الشتاء في غزة.. فصول المعاناة تتجدد تحت السماء المفتوحة
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
الثورة /متابعات
بين خيام مهترئة وبردٍ يلسع العظام، يعيش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة مأساة لا تشبه أي فصل من فصول الحياة.
ومع اقتراب الشتاء، تتضاعف المخاوف من كارثة إنسانية قد تترك أثرها على مئات الآلاف من الأطفال والنساء والمسنين الذين وجدوا أنفسهم بلا مأوى، ولا غطاء، ولا دفء.
مركز غزة لحقوق الإنسان يقول في بيان له: إن نحو مليوني فلسطيني يواجهون “كارثة إنسانية متصاعدة”، مشيرًا إلى أن عشرات آلاف الأسر ما زالت تقيم في خيام مهترئة لا تقيهم برد الليل ولا أمطار الشتاء، في ظل غياب المساعدات الكافية واستمرار القيود على دخول مواد الإغاثة.
ويضيف المتحدث باسم المركز محمد خيري: “الوضع الإنساني بلغ مستويات غير مسبوقة من القسوة، خاصة في مناطق الجنوب والساحل التي تؤوي مئات آلاف النازحين”.
ويتابع: “النازحون يعيشون في ظروف تفتقر لأي حماية من البرد أو المطر، وسط انعدام شبه كامل لمواد التدفئة وغياب شبكات تصريف المياه”.
ويضيف أن المركز رصد أن نسبة تلبية احتياجات الإيواء الشتوي لم تتجاوز 23%، أي أن نحو 945 ألف شخص يعيشون دون أي حماية حقيقية، محذرًا من أن أي موجة مطر قوية قد تتسبب في غرق عشرات المخيمات.
أصوات من قلب المعاناة
في مخيم مؤقت أقيم في دير البلح، تجلس أم أحمد (45 عامًا) أمام خيمتها الممزقة، تحاول تغطية الثقوب بقطع من النايلون الشفاف.
تقول بصوت مبحوح: “كل ليلة أسمع صوت الريح وهي تقتلع أطراف الخيمة، أطفالي يرتجفون من البرد، ولا نملك سوى بطانيتين نتقاسمهما بين سبعة، الشتاء صار كابوسًا بالنسبة لنا”.
كارثة إنسانية وشيكة مع قرب الشتاء.. مليون ونصف إنسان بغزة بلا خيام ولا غازٍ للطهي
على بُعد أمتار منها، كان محمود (10 سنوات) يجلس إلى جوار والده يحاول إشعال نار صغيرة من الخشب المبتل. يقول الصغير بخجل: “نفسي أرجع على بيتي وأنام على سريري، ما بحب الخيمة، دايمًا بردانة وبتبللنا المي”.
في خيمة مجاورة، يتحدث الحاج أبو ناصر (68 عامًا) وهو يلف نفسه بعباءة قديمة: “عشت كل الحروب، لكن ما شفت مثل هذا. كنا نظن أننا سنعود بعد أسبوع أو أسبوعين، وها نحن هنا منذ شهور. لا كهرباء، لا ماء، ولا دفء. البرد قاتل، خصوصًا للمرضى مثلي”.
أمل صغير في العطاء
وسط هذه الظروف القاسية، يحاول بعض الشبان أن يصنعوا فرقًا. يقول رامي الحداد (27 عامًا)، متطوع في إحدى المبادرات المحلية: “نحاول جمع بطانيات وملابس من أهل الخير وتوزيعها على العائلات. لكن الاحتياجات أكبر من قدراتنا بكثير. كل خيمة تحتاج إلى أكثر من ما نملك. الناس هنا لا تطلب رفاهية، فقط وسيلة لتبقى على قيد الحياة”.
وفي عيادة ميدانية مؤقتة قرب دير البلح، يتحدث الدكتور محمود جحجوح عن المخاطر الصحية المتزايدة: “بدأنا نرى حالات نزلات برد حادة، والتهابات رئوية بين الأطفال، بسبب الرطوبة وعدم التدفئة. الوضع مقلق جدًا، وإذا هطل المطر بشكل غزير، ستنتشر الأمراض بسرعة”.
نداء مفتوح إلى العالم
يحذّر مركز غزة لحقوق الإنسان من أن “الشتاء في غزة لا يعني مجرد انخفاض درجات الحرارة، بل يعني حياة أو موتًا لآلاف الأسر”.
ويؤكد أن تأخير دخول مواد الإيواء سيضاعف من مأساة السكان، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى تحرك عاجل لتأمين الخيام السليمة، البطانيات، والملابس الشتوية قبل فوات الأوان.
“إنقاذ الأرواح وتوفير الكرامة الإنسانية مسؤولية جماعية، ما يجري في غزة اليوم ليس أزمة إنسانية عابرة، بل اختبار حقيقي لإنسانيتنا جميعًا”، يقول محمد خيري.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
استشهاد 44 صحفيًا داخل خيام النزوح في غزة
أعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 44 صحفيًا داخل خيام النزوح في قطاع غزة، من بين 254 إعلاميًا استشهدوا منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023.
وأكدت النقابة، أن استهداف خيام الصحفيين قرب المستشفيات ومراكز الإيواء يُعدُّ جريمة حرب وانتهاكًا صارخًا للحماية الإنسانية، مشددة على ضرورة تدخل دولي عاجل لتأمين الحماية للصحفيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.