المخ يغير وصلاته العصبية بالكامل خمس مرات على مدار عمر الانسان
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
تتشكل أفكارنا وأذواقنا وقدراتنا على الابتكار والإبداع خلال مراحل العمر المختلفة، ولقد حدد العلماء مراحل معينة لتطور بناء المخ من الطفولة حتى الشيخوخة. وتوصل فريق بحثي في بريطانيا إلى أن المخ يقوم بتغيير وصلاته العصبية بالكامل خمس مرات على مدار عمر الانسان، مما يترتب عليه تغييرات متوقعة خلال المراحل السنية المختلفة.
وبحسب الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية Nature Communications، فإن نقاط التحول في الشبكة العصبية بالمخ تحدث في المتوسط خلال أعمار 9 و32 و66 و83 عاما، وتواكبها اختلافات في طريقة تفكيرنا مع التقدم في العمر.
وتقول الباحثة أليكسا موسلي من جامعة كامبريدج البريطانية إن "هذه المراحل تكشف أدلة مهمة بشأن أفضل المهام التي يمكن أن ينهض بها المخ في مراحل العمر المختلفة، ومتى يكون المخ في أضعف حالاته، كما تساعدنا في فهم لماذا تتطور العقول بشكل مختلف في مراحل مهمة من العمر، مثل مواجهة صعوبات التعلم لدى الأطفال أو الخرف لدى كبار السن".
وفي إطار الدراسة، قام الفريق البحثي بتقييم قواعد بيانات تخص حوالي 3800 شخص تصل أعمارهم إلى تسعين عاما لا يشكون من أمراض عصبية، واستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي من أجل رسم خريطة للوصلات العصبية في المخ عن طريق تعقب حركة جزيئات الماء داخل أنسجة المخ. وذكر الباحثون: "من خلال هذه التقنية، حددنا أربع نقاط تحول توبولوجية على مدار العمر، وتحدث في أعمار 9 و32 و66 و83 عاما بالتقريب".
وتتميز كل شريحة عمرية من الأربعة ببداية عهد جديد من التطور مصحوبا بتغيرات تتعلق بالسن في تركيب المخ، وبحسب الدراسة، فإن أطول هذه المراحل هي سن البلوغ وتستمر أكثر من ثلاثة عقود.
من مرحلة الرضاعة إلى الطفولة: عملية بناء مستمرةوفي المرحلة الأولى التي تبدأ من لحظة الميلاد حتى سن التاسعة، تنخفض وتيرة تكوين نقاط الاشتباك العصبي في مخ الرضيع، مع الاحتفاظ بالوصلات الأكثر نشاطا بين الخلايا العصبية، وتحدث أول نقطة تحول في عمر تسع سنوات وتكون مصحوبة بتغير مفاجئ في الوظائف المعرفية، وبزيادة في خطر حدوث الاضطرابات العقلية على حد قول العلماء.
المراهقة وبداية البلوغ: ذروة الكفاءةوفي الشريحة العمرية من تسعة إلى 32 عاما، يدخل المخ البشري المرحلة الثانية، وتتفجر طاقاته بشكل فعلي، حيث تصقل شبكة الوصلات العصبية داخل المخ بشكل متزايد، حسبما يقول الفريق البحثي، وتتسم هذه المرحلة بسرعة الاتصال داخل المخ مع تحسن الاداء المعرفي. وتقول موسلي إن المراهقة هي الفترة الوحيدة في العمر التي تتزايد فيها الكفاءة العصبية.
العقل البالغ: ثلاثة عقود من الاستقراريقول الفريق البحثي إن مخ الانسان يصل إلى ذروة الأداء في مطلع الثلاثينات في المتوسط، وتمثل هذه المرحلة أهم نقطة تحول ملموسة في
أعمارنا. وذكرت موسلي أنه "في عمر 32 عاما تقريبا، نلاحظ أكبر تغير في الوصلات العصبية وأهم تغيير في عملية التطور مقارنة بباقي نقاط التحول".
ويختلف التوقيت الدقيق لهذه المرحلة من شخص لآخر، ويتوقف جزئيا على عوامل ثقافية وتاريخية واجتماعية. ومقارنة بالمراحل السابقة، يتسم تركيب المخ في هذه المرحلة بالاستقرار، ويستمر على هذا الوضع قرابة ثلاثة عقود. ويقول الباحثون إن هذه المرحلة تتسم باستقرار في ارتفاع معدلات الذكاء والسمات الشخصية.
منتصف الستينات: بداية الشيخوخة المبكرةفي سن 66 عاما تقريبا، تحدث نقطة التحول الأقل وضوحا في المخ ولا تكون مصحوبة بتغييرات جذرية، حيث تصل عملية إعادة الهيكلة التدريجية لشباكات المخ إلى ذروتها. وتقول موسلي: "في هذا السن، يكون الانسان أكثر عرضة للإصابة بمشكلات صحية تؤثر على المخ مثل ارتفاع ضغط الدم".
الشيخوخة المتأخرة: آخر مراحل التطورتحدث نقطة التحول الأخيرة في حوالي سن 83 عاما عندما يصل مخ الانسان إلى مرحلة الشيخوخة المتأخرة. وتبدأ الشبكات العصبية في التراجع. ونظرا لعدم وجود مشاركين تتخطى أعمارهم 90 عاما، فإن الدراسة امتدت فقط إلى هذه المرحلة السنية. ويأمل الفريق البحثي أن تتضمن الدراسات المستقبلية عينات أكبر وتختبر الفروق بين النوعين.
ويقول دنكان أستل رئيس فريق الدراسة من جامعة كامبريدج: "إذا فهمنا أن التطور الهيكلي للمخ ليس عملية مطردة، بل عدة نقاط تحول رئيسية، فإن ذلك سوف يساعدنا في إدراك متى وكيف تكون عملية التوصيل العصبي في المخ معرضة للاضطراب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات حريات الفریق البحثی هذه المرحلة
إقرأ أيضاً:
دراسة: تناول الشوكولاتة الداكنة يحسن الذاكرة والتركيز خلال دقائق
كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة أمريكية مرموقة عن تأثير مذهل للشوكولاتة الداكنة على وظائف المخ، حيث تبيّن أن تناول كمية صغيرة منها وتتراوح بين 20 و30 جرامًا يمكن أن يحسّن الذاكرة قصيرة المدى والتركيز خلال 30 دقيقة فقط من تناولها، ويرجع هذا التأثير السريع إلى مركبات الفلافانول الموجودة في الكاكاو بنسبة عالية، وهي مضادات أكسدة قوية تعمل على تعزيز تدفق الدم إلى المخ.
وأكد الباحثون أن هذه المركبات تساعد على تنشيط أجزاء رئيسية مسؤولة عن الانتباه والقدرة على حل المشكلات، مما يجعل الشوكولاتة الداكنة خيارًا مثاليًا للطلاب أو الأشخاص الذين يقومون بمهام ذهنية مكثفة، كما أشارت النتائج إلى أن تناول الكاكاو بانتظام قد يساهم في حماية المخ من التدهور المرتبط بالتقدم في العمر بفضل قدرته على تقليل الالتهاب وتعزيز التواصل بين الخلايا العصبية.
ورغم هذه الفوائد الكبيرة، شددت الدراسة على أن نوع الشوكولاتة هو العامل الحاسم، حيث يجب أن تحتوي على نسبة لا تقل عن 70% من الكاكاو للحصول على التأثير المطلوب، أما الشوكولاتة بالحليب أو الأنواع الممتلئة بالسكر والدهون النباتية فلا تقدم نفس الفائدة، بل قد ترفع مستويات السكر وتزيد الوزن.
كما أوصى الخبراء بتناول الشوكولاتة الداكنة في أوقات محددة للحصول على أكبر استفادة، أهمها قبل الاجتماعات المهمة، أو أثناء الاستعداد للامتحانات، أو قبل ممارسة الأنشطة التي تتطلب تركيزًا عاليًا. ويمكن أيضًا إدخال مسحوق الكاكاو الخام في المشروبات الصباحية كبديل صحي يمد الجسم بالطاقة ويحسن المزاج.
ويشير الأطباء إلى أن الجرعات المناسبة لا تزيد عن قطعة صغيرة يوميًا، لأن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى استهلاك سعرات حرارية غير مرغوبة ورغم ذلك، يؤكد العلماء أن وجود الكاكاو ضمن النظام الغذائي اليومي يعد وسيلة طبيعية لتعزيز صحة الدماغ وتحسين الأداء الذهني.