العراق بين صناديق الاقتراع وشبح الفساد: هل تصنع انتخابات 2025 فارقًا؟
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
بينما تملأ صور المرشحين شوارع المدن العراقية استعدادًا للانتخابات البرلمانية المقبلة، يخيّم على المزاج العام شعور واسع بالفتور واللامبالاة. في بلد أنهكته الصراعات والفساد وسوء الإدارة، يترقّب العراقيون استحقاق 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 بأمل خافت في أن تفتح صناديق الاقتراع بابًا لعهد جديد.
رغم التحضيرات الواسعة، يتوقّع المراقبون أن تكون نسبة الإقبال محدودة في الانتخابات المقبلة بسبب تآكل الثقة بقدرة النظام السياسي على التغيير، فالكثير من العراقيين يعتبرون أن الشعارات الإصلاحية في الحملات الانتخابية ليست سوى تكرار لوعود لم تتحقق.
أما وقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات موافقتها على مشاركة 7,768 مرشحًا، بينهم 2,248 امرأة، ضمن حملة تمتد من 3 تشرين الأول/ أكتوبر حتى 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، يعيش العراقيون تحت ضغط متواصل من بطالة مرتفعة، وخدمات عامة متردية، وفساد مستشري.
وإذ يُنظر إلى الانتخابات كاختبار جديد لمدى ثقة العراقيين بنظام المحاصصة الطائفية الذي فشل في ترجمة عائدات النفط الضخمة إلى تحسينات ملموسة في الخدمات، يصف مراقبون السباق الانتخابي بأنه "انتخابات المليارديرات"، إذ تُنفق الكتل مبالغ ضخمة لاستمالة الناخبين عبر النفوذ والمال العام، وتُستخدم التعيينات في القطاع العام والمشاريع الخدمية كوسائل لشراء الولاءات. وبذلك، أصبحت الانتخابات في نظر كثيرين وسيلة لإعادة تدوير النخبة السياسية نفسها.
يحتل العراق مراتب متدنية في مؤشرات الشفافية الدولية، فوفق تقرير "مؤشر مدركات الفساد" لعام 2024، جاء العراق في المرتبة 140 من أصل 180 دولة بين الدول الأكثر فسادًا، مسجّلًا 26 نقطة فقط من أصل 100. وقد أشار التقرير إلى أن النظام السياسي العراقي، الذي أنشئ لتعزيز التنوّع والإدماج، استُخدم لتكريس نفوذ جماعات سياسية محددة وفق الانتماءات الطائفية.
وفي تقرير لـ"منظمة المحقق لدعم سيادة القانون" (IOL) صدر في آب/ أغسطس الماضي بدعم من "تحالف UNCAC"، تم توثيق ضعف تنفيذ القوانين والسياسات المناهضة للفساد رغم وجود استراتيجيات رسمية مثل "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2021–2024" وقانون مكافحة غسل الأموال لعام 2015.
وقد أشار التقرير إلى جملة من الإخفاقات: ضعف استقلالية مؤسسات الرقابة، محدودية الشفافية في التوظيف العام، استمرار المحسوبية، غياب حماية المبلّغين عن الفساد، تباطؤ إصلاح القضاء، وضعف تنظيم تمويل الأحزاب السياسية.
بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تدفّقت مليارات الدولارات من المساعدات الدولية إلى البلاد، لكن البنية التحتية ما زالت مهترئة رغم أن البلاد تُعد رابع أكبر منتج للنفط في العالم بإيرادات تجاوزت 115 مليار دولار العام الماضي.
تُوصف الرشاوى بأنها "شريان الحياة للسياسة العراقية"، ولهذا تتولّى الأمم المتحدة تنفيذ المشاريع مباشرة لضمان قدر من الشفافية، لكن حتى هذا الإطار لم يسلم من الجدل، إذ كشف تحقيق لصحيفة "ذا غارديان" عام 2024 عن شبهات فساد داخل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، تتعلق برشاوى تصل إلى 15% من قيمة العقود ضمن "صندوق تمويل الاستقرار" البالغ 1.5 مليار دولار.
كشف التحقيق عن عمليات تضخيم لتقارير الإنجاز وتوزيع عمولات بين موظفين ومسؤولين محليين، بينما أكّد البرنامج التزامه بسياسة "عدم التسامح مطلقًا مع الفساد"، في وقت أعلنت الحكومة العراقية نيتها التحقيق في المزاعم.
Related عقود مرنة وتكاليف منخفضة: شركات النفط الصينية توسّع نفوذها في العراقلاريجاني يوقع اتفاقية أمنية مشتركة مع العراق قبل التوجه إلى بيروتالعراق: مئات حالات الاختناق بالكلور في كربلاء.. والقضاء يعلن إحباط مخطط ضد زوّار "الأربعينية" ثقة متآكلة وخسائر فادحةيُعزّز بحث نُشر في مجلة "Open Journal of Business and Management" في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، الصورة القاتمة للفساد المستشري، فقد أشار إلى تآكل ثقة المواطنين بالحكومة، وضعف فعالية أجهزة الرقابة، وغياب أي تحسّن ملموس في مؤشرات النزاهة على مدى عقد كامل.
أظهرت النتائج أن العراق خسر أو هدر ما يقارب 300 مليار دولار بسبب الفساد الإداري وسوء إدارة الوزارات، إلى جانب الاعتماد شبه الكامل على النفط (92% من الإيرادات)، ما يهدّد بدفع البلاد نحو عجز مالي.
كما أشار البحث إلى انتشار الرشاوى في التعاملات اليومية مع الشرطة والجمارك والقضاء، وامتداد الفساد إلى قطاعات التعليم والصحة والقضاء، حيث تحكم المحسوبيات التعيينات وتُهدد استقلال القضاة.
وبين شعارات الإصلاح وأرقام الفساد، يجد العراقيون أنفسهم أمام اختبار جديد لثقتهم بالنظام السياسي، فهل تشكّل الانتخابات المقبلة لحظة مفصلية في مسار الإصلاح الحقيقي، أم محطة جديدة لإعادة إنتاج الوجوه نفسها؟
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة فساد انتخابات العراق النفط فساد- تقرير الحرب علي العراق
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم
المصدر: euronews
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي إسرائيل دونالد ترامب قوات الدعم السريع السودان فرنسا تغير المناخ الذكاء الاصطناعي إسرائيل دونالد ترامب قوات الدعم السريع السودان فرنسا تغير المناخ فساد انتخابات العراق النفط فساد تقرير الحرب علي العراق الذكاء الاصطناعي إسرائيل دونالد ترامب قوات الدعم السريع السودان فرنسا تغير المناخ دراسة كازاخستان حركة حماس ضحايا طب ملكة جمال الكون فساد ا
إقرأ أيضاً:
تفاصيل انطلاق تصويت المصريين بالخارج في انتخابات النواب 2025
فتحت لجان الاقتراع في نيوزيلندا أبوابها أمام الناخبين المصريين في مقر سفارة مصر بالعاصمة «ويلينجتون»، وذلك للتصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.
وتتواصل عملية التصويت تباعًا في باقي المقار الانتخابية حول العالم، وفق التوقيت المحلي لكل دولة، وذلك في إطار المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025.
كشف المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، أنه يتم التنسيق مع وزارة الخارجية وشئون المصريين بالخارج، لمتابعة سير العملية التصويتية في الخارج.
وأكد المدير التنفيذي خلال لقاء مع قناة «إكسترا نيوز»، اليوم الخميس، أنه لم يتم رصد أي خروقات للدعاية الانتخابية، منذ سريان الصمت الانتخابي.
وأجرى «بنداري» رئيس غرفة العمليات المركزية بالهيئة الوطنية للانتخابات اتصالا عبر الفيديو كونفرانس مع رؤساء اللجان الفرعية بالخارج من السفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية، وذلك لاطلاع الرأي العام على مستجدات بدء التصويت في اليوم الأول من انتخابات المصريين في الخارج.
وأعلن فتح أول لجان التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 في سفارة دولة نيوزيلندا، موضحة أنه سيتم متابعة اليوم الأول للتصويت بالمرحلة الأولى من انتخابات البرلمانية في 139 مقر بـ117 دولة وتم إضافة لجنتين في دولة العراق.
تصويت المصريين بالخارج بانتخابات مجلس النوابويبدأ الاقتراع بالخارج من الساعة التاسعة صباحا، وحتى الساعة التاسعة مساءً وفقا لتوقيت الدولة التي يجري فيها الاقتراع، على النحو المبين بقرار الهيئة الوطنية للانتخابات بشأن الجدول الإجرائي والزمني لانتخابات مجلس النواب، على أن يتخلله ساعة راحة يحددها رئيس اللجنة، بما لا يخل بضمان حسن سير العملية الانتخابية.
وتتابع غرفة العمليات المركزية بالهيئة الوطنية للانتخابات فتح مقرات اللجان على مدار الساعة لضمان سير العملية الانتخابية بانتظام.
وأصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة القاضي حازم بدوي، القرار رقم 56 لسنة 2025 بشأن قواعد وإجراءات تصويت المصريين المقيمين خارج جمهورية مصر العربية في انتخابات مجلس النواب.
نص القرار أنه لكل مصري مقيم بالخارج الحق في الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس النواب، متى كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين، ويحمل بطاقة رقم قومي أو جواز سفر ساري الصلاحية متضمنا الرقم القومي.
وتضمن أن يكون التصويت عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر، وعلى كل ناخب أن يباشر بنفسه هذا الحق، ولا يقبل في إثبات شخصية الناخب سوى بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر الساري المتضمن الرقم القومي.
ويكون الإدلاء بالصوت بمقر القنصلية، أو البعثة الدبلوماسية، أو أي من المقار التي يصدر بتحديدها قرار من الهيئة الوطنية للانتخابات بناء على ترشيح وزارة الخارجية.
وتشكل اللجان المشرفة على أعمال الاقتراع والفرز والحصر العددي للأصوات، من عدد كاف من أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، ويعاونهم أمين أصلي أو أكثر من العاملين بوزارة الخارجية، الذي يصدر بهم قرار من الهيئة الوطنية للانتخابات.
وإذا وجد ناخبون في جمعية الانتخاب عند انتهاء الميعاد لم يدلوا بأصواتهم يحرر رئيس اللجنة كشفا بأسمائهم، وتستمر عملية الانتخاب حتى الانتهاء من إبداء آرائهم.
ولكل مرشح أو ممثل قائمة طلب تعيين من يمثله في كل لجنة انتخابية بالخارج، ويشترط أن يكون من المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين، و يبلغ المرشح أو ممثل القائمة الهيئة الوطنية للانتخابات قبل يومين على الأقل من اليوم المحدد للاقتراع بالخارج بأسماء ممثليه، واللجان الانتخابية التي يطلب تعيينهم فيها.
وتخطر الهيئة الوطنية للانتخابات وزارة الخارجية بأسماء الممثلين، واللجان الانتخابية المعينين فيها لإبلاغ البعثات المعنية بها وتبدأ عملية الاقتراع في لجان الانتخاب بالخارج في الميعاد المحدد، ولو لم يحضر من يمثل المرشحين.