انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / محمد الجبلي:

في زمن انقلبت فيه الموازين، وغُيّبت فيه المفاهيم، نتوقف اليوم عند شريحة كانت يوماً ما ضمير المجتمع وصوته الجهوري، كانت تُوصف بـ “السلطة الرابعة” لما تملكه من قدرة على مراقبة السلطات وتوجيه الرأي العام، اليوم لم تعد تلك التسمية الفخمة سوى ذكرى مؤلمة، بينما حل محلها وصف أكثر مرارة: “شريحة مسحوقة”.



نعم، هم الصحافيون ، أولئك الذين كانوا قبلة المضيوم، يناصرون المطالب العادلة، ويكشفون عن المظالم، ويحملون هموم الناس، بل ويساهمون في بناء المؤسسات وتنمية الاوطان، ها هم اليوم يعيشون في وسط الدائرة المظلمة التي طالما حذروا منها مراراً، يواجهون ظروفاً معيشية قاسية، تكاد تجرّ البعض إلى حافة الفقر، واخرين ترمي بهم في خضم التطبيل والتزلف والاطراء، ليس بسبب تقصير منهم، بل لأن المهنة نفسها لم تعد قادرة على تأمين أبسط مقومات الحياة الكريمة.

تتداخل عليهم أصناف الظروف التعيسة، لا تكتمل صورتها إلا بالمزيد من الإحباط: أعباء المعيشة المتصاعدة، ورواتب متدنية لا تواكب الغلاء، لمن يمتلكو ن الوظائف وغياب تام للتأمينات الاجتماعية والطبية، بينما يعمل الكثير منهم من دون عقود او وظائف مستقرة، او لوائح تنظم اعمالهم وتحميها من  الانتحال داخل المؤسسات، ما يجعلهم يعيشون حالة من “الانزياح المهني”، حيث يسرق العمل حياتهم بصمت، فتضيع أيامهم وآمالهم وهم يعانون من أخبارهم الشخصية المريرة.

لقد اتسعت هوة المعاناة مع اتساع فضاء الفوضى”الخلاقة” للمهنة، التي كانت يوماً مصدر فخر وإبداع، وتحولت إلى مصدر قلق وجودي، أصبح الصحفي يعيش حالة من “البؤس المهني”، حيث لم تعد المهنة فناً أو رسالة فحسب، بل تحولت إلى “لُعنة” تطارده في كل منعطف، اوحافة يركن إليها، الصحافيون هم من الطبقات الثقافية الواعية، التي تدرك حجم المأساة، ولا تقدر على تغييره مما يضاعف من ألمهم وإحساسهم بالمهانة.

ومع انفجار ثورة المعلومات واتساع فضاء الرقمنة، التي هددت عمالة العالم أجمع، أصبح الصحفي أكثر المتضررين، لم تكن الرقمنة مجرد تحول تقني، بل كانت زلزالاً هز أسس المهنة، انفجار منصات التواصل الاجتماعي، ومشهوري الغفلة،وارباب المحتويات التافهة، مع سباق الأخبار السريع دون تمحيص، واستبدال الخبر الموثوق بالمحتوى السريع الجاذب من غير معايير، كلها عوامل أفقدت الصحافي أهم أسلحته وقيمة الخبر ومصداقيته.
بات الصحفي التقليدي يتقاذفه بحر من المنصات غير المنضبطة، تتنافس على “المتابعات، اللايكات” وليس على الحقيقة، مما أفقد المهنة بريقها وقيمتها السوقية، وأصبح “الوكر الرقمي” يهدد عرش الصحافة التقليدية، ليفرغه عن مضمونه ويجعله سلعة رخيصة بين اوساط المجتمع وفي سوق المعلينين.
إنها معادلة صعبة: كيف لضمير الأمة أن يضعف، وكيف لمرآة المجتمع أن تكسر؟ إذا كان الصحفي منهمكاً في البحث عن قوت يومه، فكيف له أن يراقب السلطة، ويكشف الفساد، ويحمل هموم الناس؟

إن إنقاذ هذه الشريحة ليس منة أو هبة، بل هو استثمار في ضمير الوطن وأمنه الفكري، فالاهتمام بأوضاع الصحافيين المعيشية والمهنية، وضمان استقلاليتهم، وتطوير أدواتهم لمواكبة العصر الرقمي دون أن يذوبوا في فضاءاته الفوضوية، هو السبيل الوحيد لإعادة الاعتبار إلى “السلطة الرابعة” الحقيقية، سلطة الحق والكلمة الصادقة.

المصدر: شمسان بوست

إقرأ أيضاً:

أوبن إيه آي تتحول إلى شركة ربحية وشراكة جديدة مع مايكروسوفت

أعلنت "أوبن إيه آي" رسميا عن اكتمال تحولها إلى شركة ربحية استعدادا لوصولها المنتظر إلى البورصة، كما كشفت عن تفاصيل شراكة جديدة مع "مايكروسوفت" التي كانت من أوائل الداعمين لها، وذلك وفق تقرير نشرته "بي بي سي".

وبموجب هذه التغييرات، تغير اسم المؤسسة غير الربحية ليصبح "مؤسسة أوبن إيه آي"، وأما الشركة الربحية فيصبح اسمها "مجموعة أوبن إيه آي بي بي سي" (OpenAI Group PBC)، وتملك مؤسسة "أوبن إيه آي" غير الربحية حصة تقدر بـ130 مليار دولار في فرعها الربحي.

ويصل حجم هذه الحصة إلى 26% من إجمالي أسهم الشركة الربحية، مع كون 47% من إجمالي أسهمها من نصيب موظفي ومجلس الإدارة الحالي والسابق، وتحصل "مايكروسوفت" على 27% المتبقية من أسهم الشركة الربحية.

ورغم أن حجم حصة "مايكروسوفت" في الشركة الربحية انخفض من 32.5% في السابق، فإن قيمة أسهم الشركة ارتفعت بنسبة 1.98% عقب الإعلان عن الصفقة الجديدة معززة بذلك الأثر الإيجابي الذي تركته قرارات ساتيا ناديلا المدير التنفيذي للشركة على قيمة أسهمها.

قرارات المدير التنفيذي ساتيا ناديلا كان لها أثر إيجابي على أسهم "مايكروسوفت" (الفرنسية)

وأوضحت "أوبن إيه آي" في بيانها الرسمي أن هذه التركيبة الجديدة للشركة الربحية تمنح المؤسسة غير الربحية أرباحا وقيمة أعلى كلما زاد نجاح "أوبن إيه آي" التجاري.

وتضمنت الصفقة الجديدة مع "مايكروسوفت" شراء خدمات "أزور" السحابية من "مايكروسوفت" مقابل 250 مليار دولار، ولكن "مايكروسوفت" لم تعد تتمتع بالحق لأن تكون مزود الخدمات السحابية الافتراضي لشركة "أوبن إيه آي".

وتترك الشراكة الجديدة الحرية لـ"مايكروسوفت" حتى تستفيد من خدمات الذكاء الاصطناعي التي تقدمها الشركات الأخرى، بما فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي العام إذا وصلت لها شركة أخرى قبل "أوبن إيه آي".

إعلان

وفي حال وصول "أوبن إيه آي" لتقنيات الذكاء الاصطناعي العام، فإن "مايكروسوفت" ستكون مسؤولة بالتعاون مع لجنة خارجية لتقييم ادعاءات الشركة والتأكد من صحتها.

ويذكر أن "مايكروسوفت" كانت من أوائل المستثمرين في "أوبن إيه آي" عام 2019، وكانت تتمتع بوصول حصري لجزء كبير من منتجات "أوبن إيه آي"، وهو الوصول الذي يمتد إلى عام 2032 باستثناء تقنيات الذكاء الاصطناعي العام والعتاد الذي قد تنتجه "أوبن إيه آي".

وفي أولى قرارات المؤسسة غير الربحية، قررت استثمار 25 مليار دولار بشكل مبدئي في أبحاث الصحة ودمجها مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • تقرير: الصحفي الأميركي أوستن أعدم في سوريا بأمر من الأسد
  • أوبن إيه آي تتحول إلى شركة ربحية وشراكة جديدة مع مايكروسوفت
  • السادة الأفاضل.. حين تتحول الكوميديا إلى معادلة هندسية
  • "مهندسين الإسكندرية" تكتشف انتحال شخص صفة مهندس وتحيله للنيابة
  • نشأت الديهي يناشد نقيب الإعلاميين بتنقية قوائم النقابة من "المدعين"
  • ملامح اليوم التالي بالضفة بعد حرب الإبادة في غزة
  • محام: 6 متطلبات للمبتدئين لضمان النجاح في المهنة
  • الدم مقابل الصوت.. حين تتحول الانتخابات إلى ساحة للفتنة
  • هل تتحول القوة الدولية في غزة إلى صراع جديد؟