دور ثورة الـ21 من سبتمبر في التنمية الاقتصادية لليمن
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
يمانيون/ تقارير
جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر في العام 2014م، على تركة ثقيلة خلفتها منظومة الحكم السابقة، والتي كانت مجرد أدوات لتمرير أجندة ومشاريع قوى خارجية، تمثلت في اقتصاد منهار واحتياطي نقدي لا يغطي عدة أشهر، وبنية اقتصادية هشة وضعيفة وخالية من التنوع الاقتصادي ويعاني من التبعية الاقتصادية للخارج، ويعتمد على الصادرات النفطية كمصدر أساسي للإيرادات، ويفتقد لأي قاعدة إنتاجية ثابته، بالإضافة إلى إثقال كاهل الشعب بالقروض المكررة التي تعود نتائجها السلبية والكارثية على حساب المواطن.
سياسة التجويع وبرامج الإفقار
إضافة إلى ذلك فإن الوضع المعيشي للشعب اليمني قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، هو الأكثر سوءاً على الإطلاق، والذي أوصل الشعب اليمني في أسفل قائمة الدول وتحول إلى شعب جائع ينتظر ما يقدم له من المنظمات وقد عمدت الأنظمة السابقة على تنفيذ سياسة التجويع وبرامج الإفقار للشعب اليمني من خلال الجرع الاقتصادية المتكررة التي أثقلت كاهل المواطن، وتحويل موارد الدولة لبناء شركات خاصة والاستئثار بعائدات الثروة اليمنية لحساب قلة من النافذين، بالإضافة إلى إهمال الجانب الزراعي وتدمير البنية الزراعية وإدخال المنتجات الزراعية الأجنبية لتدمير ما تبقى من إنتاج وطني، وكذا تدمير الثروة السمكية وتركها نهباً لسفن الصيد الأجنبية وحرمان الصيادين اليمنيين وعدم دعمهم.
استغلال ونهب الثروات
كما سمحت منظومة الحكم السابقة للشركات الأجنبية وتمكينها من استغلال الثروات المعدنية والنفطية عبر صفقات سرية بينها وبين أقطاب النظام، وكذا استغلال ونهب ما تقدمه بعض الدول والمنظمات الأجنبية من مساعدات وتقديم الفتات للشعب.. علاوة على ذلك كان الفساد مستشريا في كل مرافق ومؤسسات الدولة، فضلا عن نهب أراضي الدولة والأوقاف ومنح إعفاءات ضريبية وجمركية لمشاريع وهمية ونافذين بالإضافة إلى سوء الإدارة لمؤسسات الدولة وخاصة الإنتاجية منها.
تدمير البنية الاقتصادية
لكن تلك السياسات الخاطئة سرعان ما تبددت وتلاشت بمجرد نجاح ثورة 21 سبتمبر في تحرير اليمن من الوصاية والعمالة والهيمنة الاقتصادية التي كانت تمارسها القوى الخارجية على اليمن، مما دفع تلك القوى إلى شن العدوان على الشعب اليمني وفرض الحصار البري والبحري الجوي عليه لمحاولة إجهاض ثورته.
حيث سعت قوى العدوان منذ الوهلة الأولى إلى استهداف لقمة العيش للمواطن اليمني، وتدمير البنية الاقتصادية من خلال تعطيل البنك المركزي، ونقله من صنعاء إلى عدن، وتجفيف منابع الإيرادات، وطباعة المليارات من العملة الجديدة بصورة مستمرة دون أي احترازات اقتصادية، وسحب العملة الأجنبية من الأسواق، والمضاربة بها، وإيقاف المرتبات، فضلا عن تدمير البنية التحتية، واستهداف المنشآت الاقتصادية من شركات ومصانع وصوامع غلال، وفرض القيود المختلفة على الصادرات الزراعية والحيوانية، وتعطيل حركة الصيد وصادرات القطاع السمكي، وفرض حصار خانق على أبناء الشعب اليمني.
مرحلة جديدة من البناء والتنمية
ومع ذلك فقد تبنت هذه الثورة المجيدة عدداً من الأهداف المهمة لتأسيس مرحلة جديدة من البناء والتنمية وفق خطط استراتيجية، غايتها النهوض بالوطن والمواطن من آفة الاستهلاك والبطالة إلى الاكتفاء الذاتي لحفظ الكرامة ونيل الاستقلال، ومواكبة متطلبات التنمية وتحقيق طموحات الشعب اليمني في قيام دولة قوية حرة ومستقلة، تمثلت تلك الخطوات الفعالة في إنشاء هيئتي الزكاة والأوقاف، واللتان كان لهما دوراً بارزا وبصمات واضحة في التنمية الإقتصادية للبلد ووصل خيرهما إلى كثير من أبناء الشعب اليمني في كل شبر في المناطق الحرة بعد أن تم تغييبهما لعقود مضت من قبل منظومة الحكم السابقة، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات نوعية كمؤسسة بنيان التي التمس منها الشعب عمل عظيم في جوانب عدة في الزراعة والحث على الصناعة وفتح المعامل وإقامة الدورات التدريبية في مختلف المجالات.
إصلاحات اقتصادية
ومنذ قيام ثورة 21 سبتمبر في العام 2014م، شهد اليمن الكثير من الإصلاحات الاقتصادية، حيث تبنت حكومة الإنقاذ الوطني، سياسات مالية واقتصادية فاعلة أسهمت بشكل مباشر في الحفاظ على سعر صرف العملة في المحافظات التي يديرها المجلس السياسي الأعلى، بينما واصل الريال الانهيار في المحافظات الجنوبية المحتلة متسبباً في تراجع الوضع الاقتصادي واتساع دائرة المعاناة المعيشية والإنسانية للمواطنين.
اهتمام القيادة الثورية
تصدر الجانب الاقتصادي أولويات اهتمام القيادة الثورية والسياسية، حيث يؤكد السيد القائد «عبد الملك بدر الدين الحوثي» -يحفظه الله- في خطابه بمناسبة جمعة رجب 1441هـ، أن “اليمن لا بُدَّ له أن يكون مستقلًّا مهما بلغت التضحيات”، وأن الأعداء لا يريدون أن تكون هذه الأمة أمة قوية، مركزاً على الواقع الاقتصادي في أن تصبح الأمة مُجرد سوقًا استهلاكية للآخرين، وأن تستورد كل شيءٍ من الخارج، وذلك من حرصهم الشديد على جعل الأمة رهينةً للاعتماد في كل شيءٍ على الخارج، وأن تكون سوقاً لا أقل ولا أكثر، فهم لا يسمحون أن تمتلك هذه الأمة المعرفة، والعلم، والإنتاج، وأن تحقق لنفسها الاكتفاء الذاتي، وتكون قويةً بكل ما تعنيه الكلمة في اقتصادها، ناهيك عن قيامهم بنهب الطاقة بشكلٍ خام، من النفط، والمعادن، وكل الخيرات، واستغلالها والاستفادة منها”.
برامج التعافي الاقتصادي
وترجمة لتلك الموجهات أطلقت حكومة الإنقاذ الوطني الكثير من الرؤى والاستراتيجيات والبرامج الوطنية التنفيذية للإنعاش والتعافي الاقتصادي الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي في القطاعات الزراعية والصناعية والحد من استيراد الحبوب والمنتجات الزراعية من الخارج وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في غضون السنوات المقبلة.
وفي هذا الإطار تم تشكيل اللجنة الزراعية والسمكية العليا وتفعيل دور المؤسسات الزراعية منها المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب والمؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة، وتشجيع المشاركات والمبادرات المجتمعية، وإنشاء عدد من جمعيات منتجي الحبوب.
قرارات استراتيجية
مثلت تلك القرارات التي أصدرها رئيس المجلس السياسي الأعلى «مهدي المشاط»، خلال العام الماضي وهذا العام،- بحسب مراقبين – نقلة نوعية على المستوى الاقتصادي لليمن، والتي تمثلت في توطين منتجات الحليب وزيادة إنتاج عدد الأصناف الدوائية وإعفاء صغار المكلفين من الضرائب وإعفاء المشاريع الصغيرة والأصغر من كل أنواع الضرائب، وإعفاء مدخلات الإنتاج الدوائي من كل أنواع الرسوم، بالإضافة إلى الإعفاء الجمركي والضريبي للسيارات والمعدات التي تعمل بالطاقة الشمسية أو الكهرباء، وكل مدخلات واستثمارات الطاقة المتجددة من الرسوم كافة، وتوجيه الحكومة بسرعة تشكيل “اللجنة التحضيرية لتأسيس بنك وطني يُعنى بدعم الصادرات الزراعية والصناعية ودعم نشاط تسويقها”، والتي تأتي في سياق الإسهام في دعم وخفض كلفة الإنتاج على المزارعين وأصحاب المشاريع المتنوعة في عموم محافظات الجمهورية اليمنية.
# ثورة 21سبتمبر#اصلاح اقتصاديً#اليمن#مرحلة جديدة من البناء والتنميةتحالف العدوانالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: بالإضافة إلى الشعب الیمنی سبتمبر فی
إقرأ أيضاً:
“اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”
يمانيون|تقرير|محسن علي
عندما انطلقت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، لم يكن أحد يتوقع أن تمتد ساحة المواجهة المباشرة آلاف الكيلومترات جنوباً لتصل إلى باب المندب, لكن بعد 24 يوماً فقط، في 31 أكتوبر 2023، أعلنت القوات المسلحة اليمنية في صنعاء دخولها رسمياً في المعركة “إسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة”, كان هذا الإعلان بمثابة نقطة تحول استراتيجية، حوّلت الصراع من مواجهة محصورة في غزة إلى طوفان جديد امتد حتى أحد أهم ممرات التجارة الدولية,وعلى مدى عامين، أثبتت الجبهة اليمنية أنها الأكثر تأثيراً واستدامة في نصرة غزة، فارضةً معادلات جديدة على الكيان الصهيوني المجرم وحلفائه، ومقدمةً تضحيات جسيمة في سبيل هذا الموقف.
استراتيجية “اليد الطويلة”.. مراحل التصعيد اليمني
لم تكن العمليات اليمنية عشوائية، بل اتبعت استراتيجية تصعيدية مدروسة يمكن تقسيمها إلى أربع مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى (أكتوبر – نوفمبر 2023): الضربات المباشرة
بدأت باستهداف مباشر لجنوب إسرائيل (إيلات) بالصواريخ والطائرات المسيرة، بهدف إعلان الموقف وإشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتركيعها في ظل تنامي القدرات العسكرية اليمنية بشكل أذهل العالم بأسره.
المرحلة الثانية (نوفمبر 2023 – فبراير 2024): حصار السفن الإسرائيلية
انتقلت صنعاء إلى مرحلة أكثر إيلاماً بالاستيلاء على سفينة “غالاكسي ليدر” وفرض حصار بحري على السفن المرتبطة بالكيان، مما شل حركة ميناء (أم الرشراش) ما يسميه العدو بـ إيلات بشكل شبه كامل.
المرحلة الثالثة (فبراير 2024 – حتى الآن): توسيع دائرة الاستهداف
رداً على العدوان الأمريكي-البريطاني، أعلنت صنعاء توسيع عملياتها لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية، محولة البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مباشرة.
المرحلة الرابعة (مايو 2024 – حتى الآن): نحو المحيط الهندي والمتوسط
أعلنت صنعاء عن استهداف أي سفينة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية في أي مكان تطاله الأيدي اليمنية، بهدف إطباق الحصار
أبرز العمليات النوعية التي شكلت فارقاً
على مدى عامين، نفذت القوات اليمنية مئات العمليات، لكن بعضها كان له أثر استراتيجي بارز:
الاستيلاء على “غالاكسي ليدر” (19 نوفمبر 2023)
كانت هذه العملية بمثابة الصدمة الأولى التي أظهرت جدية التهديد اليمني وقدرته على تنفيذ عمليات معقدة وتحولت السفينة إلى “مزار سياحي” ورمز لقدرة اليمن على فرض سيادته البحرية.
إغراق السفينة البريطانية “روبيمار” (فبراير 2024)
شكل إغراق سفينة تجارية بريطانية بصواريخ بحرية تصعيداً خطيراً، وأثبت أن التحذيرات اليمنية ليست مجرد تهديدات، وأن تكلفة العدوان على اليمن ستكون باهظة.
استهداف حاملة الطائرات “أيزنهاور” (مايو ويونيو 2024)
لم يكن استهداف “أيزنهاور” مجرد عملية عسكرية، بل كان حدثاً استراتيجياً أعاد تعريف موازين القوى في المنطقة، وكشف حدود القوة العسكرية الأمريكية التقليدية في مواجهة التكتيكات الحديثة مع الفارق الكبير بين الطرفين, ورغم نفي واشنطن، أعلنت صنعاء استهداف حاملة الطائرات “دوايت أيزنهاور” بالعديد من العمليات المشتركة ، مما أجبرها في النهاية على الانسحاب من البحر الأحمر,و مثلت هذه العملية تحدياً غير مسبوق لهيبة البحرية الأمريكية ونجاح المعادلة التي فرضتها صنعاء: “لا أمن في البحر الأحمر بدون أمن في غزة”.
عمليات مشتركة مع المقاومة العراقية
أعلنت صنعاء عن تنفيذ العديد من العمليات المشتركة مع فصائل المقاومة في العراق لاستهداف موانئ حيفا وأهداف حيوية أخرى، مما يدل على مستوى عالٍ من التنسيق داخل محور المقاومة.
الكشف عن صواريخ فرط صوتية (فلسطين 2) وطائرات (يافا) المسيرة
في يوليو 2025، أعلنت صنعاء عن استهداف مطار بن غوريون بصاروخ “فلسطين 2” الباليستي الفرط صوتي، وهدف حساس في يافا المحتلة بواسطة طائرة (يافا) المسرة وهو ما يمثل قفزة نوعية في القدرات الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير وقدرتهما على تجاوز أحدث منظومات الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية على مستوى العالم.
تضحيات يمنية وفشل استراتيجي للخصوم
لم يأتِ الموقف اليمني بلا ثمن, فقد شنت الولايات المتحدة وبريطانيا مئات الغارات الجوية على الأراضي اليمنية، مما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء وسقوط عدد من الجرحى من العسكريين والمدنيين والإعلاميين والسياسيين والذي كان آخرها استهداف رئيس مجلس حكومة البناء والتغييير وعدد من الوزراء في الجريمة الإرهابية الصهيونية بصنعاء خلال الأشهر الماضية, ورغم هذه التضحيات، لم تتراجع صنعاء عن موقفها، بل زادت من وتيرة عملياتها
في المقابل، يمثل استمرار العمليات اليمنية فشلاً استراتيجياً مدوياً للولايات المتحدة وإسرائيل فعلى الرغم من تشكيل تحالف “حارس الازدهار” وإنفاق مليارات الدولارات، فشلت القوات الأمريكية والبريطانية في تحقيق هدفها المعلن وهو “ضمان حرية الملاحة” للسفن الإسرائيلية, لقد عجزت أعتى القوات البحرية في العالم عن إيقاف الهجمات اليمنية أو اعتراضها بالكامل، مما كشف عن عجزها وأجبرت 5 حوامل الطائرات الأمريكية على الانسحاب من المنطقة بعد استهدافها بشكل متكرر.
خسائر إسرائيلية وأهمية الإسناد اليمني
كانت تداعيات الحصار اليمني كارثية على الاقتصاد الإسرائيلي، وتحديداً على ميناء إيلات الذي أُصيب بشلل تام وتوقفت فيه الحركة الملاحية بنسبة تقارب 100%، وتحول إلى مدينة أشباح اقتصادياً كما تكبدت إسرائيل خسائر غير مباشرة بمليارات الدولارات نتيجة اضطرار سفنها إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة.
وهنا تبرز الأهمية الاستراتيجية لاستمرار الدعم اليمني؛ ففي ظل الحصار الخانق الذي يعانيه قطاع غزة، يمثل الحصار البحري الذي يفرضه اليمن ورقة الضغط الاقتصادية والعسكرية الوحيدة الفعالة والمستمرة ضد الكيان الإسرائيلي, إن استمرار اليمن في عملياته لا يمثل فقط دعماً لصمود غزة، بل هو عامل حاسم في موازين القوى، يرفع تكلفة العدوان على الكيان والقوات الغربية المساندة له، ويُبقي القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام العالمي.
عامان من الصمود والتأثير
بعد عامين من الانخراط المباشر والتضحيات الجسيمة، نجحت الجبهة اليمنية في تحقيق أهداف استراتيجية لا يمكن إنكارها, على رأسها فرض حصار اقتصادي فعال على الكيان المجرم, وأثبت اليمن أن التضامن الفعلي يتجاوز الكلمات ويتحقق بالأفعال والتضحيات ,وأن أمن البحر الأحمر مرتبط بشكل مباشر بإنهاء العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وهي المعادلة التي لا تزال قائمة بفضل صمود اليمن وتضحياته.