أثار تصويت الجزائر لصالح الخطة الأمريكية بشأن غزة داخل مجلس الأمن جدلًا واسعًا، وشكّل خطوة مفاجِئة للداخل الجزائري الذي اعتاد موقفًا ثابتًا وداعمًا للقضية الفلسطينية.

قدّم وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال مؤتمر صحافي، روايته الرسمية لقرار بلاده التصويت لصالح خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بغزة، والتي أُقرت بـ13 صوتًا مع امتناع روسيا والصين.

وأوضح أن المشروع، رغم ما يتضمنه من ثغرات وغموض وعدم تطرقه إلى جذور النزاع أو ضمان إعادة توحيد الأراضي الفلسطينية، جاء استجابة لاعتبار تثبيت وقف إطلاق النار في القطاع "أولوية الأولويات" في هذه المرحلة.

وشدد عطاف على أن الجزائر لا تستطيع الابتعاد عن الموقف الفلسطيني والإجماع العربي الإسلامي الذي أيّد القرار.

ورأى أن المشروع يتصل بإدارة مرحلة ما بعد "العدوان الإسرائيلي" الأخير، مع الإعراب عن أمله في أن يسهم هذا المسار في تخفيف معاناة الفلسطينيين، وأن تبنى عليه خطوات لاحقة تُعالج جوهر الصراع وتفتح الطريق أمام قيام دولة فلسطينية ذات سيادة.

ردود الفعل على الموقف الجزائري

فتح تصويت الجزائر لصالح الخطة نقاشًا داخليًا غير مسبوق، بعد انتقادات اعتبرت أن الجزائر تراجعت عن نهجها التقليدي المؤيد للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، فيما ربط آخرون الخطوة بضرورات اللحظة الدبلوماسية ومحاولة الموازنة بين المبادئ الثابتة ومتطلبات موقع الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن.

وجاءت الخطة الأمريكية نفسها مثقلة بانتقادات واسعة، باعتبارها تعكس تبنّيًا مباشرًا للاشتراطات الإسرائيلية وتمهّد لمرحلة ما بعد الحرب وفق رؤية لا تحظى بقبول فلسطيني.

وفي خضم هذا السجال، بدا لافتًا الترحيب الأمريكي السريع، حيث اعتبرت السفيرة الأمريكية في الجزائر إليزابيث مور أوبين أن موقف الجزائر يعكس "التزامًا وحوارًا بنّاءً" داخل مجلس الأمن.

غير أن هذا الاحتفاء لم يخفف حدّة الجدل الداخلي، بل زاد من اتساعه بين من رأى أن الجزائر انخرطت في تصويت اضطراري، ومن اعتبر أن القرار مسّ برمزية الموقف الجزائري تجاه فلسطين.

رفض فلسطيني للمشروع

قبل 24 ساعة من جلسة التصويت، كانت الفصائل الفلسطينية قد أعلنت رفضها الصريح لمشروع القرار الأمريكي ونشر قوات دولية في قطاع غزة. ففي بيان مشترك صدر في الجزائر، طالبت الفصائل الحكومة الجزائرية باتخاذ موقف حازم تجاه ما اعتبرته "مساعي لتمرير القرار" داخل الأمم المتحدة.

ورأت الفصائل أن المشروع يشكل "تطورًا خطيرًا" ويكرّس صيغة جديدة من السيطرة الأجنبية على غزة، بما يضفي شرعية على "الوصاية الدولية" ويهدد مستقبل القضية الفلسطينية.

وشدد البيان على أن أي تدخل أجنبي، مهما تعددت تسمياته، يمثل انتهاكًا للسيادة الوطنية ولا يفضي إلى استقرار حقيقي، وأن الأمن لا يتحقق إلا بإنهاء إسرائيل ورفع الحصار واحترام الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.

كما اعتبرت الفصائل أن الموقف الجزائري ظل دائمًا سندًا موثوقًا للفلسطينيين، ودعتها إلى رفض أي صيغة للوصاية أو التدخل الخارجي والتمسك بحق غزة في الحرية والكرامة والاستقلال.

عناصر من حماس في خان يونس جنوب غزة، في 20 فبراير 2025. Abdel Kareem Hana/ AP بنود القرار الدولي.. نقاط جدال عديدة

اعتمد مجلس الأمن، بأغلبية 13 صوتًا وامتناع روسيا والصين، القرار 2803 الذي تقدمت به الولايات المتحدة لإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة. ورحّب القرار بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤلفة من 20 بندًا لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وهي خارطة طريق نوقشت بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض.

وتتضمن الخطة نشر قوة دولية موحدة القيادة بالتنسيق مع إسرائيل ومصر وشرطة فلسطينية جديدة يتم التدقيق في أفرادها، بهدف ضبط الحدود ونزع السلاح وتدمير البنى العسكرية وحماية المدنيين. كما تمنح الدول الأعضاء ومجلس السلام تفويضًا كاملاً لاتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ المهام وفق القانون الدولي.

Related تصويت مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية.. انتكاسة للدبلوماسية الجزائرية وانتصار للمغرب؟في ذكرى اندلاع ثورة الجزائر.. صفحةٌ لا تُطوى وشبح الماضي يسمّم العلاقات مع باريسالجمعية الوطنية في فرنسا تُدين اتفاقية 1968 مع الجزائر وسط غياب لافت لنواب الأغلبية

لكن هذه البنود لم تمر دون انتقاد واسع، خصوصًا أنها تستبعد حركتَي حماس والجهاد الإسلامي عن مرحلة ما بعد الحرب. كما أثارت البنود المتعلقة بنزع السلاح وتدمير البنى العسكرية حساسية بالغة في الأوساط الفلسطينية.

ومن أبرز النقاط المثيرة للجدل أن القرار يكرّس بقاء الجيش الإسرائيلي داخل غزة لفترة غير محددة، إذ يربط انسحابه باستكمال مراحل نزع السلاح وباتفاقات تتوصل إليها إسرائيل مع قوة الاستقرار والدول الضامنة والولايات المتحدة، مع الإبقاء على "محيط أمني" إلى حين اعتبار غزة محمية من "أي تهديد إرهابي متجدد".

كما نص القرار على أن يستمر تفويض القوة والمكونات المدنية والأمنية الدولية حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2027، على أن يتم أي تجديد لاحق بالتنسيق الكامل مع مصر وإسرائيل والدول المشاركة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة روسيا البيت الأبيض دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة روسيا البيت الأبيض مجلس الأمن الدولي واشنطن الجزائر دونالد ترامب قطاع غزة فلسطين دونالد ترامب إسرائيل الصحة دراسة روسيا البيت الأبيض فولوديمير زيلينسكي السعودية تكنولوجيا أوكرانيا حروب غزة مجلس الأمن على أن

إقرأ أيضاً:

بعد رفض حماس.. أول تعليق للسلطة الفلسطينية على قرار مجلس الأمن بشأن غزة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—رحبت السلطة الوطنية الفلسطينية، الثلاثاء، باعتماد مجلس الأمن الدولي، مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة، الذي يؤكد تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والشامل في القطاع، بحسب ما أوردت وكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية للأنباء.

وكان مجلس الأمن الدولي أقر، مساء الاثنين، قرارا صاغته الولايات المتحدة يهدف إلى تجاوز الهدنة الهشة في قطاع غزة إلى سلام أكثر استدامة وإعادة إعمار القطاع المدمر.

وقالت وكالة "وفا" في بيان إن السلطة الوطنية الفلسطينية أكدت "ضرورة العمل فورا على تطبيق هذا القرار على الأرض، بما يضمن عودة الحياة الطبيعية، وحماية شعبنا في قطاع غزة ومنع التهجير، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال وإعادة الإعمار ووقف تقويض حل الدولتين، ومنع الضم".

وأبدت السلطة الفلسطينية "استعدادها الكامل للتعاون مع الإدارة الأمريكية، وأعضاء مجلس الأمن، والدول العربية والإسلامية، والاتحاد الأوروبي وأعضائه، والأمم المتحدة، وجميع أطراف التحالف الدولي والشركاء في إعلان نيويورك، من أجل تنفيذ هذا القرار بما يؤدي إلى إنهاء معاناة شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والذهاب إلى المسار السياسي الذي يقود إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق حل الدولتين المستند للقانون الدولي والشرعية الدولية.

كما جددت السلطة الوطنية الفلسطينية "التأكيد على جاهزيتها لتحمل كامل مسؤولياتها في قطاع غزة، في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، باعتبار القطاع جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطين"، بحسب البيان.

وصوّت المجلس الدولي المكون من 15 عضوا، مساء الاثنين، لصالح القرار بأغلبية 13 صوتا، مع امتناع روسيا والصين عن التصويت، حيث رفضتا استخدام حق النقض (الفيتو) لعرقلة الإجراء.

ومن جانبها، قالت حركة "حماس"، الأحد، إنها تعتبر مشروع القرار "محاولة لفرض وصاية دولية على غزة وترويج رؤية منحازة للاحتلال".

وذكرت "حماس" أن إعطاء أي قوة استقرار "مهاما وأدوارا داخل قطاع غزة، بما في ذلك نزع سلاح المقاومة، يجردها من حيادها ويحولها إلى طرف في الصراع".

أمريكاإسرائيلالصينبيلاروسياالأراضي الفلسطينيةالأمم المتحدةالإدارة الأمريكيةالجيش الإسرائيليالسلطة الوطنية الفلسطينيةالضفة الغربيةالقدسالقضية الفلسطينيةحركة حماسعملية السلامغزةمجلس الأمن الدولينشر الثلاثاء، 18 نوفمبر / تشرين الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • قوة دولية و«مجلس سلام» وتمهيد لمسار دولة فلسطينية.. مجلس الأمن يقر الخطة الأمريكية بشأن غزة
  • تصويت الجزائر على الخطة الأمريكية لغزة يثير جدلاً داخلياً وسياسياً
  • المفوضية الأوروبية: قرار مجلس الأمن بشأن غزة خطوة حاسمة نحو التعافي وإعادة الإعمار
  • أحمد موسى: مجلس الأمن يصوت لصالح مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة
  • “الأرندي” يندّد بحملة التشكيك في الموقف الجزائري الداعم للقضية الفلسطينية
  • بعد رفض حماس.. أول تعليق للسلطة الفلسطينية على قرار مجلس الأمن بشأن غزة
  • ترامب يوجه رسالة إلى دول العالم بعد إقرار مجلس الأمن الخطة الأمريكية بشأن غزة
  • مجلس الأمن يصوت لصالح الخطة الأمريكية بشأن غزة
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تدعو الجزائر لرفض المشروع الأمريكي في مجلس الأمن بشأن غزة