تمساح الوادي.. اكتشاف وحش مصري قديم تفوق على الديناصورات
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
بينما اختفت الديناصورات من على وجه الأرض قبل نحو 66 مليون سنة، بسبب ما يعتقد العلماء إنه ضربة مذنب أو كويكب قوية طالت الأرض، كانت هناك كائنات زاحفة تشق طريقها بصمت عبر ذلك الدمار، لقد تفوقت على الديناصورات في قدرتها على التكيف مع تلك الكارثة الكبرى.
لم تكن هذه الكائنات ديناصورات، ولكنها انتمت إلى عائلة غامضة تعرف باسم "الديروصوريدات"، وهي مثال حيّ -أو بالأحرى أحفوري- على قدرة الطبيعة على النجاة في أحلك الظروف.
ظهرت هذه الكائنات في أواخر العصر الطباشيري واستمرت حتى بدايات عصر الإيوسين، أي أنها عاشت ما بين 80 إلى 40 مليون سنة مضت تقريبا. وقد اكتُشفت بقاياها في مناطق متعددة من العالم، أبرزها أفريقيا (خاصة في مصر والمغرب ومالي والنيجر)، إلى جانب أمريكا الجنوبية وآسيا وأوروبا.
والآن، أضاف فريق بحثي مصري من مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية عضوا جديدا لهذه العائلة، بحسب دراسة نشرت في دورية "ذا زولوجيكال جورنال أوف لينيان سوسايتي".
تمثلت هذه الإضافة في مفترس مائي أطلق عليه العلماء اسم "واديسوكس كسّابي"، وبحسب الدكتور هشام سلام، أستاذ الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة ومؤسس مركز الحفريات الفقارية وقائد الفريق البحثي في تصريحات حصلت الجزيرة نت على نسخة منها "يحمل اسم واديسوكس كسّابي جذورا مصرية عميقة، فكلمة وادي تشير إلى موقع الاكتشاف في محافظة الوادي الجديد، في حين أن سوكس يرجع إلى اسم الإله المصري القديم سُبِك، إله القوة والخصوبة ذي رأس التمساح".
ويضيف "أما كسّابي فتكريما للعالم الراحل أحمد كسّاب، أحد رواد الجيولوجيا والحفريات في مصر، الذي ألهمت جهوده أجيالا من الباحثين".
قبل نحو 80 مليون عام، كانت ما تُعرف اليوم بمحافظة الوادي الجديد منطقة مائية تعجّ بهذه الوحوش القديمة، وعلى خلاف التماسيح المعاصرة التي تفضل الأنهار والمستنقعات العذبة، عاشت الديروصوريدات في المياه الساحلية والبحار الضحلة.
إعلانوقد امتلكت هذه الكائنات تكيفات مذهلة ساعدتها على البقاء، حيث امتلكت خطما طويلا نحيلا، وأسنانا حادة متشابكة تمكنها من اصطياد الأسماك والسلاحف البحرية بإحكام، مانعة فرائسها من أي فرصة للهروب، وكانت بطول يتراوح بين 3.5 و4 أمتار.
تلك السمات المورفولوجية الفريدة كانت مفتاح نجاتها من الانقراض الجماعي الذي أنهى عصر المخلوقات العملاقة، لتغدو الديروصوريدات حلقة أساسية في قصة استمرار الزواحف بعد انهيار النظم البيئية القديمة، وشاهدا على قدرة الحياة على إعادة التشكل في وجه الفناء.
ورغم أنها كانت ماهرة في السباحة، فإن تركيب أطرافها يدل على أنها كانت قادرة أيضا على التحرك فوق اليابسة عند الحاجة، لتصطاد أو لتدفن بيضها مثل الزواحف المعاصرة.
وبحسب الدراسة، تشمل الحفريات التي استخرجها العلماء جمجمتين جزئيتين وأجزاء من خطمين لـ3 أفراد في مراحل نمو مختلفة، ويقول سلام "مكّنتنا تقنيات التصوير المقطعي الدقيق ثلاثي الأبعاد من كشف تفاصيل تشريحية لم تُرَ من قبل، وفتحت نافذة جديدة على البنية الداخلية لهذه الكائنات القديمة".
وتوضح سارة صابر، المدرسة المساعدة في كلية العلوم بجامعة أسيوط، وعضو الفريق، والمؤلف الأول للدراسة "تبين لنا أن واديسوكس يمتاز عن أقاربه بامتلاكه 4 أسنان أمامية بدلا من 5، وفتحات أنف تقع أعلى الخطم لتساعده على التنفس من سطح الماء، إضافة إلى تجويف عميق عند التقاء الفكين".
ومع دراسة تلك الحفريات، ومقارنتها مع أخرى لهذا الكائن، تبين للفريق البحثي أن أفريقيا كانت المهد الأول لظهورهذه العائلة، ومنها انتشرت فروعها إلى بقية أنحاء العالم.
ومن ثم تضع النتائج الجديدة واديسوكس في موقع أساسي على جذع شجرة نسب هذه المجموعة، مما يجعله أقدم أفرادها المعروفين حتى الآن، وأكثرهم بدائية.
ويختتم الدكتور هشام سلام بقوله هذا الكشف لا يبين فقط قدر أهمية هذه المجموعة من التماسيح، بل يكشف أن الصحراء الغربية المصرية ما زالت تخفي كنوزا تحفظ أسرار الماضي السحيق لكوكبنا.
ويضيف "مهمتنا لا تقتصر على اكتشاف هذه الكنوز، بل أيضا حمايتها من الزحف العمراني والزراعي، لأنها إرث للأجيال القادمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات مرکز جامعة المنصورة للحفریات الفقاریة هذه الکائنات هشام سلام
إقرأ أيضاً:
جامعة المنصورة تنظم ندوة "طلاب ملهمون" لاستعراض قصص نجاح ذوي الهمم
تواصلت اليوم الأحد فعاليات المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم وتمكين الطلاب ذوي الإعاقة بجامعة المنصورة، والتي ينفذها مركز خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة بالجامعة على مدار أسبوع كامل.
زانعقدت ندوة تفاعلية بعنوان "طلاب ملهمون"، هدفت إلى إتاحة الفرصة لتبادل الخبرات بين الطلاب الجدد والقدامى، واستعراض قصص النجاح التي جسدت روح التحدي والعزيمة والإصرار، في إطار حرص الجامعة على تعزيز الدمج والمشاركة الإيجابية داخل المجتمع الجامعي.
أُقيمت الندوة تحت إشراف الدكتورة نانيس البلتاجي، مدير مركز خدمات الأشخاص ذوي الإعاقة، والدكتور إبراهيم أبو زيد، نائب مدير المركز، وبالتعاون مع إدارة رعاية الطلاب بالجامعة تحت إشراف أحمد العشري، مدير عام رعاية الطلاب، وحسام الحسيني، مدير إدارة رعاية الطلاب لذوي الاحتياجات الخاصة، وأدارتها الدكتورة شيرين عبد الوهاب، منسق المركز بكلية الآداب، بمشاركة عدد من طلاب الجامعة من ذوي الهمم.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور شريف خاطر أن جامعة المنصورة تفخر بأبنائها من ذوي الهمم الذين يمثلون نماذج مضيئة للإصرار والتحدي، مشيرًا إلى أن الجامعة تعمل، وفق توجيهات القيادة السياسية، على توفير بيئة تعليمية دامجة تراعي تكافؤ الفرص لجميع الطلاب، انطلاقًا من رؤية الدولة المصرية في بناء الإنسان وتمكين الشباب.
وأشارت الدكتورة نانيس البلتاجي إلى أن المبادرة تمثل منصة ملهمة لعرض قصص النجاح وتجارب التحدي التي تجسد الإرادة الإنسانية، مؤكدة أن الجامعة مستمرة في دعمها لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير كل سبل التمكين الأكاديمي والمجتمعي لهم.
وشهدت الندوة عرضًا لمجموعة من النماذج الطلابية الملهمة من ذوي الهمم، الذين حوّلوا التحديات إلى إنجازات حقيقية وواقعٍ من النجاح في مجالات متعددة.
تحدثت سهيلة محمد – منسق ذوي الهمم لرئيس الجامعة – عن تجربتها الإنسانية الملهمة التي وثقتها في كتابها "بشار وبندقة" بمشاركة الكاتب إسلام أحمد، حيث تناول العمل التحديات اليومية للأشخاص ذوي الإعاقة، مؤكدة أن الإرادة والعمل والأمل هي مفاتيح العبور نحو النجاح وتحقيق الذات.
أما الطالبة نورهان عابد، فاستعرضت رحلتها الفنية والإنسانية من خلال كتابها "نور القلوب"، الذي حمل بين صفحاته رسائل من النور والأمل، وعبّر عن قوة الإرادة والتفاؤل التي قادتها لتجسيد تجربتها في لوحات فنية نابضة بالحياة.
بينما قدّم البطل عادل شباب نموذجًا آخر للإصرار، من خلال رحلته الرياضية التي توّجته ببطولة العالم في الكاراتيه، مؤكدًا أن الرياضة كانت سبيله لغرس روح التحدي والثقة بالنفس، ومصدرًا لقوته في مواجهة الصعاب وتحقيق الإنجاز.
واختتم الباحث إسماعيل سعد – الحاصل على درجة الماجستير من كلية الآداب، قسم اللغة العربية – سلسلة النماذج الملهمة بسرد قصة كفاحه الطويلة، التي جسدت معنى الإصرار والعزيمة حتى بلغ مكانته العلمية، ليصبح نموذجًا يُحتذى في التفوق رغم التحديات.
تأتي فعاليات المبادرة الرئاسية "تمكين" في إطار خطة جامعة المنصورة لتعزيز الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ودعم مشاركتهم الفاعلة في الأنشطة الجامعية، تحقيقًا لمبدأ الدمج الكامل والمساواة.
وتتواصل فعاليات المبادرة على مدار أسبوع كامل، وتشمل ندوات توعوية، ومسابقات، وعروضًا فنية ومسرحية، ومعارض إبداعية، تهدف جميعها إلى ترسيخ ثقافة التمكين وتعزيز قيم الإنسانية والمواطنة داخل الجامعة والمجتمع.