قالت الكاتبة الأميركية باركر مولوي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل بشكل منهجي على إعادة تشكيل أنظمة الذكاء الاصطناعي وفقا لتفضيلاتها الأيديولوجية، محذرة من أن الذكاء الاصطناعي داخل غرف الأخبار لم يعد أداة محايدة، وأمسى معرضا للتوجيه السياسي والأيديولوجي.

وفي مقالة حملت عنوان "الذكاء الاصطناعي في غرفة الأخبار لديه أجندة" على موقع "نيمان لاب" ضمن سلسلة مقالات مخصصة لاستكشاف مستقبل الصحافة في 2026، بينت مولوي أن الذكاء الاصطناعي سيتضمن ما يشبه الخوارزميات التي تفرز الموضوعات، مشيرة إلى أن ثمة نتائج غريبة بدأت تتكشف في إجابات أنظمة الذكاء الاصطناعي، وأن النتائج هذه ستصطدم بالصحافة في عام 2026 بطرق لن يلاحظها معظم الصحفيين.

“What’s coming will be subtle — the algorithmic equivalent of editors who’ve internalized which stories are ‘too political’ and which framings are ‘balanced.'”https://t.co/DTO38A6Hj3

— Nieman Lab (@NiemanLab) December 8, 2025

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما المحتوى الإخباري الرابح والخاسر أمام الذكاء الاصطناعي؟list 2 of 2القدس تحتضن منتدى رقميا لتعزيز الابتكار وريادة الأعمالend of listإعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي ليتطابق مع الأيديولوجيا

وأشارت الكاتبة إلى التناقض لدى إدارة ترامب في هذا الإطار، إذ يقضي أمر تنفيذي في يوليو/تموز الماضي بمنع الذكاء الاصطناعي المتحيّز أيديولوجيا في المؤسسات الحكومية، ويدعو لجعله باحثا عن الحقيقة ومحايدا، لكن في الوقت نفسه يعرّف بعض الحقائق مثل العنصرية أو علم المناخ على أنها تحيز أيديولوجي يجب حذفه.

وقالت مولوي سيتعين على الشركات التي ترغب في الحصول على عقود فدرالية في الولايات المتحدة الامتثال لذلك، لافتة إلى قيام شركة ميتا بتحويل نموذج Llama الخاص بها إلى اليمين لكسب ود الإدارة الأميركية.

وفي الوقت نفسه -تتابع الكاتبة- تستمر غرف الأخبار في التقلص، إذ قامت "بيزنس إنسايدر" بتسريح 21% من موظفيها بينما أعلنت أنها ستركز بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي، أما الموظفين المتبقين فأكثر من 70% منهم يستخدمون الآن "شات جي بي تي" بانتظام، مضيفة أن ذلك أصبح نمطا متكررا لدى المؤسسات العاملة في مجال الإعلام، عبر إبقاء عدد أقل من المراسلين، وتضمين المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي لملء الفجوات.

إعلان الصحفيون لن يلاحظوا التحيّز الخفي

وتخلص خبيرة الإعلام مولوي إلى أنه ومع تحول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى عنصر أساسي في إنتاج الصحافة، سواء في البحث، أو الصياغة أو التلخيص، فإن التحيز في تلك الأدوات ستشكل النتائج والإجابات بشكل غير مرئي.

وقد لا يدرك الصحفي الذي يستخدم مساعد الذكاء الاصطناعي للبحث في قصة عن سياسة الهجرة أن الأداة جرى برمجتها لتعامل بعض وجهات النظر على أنها "أكثر حيادية" من غيرها، وفق الكاتبة.

وأضافت "قد لا يلاحظ المحرر الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتلخيص الوثائق الأساسية أي الحقائق يجري تصديرها والتأكيد عليها وأيها يجري إخفاؤها، إذ لن يعلن التحيز عن نفسه، وسيكون موجودا فقط في الخلفية، يدفع التغطية في اتجاهات تخدم مصالح أولئك الذين يتحكمون في النماذج".

ودللت بما جرى مع روبوت الدردشة "غروك" التابع للملياردير الأميركي إيلون ماسك في إدراج نظريات المؤامرة بشأن "الإبادة الجماعية للبيض" في محادثات عشوائية عن إحصائيات البيسبول ومقاطع فيديو القطط.

وقامت الإدارة الأميركية بصياغة أوامر تنفيذية لمنع الولايات من تنظيم الذكاء الاصطناعي، مهددة بحجب التمويل الفدرالي ونشر "فرقة عمل قضايا الذكاء الاصطناعي" التابعة لوزارة العدل ضد الولايات التي تحاول ذلك.

وترى مولوي أن الهدف من وراء ذلك واضح، ويتمثل بالقضاء على أي مقاومة لهذا المشروع الذي يسعى إلى الاستحواذ على الأدوات التي ستؤثر على فهم الأميركيين للواقع.

هكذا يتحول الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار من مجرد أداة تقنية مساعدة، إلى مؤثر أيديولوجي غير مرئي في أجندة الأخبار، فيما يظن الصحفيون أنهم يستخدمونه كأداة محايدة وباحثة عن الحقيقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات حريات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

هل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجرّد ضجيج أم أمل حقيقي؟

ترجمة: بدر بن خميـس الظفري

طالما حلم الإنسان بأن تتولّى الآلات عنه الأعمال الشاقّة، وأن تساعده في المهام الذهنية كذلك. وعلى مدى القرون، ازداد اعتماد البشر على الآلات بوتيرة متسارعة، حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة باتت فيها الروبوتات تؤدي شتى أنواع المهام اليدوية، وتُظهر مهارات لافتة.

وينطبق الأمر نفسه على الأنشطة الفكرية. فمنذ ظهور برنامج «تشات جي بي تي»، أصبح الجميع يدرك حجم الإمكانات التي يحملها الذكاء الاصطناعي. والمشهد مذهل بالفعل: كيف يمكن لبرامج أن تمتلك هذا القدر من المعرفة، وأن تنتج نصوصا واستنتاجات تبدو منطقية؟ وهل هناك حدّ لما قد تبلغه؟ ولماذا تحتاج هذه الأنظمة إلى موارد هائلة من البيانات والطاقة الحاسوبية؟

لكن لنبدأ من البداية، فمصطلح «الذكاء الاصطناعي» ظهر في خمسينيات القرن الماضي، وصاغه عالم الرياضيات الأمريكي جون مكارثي خلال ورشة عمل كانت مخصّصة للبحث في مستقبل قدرات الحواسيب. وقد قال لاحقا إن المصطلح لم يأت نتيجة تفكير علمي عميق، بل لأنهم أرادوا عنوانا مثيرا يجذب التمويل اللازم للورشة!

ومع ذلك، فإن فكرة الآلة الذكية سبقت ذلك بكثير؛ ففي عام 1939 عرضت شركة «وستنغهاوس» خلال معرض نيويورك العالمي نموذجا بشريّ الشكل يدعى «إلكترو»، قادرا على المشي والكلام والسمع.

وبمعايير اليوم، كان الروبوت بدائيا للغاية، لكنه جسّد مبكرا مفهوم الروبوت الإنساني، وكان يرافقه جهاز آخر على شكل كلب يُسمى «سباركو». وفي عام 1941، قدّم المهندس الألماني كونراد تسوزه أوّل حاسوب حديث، ثم طُوّرت أنظمة التحكم بالحركات الكهربائية عبر الحاسوب في أوائل الخمسينيات ودخلت مرحلة الإنتاج. تلك الخطوات كانت الأساس الذي قامت عليه الأنظمة الحالية، وإن كان أحد في ذلك الوقت لا يتخيّل مدى ما ستصل إليه الحواسيب اليوم.

هذه التطورات تطرح سؤالا أساسيا: هل يمكن للآلات أن تضاهي الذكاء البشري، أو حتى تتجاوزه؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ أرى أن المسألة تقوم على ثلاثة مستويات.

أولا، درج الذكاء الاصطناعي التقليدي على محاكاة قدرات معرفية بشرية معينة، ولكن ضمن نطاق ضيّق، ومع ذلك، يمكنه إنجاز المهام بسرعة وكفاءة أكبر. من ذلك التفكير الرياضي، ولعب الشطرنج، وقراءة الخرائط للملاحة. اليوم، يُعدّ من المسلّم به أن هذه مهارات بشرية يمكن نقلها إلى الآلات، لكن في عام 1956 كانت أقرب للخيال العلمي.

لقد أصبحت هذه الأحلام واقعا، لكنها لم تعد تُصنّف ضمن «الذكاء الاصطناعي» بالمعنى الشائع. وكما قال مكارثي: «عندما يعمل النظام جيدا، لا يعود أحد يسمّيه ذكاء اصطناعيا». أما الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، وهو الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد دخل الوعي العام بقوة، ويمتاز بقدرته على إنتاج نصوص وصور وأصوات جديدة استجابة لتعليمات تُكتب بلغة طبيعية.

غير أن تدريب هذا النوع من «الذكاء الاصطناعي غير المجسّد» يعتمد على كميات ضخمة من البيانات المأخوذة من الفضاء الرقمي، ويتطلب قدرة حسابية هائلة. وهذا يعني أنه يرتبط بعالمنا الواقعي بشكل غير مباشر للغاية. ثانيا، يمكن إيجاد بيئة رقمية تحاكي قوانين الفيزياء في العالم الحقيقي بهدف إنتاج بيانات أقرب إلى الواقع لتدريب الأنظمة الذكية. في هذه البيئة، تُحاكي الأشياء الافتراضية خصائص الأشياء المادية بدقة كبيرة. فمثلا، تسقط قطرة الماء وتتحرك كما تتحرك في الطبيعة.

وفي هذا «العالم الافتراضي»، أو ما يُعرف بـ«الميتافرس» (العالم الماورائي الرقمي)، يمكن تدريب أنظمة التعلم الآلي على الاستكشاف والتجربة، وتنمية حسّ الفضول والقدرة على التعامل مع تنوّع المواقف.

غير أن هذا العالم، مهما بلغ تشابهُه مع الواقع، يظل من صنع الإنسان ويُصوّر العالم من منظور الإنسان فقط. وبالتالي، لا يمكن أن نتوقع فيه المفاجآت الحقيقية التي شكّلت مسار حياتنا وأسهمت في تطوّر الذكاء البشري.

في المستوى الثالث، يمكن تجاوز تلك القيود من خلال تمكين الحواسيب من العمل باستقلالية داخل العالم الحقيقي عبر الروبوتات التي تستشعر بيئتها باستخدام المجسّات. وبفضل أدوات الحركة المدمجة فيها ـ مثل الأيدي والأذرع والأرجل ـ تستطيع هذه الروبوتات تغيير بيئتها، ثم ملاحظة النتائج المترتبة على ذلك.

وهكذا تنشأ «حلقة مغلقة» تجمع بين الإدراك، والفهم الذكي، وتنفيذ الأفعال. وبذلك يصبح بإمكان الآلة المزوّدة بنظام ذكاء اصطناعي مدمج أو متصل بها خارجيا أن تخرج إلى العالم «بمفردها»، وأن تتعلم وتطوّر ذكاءها الخاص. ويُطلق على هذا النوع من الذكاء اسم «الذكاء المجسّد»، لأنه مرتبط بجسد، ومصمّم بما يتناسب مع خصائص الروبوت نفسه، من طريقة إدراكه للعالم إلى قدرته على التفاعل معه.

ماذا يمكن أن نتوقع في المستقبل؟ من الواضح أن دمج الذكاء الاصطناعي بالروبوتات ـ وليس بالضرورة الروبوتات الشبيهة بالبشر التي تمتلك سيقانا، بل بمختلف أشكالها ـ هو الطريق الذي سيُسهم في جعل الآلات الذكية قادرة على أداء مهام مفيدة.

فإذا استطاعت هذه الكيانات «المجسّدة» أن تفهم عالمنا الحقيقي مباشرة، وأن تمزج هذا الفهم بما اكتسبته من الفضاء الرقمي، فقد يؤدي ذلك إلى تآزر أو علاقة تكاملية تجعل الإنسان أكثر ذكاء وتفتح أمامه آفاقا أوسع بكثير.

ويتحمل واضعو السياسات والباحثون مسؤولية رئيسية في الاستثمار في هذا النوع من الروبوتات باعتباره جزءا أساسيا من مهمتهم في دعم تطور الإنسان. كما أن الفوائد العملية لاستخدام هذه الآلات في عمليات الإنتاج ستظهر بوضوح في المدى القصير والمتوسط.

إن البلدان التي تمتلك أعلى كثافة من الروبوتات ـ مثل الصين، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وألمانيا، واليابان ـ تتمتع بأفضلية إنتاجية هائلة. ومن المتوقع أن يتّسع هذا الفارق بدرجة كبيرة مع دخول الوكلاء المجسّدين إلى خط الإنتاج.

أما الدول التي تمتلك قاعدة صناعية واسعة وموارد بيانات كبيرة، وتعرف كيف توفّق بين البرمجيات وأنظمة الحوسبة المدمجة والمجسّات والميكاترونكس والذكاء الاصطناعي، فهي الأكثر قدرة على طرح هذه الآلات في الأسواق.

وليس من قبيل المصادفة أن هذه الدول هي بالفعل في طليعة صناعة الروبوتات.

ومع الإنجازات اللافتة التي تحققها الشركات الناشئة الصينية في مجال الروبوتات الشبيهة بالبشر، ومع الهدف المعلن للصين بأن تصبح رائدة في الذكاء الاصطناعي المجسّد ـ كما ورد في توصيات الخطة الخمسية الصينية الخامسة عشرة (2026-2030) ومبادرة «الذكاء الاصطناعي بلس» ـ فإننا نتوقع إنجازات كبيرة إذا ما نُفّذت هذه الخطط بذكاء.

كما أن المنافسة الدولية تتصاعد، ما يجعل السنوات المقبلة حبلى بابتكارات لافتة في هذا المجال. وأنا شخصيا لا أطيق الانتظار لرؤية ما سيظهر.

مقالات مشابهة

  • هل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجرّد ضجيج أم أمل حقيقي؟
  • إطلاق مؤشر الإيسيسكو للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي
  • اتفاقية تعاون بين مكتب البعثات الدراسية وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي
  • الملكة كاميلا تدعم الكاتبة الراحلة جيلي كوبر من كواليس مسلسل "Rivals"
  • انطلاق فعاليات النسخة الثانية من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي
  • ترامب يسمح بتصدير رقاقات "انفيديا" للذكاء الاصطناعي إلى الصين
  • ترامب يصدر أمرا لإنشاء قاعدة وطنية موحدة للذكاء الاصطناعي
  • التعليم تعلن تأجيل امتحان الثانوية العامة في غزة بشكل كامل
  • معلومات الوزراء: السباق العالمي للذكاء الاصطناعي يتحول إلى معركة على الطاقة والكهرباء