مفتي القاعدة السابق يروي قصة هروب ابنة ابن لادن من طهران
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
وكان المعتقلون -وبينهم زوجة مؤسس القاعدة أسامة بن لادن (أم حمزة) وابنها حمزة وعدد من إخوته- قد قضوا هذه السنوات الخمس في ظروف صعبة ووصل الأمر إلى الاصطدام مع الحرس في بعض الأحيان.
ووفقا لما أكده المفتي السابق لتنظيم القاعدة محفوظ ولد الوالد خلال برنامج "مع تيسير"، فقد عرضت عليهم الجهة المستضيفة نقلهم إلى بناية سكنية جديدة، فقبلوا بها لأنها كانت تطل على الشارع، رغم أنها كانت داخل أحد المعسكرات أيضا.
وصادف هذا الأمر رغبة عند أسرة ابن لادن الذين أرادوا التواجد قرب ولد الوالد لكي يتلقوا عنه العلم فوافق الإيرانيون ونقلوهم إلى مجمعين منفصلين لحين تجهيز مجمع جديد لهم، كانوا قد رصدوا له ميزانية كبيرة.
وكان هذا تطورا جيدا بالنسبة للمعتقلين الذين كانوا يعرفون أن فرضية إطلاق سراحهم ليست مطروحة لأن إيران كانت عازمة على الإبقاء عليهم عندها، رغم طلبهم المتكرر الخروج إلى بلاد أخرى.
وفي هذا المجمع الجديد، سُمح لولد الوالد باستخدام الإنترنت الذي خفف عنهم بعض عزلتهم عن العالم وساعدهم في التعرف على كثير من الأخبار.
صدام جديدبيد أن الإيرانيين شرعوا بعد نقلهم إلى هذه البناية بإغلاق النوافذ وتسييج كل ما هو مطل على الفراغ فأحالوها سجنا أسوأ من الذي كانوا فيه، مما دفع المقاتلين وأسرهم لإعلان رفضهم البقاء.
ولم يقبل بالبقاء في هذه البناية على حالها الجديد سوى 3 عائلات فقط، فطُلب من الرافضين البقاء لحين تجهيز مكان جديد لهم، وهو ما لم يحدث، فقرروا التصعيد مجددا، كما قال ولد الوالد.
ومع طول تجاهلهم وإحكام السيطرة عليهم، استغل المقاتلون فرصة خروج أحد الزوار وهاجموا الحارس وخرجوا من الأبواب الثلاثة التي تفصلهم عن ساحة المكان، ولم يبق بينهم وبين الشارع إلا باب واحد.
ومثَّل هذا التطور تحولا في الموقف، حيث شعر المقاتلون أنهم في موقف قوة فرفضوا نقل بعضهم للمكان الجديد على أن يتم نقل البقية بعد فترة، وطلبوا الخروج من السجن بشكل نهائي.
إعلانوكان هذا الرفض -كما يقول ولد الوالد- مبنيا على شعور المعتقلين بأنهم قادرون على فرض مطلبهم بالخروج النهائي. فانتهى الأمر باستدعاء قوة خاصة لفض اعتصامهم، فتعدت حتى على النساء والأطفال بالضرب المبرح ونقلت كل الرجال إلى سجن آخر.
ولم يقف المقاتلون مستسلمين بل إنهم بادروا بالاشتباك مع القوة التي تمكنت من السيطرة عليهم بقنابل الغاز وخراطيم المياه وألحقت بهم أذى كبيرا، وفق ولد الوالد.
وهكذا، لم يتبق في هذه البناية إلا النساء والأطفال، فبدأ ولد الوالد إضرابا عن الطعام فور وصوله للسجن اعتراضا على ما وقع عليهم من اعتداء غير مبرر.
وبعد هذا الموقف، قرر ولد الوالد أنه يعود إلى موريتانيا حتى لو انتهى الأمر بسجنه، بعدما رآه من "تخلي الإيرانيين عن عهدهم وتعديهم على المجاهدين ونسائهم وتراجعهم عن كل ما اتفقوا عليه معه"، حسب قوله.
وبعد ذلك زاره المسؤول الإيراني الكبير الذي اتفق معه على الحصول على ملاذ آمن في إيران، وحاول تبرير ما جرى، لكن ولد الوالد رفض فك إضرابه، وأكد للمسؤول أنه على يقين من أن الجميع كانوا على علم بما حدث وأرادوه وأعطوا ضوءا أخضر لتنفيذه.
مجمع سكني جديد
ولم تنتقل أسرة ابن لادن إلى السجن ولكنها ذهبت إلى مقر تابع للمخابرات في مدينة يزد، وبدأ المعتقلون التفكير في تهريب أحدهم حتى ينقل ما فعله الإيرانيون بهم إلى العالم، لدرجة أنهم فكروا في حفر نفق مسافته 600 متر تحت السجن.
وبالفعل تمكن اثنان من الهرب أحدهما من المعسكر الذي كان ولد الولد مسجونا به والآخر من مبنى مدينة يزد، التي كانت بها أسرة ابن لادن. وبعدها أبلغهم الإيرانيون بأنهم جهزوا لهم مجمعا جديدا كان سكنيا هذه المرة وليس شكلا من أشكال السجن.
وانتقل المقاتلون بأسرهم للمكان الجديد بمن فيهم أسرة ابن لادن التي كانت في مدينة يزد، ورتبوا لهم اتصالات مع ذويهم في بلدانهم، فبدأت حالة الخلاف تتراجع بين الطرفين، وكان هذا في العام 2009.
نافذة جديدة
وبينما رتب المعتقلون حالهم على حياتهم الجديدة، هربت إحدى بنات أسامة ابن لادن دون علم أحد، حسب والد الوالد الذي أكد أنها خططت ونفذت ووصلت إلى السفارة السعودية وطلبت الحماية، دون علم أحد.
فقبل أسبوع واحد من عيد الأضحى للعام 2010، خرجت إيمان ابنة ابن لادن إلى مجمع شهراونت الإيراني في طهران لشراء بعض الأغراض لكنها غافلت الحراس واستقلت سيارة أجرة وانطلقت بها إلى السفارة السعودية.
وفي نهاية اليوم، انتشر خبر اختفاء ابنة بن لادن، وهو ما أحدث صدمة للحراس والقائمين على أمر المجمع.
وكانت إيمان في الـ16 من عمرها، وقد وصلت إلى إيران وهي في العاشرة، ولم يكن أحد من إخوتها المتواجدين بالمكان يعرف بما تخطط له حسبما أكدوه في التحقيقات.
وبقي أمر إيمان مجهولا، حتى قرأت إحدى فتيات المجمع خبرا على قناة محلية كن يتابعنها معها، ومفاده أن إيمان وصلت إلى أمها، التي كانت مقيمة في سوريا آنذاك.
وعندئذ، أبلغت الفتاة المتواجدين في المكان بأن إيمان كانت قد أبلغتها قبل هروبها بأنها تخطط لفعل مزلزل وأنهم سيعرفون أخبارها من خلال هذه القناة، وهكذا تم إبلاغ القائمين على المجمع بهروب البنت إلى أمها.
إعلانومع هذا الخبر، شعر الإيرانيون بقلق شديد من أن تكون البنت قد وصلت إلى السعودية، لكن الحقيقة أنها لم تكن قاد غادرت السفارة التي بقيت فيها 4 أشهر كاملة بعد هروبها.
محفوظ ولد الوالد وتيسير علوني
Published On 27/10/202527/10/2025|آخر تحديث: 13:31 (توقيت مكة)آخر تحديث: 13:31 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
مدبولي: المتحف الكبير بُنيانٌ يروي قصة إرادة الدولة
نُشر أمس مقال من الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لوكالة أنباء الشرق الأوسط؛ تضمن رسالة موجهة إلى مصر والعالم قبل أيام من حدث افتتاح المتحف المصري الكبير، المُقرر في الأول من نوفمبر القادم، والذي من المُنتظر أن يشهد حضوراً من قادة وزعماء دول العالم، والعديد من الشخصيات المؤثرة، وفعاليات مُميزة تعكس مكانة مصر وثقلها.
وفيما يلي نص المقال كاملاً:
مع قُرب افتتاح المتحف المصري الكبير بعد نحو أسبوع من الآن، ومع بُزوغ شمس يوم السبت الأول من نوفمبر 2025، تفتح مصر العظيمة ذراعيها لتستقبل زوارها من قادة وزعماء العالم وكوكبة من كبار الضيوف، من بوابة المتحف المصري الكبير، هذا الصرحُ الحضاري والثقافي المُتكامل، ذو الإطلالة الفريدة على أهرامات الجيزة، هدية مصر للعالم، الذي اختير له أن يرى النور هذا اليوم، في افتتاحٍ سيكون حدثاً خالداً جديداً، يُحفر بنقوش غائرة على مسلة أمجاد التاريخ المصري العريق.
إن القول بأن المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم، ليس من قبيل المُبالغة، إذ إن إرث الحضارة المصرية القديمة يُمثل تراثاً عالمياً، وفق محددات منظمة اليونسكو لتوصيف التراث العالمي الثقافي والطبيعي، ولعله من حُسن المصادفة، أن يتزامن نشر هذه الرسالة صباح الجمعة الموافق 24 أكتوبر 2025، مع انطلاق معرض لكنوز الحضارة الفرعونية بالعاصمة الإيطالية روما، بما يُشير بصدق إلى أن التراث إرث إنساني، وكنز عالمي، وجمهوره شعوب الأرض قاطبة.
لن يكون المتحف المصري الكبير مُجرد مقصدٍ ومزارٍ أثري يُنافس نظائره في العالم أجمع، بما ينطوي عليه من كَمٍ فريد من كنوز الحضارة المصرية القديمة، في بهوه العظيم، ودرجه المُتفرد، وقاعات عرضه المتحفي الحديثة، بل بُنيانٌ يروي قصة إرادة الدولة المصرية، حيث يحل بعد عامين من افتتاحه؛ اليوبيل الفضي لذكرى وضع حجر أساسه، ليكون بحق انتصاراً جديداً يُضاف لسجل الجمهورية الجديدة في تذليل العقبات واستكمال الآمال وصُنع الإنجازات.
وبينما ننتظر بشغف تشريف وفود القادة والزعماء والضيوف في افتتاح المتحف المصري الكبير، نتطلع لأن تعيد مصر ادهاش العالم، بحدثٍ يُضاهي ما سبق أن قدمته بلادنا من ابهار في موكب نقل المومياوات الملكية في أبريل 2021؛ وإعادة افتتاح طريق الكباش بالأقصر في نوفمبر 2021، وإن حدث الأول من نوفمبر المقبل وإن كانت مسئولية تنظيمه تقع على جهات بعينها، إلا أن كل مواطن مصري هو عُنصرٌ في نجاحه، ليستأنس ضيوف العالم بحضارة مصر التي لن يخفت سناها.
أهلاً بضيوف مصر الكرام، على أرضها الزاخرة دوماً بالكنوز، وتحت شمسها التي يُناظر وميضها الفيروز.
د. مصطفى كمال مدب ولى
،