بين عُمان وإسبانيا.. رسائل التاريخ والمستقبل
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
إن زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لمملكة إسبانيا ليس بوصفها دولة أوروبية صديقة فحسب، ولكن، أكثر من ذلك، يزورها باعتبارها جزءا من ذاكرة العرب الثقافية، وجسرا حضاريا ربط لثمانية قرون الشرق بالغرب أثمر عن واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ البشري: حضارة الأندلس التي هي امتداد للحضارة العربية والإسلامية المتناغمة والمنفتحة على الحضارة الغربية.
وإذا كانت زيارة جلالة السلطان لإسبانيا متخمة بالمباحثات السياسية والاقتصادية في لحظة مفصلية من لحظات العالم فإنها لا يمكن أن تتجاوز الرمزية المشحونة التي تفرض حضورها بذاتها عندما يتعلق الأمر بمملكة إسبانيا سليلة أمجاد الأندلس وقيمها وتاريخها الذي يحاصر الزائر في كل زاوية من زواياها، وفي كل حجر من حجارتها العتيقة. وإسبانيا التي يزورها جلالة السلطان ليست كغيرها من العواصم الغربية، فقد اختارت أن تُبقي بوصلتها الأخلاقية حية؛ فاعترفت بفلسطين، وندّدت بالحرب على غزة، ولم تدفن إنسانيتها خلف مواقف جماعية معطوبة. لهذا، فإن الزيارة إلى مدريد لها بعدها الإنساني الذي يتجاوز الجانب السياسي. تحضر الأندلس في الوعي العربي والغربي أيضا، باعتبارها منطقة التفاعل الأكثر نضجا بين الحضارات المختلفة، بين الإسلام والمسيحية، وبين اللغة العربية واللاتينية، وبين العقل والنور.. وقد ورثت إسبانيا من تلك المرحلة الزاهرة مجدها المعماري وروحها المتسامحة، وعُمان، بما تمثّله من استمرارية حضارية عربية إسلامية، امتداد لإرث عريق قائم، أيضا، على التعددية والتسامح والمعرفة، وبأننا، شرقا وغربا، يمكن أن نلتقي على القيم الأخلاقية التي تؤمن بها الإنسانية قاطبة. من هذا المنظور، فإن لقاء جلالة السلطان المعظم بجلالة الملك فيليبي السادس يتجاوز في أبعاده اللقاء الدبلوماسي إلى لحظة استدعاء لماض مشترك، وبناء لمساحة جديدة لحوار الحضارات، في لحظة تتقلّص فيها المساحات المشتركة بين الشرق والغرب.
وهي بهذا المعنى فرصة مهمة للتأكيد على استمرارية الشراكة المنطلقة من الاعتراف المتبادل الذي لا يقوم على المصالح فقط وإنما على الأدوار الحضارية التي يمكن لكلّ طرف أن يؤديها في رسم ملامح عالم أكثر توازنا.
وكما حملت الأندلس في زمنها الذهبي تفاعل العلماء والفنانين والتجار من مختلف المذاهب والديانات والأيديولوجيات، تحمل هذه الزيارة مشاريع في الطاقة المتجددة والتعليم والسياحة، تجسيدا حديثا لذلك التفاعل الذي لا يفصل بين القيم والمصالح، ولا بين الروح والمعرفة. إنّ زيارة حضرة صاحب الجلالة المعظم إلى إسبانيا تكتب صفحة جديدة في سجل السياسة الخارجية العُمانية التي تراهن دائما على أهمية التحالفات الهادئة والذكية التي تقف على أرضية من التاريخ والمبادئ، لا على الرمال المتحركة للمصالح الوقتية.
ستبقى هذه الزيارة محفورة في الذاكرة نتيجة الاتفاقيات التي من المنتظر أن تبرم بين البلدين إضافة إلى ما ستستدعيه من أصداء التاريخ، ورسائل الحضارة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بدءا من حي الأندلس.. الطرابلسي يعلن عن خطة أمنية بالعاصمة
الخبر أعلن وزير الداخلية المكلف، عماد الطرابلسي، عن انطلاق خطة أمنية شاملة في العاصمة طرابلس، مؤكدا أنها تهدف إلى تعزيز الاستقرار ومواجهة الجريمة المنظمة، خاصة وقائع السطو المسلح والاعتداء على المواطنين، وترسيخ هيبة الدولة وسيادة القانون.
وأوضح الطرابلسي أن الخطة ستنفذ بتنسيق مشترك يضم مديرية أمن طرابلس، وأجهزة مكافحة المخدرات، والمباحث الجنائية، والدعم المركزي، ومكتب المعلومات والمتابعة الأمنية، بالإضافة إلى الشرطة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، بهدف تحقيق الردع الفاعل ضد كل من يحاول العبث بأمن المواطنين.
وكشف الوزير عن تمكن الأجهزة الأمنية بالفعل من القبض على عدد من المتورطين في وقائع سطو مسلح وسرقة أموال، مشددا على أن العمليات ستتسم بالسرية والانضباط الميداني بعيدا عن الاستعراض الإعلامي لضمان نجاحها.
وأشار إلى أن التنفيذ الميداني للخطة سينطلق من بلدية حي الأندلس عبر أربعة مراكز شرطة كنواة للتنفيذ، معتبرا أن وجود أجهزة موازية غير تابعة للوزارة قد تسبب في عرقلة الجهود الأمنية سابقا، مؤكدا عزم الوزارة على استعادة زمام المبادرة وتنظيم العمل الأمني رغم محدودية الإمكانيات.
ووجه الطرابلسي تعليمات صارمة بالتعامل الحازم مع أي آليات تتبع جهات أمنية أو عسكرية خارج إطار الداخلية، محذرا بشدة من التعرض لرجال الشرطة أو عرقلة مهامهم، مؤكدا أن أي اعتداء على عناصر الأمن هو اعتداء مباشر على هيبة الدولة وسيتم التعامل معه بقوة وحزم.
المصدر: وزارة الداخلية
رئيسيعماد الطرابلسيوزارة الداخلية Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0