البوابة نيوز:
2025-10-18@17:43:09 GMT

تراثنا

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

تكتسب الأمم قيمتها وهويتها الحضارية بقدر ما تمتلكه من تراث مادى أو لا مادى. فإذا كانت الأمم تستطيع أن تصوغ حاضرها، أو ترسم مستقبلها، فإنه لا يمكنها أن تقوم بإنتاج تراث لم يسبق إنتاجه، عبر تعاقب الأجيال عليه. ولعل من أهم ما تتميز به مصر هو تراثها الزاخر والثرى الممتد منذ آلاف السنين. وإذا كان الواقع المصرى فى بعض الحقب التاريخية لم يكن فى أحسن أحواله، فقد كان فى التراث المصري، بأشكاله المتعددة والمتنوعة، الملاذ الآمن للمصرى ولغير المصري، للدرجة التى كنا نجد السائح الأجنبى يأتى ليهرب من حاضره إلى ماضى مصر وتاريخها.

 لا يقتصر هذا على التراث المصرى المادى فحسب، مثل الآثار أو ما شابهها، وإنما يمتد ليشمل التراث اللامادي، مثل المأثور الشعبى المتنوع بين الأغانى أو الحكايات أو السير أو الأمثال والنكت الشعبية، وغيرها.  

فعلى أحاديث جدتى وحواديتها كنا نستنشق عبق مصر وروحها وقيمها الأصيلة الفطرية. ومن خلال أغانى الطفولة وأهازيجها تعلمنا الحبو والمشي، ولعبنا بالشوارع ألعابنا الشعبية المصحوبة بالأغاني، والتى علمتنا على نحو فطرى ديناميات القيادة الشخصية. ومع أبطال السير الشعبية تعلمنا قيم البطل الشعبى المخلص، الذى تعلمنا منه معنى التضحية والانتصار لصالح قيم أمته أو وطنه أو شعبه، حتى لو جاء ذلك على حساب مصالحنا الشخصية الضيقة.

وبالقدر نفسه نستطيع تلمس ذلك مع سائر الأشكال الأدبية الشعبية، كالنكتة التى بقدر ما تعد متنفسًا اجتماعيًا، فإنها تمثل أحد أهم أشكال المقاومة الشعبية للظلم والفساد والاستعمار، والأمر نفسه مع الأمثال والتعابير الشعبية وغيرها. 

ولا يختلف الأمر كثيرًا مع كل أشكال المأثور الشعبى (الفولكلور) كالعادات والتقاليد والمعتقدات والمعارف والفنون الشعبية. ولا أدل على ذلك من أن الحرف اليدوية الشعبية- إحدى أشكال مأثوراتنا الشعبية- بقدر ما تمثل مصدر دخل، يعفى صاحبها ذل السؤال، فإنها تعد مصدر قوة، تجعل صاحبها قويًا قادرًا على مواجهة الشدائد، فنجد يديه قوية كالصخر بسبب ممارسة الحرف اليدوية، على حد قول الشاعر محمود درويش: "وكفى صلبة كالصخر.. تخمش من يلامسها".

والسؤال الذى يطرح نفسه: هل دعوتنا للاهتمام بالتراث تعنى دائمًا الدعوة إلى تقديس الماضي؟ فى الحقيقة، ينبغى أن يكون التراث هو النقطة التى نبدأ منها لنعرف ذاتنا وهويتنا، لنصوغ حاضرنا، ونخطط لمستقبلنا. إننا عندما ننظر إلى ما يتعلق بالماضي، فهو إما تراث أو موروث. وكلاهما يشير إلى ما يرثه اللاحق عن السابق، أو ما تركه السلف للخلف.

 ويكمن الاختلاف بينهما، فى ثبات التراث أو ديمومته واستمراريته. فثباته مع الزمن، وعدم قدرته على التغيير، أو عدم مواكبته لروح العصر، يجعل منه تراثًا، ساكنًا وثابتًا، تنحصر وظيفته فى مدى تاريخيته أو أدبيته أو تراكميته، على نحو ما نجد فى تراث الجاحظ أو التوحيدى أو ابن رشد أو ابن النفيس، وغيرهم. فى حين اكتساب التراث سمة الحركية والديمومة والاستمرارية، والقدرة على مجاوزة زمنه، يجعل منه موروثًا، يتحرك من الماضى إلى الحاضر إلى المستقبل، وهو ما يمكن أن نلمسه بوضوح فى شتى أشكال المأثورات الشعبية المصرية، والتى يأتى فى المقدمة منها الصناعات الثقافية. هذه الصناعات التى بقدر ما تنتمى إلى الماضي، فإنها تعيش فى الحاضر، من خلال أصحاب هذه المهن والحرف الشعبية، التى توارثوها عن أجدادهم، وتعلموها بالمحاكاة وليس فى المدرسة، واستفادوا من عنصر الزمن، فيما أصبغوه عليها من مستجدات، لمواكبة الجديد وروح العصر.

 وإذا كانت الصناعات الثقافية فى التجربة الصينية، ساهمت بدور كبير فى التغلب على أزمة الزيادة السكانية فى الصين، بأن جعلت كل مواطن صينى قادرًا على توظيف مهنته الشعبية، ليصبح مواطنًا منتجًا، وليس عالة على المجتمع أو البلد، مما ساهم فى وضع الصين فى مكانة دولية مرموقة، إذا كان الأمر كذلك  فإنه يمكن الإفادة منها فى تجربتنا المصرية، وهو ما التفتت إليه قيادتنا السياسية مؤخرًا، فى ظل محاولتها الدؤوبة للإفادة من كل مكتسبات الشعب المصري، والتى كان فى مقدمتها التراث، بشقيه المادى واللامادي. 

لقد وضعت القيادة السياسية المصرية أهمية الصناعات الثقافية نصب أعينها، فوجهت نحو الاهتمام بما نمتلكه من حرف يدوية، فأنشأت المدارس المهنية، وبما نمتلكه من تراث، مما نتج عنه فكرة معرض"تراثنا" السنوي، للحرف اليدوية والتراثية، والذى أصبح بمثابة عرس سنوي، يتم الاهتمام فيه بالحرفيين وأصحاب المهن التراثية، لرد الاعتبار إلى أصحاب هذه المهن من ناحية، وللإفادة من موهبة أصحابها بوصفهم مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل القومي، إذا حسن الاستثمار من ناحية ثانية، ولتشجيع الأجيال الجديدة من أبنائهم على إحياء هذه الصناعات والتمسك بمواصلة الحفاظ على استمرار هذا الموروث عبر الأجيال القادمة. 

ولتدعيم ما سبق فيمكن الاسترشاد بتجربة  الفنانة السويسرية إيفلين بوريه، بقرية تونس بمحافظة الفيوم، حيث استقرت بالقرية لأكثر من ٥٠ عامًا وأسست أول مدرسة لتعليم وتصنيع الخزف والفخار فى المنطقة، معتمدة على فتيات هذه القرية، مما ساهم فى تحويل القرية لمقصد سياحى عالمى ومركز إقليمى لصناعة وتصدير الخزف والفخار، بعد أن كانت صناعة مهمشة، بل ساهم فى فتح آفاق جديدة ورحبة أمام القرية وأهلها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: التراث تاريخ الامم التراث المصري تراث ا

إقرأ أيضاً:

٢٤ اكتوبر انطلاق مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية

 

 

تستعد محافظة الإسماعيلية  لانطلاق النسخة الخامسة والعشرين من مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية والذي يتوافق في دورته الحالية مع اليوبيل الفضي للمهرجان، والمقرر إقامته خلال الفترة من ٢٤ حتى ٣٠ من شهر أكتوبر ٢٠٢٤،


و يقام عرض ديفيليه الفرق المشاركة في المهرجان في تمام الساعة ٥ مساء يوم الجمعة ٢٤ أكتوبر أمام مبنى ديوان عام المحافظة القديم بشارع محمد علي ويقام حفل الافتتاح في تمام الساعة الثامنة مساء يوم السبت ٢٥ أكتوبر في القاعة الرئيسية بالمسرح الروماني بالطريق الدائري والذي يقام به أيضًا حفل الختام يوم الخميس الموافق ٣٠ أكتوبر.

يشارك في المهرجان هذا العام عدد من الفرق المصرية وهي الشرقية - أسوان ـ الإسكندرية- التنورة - الوادى الجديد - المنيا - أسيوط ـ حلايب، فرقة الإسماعيلية وفرقة ذوي الهمم بجانب عرض خاص من فرقة رضا والفرقة القومية للفنون الشعبية بالإضافة إلى مشاركة عدد من الفرق الأجنبية والعربية وهي بولندا - رومانيا ـ الهند ـ سيريلانكا - أوزبكستان - الاردن ـ الجزائر - فلسطين - غينيا ـ لبنان ـ تونس - إندونيسيا.

وأشار الفنان ماهر كمال، مستشار المحافظ للفنون والشئون الثقافية ومدير المهرجان إلى أن هذه الدورة من مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية ستكون مميزة من خلال عدة فعاليات وبرامج مقترحة جاري الإعداد لدراستها ليخرج حفلي الافتتاح والختام بالصورة المشرفة التي تليق باسم وزارة الثقافة المصرية ومحافظة الإسماعيلية وأن يبقى دائمًا وأبدًا على قائمة المهرجانات الدولية المشرفة.

وأوضح أشرف سليمان مدير إدارة السياحة بالإسماعيلية إلى أن أماكن العروض داخل مدينة الإسماعيلية هي حديقة الشيخ زايد - حديقة الخالدين - نادي الدنفاه - نادي الأسرة بجانب مسرح الجلاء عرض خاص ليوم واحد فقط.

مضيفًا أن أماكن العروض بالمراكز والمدن وهي شاطئ الزهور بمركز ومدينة فايد ومركز شباب القصاصين بمركز ومدينة القصاصين ومركز تحسين البيئة بأحد القاعات بمركز ومدينة القنطرة غرب.

يعد  مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية  أهم وأعرق مهرجانات الفنون الشعبية الدولية، حيث بدأ لأول مرة في عام ١٩٨٥ وتوقف أكثر من مرة لعدة ظروف، ولكنه عاد مجددًا نظرًا لمكانته الدولية العريقة، ونجح المهرجان على مدى دوراته المختلفة في استقطاب العديد من فرق الفنون الشعبية من دول العالم المختلفة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوري: نرفض أي شكل من أشكال التقسيم
  • المرأة العُمانية..ذاكرة الوطن ونبض الهوية الثقافية
  • مشروع تراث مصر الرقمي.. منصة موحدة تتيح للباحثين الاطلاع على الإرث العريق
  • معاون وزير السياحة يشيد بمشروع تراث مصر الرقمي.. تفاصيل
  • معاون وزير السياحة يشيد بمشروع تراث مصر الرقمي: الدولة المصرية تصون تراثها الثقافي والحضاري
  • بروتوكول بين السياحة والاتصالات لتدشين بوابة تراث مصر الرقمي وتطوير خدمات المواقع الأثرية
  • رقمنة المحتوى الأثرى المصرى وإتاحته عبر بوابة تراث مصر الرقمى
  • الأمم المتحدة ترفض اتهامات الحوثيين بتورط موظفيها بأي شكل من أشكال التجسس
  • "الشعبية" تدين الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان
  • ٢٤ اكتوبر انطلاق مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية