سودانايل:
2025-10-15@19:10:08 GMT
تأملات ومقترحات حول مُعضِلَة توحيد قوى الثورة
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أن تَمَزَّق كيان أيقونة الثورة ( تجمع المهنيين )، أخذت آفاق العمل الثوري الجماعي تنخفض بشكل تزايد مع الأيام ، و تَعَقَّد مع تداخل و تزايد الحساسيات الحزبية ، و تَعَمُّق الإنكفاءات الذاتية ، و غلبة الشعور بالأنا التي تجعل الفردية، لا الجماعية ، هي المسيطرة علي مسرح الأحداث ، و الموجهة لتصرفات الأفراد و الكيانات الحزبية و المجتمعية و التنظيمات المدنية.
لقد تعمقت و توسعت الاختلافات في الساحة السياسية حتى أصبح العداء بين إخوة الأمس الثوريين أكثر و أشرس من العداء بينهم و بين أعداء الثورة من الفلول المتربصين للعودة للحكم ، و العسكر الذين ما هان عليهم الإلتزام بتسليم السلطة للمدنيين حين آن أوانه ، و الميليشيا الطامحة الطامعة ..
لقد إلتفت الكثير من الحادبين لخطورة هذا التشرذم علي الثورة و مكتسباتها، فأخذت تتزايد صيحاتهم ، منذرة و مشفقة ، و ملفتة النظر لإشكاليات تَبَاعُد قوى الثورة عن بعضها ، و عبثية الصراعات البينية لتلك القوى ، مبرزة ما قد يؤول له ذلك التشرذم و تلك الصراعات من ضياع، ليس فقط للثورة ، بل للوطن كله ككيان جيو-سياسي .
تزايدت تلك الصيحات خلال السنوات الثلاث الماضية و لكن بكل أسف لم تجد آذاناً صاغية إلى أن إشتعلت الحرب العبثية القائمة، و التي هي في طريقها لحرق الأخضر و اليابس إذا لم يتوافر عاجلاً سبيل فَعَّال لكبح جِمَاحِهَا و وقف تمددها جغرافياً و مجتمعياً.
و النظرة الموضوعية لما آل إليه الحال من سوء وخطورة ، تُبرِز حقيقةً مُرَّة و هي أن التنظيمات الحزبية و المجتمعية المدعوة للتوحد من أجل إنجاز أهداف الثورة ، هم ذات نفسهم ممزقون داخلياً ، و أثبتت الأيام فشلهم في رأب الصدوع داخلهم ، فتفرقت السبل بعضوياتهم.. فَمَن كانوا تحت مظلة حزب واحد تفرقوا لعدة أحزاب ، و مَن كانوا ضمن تنظيم مدني واحد أصبحوا يرفعون رايات مختلفة و متضادة . ليس هذا فحسب ، بل أصبح العداء لأي عضو قرر الإبتعاد بنفسه و الإستقلال ، يفوق العداء الموجه لأعداء الثورة ، و قد تغلفه أرتال من الإتهامات ، و تشيعه الظنون ، و تحيطه أشكال و ألوان من صور التخوين التي تختلط فيها الحقيقة بالتلفيق الممنهج، و الموجه، لقتل الشخصية دون مراعاة لتاريخ سبق ، و لتضحيات سلفت.
فَتَجَمُّع المهنيين ، مثلا ، قاد الثورة بحكمة و شجاعة ، و بروح قومية جعلت الجميع يقفون تحت رايته ، و يسيرون بحب و بدون تردد تحت قيادته ، و يقبلون إعلانه أو ميثاقه ، و يؤازرونه في مفاوضاته مع العسكر ، رغم إيمان الكثيرين، و علي رأسهم المرحوم علي محمود حسنين ، بأنها كان يجب أن تكون عملية تَسْلِيم و تَسَلُّم ، و ليس مشروع شراكة ما فتئ دكتور حمدوك، لحين رحيله، يعتبرها نموذجاً يُحتذى في العالم الثالث ، إلى أن دفعت الثورة و الوطن ثمنها و لا يزال يئن تحت وطأتها .
لكن رغم كل ذلك الزخم الشعبي ، و تلك المؤازرة القومية الباذخة ، وقع تجمع المهنيين في حبائل نظرة حزبية ضيقة حسبت أن فيه و في زخمه الثوري الباتع ، مكسب أرادت له أن يكون حصرياً للحزب، فحدث ما حدث من إنشقاق، أو إنشقاقات، في تجمع المهنيين حتى تلاشى ،أو كاد ، من مسرح الأحداث ، رافضاً ، بدفع حزبي منكور ، لأي محاولات صادقة لإعادة الأيقونة إلى تألقها القومي المستقل، و إلى وضعها الوطني التوحيدي الذي يطلع لعودته الحادبون علي الثورة و علي الوطن..و بالتالي لا يمكن لمتشرذم ذاتياً ،أن يلعب دوراً إيجابياً في توحيد قوى الثورة !!!
صفحة أخرى مسؤولة عن إفشال دعوات الحادبين علي توحيد قوى الثورة تتعلق بحزب الأمة القومي..
هو حزب جماهيري كبير لا شك.. و له عضوية كبيرة في كل أصقاع الوطن . و بمقياس آخر إنتخابات ، كانت له أغلبية برلمانية كبيرة لم تكن هناك أي شكوك في نزاهتها.
هذا الحزب له من الكوادر و الإمكانات الفكرية و السياسية ما يجعله محور توحيد مناسب للقوى الثورية و المجتمعية، و قد كان كذلك قبل أن تعبث به يد الخلافات الأسرية، و الطموحات الجهوية. لكنه فشل في الحفاظ علي وحدته ، و توزع إلى عدة تكوينات مستقلة كلها أخذت إسم الحزب ثم أضافت إليه كلمة أو كلمات للتمييز بين أحزاب الأمة العديدة..ليس هذا فحسب ، بل إن بعض من إنسلخوا أصبح عداءهم للحزب الأم أكبر من عدائهم لأعداء الحزب. بالإضافة إلى ذلك حتى الذين بقوا في الحزب الأصلي دخلتهم آفة الخلاف فتعطلت أجهزة الحزب ، بل اصبحت غير شرعية في نظر بعض من لا يزالوا يستظلون براية الحزب الأم.. و أصبح المراقب المحايد يرى أن الحزب يعاني تمزقاً ذاتياً بَيِّناً جعله كمؤسسة حزبية لا يستجيب بصدق لدعوات الحادبين علي وحدة قوى الثورة إذ أنه هو نفسه غير قادر ، او غير راغب في توحيد نفسه من أجل ذاته ، و من أجل الثورة و الوطن ، و غير محافظ علي الصوت الواحد الذي اشتهر به قبل أن تضربه العواصف الداخلية التي أعجزته ، و حالت بينه و بين أدوار قومية توحيدية كان جديراً بلعبها.
من جانب آخر إفتقد الإتحاديون وحدتهم و توزعوا هم أيضاً إلى عدة أحزاب لم يشأ أو يستطع أي منها أن يستغني عن إستغلال إسم الحزب بشكل أو آخر، مع إشتراكهم جميعا في تبخيس بعضهم البعض، و في التمادي في تخوين إخوتهم السابقين ، و ترويج القصص المدعاة عن الخيانات ،و سوء السلوك ،و العمالة ،و الإرتزاق ، مع تداخل هنا و هناك عن علاقات حقيقية ،أو مدعاة، علي مستوى الطائفة و الوطن و الإقليم.. لقد تفرقوا أيدي سبأ و فشلت محاولات كثيرة للم شملهم و توحيدهم لأسباب كثيرة علي رأسها معضلة الولاء الطائفي التاريخي الذي لا يزال قائماً و إن هو ذاته دخلت الخلافات إلى عقر داره إذ أصبح الخلاف داخل الأسرة بيِّنٌ و تناقلته أجهزة الإعلام .
إذاً هنا أيضاً تَمَزُّق ذاتي لم يستطع ذووه رتقه ، فكيف لهم الإستجابة لنداءات الحادبين علي جمع الصف الوطني الكبير . و هذا التحفظ ينطبق علي المجموعات الإتحادية المنضوية تحت راية الثورة ، فما بالك بالمستظلين منهم بالعسكر و الفلول و برايات إقليمية لم تعلمها الأيام أن جيل الثورة غير !!
عقبة أخرى هي الحزب الشيوعي الذي لم يتعلم أن الوحدة قوة، و أن كل التباينات تهون أمام تحقيق مطالب الثورة، و أن حواء السودان قد أنجبت غيرهم ممن لا يقلون عنهم وطنية، و محبين بعشق للسودان ،و مدافعين بصدق عن إنسانه و ثورته . لقد تطلع الكثيرون لكي يتخلص الحزب من نظرته الإستعلائية التقليدية، و من إستخفافه بالآخر لدرجة رفضه المُتَعَنِّت للقاء قوى الحرية و التغيير إلا إذا جاؤوه فرادى مذعنين..ليس هذا فحسب، بل ظل الحزب يتخذ مواقف عدائية ضد أي مبادرة إذا كان أحد دعاتها أو مؤيديها ممن تركوا الحزب بإرادتهم ،أو أبعدهم الحزب لظروف تخصه أو تخصهم.
ليس هذا وحده أعاق جهود الحادبين علي توحيد قوى الثورة ، بل يضاف إليه لعب الحزب بشكل مباشر أو غير مباشر دوراً أساسياً في عرقلة تكوين تنظيم قومي ذي هيكلة رأسية يجتمع تحت رايته شباب المقاومة ، مما اضعف المقاومة الشبابية و أبقاها متشرذمة، وبكل أسف عاجزة عن لعب دور سياسي مستقل كان كفيلاً بضبط عجلة الثورة ، و تفادي ما أصاب البلاد و الثورة من إنتكاسات.. و الأسوأ من ذلك، أن إبقاء قوى المقاومة الشبابية غير مُوَحَّدة جعلها غير مؤهلة لتوحيد الآخرين . لهذا ظلت تكوينات المقاومة الرئيسية واقعة تحت ضغوط أقعدتها عن الإستجابة لنداءات توحيد قوى الثورة لأنهم هم أنفسهم غير مُوَحَّدين ، و يعانون من إلتزامات تحتية جعلتهم لا يستجيبون لصرخات توحيد قوى الثورة، و أنَّى لتلك الصرخات و النداءات أن تجد سبيلاً للتنفيذ تحت تلك الظروف ..
و مجموعة أخرى في الساحة السياسية تعتبر مجازاً من قوى الثورة، عَوَّقَت أو أفشلت محاولات توحيد قوى الثورة.. إنهم عبدة إتفاقية جوبا الكارثية..
فهؤلاء يبدو أنهم يحبون العسكر الذين هزموهم في السهول و الوديان ، و لا يثقون في المدنيين الذين يعرفون أن لهم تحفظات علي إتفاقية جوبا و ينادون بإخضاعها للتقييم و التقويم..لذلك فإن تفكير مجموعة جوبا موجه كلياً للإبقاء علي الإتفاقية كما هي عبر ضمانات العسكر ، و يؤمنون أنه ليس في مصلحتهم توافق المدنيين الذي يقود لحكم مدني كامل الدسم ، و لهذا فهم يتهربون من مساندة أي محاولة تستهدف توحيد قوى الثورة المدنية ، و يسعدهم كل فعل يعرقل وحدة قوى الثورة . لهذا لم تجد دعوات توحيد قوى الثورة آذاناً صاغية لديهم ،بل ظلوا يعملون بِجِدٍ لِدَقِّ إسفين بين قوى الثورة المدنية حتى لا تلتئم و لا تتحرك بالثورة إلى الأمام.
أما مجموعات البعثيين فإنهم لا يقلون تعويقاً للوحدة عن الآخرين ، لإنقساماتهم الداخلية أولاً، و لما أحدثته بعض فصائلهم من إنسحابات غير منطقية في أوقات حرجة ، و من حقيقة تَوَزُّعِهِم تحت عدة رايات بعثية يفلسفونها و إن تبدو للمراقب المحايد أنها لا ترقى لإحداث ما حدث من شروخ في عضد الثورة ، و ما يقف حائلاً دون إسترجاع مظلة ثورية واحدة ينتظم تحتها الجميع لتحقيق مدنية الحكم و إنهاء حكم العسكر.
كل ذلك و غيره من مشكلات السياسة السودانية ، أسهم في تعطيل توحيد قوى الثورة، و بالتالي أدى إلى ما شهدته و لاتزال تشهده الثورة و البلاد من تعطيل و إنتكاسات ما كانت ستحدث إذا بقيت قوى الثورة مُوَحَّدة ، و بقيت أيقونتها محوراً للم شمل الثوار ، و إذا بقيت التكوينات الحزبية و المجتمعية بعيدة عن ما أصابها من تشظي و عداءات. لكن ، هل يعني هذا البؤس ،المرئي و المُعَاش ، إستحالة توحيد قوى الثورة ، و بالتالي إستحالة الوصول إلى تحقيق أهداف الثورة بعد كل ما سُفِك فيها من دماء ، و ما فُقِد من أجلها من شهداء ؟
كلا ثم كلا.. و لا يجوز أن يجد اليأس سبيلاً لنفوس أهل السودان عموماً، و الثوار خصوصاً.
إن في الساحة اليوم جهات مدنية ذات مصداقية ، و معرفة ، و توجهات قومية، يمكنها، و بل ندعوها، لتتلقف القفاز و تتصدى لهذه المهمة التاريخية العاجلة . أتحدث هنا عن مجموعتي ( الآلية الوطنية و إعلان المبادئ ) إنهم في ظني الأنسب لتَقَدُّم الصفوف، مجتمعين، في الوقت الحرج الحاضر، ليتَصَدَروا المشهد القيادي القومي، مؤهلين بما يضمان من عضوية ذات خبرات واسعة ، و ما نشرا من أدبيات و رؤى سياسية و نهضوية .. كذلك فإن ما يبدو من جهتهم من إعتدال يجعلهم مؤهلين لتكوين مظلة قومية تحتضن كل قوى الثورة ، يميناً و يساراً و وسطاً ، للقفز إلى الأمام ، دون حساسيات سياسية ، أو معوقات نفسية و تاريخية ، و دون أطماع ذاتية.
إن الدور المقترح لهذه المجموعة الثنائية المستقلة حتماً لن تستطيع أن تقوم به اللجنة المركزية لقوى الحرية و التغيير، كما لن يستطيع الجذريون، القيام بهذه المهمة التوفيقية القومية في الوقت الحاضر لأسباب عملية تتعلق بمحدودية عضوية كليهما ، من ناحية ، و لأسباب عملية تتعلق بحساسيات سياسية و بسجل حافل من التراشقات الإعلامية ، و من عدم ثقة طال عهده و يجب أن يزول إكراماً للمواطن المغلوب علي أمره ، و إدراكاً للمخاطر التي تحيط بالوطن و تكاد تضيع بسببها معالم و آفاق ثورة ديسمبر العظيمة .
إن للتنظيمين اللذين أرشحهما لهذه المهمة الثورية الوطنية ، و أنا لا أنتمي لأي منهما ، و هما، "مجموعة إعلان المبادئ " بقيادة السفير نور الدين ساتي ، و "مجموعة الآلية الوطنية " بقيادة البروفيسور منتصر إبراهيم ، يسهل توحيدهما لما بين التنظيمين من تقارب، أو تماثل، في الرؤى، و بالتالي يسهل عليهما تقديم و ثيقة مشتركة بمثابة ميثاق يتوافق عليه الجميع كأساس لوحدة قوى الثورة ، يعود الجميع للتقدم متحدين تحت رايته، ككتلة ثورية موحدة ذات رؤى قومية مشتركة ،و مؤهلة لاستلام السلطة بإسم الشعب، و من أجل الشعب.. و يتم بعدئذٍ التوافق علي حكومة إنتقالية رشيقة ذات برنامج عملي مبني علي ضوء الخطوط العامة للمبادئ المتفق عليها لتقود البلاد لفترة إنتقالية و إنتخابات برلمانية، أو رئاسية ، حسب ما يُتَّفَق عليه، تحت راية قوى الثورة المُوَحَّدة، بعد تهيئة مناسبة للظروف .و كإقتراح تسهيلي يمكن التوافق علي تعديلات محددة في دستور ٢٠٠٥ م ليحكم الفترة الإنتقالية، كما أقترح الإبتعاد عن محاولة إعادة تدوير دكتور عبدالله حمدوك لنبدأ حِقبة جديدة بفاعلين جُدُد ، و برؤى متجددة بعون الله و وحدة قوى الثورة.
عموماً أظن أننا نحتاج شيئاً من هذا القبيل ليعود للثورة ألقها قبل أن يتمزق الوطن أمام أعين الجميع .
و الله و الوطن من وراء القصد.
بروفيسور
مهدي أمين التوم
10 سبتمبر 2023 م
mahdieltom23@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: د قوى الثورة ع المهنیین لیس هذا من أجل
إقرأ أيضاً:
بو عاصي: حزب اللا يصرّ على لا للشراكة و لا للدولة
إعتبر عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي أن "الحزب" يكشف كل يوم عن وجهه الحقيقي فهو "حزب اللا" : "لا للدولة، لا للاستقرار، لا للازدهار، لا للمؤسسات، لا لأحادية السلاح والأخطر لا للشراكة بين المكونات في لبنان لأن قرار الحرب بيده"، مؤكّداً ان "هذه اللاءات لا تبني دولة ولا تطمئن اللبنانيين ولا تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان".
وفي مقابلة مع الإعلامية ريف عقيل ضمن "الحدث" عبر "الجديد"، أشار الى ان المجتمع الدولي يحذّرنا من ضربة آتية وبالتالي هذه الضربة لا سمح الله لن تكون على "الحزب" بل على لبنان، مضيفاً: "لذا علينا تفاديها بالمساعي السياسية والديبلوماسية. اما الحديث عن حرب أهلية جراء التسيّب، فوحدها سلطة الدولة تمنع حصولها".
هذا ورأى بو عاصي أن "إعتماد منطق القوة بمواجهة الإسرائيلي قد يكون مشروعاً ولكن يجب الأخذ دوماً بموازين القوى"، مذكّراً أن "عملية "طوفان الأقصى" والاختراق الكبير للمواقع الإسرائيلية في 7 أكتوبر تحولت الى تدمير كامل لقطاع غزة وسقوط آلاف الضحايا".
تـابع: "اليوم، في موازين القوى كانت "حماس" امام الاستمرار بالحرب او الذهاب الى التفاوض وهذا كان خيارها في المحصّلة كما خيار كل الدول وعلى رأسها السلطة الفلسطينية والدول المحيطة. عرّاب الاتفاق أي الولايات المتحدة مع مصر وتركيا وقطر توصلوا الى وقف اطلاق نار والى قبول "حماس" بتفكيك جناحها العسكري توفيراً على الشعب الفلسطيني المزيد من المعاناة والموت والدمار من دون أي أفق. لذا ما جرى في شرم الشيخ هو التوجه الى منطق التفاوض والديبلوماسية للتوصل الى حلول، لا منطق المواجهات العسكرية غير المتكافئة".
كما أعتبر أننا أمام لبنانين، لبنان الرسمي أي الدولة ومؤسساتها ولبنان "الحزب" ومشروعه الحرب الدائمة منذ تشكيله حتى اليوم، مضيفاً: "انتهى دوره في الحرب الإقليمية فهو لن يقوم بعد اليوم بأية ضربة على إسرائيل بسبب واقعه العاجز وليس لأن إيران لا ترغب في ذلك وهي التي زرعته عندنا لخدمة مصالحها على المستوى الإقليمي على حساب لبنان".
أضاف: "الحزب" ينقلب على الداخل ويعتبر نفسه غير معني بقرارات الدولة كما حصل في الروشة. لقد إختار المكان عمداً لافتعال مواجهة مع الدولة ونجح نسبياً بالانطباع. في نفس السياق لا يسمح للجيش اللبناني بالانتشار الفعلي جنوب الليطاني وتطبيق الـ1701 الى جانب الإعتداءات الإسرائيلية التي تعيق الإنتشار ولكن لا تستطيع منعه".
بو عاصي الذي شدّد على أن ما يحصل من قبل إسرائيل في لبنان مدان في كافة المقاييس، أشار الى أن "إسرائيل تحظى بدعم دولي غير مسبوق فهي دمّرت غزة و"ما حدا سأل"، فهل سلاح "الحزب" كان قادراً على الردع؟ طبعاً لا. الحل ليس بالقتال الذي أدّى إلى تدمير مناطق واسعة من لبنان ومنها الجنوب والضاحية".
تعليقاً على عدم مشاركة لبنان في قمة شرم الشيخ أسف بو عاصي للتراجع الواضح لموقع لبنان في العلاقات الدولية مؤكّداً ان هذا الواقع غير المقبول لا يتحمل مسؤوليته رئيس الجمهورية جوزاف عون او الحكومة بل غياب لبنان كدولة يمكن التفاوض معها لحل مشاكلها جراء أداء "الحزب" الذي يدعي زوراً انه يقوم بما عليه وهو خلف الدولة في حين لا ينفك عن التأكيد انه لن يسلم سلاحه! لذا الحل هو بفرض سيادة الدولة وبتبديد الانطباع بأن "الحزب" يعمد الى ليّ ذراعها".
عن موقف رئيس الجمهورية من التفاوض مع إسرائيل، قال بو عاصي: "هذا الموقف ليس الأول وليس واجبي لا التبجيل بمواقفه ولا حمل سيف النقمة بوجهه، بل دوري تقييم الأمور من منظار المصلحة الوطنية العليا. كان هناك قلق عند اللبنانيين منذ انتخاب الرئيس حتى جلسة 5 آب الماضي بشأن الإمرة لمن في لبنان والقيادة بيد من، فتبين أن الرئيسين عون وسلام اتخذا قراراً تاريخياً وجريئاً. كما يتبين أكثر فأكثر أن الرئيس عون غير غائب بل يقرأ بشكل سليم التغيرات الإقليمية ويدرك أين هي مصلحة لبنان ويسير بإتجاهها".
تابع: "انا بيار بو عاصي لا أرى عقدة من التفاوض المباشر مع إسرائيل للتوصل الى نقاط مشتركة ولنحافظ على مصالحنا ولا ألزم "القوات" بموقفي، لأنه تفاوض أكان مباشراً أو غير مباشر وليس إستسلاماً. لقد لمّح الرئيس عون الى التفاوض في موقفه الأخير والحل هو بالسياسة والديبلوماسية".
ردّاً على الهجوم على النائبة غادة أيوب بعد زيارتها للمصيلح على أثر القصف الإسرائيلي أوضح بو عاصي بأن الفكر الأحادي للحزب لا يقبل انفتاح المكونات اللبنانية على بعضها لكي يستأثر بطائفته وبيئته ويشيطن الآخر.
في الختام، أكد بو عاصي أن "القوات" لن تتردد بإنتقاد ومحاسبة أي مسؤول لأن المعيار هو المصلحة الوطنية العليا.
مواضيع ذات صلة بو عاصي: "حزب الله" جرّ الويلات على لبنان Lebanon 24 بو عاصي: "حزب الله" جرّ الويلات على لبنان