المجتمع، وتمت إحالتها للتحقيق ضمن جهود الدولة للتصدي لظاهرة المحتوى غير الأخلاقي المنتشر عبر المنصات الرقمية.