دار الإفتاء تُحذر: الغش ليس مجرد خطأ تجاري بل جريمة شرعية واقتصادية
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
حذّرت دار الإفتاء المصرية من خطورة شيوع الغش والخيانة في المعاملات الاقتصادية والتجارية، مؤكدة أن هذا السلوك المشين لا يضر الأفراد فحسب، بل يُلحق أضرارًا اقتصادية جسيمة بالأوطان، ويتعارض مع المقاصد العليا للشريعة الإسلامية التي جعلت من حفظ الأوطان واستقرارها الاقتصادي مقصدًا شرعيًا لا يجوز الإخلال به.
“شيوع الغش والخيانة في بعض المعاملات يترتب عليه أضرار اقتصادية بالغة تتعارض مع المقاصد الشرعية؛ إذ إنَّ حفظ الأوطان اقتصاديًّا مقصد شرعي يأثم مَن يُخِل به."
الغش الاقتصادي
استشهدت دار الإفتاء بآيات من القرآن الكريم تؤكد أن الغش والتدليس نوع من أنواع الفساد في الأرض، وهو مما نهى الله عنه صراحة في قوله تعالى:﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60]
و﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56].
وأكدت أن كل من يساهم في نشر الغش التجاري أو الاقتصادي – سواء بالتزوير، أو التلاعب بالأسعار، أو تقليل جودة السلع، أو الكذب في المواصفات – يعد مفسدًا في الأرض وآثمًا شرعًا، لأن فعله يؤدي إلى إضعاف الثقة بين الناس، وإفساد الأسواق، وإهدار موارد الأمة.
وأوضحت الدار أن هذا النوع من الغش يتنافى مع مقاصد الشريعة التي تهدف إلى تحقيق العدل، وصون المال، وضمان حقوق الناس في التعاملات التجارية.
الأمانة في المعاملات.. فريضة دينية وركيزة اقتصادية
بيّنت دار الإفتاء أن الأمانة في التجارة والعمل والإنتاج ليست مجرد خلق حسن، بل هي فريضة دينية أمر بها الإسلام، لأنها تحفظ المجتمع من الفوضى الاقتصادية والانهيار الأخلاقي.
فالاقتصاد القائم على الغش والخداع، كما ورد في البيان، يفقد توازنه ويؤدي إلى تراجع الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وهو ما يُضعف عجلة التنمية والاستثمار.
وقالت:“من يغش في سلعته، أو يخون في أمانته، أو يخدع المتعاملين معه، فإنه لا يفسد السوق فقط، بل يفسد قلوب الناس ويهدم القيم التي بُني عليها المجتمع.”
وأضاف أن حفظ الاقتصاد الوطني واجب شرعي، ومن يضر به بأي شكل – من خلال الغش أو الخيانة أو الاحتكار – آثم أمام الله ومخالف للمصلحة العامة.
الإضرار بالاقتصاد الوطني.. خيانة للأمانة ومسؤولية أمام الله
أوضحت دار الإفتاء أن الإضرار بالاقتصاد الوطني من خلال الغش أو التلاعب يُعد خيانة مزدوجة: خيانة لله الذي أمر بالصدق والأمانة، وخيانة للوطن الذي ينهض بسواعد أبنائه الأمناء.
وأكدت أن الغش التجاري والاقتصادي يؤدي إلى:إفقاد المستهلكين الثقة في السوق المحلي.
إضعاف الإنتاج الوطني وزيادة الاعتماد على الاستيراد.
نشر البطالة نتيجة انهيار المنافسة الشريفة.
تراجع القيم الأخلاقية في المجتمع.
ولفتت الدار إلى أن هذه الآثار ليست اقتصادية فقط، بل تهدد الأمن المجتمعي والاستقرار العام، معتبرة أن من يشارك في هذا الفساد يضر الوطن ويعرض نفسه للإثم والعقاب.
الإسلام دين نزاهة..
أعادت دار الإفتاء التذكير بأن الإسلام دين يقوم على الصدق والإخلاص في العمل، وأن الأمانة في المعاملات هي ما يميز المجتمع المسلم عن غيره.
واستشهدت بحديث النبي ﷺ:«مَن غَشَّ فليس منّا» (رواه مسلم).
وأكدت أن هذا الحديث يشمل كل صور الغش، سواء في البيع أو في الصناعة أو في تقديم الخدمات أو حتى في أداء الوظائف العامة، مشيرة إلى أن الغش في الاقتصاد هو غش للأمة كلها، لأنه يهدر مقدراتها ويهز مكانتها بين الدول.
دعوة للتوبة والإصلاح والوعي المجتمعي
وفي الختام، دعت دار الإفتاء جميع التجار والعاملين في المجالات الاقتصادية إلى العودة إلى قيم الأمانة والإخلاص، والتوبة عن أي أعمال تنطوي على غش أو خيانة.
كما حثّت المواطنين على التبليغ عن الممارسات غير القانونية التي تضر بالاقتصاد الوطني، مؤكدة أن الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة الفساد الاقتصادي.
وقالت الدار:“الغش خيانة، والخيانة ضعف، والصدق قوة.. فليكن شعارنا الدائم: العمل بإخلاص، والربح بالحلال، والالتزام بالأمانة.”
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الغش الاقتصادي الغش الإفتاء أنواع الفساد دار الإفتاء الإفتاء ت
إقرأ أيضاً:
محافظ الدقهلية يستقبل مفتي الجمهورية في إطار احتفال جامعة المنصورة بعيد العلم
استقبل اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، اليوم السبت، فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، في إطار احتفالات جامعة المنصورة بعيد العلم، حيث تأتي الزيارة تأكيدًا على الدور العلمي والدعوي والوطني الذي تضطلع به دار الإفتاء المصرية في خدمة المجتمع ونشر الوعي والفكر المستنير بين أبنائه
وخلال اللقاء، بحث الطرفان سبل تعزيز التعاون بين محافظة الدقهلية ودار الإفتاء المصرية ودعم الجهود الرامية إلى ترسيخ الوعي الديني الصحيح لدى فئات المجتمع كافة بما يسهم في بناء الإنسان الواعي القادر على التمييز بين الحق والباطل، والخطأ والصواب ومواجهة الشائعات والأفكار الهدامة التي تستهدف استقرار المجتمع ووحدته.
وأكد فضيلة المفتي أن دار الإفتاء المصرية أصبحت اليوم مؤسسة علمية رائدة تؤدي رسالتها الدينية والفكرية والتربوية من خلال مراكزها البحثية والرقمية مثل مركز سلام لدراسات التطرف ومرصد الفتاوى التكفيرية ومركز الإفتاء الإلكتروني الذي يتلقى آلاف الأسئلة يوميًا من داخل مصر وخارجها مشيرًا إلى أن رسالة دار الإفتاء لم تعد مقتصرة على الفتوى فحسب بل أصبحت رسالة شاملة تشمل الإرشاد والتثقيف والإصلاح الأسري والمجتمعي.
وأوضح فضيلته، أن مواجهة الفكر المتطرف وبناء الوعي الصحيح يمثلان محورًا أساسيًا في عمل دار الإفتاء المصرية مؤكدًا أن الوعي لا يُبنى إلا على قاعدة علمية راسخة تدمج بين المعرفة الدينية والإنسانية وأن من أخطر ما يواجه المجتمع المعاصر الانسياق وراء المعلومات المضللة المنتشرة عبر الوسائط التكنولوجية دون تحقق أو تمحيص.
من جانبه رحب اللواء طارق مرزوق، محافظ الدقهلية بفضيلة مفتي الجمهورية، معربًا عن تقديره العميق لمشاركة فضيلته في احتفال المحافظة وجامعة المنصورة بعيد العلم، مثمنًا الجهود الكبيرة التي تبذلها دار الإفتاء في نشر قيم الوسطية والاعتدال وتصحيح المفاهيم المغلوطة وبناء الفكر المستنير مؤكدًا حرص المحافظة على التعاون مع الدار في مجالات التدريب والتثقيف وتنمية الوعي المجتمعي، مشيرًا إلى أن غياب التجديد في الخطاب الديني ساهم في انتشار مظاهر التطرف الفكري مؤكدًا أن علماء الأزهر ودعاته الواعين بدورهم يسهمون بشكل ملموس في توجيه الناس نحو الفهم الصحيح للدين.