فيلم طريق هالو.. رحلة ليلية صاخبة ومليئة بالمفاجآت
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
طاهر علوان -
لطالما كانت ما تعرف بأفلام الطريق من ذلك النوع من الأفلام التي تجذب إليها الجمهور العريض لما تحمله من طابع المغامرة والاكتشاف من جهة وانخفاض ميزانيات هذا النوع من الأفلام لكونها يتم تصويرها في الأماكن الحقيقية في الغالب.
إنها من ذلك النوع من الأفلام قليلة التكلفة أو منخفضة الميزانية، لأنها لا تتعدى في بعض الأحيان الشخصيات والتصوير في الأماكن الطبيعية الخارجية مع بعض المشاهد الداخلية والاستذكارات.
من جهة أخرى الاعتماد على عامل الحركة في هذا النوع من الأفلام، من هنا سوف يتكشف لنا عنصر المكان من خلال الطبيعة سواء أكانت صحراوية مقفرة أو جبلية أو تحتوي على بحيرات وتلال وغير ذلك، هنا سوف تظهر البراعة في استخدام اللقطات العامة والبعيدة وتتنوع المناظر التي تعكس تفاصيل المكان في أوقات مختلفة من اليوم.
بالطبع سوف نتذكر هنا العديد من الأفلام التي قدمت شخصيات لم تغادر الذاكرة كما في أفلام "بوني وكلايد" 1967 و"نهاية الأسبوع الوحشية" 1965 و"الحمى الباردة" 1995 و"دويل" 1971 و"منافي" 2004 و"عناقيد الغضب" 1940. ونذكر أيضا أفلام “الراكب” 1994 و”ملك الطريق” 1976 و”مفقود في أميركا” 1985 و”محاربو الطريق” 1981 و”قتلة بالفطرة” 1994 و”المسافر” 1975 و”الطريق” 1954 وغيرها من الأفلام.
أما في هذا الفيلم للمخرج باباك أنوري وهو مخرج بريطاني من أصل إيراني، فإن اكتشاف البيئات والأماكن غير متحقق، وبذا سوف يخالف ما درج عليه هذا النوع الفيلمي، وحيث تقع أحداث الفيلم حتى المشاهد الأخيرة في الليل الحالك الظلمة وتقتصر على مكالمات هاتفية ومحادثات مشحونة ومليئة بالشد النفسي والتوتر بين الزوجين مادي –الزوجة، تقوم بالدور الممثلة روساموند بايك وزوجها فرانك –يقوم بالدور الممثل ماثيو ريس، ها هما يستيقظان بعد انتصاف الليل على مكالمة هاتفية من ابنتهما لوسي وهي تستنجد بهما لغرض إنقاذها بعد ارتكابها حادثة مرورية صعبة وربما حادثة دهس أودت بحياة فتاة.
من هنا يطلق كاتب السيناريو وليم غيليس والمخرج أنوري تلك الشرارة التي أرادا من خلالها خوض مغامرة درامية تتلخص في اختبار القدرة على المضي بالأحداث كلها من خلال وجهة نظر شخصيتين هما الزوج والزوجة وهما يهرعان لنجدة ابنتهما وهما يتلقيان مكالماتها التي تشرح فيها أوضاع الضحية التي تعرضت للدهس فيما تعطيها الأم الإرشادات بحكم خبرتها كمسعفة سابقة كيفية القيام بالإسعافات الأولية من أجل إنقاذ الضحية.
يعمد المخرج إلى مشهد افتتاحي ينبئ ويمهد لما سوف يلي من توتر درامي فالأطباق العامرة بالطعام لا تزال على حالها، والحاصل أن الابنة لوسي كانت قد خاضت شجارا مع والديها ولتخرج وهي في حالة انفعال فتقود سيارة والدها وتسبب ذلك الحادث المروع.
يستثمر المخرج وكاتب السيناريو الرحلة للكشف عن طباع الشخصيات وخاصة والدي الفتاة وهما يخوضان سجالا في كيفية التعامل معها ومع صخبها وانفعالاتها وتهورها الذي من آخر علاماته هو هذا الحادث.
بالطبع يستثمر المخرج رحلة الوالدين في جوف الليل لزيادة جرعة التوتر لأن إنقاذ ابنتهما هي مسؤولية تقع على عاتقهما وخاصة بعدما تأكدا عدم حضور سيارة الإسعاف ورجال الشرطة وربما يعود ذلك بسبب خوف لوسي من أخبار الشرطة، فيتم اتهامها بالقتل العمد وهنا تتضارب آراء الزوجين، فالزوج يدعو ابنته للبقاء في السيارة وترك الضحية إلى أن يحضر رجال الشرطة، بينما رأي الزوجة مخالف لذلك وهو أن تقوم لوسي بإجراء الإسعافات الأولية للضحية وخاصة الضغط على الصدر من أجل أن تضمن كونها لا تزال على قيد الحياة.
خلال رحلة الطريق تلك سوف نستكشف حياة الزوجين وكيف مضت وكيف كانت طريقة تعاملهما مع ابنتهما المراهقة وحيث لكل طرف رؤيته الخاصة التي يراها مناسبة في علاقته بالآخر. وفي هذا الصدد يقول الناقد مات سيتز في موقع روجر ايبيرت، :" يحمل الفيلم الكثير من الوعود، لكن الكثير منها يُهدر في قرارات غريبة، فضلا عن مشكلة إيقاع الفيلم الذي ما يلبث أن يتثاقل. وتبدو النهاية غامضة وكأنها جزء من عمل سينمائي فني نادر من ستينيات القرن الماضي.
ورغم الأداء المتميز للبطلين، مع ذلك، فإن هذا العرض البارع، إلى جانب العديد من المشاهد الأخرى، بدا في البداية وكأنه دراما نفسية واقعية مبنية على حادث سيارة، ثم ليتحول إلى شيء آخر، ثم يعود إلى ما كان عليه سابقًا، ثم يمر بعدة تحولات أخرى. ثم العودة إلى النمط المسرحي الأخلاقي في مشهده الأخير، مما يوحي إلى أن الأحداث الفظيعة والمرعبة التي حدثت تلك الليلة هي عقاب كوني".
أما الناقد امون وورمان في موقع امباير فيقول :" ما يتكشف هو أسوأ سيناريو يواجهه أحد الوالدين، وهما يناقشان ويواجهان مستقبلهما مع ابنتهما، وأي طريقة ممكنة للنجاة منه، بينما يتصاعد الوضع في موقع الاصطدام تدريجيًا. في الوقت نفسه، يُقدم نص كاتب السيناريو جيليس بذكاء معلوماتٍ متقطعة عن الدراما العائلية التي أدت إلى تلك الليلة، دون أن يُشتت انتباههم عن معضلتهم الحالية.
ومن بين التحديات السينمائية، يُعدّ الحفاظ على إثارة المشاهد أثناء التصوير في مكان مغلق لفترة طويلة من أكثر الإنجازات صعوبةً وإبهارًا".
على أن من المآخذ التي لوحظت على الفيلم مثلا أن المشاهد الليلية والتي تقع في داخل السيارة والتي هي في الغالب مشاهد حوارية بين الزوجين حتى أننا نستبعد كون فرانك هو الذي يقود السيارة بل بدت المشاهد وكأنها في داخل الاستوديو ومع ذلك كان الترقب هو سيد الموقف وخاصة بعدما تغيرت نبرة الابنة، فهي تارة تستولي عليها نوبة ذعر وتارة ترغب في الاتصال بوالديها لتسألهم ثم تتوج ذلك بدخول صوت امرأة مجهولة تؤنب الوالدين وتتهمهما بالإهمال والتقاعس وانهما سوف ينالان جزاءهما.
وفي وقت يشير بعض النقاد إلى حقيقة كون البناء السردي للفيلم قائما على شخصيتين وهما تمضيان وقتهما في الطريق وسط عتمة الليل، فإن ترهل الأحداث وارد ولكن المخرج ينتشل فيلمه من هذه الإشكالية وذلك بضخ مزيد من الحبكات الثانوية التي تنتهي بوصول الزوجين إلى الغابة ليعثرا على جثة فتاة وهو ما يجعلهما متحيران هل هي جثة ابنتهما بعدما تكون ملامحها قد تغيرت.
واقعيا نحن أمام دراما فيلمية فيها كثير من جوانب التوتر والتشويق والأداء المتميز للممثلين فضلا عن التحدي في إبقاء الجمهور متفاعلا على مدى حوالي ساعة ونصف بينما الحوار غالبا يتم بين شخصيتين.
....
إخراج: باباك أنوري
سيناريو: وليم غيليس
تمثيل: روساموند بايك في دور الأم مادي، ماثيو ريس في دور الأب فرانك ، ميغان مكدونيل في دور لوسي – صوت فقط
مدير التصوير: كيت فريزر
مونتاج: لاورا جيننغز
موسيقى : لورن باف
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
صندوق البحر الأحمر وفيلم العلا يحتفون بـ10 أفلام إبداعية من مختلف الدول
في إطار شراكتهما الإستراتيجية؛ كشف صندوق البحر الأحمر، التابع لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، بالتعاون مع فيلم العُلا، عن المشاريع الفائزة بمنح دعم الأفلام الإبداعية للعام الثالث على التوالي، لدعم وتمكين المواهب السينمائية وتعزيز حضورها على الساحة الإقليمية والعالمية.
تأتي هذه المبادرة المشتركة تأكيدًا على إلتزام الطرفين بدعم صنّاع الأفلام الموهوبين من المملكة والمنطقة، وتوفير منصة تتيح لهم تطوير مشاريعهم السينمائية الطموحة من مرحلة الكتابة والتطوير إلى الإنتاج والعرض. وتشمل المشاريع الفائزة هذا العام مجموعة متنوعة من الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة والطويلة من السعودية والعالم العربي وأفريقيا، تعكس جميعها تنوع الرؤى والأساليب الفنية التي تثري المشهد السينمائي العالمي.
أبرزت الأعمال العشرة تنوعًا ديناميكي من الأصوات والثقافات والأساليب السينمائية. مما يؤكد حرص صندوق البحر الأحمر وفيلم العلا في تمكين رحلة صناع الأفلام في تسخير موارد والرؤية والحرية الإبداعية ليتمكنوا من نقل قصصهم إلى الشاشة. وتعكس هذه المشاريع المختارة التطور الفني للمنطقة وتوسع نطاق صناعة السينما في المملكة العربية السعودية كمركز للتعاون الدولي وسرد القصص.
وتستمر هذه الشراكة المميزة بين صندوق البحر الأحمر وفيلم العُلا للعام الثالث، لتؤكد على أهمية تضافر الجهود في دعم المواهب الواعدة، وتعزيز مكانة المملكة كمركز سينمائي إقليمي يصدّر قصصًا ملهمة تعبر الحدود وتصل إلى الجمهور حول العالم.
قائمة الأفلام الفائزة:
* هجرة
المملكة العربية السعودية
المخرجة: شهد أمين
المنتج الرئيسي، محمد الدراجي
* مونتريال
المملكة العربية السعودية، الاردن
المخرج: أمين نايفة
للمنتج: بسام الأسعد
* أبيض
المملكة العربية السعوديةالمخرج: حمزة جمجوم
للمنتج: أبو بكر خان
* يلا، يلا بينا الدليل الرسمي الغير رسمي الغير لكيفي الحياة في العلم المعاصر
المملكة العربية السعودية
المخرج: محمد حماد
للمنتجون: محمد حماد، آمنة أبو رديف
* الوهد
المملكة العربية السعودية
المخرج: فيصل العامر
للمنتج: أحمد فوزي
* تايغرس
العراق، السعودية، فرنسا،ايطاليا، الولايات المتحدة الامريكية
المخرج: حيدر رشيد
للمنتج: حيدر رشيد، دومينيكو بروكاتشي
* صورة
المملكة العربية السعودية
المخرجة: زهرة محمد الضامن
للمنتجون: تقوى علي ناصر، بشاير عقيل
* عسل وجنون
المملكة العربية السعودية
اخراج: أحمد ياسين الدراجي
انتاج: ميثم جبارة
* كلب جائع
العراق ، كندا، المملكة المتحدة، فنسا، الأردن
المخرجة: محمد سلمان
للمنتجون: رولا ناصر، أمجد أبو العلاء
* فريدة: الفتاة التي هزمت داعش
المملكة المتحدة، المغرب
المخرج: حسن نازر
مؤسسة البحر الأحمر السينمائي هي جهة مستقلة غير ربحية تم تأسيسها لتحويل المملكة العربية السعودية والعالم العربي إلى مركز عالمي لصناعة الأفلام، وتأتي تحت مظلتها عدة أقسام شاملة لجميع جوانب الصناعة السينمائية تساهم معًا في تشكيل هيكلها وبناء كيانها.
تلعب مؤسسة البحر الأحمر السينمائي دوراً محورياً في رعاية الجيل الجديد من صُنّاع الأفلام، كما أنها تعمل على بناء صناعة أفلام مستدامة في المملكة العربية السعودية وإفريقيا وآسيا.