بروفيسورة أميركية: معاهدة حظر النووي تنهار ولا سبب يجبر العرب على البقاء فيها
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
وفي السياق، حذرت الأستاذة السابقة في كلية الحرب الأميركية شريفة زهور في الجزء الثاني من برنامج "المنطقة الرمادية" من أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة بدعم أميركي على المواقع النووية الإيرانية توجه رسالة خطيرة للدول الأخرى الموقعة على المعاهدة.
وتساءلت الأكاديمية السابقة عن جدوى الامتثال للمعاهدة إذا كان لا يوفر حماية ضد العدوان، خاصة أن المعاهدة تم تمديدها إلى أجل غير مسمى عام 1995 بناءً على شرط عربي بأن يتم "التعامل مع البرنامج النووي الإسرائيلي" وهو شرط لم يُحترم أبداً.
وأكدت أن الدول العربية لم يعد لديها أي التزام أخلاقي أو قانوني بالبقاء داخل المعاهدة، لكنها لن تنسحب لأنها منخرطة في بناء مظلات أمنية بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة التي تتبع مصالحها الخاصة ومصالح إسرائيل.
وأضافت الأكاديمية الأميركية أن هذه الدول قد تسلك المسار الإيراني، حيث تتساءل طهران لماذا يجب عليها التعاون إذا كان يؤدي فقط إلى تدمير شامل تصفه الولايات المتحدة وإسرائيل بأنه ردع وليس هجوماً، وأشارت إلى أن هدف الإسرائيليين كان منع إيران من امتلاك أي برنامج نووي على الإطلاق، سواء كان سلمياً أو عسكرياً.
ولفتت إلى أن دولاً أخرى بدأت برامجها النووية الخاصة رداً على برامج إسرائيل أو إيران، مما يعقد المعادلة الأمنية الإقليمية ويدفع المنطقة نحو سباق تسلح نووي خطير.
سرية النووي الإسرائيلي
ولفتت البروفيسورة الأميركية إلى أن سلوك إسرائيل تمثل في إبقاء برنامجها النووي سرياً من أجل أمنها القومي، حتى عن الولايات المتحدة. وأضافت أن إسرائيل لاحقت وعاقبت المبلغين عن المخالفات من جانبها، وأن برنامجها وصل إلى مستوى متقدم للغاية دون أي رقابة دولية حقيقية.
وفي سياق متصل حول رد إيران على العدوان الإسرائيلي، أوضحت الأكاديمية السابقة أن الموقف الإيراني الحالي يتلخص في أن طهران تعرضت للقصف على أي حال وتم تهديد النظام رغم تعاونه، لذا ستواصل بالطبع فعل ما خططت له لكن بسرية قدر الإمكان.
وأشارت إلى أن القضية الصعبة هي التأكد من مستوى تطور أي برنامج نووي إذا كانت مكوناته مخفية، كما كان الحال مع إيران قبل أن تكشف جماعة "مجاهدي خلق" عن تفاصيله، ورأت الأكاديمية الأميركية أن العالم بدلاً من السير في طريق نزع السلاح النووي سلك طريقاً مختلفاً تماماً.
وأوضحت أن نموذج الدمار المتبادل المؤكد كان يعمل عندما كان هناك طرفان فقط، لكن الآن توجد دول مختلفة قد تطور إحداها سلاحاً وتجربه لتهديد جارتها، كما رأينا كوريا الشمالية تفعل لتبعث رسالة للعالم بأنها وصلت إلى هذا المستوى.
وحسب البروفيسورة الأميركية فإن القوة النووية غير قابلة للاستخدام الفعلي، بل استخدامها الحقيقي هو التهديد والردع.
ولفتت إلى أن دولاً مختلفة تطور مع شركة روساتوم الروسية محطات نووية يفترض أن تكون للاستخدام السلمي لكنها ستُستخدم بلا شك للدفاع في مرحلة ما، وأشارت إلى أن باكستان طورت قدرتها النووية في السر لأنها لم تكن قادرة على فعل ذلك بطريقة أخرى.
التوازنات الدولية
وعلى صعيد التوازنات الدولية في المنطقة، كشفت الأكاديمية الأميركية أن روسيا والصين تبنيان نفوذهما في الشرق الأوسط بهدوء من خلال العلاقات الثنائية وصفقات البنية التحتية والطاقة والأسلحة.
ونفت وجود جناح صيني روسي حقيقي في المنطقة، موضحة أن لروسيا وإسرائيل علاقات سياسية طويلة الأمد، وأن موسكو ربما كان لها صوت في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة بأن الكيل قد طفح.
وأوضحت الأكاديمية الأميركية أن روسيا ليست قوية كما كانت في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في وقت تتجه الصين أكثر نحو أفريقيا، وأضافت أن كلتيهما فقدت عناصر قوة مهمة، خاصة مع غياب الأحزاب الشيوعية القوية بالشرق الأوسط.
وحول إمكانية بروز عقيدة أمنية غير منحازة في المنطقة، أكدت البروفيسورة أن الدول العربية ما زالت مقيدة برعاية القوى العظمى، وأضافت أن الولايات المتحدة تريدها أن تبقى في هذا الوضع لأنه أكثر فائدة لها من عودة حركة عدم الانحياز.
وعلى المستوى الشخصي، كشفت البروفيسورة زهور تفاصيل صادمة عن محاولة منعها من العمل في كلية الحرب بالجيش الأميركي بسبب مواقفها من فلسطين.
صدام حول الموقف من فلسطين
وأوضحت البروفيسورة أنها تلقت مكالمة تخبرها بأن قائد الكلية وجد اسمها على أكثر من عريضة واحدة من أجل فلسطين، وأنهم سيسحبون عرض التوظيف منها لكنها اتصلت بمحامٍ هدد بمقاضاتهم فتم تعيينها في النهاية.
وأضافت الأكاديمية الأميركية أنه منذ اليوم الأول تصادمت مع الإدارة حول كل شيء يتعلق بفلسطين، وكشفت أن المعهد احتفظ بحق مراجعة كل ما تنشره حتى لو بدأته قبل عامين، وأن الكثير من مشاريعها أثارت غضب الإدارة.
وأشارت إلى أنها بقيت لسنوات رغم الصراعات المستمرة، لكن بعد تولي الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما منصبه ألغيت خطوط التمويل لمنصبها، وأوضحت أن العالم الإسلامي وفلسطين كانا قضيتين شائكتين أدتا لإنهاء عملها.
وحول تجربتها في تدريس الضباط العسكريين، أوضحت البروفيسورة الأميركية أنها كانت مسؤولة بشكل غير رسمي عن مجموعة من الضباط العرب في كلية الحرب.
ولفتت إلى وجود اختلافات هائلة بين الطلاب الأجانب والأميركيين، حيث إن الأخيرين غير متعلمين بشكل مؤسس في تاريخ العالم، في وقت يعاني الضباط الأجانب من صعوبة في جعل رؤيتهم للعالم مفهومة.
وفي ختام الحوار، وجهت البروفيسورة زهور نصيحة لشعوب الشرق الأوسط بأن يفكروا في مستقبل أطفالهم وأحفادهم أولاً، وأن يفهموا كيف يخدم كسب ود القوى العظمى مستقبلهم الخاص.
وشددت على أهمية البحث عن المعلومات وسؤال أنفسهم دائماً "لمن المصلحة؟" وختمت بالتأكيد على ضرورة امتلاك الروايات الخاصة بدلاً من الخضوع لنصوص القوى العظمى.
Published On 13/11/202513/11/2025|آخر تحديث: 22:40 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:40 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الولایات المتحدة وأشارت إلى أن
إقرأ أيضاً:
يستحق المدنيون في السودان أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة
هذا الأسبوع، في مخيم "الأفاد" الذي لجأت إليه مئات العائلات بعد فرارها من سقوط مدينة الفاشر، جلستُ مع أمٍّ قطعت آلاف الكيلومترات مع ابنتها البالغة من العمر 5 سنوات وجدتها المسنّة. كانت الطفلة قد خضعت لجراحة في الدماغ بأحد المستشفيات العسكرية قبل أن تُهجَّر العائلة. الآن، تجلس بهدوء إلى جوار والدتها جامدة، منقطعة عن اللعب كما ينبغي للأطفال.
تحدثت الأم عن الضرب الذي تعرّضت له، وعن الجثث الملقاة على الطريق، وعن أشخاص لم يقووا على السير؛ لذا زحفوا وحفروا خنادق بدائية لتجنّب اكتشافهم من الطائرات المسيّرة. معظم الرجال قُتلوا أو مُنعوا من المغادرة. بطريقة ما، وصلت هذه الأم إلى المخيم، لكن دموعها انهمرت وهي تتحسس ندبة ابنتها وتتحدث عن شهر ديسمبر/كانون الأول وعن خوفها من ألا تتمكن من الوصول إلى المستشفى في الموعد القادم لطفلتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأمم المتحدة تحذر من خطر الجوع في 16 دولةlist 2 of 2استخبارات أميركية تكشف نقاشات إسرائيلية عن استخدام فلسطينيين دروعا بشرية بغزةend of listقصتها ليست استثناء؛ فمنذ أبريل/نيسان 2023، نزح ما يقرب من 10 ملايين شخص داخل السودان، في أكبر أزمة نزوح في العالم، بينما فر أكثر من 4 ملايين عبر الحدود. وفي دارفور وكردفان، تُقتلع مجتمعات بأكملها، ويُستهدف المدنيون، وتُدمَّر الخدمات الأساسية.
وبعد حصار دام 18 شهرا، أطلق سقوط الفاشر موجة جديدة من الفظائع: عمليات قتل تستهدف مجموعات عرقية، وعنف جنسي، وهجمات متعمدة على المدنيين. هذه ليست مجرد مآسٍ؛ فهي، وفقا لبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم دولية. المدنيون ليسوا أوراق مساومة، ويجب حمايتهم وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليهم.
كان السودان يوما ما ملتقى للفرص. كان المهاجرون من أفريقيا والشرق الأوسط يأتون إليه للدراسة والعمل وبناء مستقبل أفضل. وكانت مدنه نابضة بالحياة وعالمية، وجامعاته من بين الأفضل في المنطقة. واليوم، تسلك تلك الطرقَ نفسَها حشودٌ من الناس في الاتجاه المعاكس، فارّين من النزاع. ويظهر عدد متزايد من السودانيين الآن في ليبيا وما بعدها، يخاطرون بحياتهم بحثا عن الأمان وفرص العمل. بلد كان ملاذا يوما ما، أصبح الآن مصدرا للنزوح.
إعلانومع ذلك، حتى وسط الدمار، يحاول كثير من السودانيين العودة. في الخرطوم وسنار والجزيرة، تعود العائلات إلى أحياء مدمّرة ومنازل منهوبة. عودتهم ليست مجرد صمود، بل إعلان عن إرادة واضحة: الناس يريدون إعادة البناء، ويريدون السلام.
لكن العزيمة وحدها لا تكفي لإعادة بناء وطن. يحتاج السودان، وبشكل عاجل، إلى أمرين: السلام والوصول.. يجب السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين المحاصرين بسبب القتال لتقديم الغذاء والدواء والحماية. المجاعة والمرض يلوحان في الأفق، وكلما طال منع الوصول، ارتفع الثمن من الأرواح.
وفي المنظمة الدولية للهجرة، نعمل جنبا إلى جنب مع شركائنا لتلبية الاحتياجات العاجلة من توفير المأوى ومستلزمات النظافة والغذاء إلى تقديم الرعاية الصحية المتنقلة مع متابعة حركة النزوح في أنحاء البلاد لتوجيه الاستجابة الأوسع. لكن من دون ممرات آمنة وضمانات أمنية، ستفشل حتى أفضل عمليات الإغاثة تمويلا وتنظيما.
المساعدات الإنسانية قادرة على التخفيف، لكنها لا تستطيع إنهاء الحرب. والفجوة المتزايدة في التمويل الإنساني ليست مسألة أرقام فحسب.
الطريق المستدام الوحيد هو وقف إطلاق النار عبر التفاوض، وبدء عملية سياسية شاملة تجمع أطراف النزاع السودانية إلى طاولة الحوار. وعلى الجهات الإقليمية والدولية استخدام كل الأدوات المتاحة الدبلوماسية والاقتصادية والقانونية للضغط من أجل السلام والمساءلة.
وإذا تحقق السلام، يمكن للسودان أن يتعافى. أرضه خصبة، وشعبه قادر، وإمكاناته هائلة.
وفي غضون عقد، يمكن للسودان أن يطعم نفسه مجددا ويسهم في ازدهار المنطقة. لكن التعافي سيتطلب التزاما دوليا طويل الأمد، ليس فقط عبر المساعدات الطارئة، بل أيضا من خلال الاستثمار في الحوكمة والتعليم وسبل العيش التي تتيح للناس العيش بكرامة.
الأم التي التقيتها في مخيم الأفاد لا تزال تأمل أن تصل ابنتها إلى موعدها الطبي القادم. أملها، مثل أمل السودان، معلّق على أمر واحد: ألا يغضّ العالم الطرف عنهم. ذلك الأمل هش، لكنه لم يختف. ومن مسؤولية العالم أن يبقيه حيا، بفتح ممرات الوصول، وحشد الموارد، والإصرار على السلام.
لقد حمل شعب السودان هذا العبء طويلا بما يكفي. حان الوقت ليتحرك العالم.