اللوفر يفتح أبوابه من جديد.. وفرنسا في سباق مع الزمن لاستعادة إرثها المسروق
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
فقدان المجوهرات لا يقتصر على قيمتها المادية، بل يمس رمزيتها الوطنية، وقد اعتبرها كثيرون ضربة موجعة للفخر الفرنسي.
أعاد متحف اللوفر فتح أبوابه أمام الزوار، صباح الأربعاء، للمرة الأولى منذ عملية السرقة التي نفذها أربعة لصوص الأحد.
ويبدو من الصعب أن تتجاوز فرنسا صدمتها بعد سرقة ثماني مجوهرات فريدة، فمع أن حوادث مماثلة تحدث في "أرقى المتاحف"، إلا أن خبراء يرون أن أمل استعادتها يتضاءل مع مرور الوقت، مرجحين أن يقوم اللصوص بتفكيكها وبيعها قطعة قطعة، حتى تصبح استعادتها كاملة شبه مستحيلة.
ومع أن أغلب الأحاديث حول قضية السرقة تدور حول قيمة المجوهرات الفاخرة، التي تقدر بـ102 مليون دولار أمريكي وفقًا للمدعية العامة في باريس، لور بيركو، المسؤولة عن التحقيق، أو حول الفشل الأمني الذي سمح لمجموعة من اللصوص بسرقة واحد من أهم المتاحف في وضح النهار، في عملية لم تتعدَّ مدتها أربع دقائق، يقول آخرون إن الشعب الفرنسي والعالم عليه أن يدرك أنه قد يكون أمام لحظة خسارة جزء من تاريخه الثقافي إلى الأبد.
فالقطع المسروقة، وهي عبارة عن عقد وأقراط من الزمرد، تاجان، دبوسان، عقد من الياقوت وأقراط مفردة، صحيح أنها قد تكون شهادة على فترة بلغت فيها صناعة المجوهرات في القرن التاسع عشر أوج جمالها، لكنها بالنسبة للملوك لم تكن مجرد زينة، بل كانت رمزًا سياسيًا لثراء فرنسا وسلطتها وأهميتها الثقافية، وكانت من بين الكنوز التي نجت من مزاد الحكومة عام 1887 لمعظم المجوهرات الملكية.
ففي كل الثقافات والإمبراطوريات، تُعد مجوهرات التاج رموزًا للتراث والفخر الوطني، وتُحفظ في أماكن مؤمنة، من برج لندن إلى القصر الإمبراطوري في طوكيو، كرموز مرئية للهوية الوطنية.
وبحسب الخبراء، من المرجح أن يتم تفكيك القطع المسروقة، وهي رموز ثقافية فرنسية قديمة، وبيعها بشكل عاجل كقطع فردية يصعب تتبعها كجزء من مجوهرات التاج الفرنسي. إذ يقول توبياس كورمند، المدير التنفيذي لشركة 77 Diamonds الأوروبية: "من غير المرجح جدًا أن تُسترد هذه المجوهرات وتُرى مرة أخرى. إذا تم تفكيك هذه الأحجار وبيعها، ستختفي فعليًا من التاريخ وتضيع عن العالم إلى الأبد."
Related الزوار يصطفون أمام "اللوفر" المغلق بعد سرقة جريئة هزّت المتحف الأشهر في العالمماذا نعرف عن عملية سرقة متحف اللوفر في باريس؟بعد سرقة اللوفر.. وزارة الثقافة الإيطالية تطوّر أنظمة بالذكاء الاصطناعي لحماية متاحفها وتراثها القطع المفقودة وأهميتها التاريخيةومن بين القطع المفقودة: تاجان، أحدهما أهداه الإمبراطور نابليون الثالث للإمبراطورة يوجيني عام 1853 ويحتوي على أكثر من 200 لؤلؤة وحوالي 2,000 ماسة، والآخر تاج من الياقوت والماس المرصع بالنجوم، بالإضافة إلى عقد وأقراط مفردة كانت ترتديها الملكة ماري-أميلي، حسب السلطات الفرنسية.
من تفاعل المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي مع سرقة المجوهراتكما سُرق عقد مرصع بعشرات الأحجار من الزمرد وأكثر من 1,000 ماسة كان هدية زفاف من نابليون بونابرت لزوجته الثانية، ماري لويز النمساوية، عام 1810، بالإضافة إلى الأقراط المطابقة، ودبوس reliquary، وفستان مرصع بالماس للإمبراطورة يوجيني.
ولذلك، فإن فقدان هذه المجوهرات لا يقتصر على قيمتها المالية، بل يمتد إلى ما تحمله من رمزية عاطفية ووطنية، إذ وصفها كثيرون بأنها ضربة قاسية للفخر الوطني الفرنسي. وقال النائب المحافظ ماكسيم ميشليه في البرلمان: "هذه تذكارات عائلية أُخذت من الفرنسيين. تاج الإمبراطورة يوجيني — سُرق ثم وُجد مكسورًا في المجاري — أصبح رمزًا لانحدار أمة كانت محل إعجاب."
يُذكر أن هذه لم تكن أول سرقة في اللوفر، لكنها برزت لسرعتها وتخطيطها وامتلاكها طابعًا سينمائيًا، مستذكرة سرقة تاج ملكي في مسلسل "لوبين" التلفزيوني الفرنسي.
وعن ذلك قال كريستوفر مارينيلو، محامٍ في Art Recovery International: "هؤلاء المجرمون يبحثون فقط عن السرقة بأي طريقة. اختاروا هذه الغرفة لأنها قريبة من النافذة، واختاروا هذه المجوهرات لأنها يمكن تفكيكها وأخذ الأحجار الثمينة لبيعها لشخص ما في الخارج دون أن يعرف أحد."
وأضاف خبير الفن الهولندي آرثر براند: "لا أحد سيقترب من هذه القطع. إنها مشهورة جدًا وخطرة. إذا قُبض عليك ستسجن. لا يمكنك بيعها، ولا تركها لأطفالك."
وبحسب وزير الداخلية لوران نونيز، يشارك أكثر من 60 محقق شرطة في مطاردة الأربعة المشتبه بهم. وأضاف أن اللصوص انقسموا إلى زوجين، واستعمل اثنان شاحنة مزودة برافعة لتسلق القاعة، وأظهرت الصور أن سلم المعدات يصل إلى الطابق فوق مستوى الشارع.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني علمي دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني علمي سرقة فرنسا مجوهرات تاريخ متحف اللوفر دونالد ترامب إسرائيل حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني علمي بحث علمي محكمة الصحة روسيا فرنسا أوكرانيا
إقرأ أيضاً:
سرقة مجوهرات متحف اللوفر.. كيف تمت العملية في 7 دقائق فقط؟
يزيد البحث عن سرقة متحف اللوفر، و مجوهرات متحف اللوفر بعد الحادث الغريب الذي شهدته العاصمة الفرنسية لأول مرة، في حادث صدم الرأي العام الفرنسي والعالمي على حد سواء.
سرقة متحف اللوفرشهد متحف اللوفر في باريس صباح الأحد واحدة من أكثر السرقات جرأة في تاريخه الممتد لقرون، بعد أن تمكن لصوص محترفون من اقتحام قاعة أبولون الشهيرة، وسرقة عدد من القطع النادرة التي تعود لعهد الإمبراطورة أوجيني ونابليون الثالث، في عملية لم تستغرق أكثر من سبع دقائق فقط.ماكرون: سرقة متحف اللوفر اعتداء على تراثنا وسنقدّم الجناة للعدالة
أحمد موسى: على مدار 40 سنة لم تهتم فرنسا بتأمين متحف اللوفر
بعد سرقة متحف اللوفر.. أحمد موسى: المخدرات والآثار أسرع حاجتين يحققوا ربح سريع
فين الإنذار ؟| أحمد موسى عن سرقة متحف اللوفر: مفيش لمبة حمراء ولا أمن
لو في الصحراء مش هيحصل كده.. أحمد موسى: اللي حصل في متحف اللوفر لا يُصدق
العثور على تاج الإمبراطورة أوجيني متضررا قرب متحف اللوفر بعد عملية السرقة
سرقة مجوهرات خلال عملية سطو في متحف اللوفر بباريس
بحسب ما نقلته صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، فإن اللصوص تمكنوا في نحو الساعة التاسعة والنصف صباحًا بالتوقيت المحلي، أي بعد فترة قصيرة من افتتاح المتحف أمام الزوار، من تنفيذ عملية دقيقة وسريعة.
فقد دخلوا القاعة التاريخية الملأى بالتحف والمجوهرات الملكية عبر شرفة تطل على نهر السين، مستخدمين رافعة مثبتة على شاحنة، وسلّمًا لتسلق واجهة المتحف.
وعقب دخولهم القاعة، استخدم اللصوص مطاحن لقطع الزجاج المقوى في واجهات العرض، وانتزعوا تسع قطع نادرة من أصل 23 قطعة كانت ضمن مجموعة مجوهرات نابليون الثالث والإمبراطورة أوجيني، ثم لاذوا بالفرار على متن دراجات نارية من طراز TMax، دون أن يُسجّل أي إصابات بين الزوار أو الموظفين.
ما الذي سُرق؟أكدت الصحيفة أن المسروقات شملت طقم مجوهرات فاخر، وقلادة ذهبية مرصعة بالألماس، وأقراطًا ملكية، وتاجين أحدهما يخص الإمبراطورة أوجيني، بالإضافة إلى دبوس ملكي مزخرف بأحجار كريمة.
وتُعد هذه القطع من أغلى ما يملكه المتحف من حيث القيمة التاريخية والفنية، إذ تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، وترمز إلى حقبة ازدهار الإمبراطورية الفرنسية الثانية.
تاج الإمبراطورة يُعثر عليه متضررًا قرب المتحفوفي تطور لاحق، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر مطلع قوله إنه تم العثور على تاج الإمبراطورة أوجيني متضررًا قرب المتحف، ما يشير إلى أن اللصوص ربما تخلوا عنه أثناء فرارهم بسبب ملاحقة الشرطة أو صعوبة نقله، ولا تزال بقية القطع في عداد المفقودات حتى الآن.
تُعد قاعة أبولون في متحف اللوفر من أبرز القاعات التي تجذب الزوار، إذ تحتضن مجوهرات التاج الفرنسي، إلى جانب ألماسة "الريجنت" التي تفوق 140 قيراطًا وتُعتبر من أنقى الألماسات في العالم، وكذلك ألماسة "سانسي" (55.23 قيراطًا) وألماسة "هورتنسيا" الوردية الشهيرة.
اللافت أن هذه الألماسات لم تتعرض للسرقة، ما يرجّح أن اللصوص ركزوا على قطع معينة ذات قيمة رمزية وتاريخية مرتبطة بعائلة نابليون.
تصريحات وزيري الداخلية والثقافة الفرنسيينوزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز كشف عبر قناة "فرانس إنتر" عن تفاصيل العملية، مؤكدًا أن الجناة كانوا ثلاثة أو أربعة أفراد مدربين جيدًا، استخدموا معدات احترافية بينها رافعة ومطحنة لقص الزجاج، وأوضح أن العملية كلها لم تستغرق سوى سبع دقائق، ما يدل على أنها خُطط لها مسبقًا من قبل محترفين أجروا استطلاعًا للمكان قبل التنفيذ.
وأضاف نونيز أن النيابة العامة فتحت تحقيقًا في "سرقة منظمة"، وتولت القضية فرقة مكافحة العصابات بالتعاون مع المكتب المركزي لمكافحة تهريب الممتلكات الثقافية.
وأشار إلى أنه "لا يمكن منع كل شيء"، لكنه أقر بوجود "ضعف كبير في منظومة الأمان داخل المتاحف الفرنسية"، مشددًا على أن السلطات تبذل جهودًا حثيثة لتحديد هوية الجناة عبر كاميرات المراقبة ومقارنة أسلوبهم بقضايا سابقة مماثلة.
من جهتها، وصفت وزيرة الثقافة رشيدة داتي المجوهرات المسروقة بأنها "ذات قيمة تراثية لا تُقدّر بثمن"، وأعلنت تكليف "لواء مكافحة اللصوصية" بالتحقيق في القضية، معربة عن أملها في استعادة القطع قريبًا.
وقالت في منشور عبر منصة "إكس": "وقع حادث سطو هذا الصباح عند افتتاح متحف اللوفر، أنا متواجدة في الموقع إلى جانب طاقم المتحف والشرطة، والتحقيقات جارية".
إدارة متحف اللوفر أعلنت في بيان مقتضب أن المتحف سيُغلق أبوابه لبقية اليوم "لأسباب استثنائية"، دون تقديم تفاصيل إضافية، في حين أغلقت الشرطة منطقة "رصيف فرانسوا ميتران" المؤدي إلى المتحف أمام حركة المرور بالكامل للحفاظ على الأدلة.
ويُعتبر اللوفر من أكثر المتاحف استقطابًا للزوار في العالم، حيث استقبل نحو تسعة ملايين زائر خلال عام 2024، بينهم 80% من الأجانب.
ويعد أيضًا من أكثر المواقع حراسة في باريس، إلا أنه تعرض لخرق أمني شهير عام 1911 حين سُرقت لوحة "الموناليزا" قبل استعادتها لاحقًا.
انتقادات لضعف الأمن في المتاحف الفرنسيةالسرقة الأخيرة أعادت إلى الأذهان سلسلة من الحوادث المماثلة التي طالت متاحف فرنسية أخرى مؤخرًا، ما أثار تساؤلات حول كفاءة أنظمة الحماية والمراقبة في المؤسسات الثقافية.
واعتبر مراقبون أن الحادث يُعد "إنذارًا خطيرًا" يستدعي مراجعة شاملة للإجراءات الأمنية خاصة في المتاحف التي تضم مقتنيات ذات قيمة وطنية وعالمية.
عمليات سرقة مشابهة وتاريخ من الجرأةفرنسا ليست غريبة على مثل هذه الجرائم التي تجمع بين الدقة والجرأة، إذ شهدت البلاد في السنوات الأخيرة عدة عمليات سرقة لمقتنيات فنية من متاحف وقصور تاريخية، غالبًا ما نُفذت خلال النهار باستخدام أساليب متطورة.
ويعتقد بعض المحققين أن المجموعة التي نفذت عملية اللوفر قد تكون مرتبطة بشبكات دولية متخصصة في تهريب القطع الأثرية.
تحقيقات مستمرة وغموض يلف المشهدحتى اللحظة، لم تعلن السلطات عن أي توقيفات، فيما تتواصل التحقيقات بشكل مكثف لتحديد مسار اللصوص والجهات التي تقف خلفهم.
ورغم العثور على تاج الإمبراطورة، فإن الغموض ما زال يلف مصير بقية القطع المسروقة، في واحدة من أكثر القضايا إثارة في تاريخ اللوفر الحديث.
بين الدهشة والرمزية: سرقة تهز هوية فرنسا الثقافيةسرقة مجوهرات نابليون والإمبراطورة أوجيني ليست مجرد عملية سطو فني، بل ضربة رمزية تمس ذاكرة فرنسا وتراثها الإمبراطوري.
فهذه القطع التي نجت من الحروب والثورات وجولات التاريخ، سُرقت في قلب باريس، من داخل أحد أكثر الصروح الثقافية حراسة في العالم، ما يجعل من هذه الواقعة جرس إنذار لمستقبل التراث الفرنسي نفسه.
أول رد من الرئيس ماكرونأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن استيائه من حادثة السرقة التي تعرض لها متحف اللوفر، معتبرًا أنها تمثّل اعتداءً صارخًا على التراث الوطني الذي يشكّل جزءًا من تاريخ فرنسا وهويتها الثقافية.
وقال ماكرون في منشور عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي إكس: “السرقة التي ارتُكبت في متحف اللوفر هي اعتداء على تراث نعتزّ به لأنه يمثل تاريخنا. سنعثر على الأعمال المسروقة، وسيُقدَّم الجناة إلى العدالة. يتم بذل كل الجهود، في كل مكان، لتحقيق ذلك، تحت إشراف نيابة باريس”.
وأضاف الرئيس الفرنسي أن مشروع اللوفر “النهضة الجديدة” الذي أطلقته الحكومة في يناير الماضي، يتضمن خطة لتعزيز الإجراءات الأمنية داخل المتحف وخارجه، مؤكدًا أن الهدف من المشروع هو ضمان الحفاظ على ما يشكّل ذاكرة فرنسا وثقافتها وحمايته للأجيال القادمة".