زاهى حواس يكتب: حكاية سيدنا يوسف فى مصر
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
تشير الكتب السماوية إلى قصة سيدنا يوسف وحياته فى مصر، وقد تناولت هذا الموضوع فى العديد من مقالاتى، ومنها الإعجاز القرآنى بدعوة حاكم مصر فى زمن يوسف بلقب «الملك»، ثم يذكره القرآن بلقب «فرعون» عند الحديث عن الملك فى زمن سيدنا موسى عليه السلام، وبينا أن هذا التعبير عن الحاكم يتفق تمامًا مع الأدلة الأثرية التى خلفتها لنا الحضارة المصرية القديمة، حيث كان الملك وحتى عصر الدولة الحديثة حوالي (١٥٠٠ق.
أشارت الكتب السماوية إلى الرؤيا التى راودت الملك فى منامه وحار فى تفسيرها، وفيها كان يرى نفسه بالقرب من شاطئ النهر حيث تخرج منه سبع بقرات سمان يتبعهن سبع بقرات عجاف وتلتهم البقرات الهزيلة البقرات السمان، ثم يرى سبع سنبلات خضر تنمو على شاطئ النهر ثم تغيب ويبقى مكانها سبع سنبلات جافة يابسة.
وكان يوسف فى ذلك الوقت حبيس السجن بسبب كيد امرأة العزيز، وبعدما رشح ساقى الملك يوسف لتفسير الحلم وجيء به من محبسه ليصبح له بعد ذلك مكانة عظيمة فى مصر. وأصبح هو المتصرف فى خزائن مصر، وربما جعله الملك نائبًا له أو وزيرًا وهو المنصب الثانى فى الحكومة المصرية القديمة والذى يلى منصب الملك. تشير الأدلة الأثرية إلى أن أكثر من مجاعة ضربت مصر فى عصورها القديمة وكذلك بلاد الشام وفلسطين ومنطقة الشرق الأوسط كله، وكان بدو هذه المناطق يأتون إلى مصر ليأخذوا من الحبوب التى تنمو بها وأحيانًا كان الجفاف يعم فاختزنها يوسف لمثل هذه الأيام الصعبة.
وتقص علينا التوراة (الإصحاح ٤١ من سفر التكوين) أن يوسف لما فسر رؤيا الملك وأوضح له ما يجب أخذه من إجراءات تحسبًا لهذه المجاعة قال الملك ليوسف: «انظر قد جعلتك على كل أرض مصر»، وخلع خاتمه من يده وجعله فى يد يوسف، وألبسه ثياب - ووضع طوق ذهب فى عنقه. وكانت هذه هى الملابس الرسمية التى يلبسها كبار رجال الدولة والأغنياء، وأركبه فى مركبته الثانية وساروا أمامه وركعوا تحيةً له وجعله على كل أرض مصر.. وأعطاه ابنة كاهن أون زوجة له، وأون هى المدينة التى عرفها اليونانيون باسم «هليوبوليس» (عين شمس حاليًا)، وتقع فى الجزء الشمالى الشرقى من مدينة القاهرة وتبعد حوالى ٢٠ كم من وسط القاهرة وهى من بين المدن المصرية التى نالت شهرة واسعة على امتداد التاريخ المصرى القديم على اعتبار أنها مركز عبادة الشمس ومنها خرجت نظريات خلق الكون فى الفكر الدينى المصرى وهى نظرية التاسوع وتستمر التوراة قائلة: وولد ليوسف ابنان قبل أن تأتى سنين الجوع ودعا يوسف اسم الابن البكر منسى قائلًا: أن الله أنسانى كل تعبى وكل ما لاقيته من أخوتى، وجعل الثانى أفرايم لأن الله جعلنى مثمرًا فى أرض مذلتى.. وتذكر كتب التفسير الإسلامية أسماء هم ميشا وأفراثيم.. وهنا بمصر أكثر من مكان ارتبط بقصة يوسف (عليه السلام) سواء فى الدلتا أو مصر الوسطى او الصعيد.. وهناك أكثر من موقع أثرى يطلق عليه اسم مخازن يوسف ويعتقد العامة أنها بالفعل المخازن التى استخدمها يوسف عليه السلام لمواجهة المجاعة.
ويعتقد البعض أن قصة لوحة المجاعة المكتوبة على صخرة بجزيرة سهيل بأسوان هى قصة سيدنا يوسف والفرعون وتشير القصة إلى أن الملك زوسر حدثت فى عهده مجاعة استمرت سبع سنوات، وأخيرًا استشار وزيره أيمحوتب أعظم معمارى فى التاريخ وهو أول شخص فى العالم يبنى سقف من الحجر وعمود من الحجر، وقال إيمحوتب للملك أن يقدم قرابين للآلهة التى تسيطر على منابع النيل، وذهب الملك للنوم وجاء الإله خنوم فى المنام ليقول إنه هو الإله الذى يسيطر على منبع النيل، وفى الصباح قدم زوسر القرابين للآلهة وجاء الفيضان ليعم الخير على الناس ولكن هذه القصة تعود إلى العصر الرومانى ولا يوجد اسم ليوسف عليه السلام.. ولكن هل هذه قصة لها أصل قديم؟ وهل سيدنا يوسف هو ايمحوتب؟.. لا يوجد لدينا دليل على وجود أى من أنبياء الله من خلال الآثار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الكتب السماوية علیه السلام
إقرأ أيضاً:
الميراث.. "قصة حزينة"
فجرت قضية سرقة المربية ذائعة الصيت فى مجال التعليم الدكتورة نوال الدجوي، أزمة مجتمعية بالغة التعقيد يكون فيها الميراث اللاعب الرئيسي فى المشهد بشكل عام، ورأينا كيف كان مفجرا لأزمات واتهامات وقضايا ومحاكم بين عائلات بالكامل، يستوي فى ذلك العائلات الثرية مع من هم أقل حظا فى الوفرة المالية، فالخلاف يمكن أن يحدث بين الورثة على شقة أو قطعة أرض صغيرة أو مبلغ بسيط من المال.
"ماما نوال"، كما يناديها معلمو وطلاب مدارسها وجامعتها، نسجت خيوط أسطورة فى مجال التعليم، وضربت "دار التربية" المثل فى مستوي التعليم الثانوى بنظاميه البريطاني والأمريكي، وتخرجت فى هذه المدارس أجيال تفوقت فى كل المجالات، فكان الحزم والاتقان والحرص على التميز عنوانا لمسته بنفسي عندما كانت ابنتي طالبة فى هذه المدارس.
"فتنة المال" تلعب دائما بمشاعر ضعاف النفوس، فالحفيد الذى تبين أنه الذى سرق كل المبالغ التى أعلن عنها، والذى قيل إنه أيضا صاحب قضية فى المحاكم، لم تكفِه للأسف كل هذه الأموال التى كان ينعم بها بلا شك فى حياته، فلا أعتقد ولا يعتقد أحد أنه كان محروما من الحياة الرغدة التى تعيشها هذه العائلة الثرية أبا عن جد، ولكنه الطمع الذى يسول للإنسان السير فى طريق لا يراعي فيه حتى كبر السن ولا المقام، ويكون سببا فى أن تلوك الألسن سيرة سيدة ظلت تحافظ على مكانتها وهيبتها حتى قاربت على التسعين عاما من عمرها.
رأينا من قبل الفنان الكبير رشوان توفيق وهو يبكي مرارة الخلافات مع ابنته على الميراث، وانشغل الرأى العام وقتها بهذه القضية التى وصلت إلى أروقة المحاكم، وكذلك قضية أبناء الدكتورة سعاد كفافي مؤسس جامعة مصر وخلافاتهم على الميراث أيضا والاتهامات التى ظلت شهورا طويلة حديث وسائل التواصل الاجتماعي، ومؤخرا تابعنا ما فجرته المذيعة بوسي شلبي ضد أبناء الفنان محمود عبد العزيز، وما وصل إليه الأمر من الدخول فى الاعراض واستباحة سيرة فنان كبير، بدون أى احترام حتى لحرمة الموت.
ماذا حدث للمجتمع؟ ولماذا يقدم ضعاف النفوس على تجاوز كل الثوابت الاخلاقية والاجتماعية؟ ولماذا لا تردعهم صلة الرحم وتوقير الكبير واحترام السيرة؟ الإجابة بالطبع تتعلق بكل التغيرات الاجتماعية التى غزت أواصر المحبة إلا من رحم ربي، والخلخلة فى النفوس التى أغواها الطمع.
الميراث "قصة حزينة" يلعب الجشع فيها وحب الذات دورا رئيسيا، والأمر له شقان الشق الأول هو ما يحدث أثناء حياة كبير العائلة الذى يضنيه نكران الجميل ونهش جسده وهو حي، وما أصعب هذا الشعور، والشق الثاني ما يتعلق بخلافات الورثة بعد وفاته، حيث يجور الأخ الذكر على الأخوات البنات، ويلقي لهم الفتات معتقدا أن المال مال أبيه ولا يجب خروجه لأطراف أخرى، غير مكترث بشرع الله الذى يلزمنا برد الحقوق إلى أصحابها، ولا حتى مكترث بصلة الأخوة ولا كونهم أكلوا ذات يوم على مائدة الطعام نفسها واستظلوا جميعا تحت سقف بيت أبيهم، وكذلك يجور الأعمام على حق أبناء أخيهم المتوفى، ويجور الأخ الذكر أيضا على باقي أخوته الذكور وهكذا.
الميراث والطمع متلازمتان فى مجتمعنا، فلا قوانين رادعة ولا أعراف شافعة، ولا حتى "العيب" مفردة يعرفونها، نسأل الله أن يطبطب على قلب كل من أصابه جرح بسبب "الورث" وأن يرد الحقوق إلى أصحابها.