صراع الولاية التعليمية.. متى تنتصر المحكمة للأم وتحمى الأطفال من تعسف الأب؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
باتت الولاية التعليمية واحدة من أكثر القضايا التي تلجأ إليها الأمهات لحماية مستقبل أطفالهن، خاصة بعد الهجر أو الامتناع عن الإنفاق أو محاولات الأب استخدام التعليم كورقة ضغط لدفعها عن التنازل عن حقوقها الشرعية.
وخلال السطور التالية يكشف مختص بالشأن الأسري وقانون الأحوال الشخصية لـ«اليوم السابع» تفاصيل الحالات التي تمنح فيها الولاية التعليمية، والعقوبات التي قد تطال الأب إذا ألحق ضررا بالأطفال أو استغلهم في الخلافات الزوجية.
متى تمنح الولاية التعليمية؟
يؤكد وليد خلف المحامي المختص بقانون الأحوال الشخصية أن الولاية التعليمية تمنح للأم فور ثبوت أن الأب غير أمين على مصلحة أبنائه، موضحا أن المحكمة تنظر دائما إلى مصلحة الصغير باعتبارها المعيار الأهم.
هجر الزوج للمنزل أو الامتناع عن الإنفاق
ويؤكد خلف إن هجر الزوج للمنزل أو ترك أطفاله دون نفقات يعد من أقوى أسباب نقل الولاية التعليمية للأم، لأن الامتناع عن الإنفاق يهدد استقرار الطفل ويعطل انتظامه الدراسي، وهو ما ترفضه المحكمة رفضا قاطعا.
ويكمل : نقل الطفل إلى مدرسة أخرى دون علم الأم، أو بهدف التضييق عليها، يعتبر نوعا من التعسف ويجعل المحكمة تتدخل فورا لحماية حق الطفل في التعليم المستقر والمتواصل.
وجود حكم حضانة ثابت للأم
يؤكد المحامي أن الحضانة والولاية التعليمية مرتبطتان، وإذا كانت الأم هي الحاضنة، فالأصل أن تكون هي الأحق بإدارة شؤون التعليم لأنها الأكثر ملازمة للصغار والأقدر على اتخاذ القرار الأنسب لهم.
وجود تهديد أو عنف أو ابتزاز من الزوج
يشدد المحامي على أن أي سلوك يحمل تهديدا أو عنفا أو ابتزاز للأم يدخل مباشرة في سلطة المحكمة لتقدير الضرر ونقل الولاية التعليمية، حماية للطفل من الصراعات الزوجية.
مسؤولية الأب القانونية عند الإضرار بمصلحة الأطفال
يوضح خلف أن القانون لا يتسامح مع أي أب يستخدم الأطفال في النزاع أو يعرض تعليمهم للخطر، موضحا أن العقوبات تشمل المساءلة الجنائية عن الإهمال أو الامتناع عن الإنفاق، قد يواجه الأب دعاوى حبس بسبب امتناعه عن سداد النفقات الأساسية أو الدراسية، باعتبار أن نفقة التعليم جزء من نفقة الصغير الواجبة، اعتبار تصرفاته إساءة استعمال للولاية، وذلك إذا ثبت أن الأب نقل الطفل من مدرسة إلى أخرى بهدف الانتقام أو الضغط، فإن المحكمة تسحب منه الولاية التعليمية فورا، وقد تقيد حقه في اتخاذ أي قرار يخص الصغير مستقبلا.
تتيح القوانين للأم المطالبة بتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية إذا تسبب الأب في تعطيل دراسة الأطفال أو في تكاليف إضافية نتيجة قراراته التعسفية.
كيف تحمي المحكمة حق الطفل؟
يشدد المحامي على أن مبدأ مصلحة الطفل أولا هو حجر الأساس، وتلتزم المحكمة بـ ضمان استقرار التعليم وعدم التنقل العشوائي بين المدارس، التأكد من قدرة ولي الأمر على تحمل التكاليف التعليمية، منع أي قرار يتخذ بدافع الانتقام أو الضغط، دعم الأم الحاضنة إذا ثبت التهديد أو الابتزاز أو الهجر، منح الولاية التعليمية للأصلح للصغير وليس للأقرب درجة.
الولاية التعليمية لم تعد ورقة نزاع بل حماية لمستقبل الأطفال
يختتم المحامي حديثه بالتأكيد أن القانون أصبح أكثر صرامة في مواجهة الأزواج الذين يستخدمون الأطفال في الصراع، وأن الولاية التعليمية تنقل للأم متى ثبت أن الأب يعرض مستقبل صغاره للخطر أو يتعمد الإضرار بهم، مؤكدا: الطفل ليس طرفا في الخصومة، وأي قرار يمس التعليم يجب أن يتخذ بمنطق المصلحة وليس العقاب.
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: محكمة الأسرة الولاية التعليمية محكمة النقض حقوق الطفل خلافات أسرية أخبار الحوادث الطلاق للضرر متجمد النفقة نفقة الأطفال الولایة التعلیمیة
إقرأ أيضاً:
7 آلاف جريمة ارتكبها أطفال خلال عام.. والعقوبات توبيخ أو إيداع دور الرعاية
مع تزايد حوادث العنف التي بات أبطالها - أو ضحاياها - أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، يطرح الشارع المصري تساؤلات مهمة حول جدوى قانون الطفل الحالي، وما إذا كان بحاجة إلى تعديل يعكس واقعًا اجتماعيًا جديدًا تتداخل فيه جرائم غير مسبوقة مع تأثيرات الدراما و«السوشيال ميديا».
لقد شهد العام الماضي وحده أكثر من سبعة آلاف جريمة ارتكبها أطفال، بينما لا تزال العقوبات المقررة لهم تدور بين التوبيخ والإيداع في مؤسسات الرعاية، دون بلوغ مستوى الردع المطلوب.
لقد عرّف القانون المصري الطفل بأنه من لم يكمل عامه الثامن عشر، وحدد له عقوبات مخففة في حالة ارتكاب الجرائم، كما حدد جهات ودور رعاية يتم تأهيله فيها عند ارتكاب جريمة، وتتدرج عقوبة الطفل المتهم ما بين التوبيخ واللوم أو إعادته إلى أهله مع التعهد برعايته، أو الإيداع في دور التأهيل، ولا يُحبس الطفل في جرائم القتل أو الجنايات، ولا يُعاقب بالسجن المشدد أو الإعدام أيًا كانت الجريمة التي ارتكبها، وفق نصوص القانون.
لكن ارتفاع وتيرة الجرائم المرتكبة بواسطة الأطفال، يفتح الباب أمام سؤال جوهري: هل يجب تغليظ العقوبات؟ وهل أصبح النزول بسن المسؤولية الجنائية إلى 16 عامًا ضرورة لحماية المجتمع وأطفاله معًا؟
في البداية تقول الدكتورة رجاء عبد الحميد، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الأهرام الكندية: إن هناك اختلافًا كبيرًا بين طفل التسعينيات وطفل الألفية الجديدة، بل وحتى بين أجيال السنوات العشر الماضية، فكل ما يدور حول الطفل اليوم يتحرك بسرعة كبيرة، وأطفال العصر الحالي يشاهدون الحروب ضمن ألعابهم الإلكترونية.
وتشير إلى أنه قبل سنوات قليلة، عندما كان الطفل ينجح، كنا نكافئه بساعة أو كتاب أو لعبة تُنمّي ذكاءه، أما اليوم فأصبحت الهدية «موبايل»، يعزله عن العالم ويجعله مستهلكًا أكثر منه منتجًا.
وتضيف: إن طفل اليوم يبحث عن المظاهر أكثر مما كان في الماضي، فبينما كنا في صغرنا نلجأ لإصلاح الحذاء أو الحقيبة عند تمزقهما، أصبح طفل اليوم يبحث عن «براند» شهير، ولا يخرج من البيت إلا بكامل أناقته، ويتركز اهتمامه على مظهره وتقليد «البلوجرز» والفنانين والمشاهير، ولتحقيق هذه الصورة التي يحلم بها، قد يفعل أي شيء أو يرتكب أي جريمة تحت ضغط التقليد فقط.
ويرى المحامي بالنقض ناصر عمر، أن الجرائم التي يرتكبها الأطفال في السنوات الأخيرة، وإن كان للعنف والتقليد الأعمى لما يشاهدونه عبر «السوشيال ميديا» وغياب الرقابة والقدوة دورٌ كبير فيها، إلا أن العقوبة المخففة نظرًا لكونهم أطفالًا تجعلهم يفعلون ما يحلو لهم دون رادع أو خوف.
مشيرا إلى أن النزول بسن المسؤولية الجنائية من 18 إلى 16 عامًا قد يساهم بشكل كبير في الحد من بعض الجرائم، إلى جانب التوعية المجتمعية وتسليط الضوء على ضرورة تغليظ العقوبة. فالمحاكمة أمام جهات التحقيق العادية ستكون رادعًا قويًا للأطفال قبل الإقدام على أي جريمة.
ويقول الدكتور محمد عمر الرفاعي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة بني سويف: إن مرتكب الجريمة إذا لم يتجاوز 18 عامًا تُطبَّق عليه عقوبات مخففة حددها الدستور، فهو يُعاقب بالتوبيخ أو بتسليمه إلى أهله إذا كان عمره بين 12 و15 عامًا، وقد يُحبس في بعض الجرائم، لكنه لا يُسجَن ولا يُحكم عليه بالإعدام أو السجن المشدد حتى وإن كان مرتكبًا لجريمة قتل، وقد نصت المادة 122 من قانون الطفل على أن محكمة الطفل هي المختصة دون غيرها بالنظر في أمر الطفل المتهم، كما حددت المادة 80 من الدستور سن الطفل بما دون 18 عامًا.
مشيرًا إلى الارتفاع الكبير في جرائم الأطفال، مؤكدًا ضرورة إعادة النظر في سن المسؤولية الجنائية، لأن الحدث عندما يصل إلى 16 عامًا يكون مدركًا تمامًا لما يفعله، والدليل على ذلك جريمة طفل الإسماعيلية الذي خطط ونفّذ ومَحا آثار جريمته كما يفعل المجرمون المحترفون.
ويرى الدكتور أسامة محمدين، أستاذ القانون بجامعة الأزهر، أن العام الماضي 2024 شهد ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأطفال المحكوم عليهم داخل المؤسسات العقابية، فقد وصلت جرائم الأطفال إلى 7 آلاف جريمة، شكّل الذكور 70٪ منها، وإذا استمر هذا الارتفاع، فإنه يصبح من الضروري النزول بالسن القانونية، خاصة أن تطبيق العقوبات المخففة خلال السنوات الماضية جعل المجرمين يستغلون الأطفال في نشاطهم الإجرامي.
وتتفق مع هذا الرأي الدكتورة هند عبد الغفار، أستاذ القانون الجنائي بجامعة طنطا، مشيرة إلى أن تجار المخدرات يستغلّون الأطفال لأنهم يعلمون أنهم سيعودون إليهم سريعًا بعد فترة قصيرة من ضبطهم، قائلة: لقد رأينا بين البلوجرز المقبوض عليهم أطفالًا صغارًا يقومون بأعمال مخالفة للقانون عبر منصات السوشيال ميديا، ويجنون الأموال، ويتم استغلالهم في عمليات غسل الأموال دون أن يتعرضوا لعقوبات رادعة بسبب حداثة سنهم.
وأضافت: إن الظروف الاجتماعية القاسية وغياب الرقابة والقدوة، إلى جانب تأثير الإعلام العنيف، عوامل دفعت العديد من الأطفال إلى الانحدار نحو مستنقع الجريمة. ولابد من وجود نصوص مكملة للعقوبات وتغليظها، حتى يخشى الأهالي على أبنائهم، ويعلم الطفل أن للجريمة عقابًا كبيرًا. فكما كان تغليظ العقوبات رادعًا للكبار، فإنه سيكون - بلا شك - أكثر تأثيرًا على الصغار.
وأخيرًا، تعلق الدكتورة عزة سليمان، الاستشاري الأسري والتربوي، بقولها: لابد من النظر إلى أسرة المجني عليه في أي واقعة يرتكبها طفل، فوالدة المجني عليه في حادث الإسماعيلية ناشدت المسؤولين بإعدام قاتل ابنها الذي مثّل بجثته وقام بطهوها.
ومن الناحية النفسية، فإن الجاني خرج من طور الطفولة وبراءتها، وأقدم على جريمته بكامل قواه العقلية، وكان واعيًا ومدركًا لما يفعل، بل اعترف بأنه كان يقلد ما شاهده ونفذه بالفعل.
مضيفة: في حالات أخرى مماثلة، نجد الطفل الجاني مدركًا تمامًا لأفعاله ومُصرًّا عليها، مما يجعل النزول بسن المسؤولية إلى ١٦ عامًا ضرورة ملحّة، لأنه سيدفع مرتكب الجريمة في هذا العمر إلى التفكير ألف مرة قبل الإقدام على فعلها، كما سيقضي على استغلال الأطفال في الجرائم، ويؤهل المجتمع للتعامل مع من تجاوز السادسة عشرة باعتباره مسؤولًا قادرًا على تحمل تبعات أفعاله.
اقرأ أيضاًحبس عامل في واقعة التحرش بأطفال مدرسة بالإسكندرية
خبير علوم جنائية يُطالب بالإعدام علنًا لوقف اغتصاب الأطفال