مرصد الطاقة العالمي: تحوّل الدول العربية إلى الطاقة المتجددة دون الطموح
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
ذكر تقرير جديد لمرصد الطاقة العالمي -اليوم الأحد- أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رفعت قدراتها في مجال الطاقة المتجددة 57% في الفترة من منتصف 2022 إلى منتصف 2023، لتصل إلى 19 غيغاوات، متوقعا مزيدا من الارتفاع بمقدار النصف بحلول 2024.
لكن التقرير أشار إلى أن المنطقة لا تزال بحاجة إلى مضاعفة هذه القدرة 20 مرة من مصادر الطاقة المتجددة لتحل محل الاعتماد على الغاز.
وتضم المنطقة عددا من أهم مصدري النفط والغاز في العالم مثل السعودية والإمارات والعراق والكويت والجزائر وقطر وليبيا وسلطنة عمان، وتعتمد ميزانياتها إلى حد كبير على صادرات الوقود الأحفوري.
وقال التقرير إن "قدرة الطاقة المتجددة التي تمت إضافتها في العام 2022، بالرغم من أنها خطوة إلى الأمام في منطقة من أهم مراكز قطاع الوقود الأحفوري، فهي غير طموحة نسبيا مقارنة مع مناطق أخرى، ونسبتها ضئيلة أمام الدور الضخم للنفط والغاز في المنطقة".
وأضاف أن حجم التقدم في مجال الطاقة المتجددة بالمنطقة مثير للقلق، نظرا للحاجة إلى استبدال طاقة توليد الكهرباء من محطات الغاز والنفط ، التي أشار التقرير أنها تبلغ 343 غيغاوات.
وأشار إلى أنه في العام الماضي، زادت جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باستثناء اثنتين خططها فيما يتعلق بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، إذ تمتلك 8 دول قدرة مستقبلية لا تقل عن 3 أضعاف ما كانت عليه قبل 12 شهرا.
وتعرّف القدرة المستقبلية على أنها المشاريع التي تم الإعلان عنها، أو تلك التي في مراحل ما قبل الإنشاء أو يجري إنشاؤها.
مديرة مشروع الطاقة الشمسية العالمي لدى مرصد الطاقة العالمي كاساندرا أوماليا، قالت إن الزيادات التي تحققت في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية في ذلك العام خطوة في الاتجاه الصحيح للمنطقة، لكن التخلص من النفط والغاز لا يزال بعيد المنال.
وأضافت أن المشكلة تكمن في أن المسار الذي تنتهجه المنطقة نحو تحقيق الاقتصاد الأخضر يعتمد بشكل كبير على صادرات الهيدروجين، وهي تقنية غير مثبتة وغير مصممة للتعامل مع مسألة الحصول على الطاقة أو التخلص من انبعاثات الكربون.
وتستضيف المنطقة أواخر العام الجاري وللمرة الثانية على التوالي مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إذ استضافت مصر نسخة العام الماضي "كوب 27″، وتستضيف الإمارات نسخة العام 2023 "كوب 28".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة
إقرأ أيضاً:
عوامل السوق:
عوامل السوق:
هل تؤسس الولايات المتحدة شراكة طويلة الأمد مع آسيا في مجال توريد الغاز المسال؟
ترمي الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لتجديد زخم إنتاج وتصدير النفط والغاز الطبيعي بعد القفزة القوية التي حققتها صناعة الطاقة الأمريكية بالعقد الأخير بفضل تقنيات التكسير الهيدروليكي، الأمر الذي تحسبه واشنطن مكسباً جيوسياسياً واقتصادياً فارقاً. أما بالنسبة لمستوردي الطاقة في آسيا، فتشكل زيادة واردات الغاز المسال الأمريكي بالتحديد مدخلاً لتنويع إمدادات الطاقة وتأمين الاحتياجات المستقبلية المتنامية، فضلاً عن تأكيد التزام وارتباط الولايات المتحدة بدوائر المصالح السياسية للدول المستوردة في مواجهة التهديدات الجيوسياسية العالمية والإقليمية. مع ذلك، فإن نمو حصة إمدادات الغاز المسال الأمريكي لأسواق الاستهلاك الآسيوية؛ سيظل مقيداً بفعل عدة عوامل أبرزها المنافسة السعرية لمنتجي الغاز المسال الآخرين، فضلاً عن مدى تقدم الحكومات الآسيوية في إحراز أهدافها المناخية وتعزيز انتقال الطاقة المتجددة.
ورقة تفاوض:
استخدمت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب الطاقة كورقة مساومة في إطار المفاوضات الجارية مع أوروبا وآسيا بشأن الرسوم الجمركية المتبادلة الأمريكية، حيث حثت واشنطن كثيراً من شركائها في آسيا وأوروبا على شراء مزيد من شحنات النفط والغاز الأمريكية، بما يعكس الأهمية الحيوية لصناعة الطاقة الأمريكية في الأجندة الاقتصادية لترامب، وطموحه الواسع لتأكيد هيمنة الطاقة الأمريكية في النظام الاقتصادي العالمي.
طالب ترامب دول الاتحاد الأوروبي في شهر إبريل الماضي بشراء منتجات طاقة أمريكية بقيمة 350 مليار دولار للحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية الجديدة. وعلى نفس المنوال، فقد كان النفط والغاز الطبيعي إحدى القضايا محل النقاش في مفاوضات واشنطن التجارية مع شركائها في القارة الآسيوية.
ومبدئياً، رحب الاتحاد الأوروبي بدعوات ترامب لشراء النفط والغاز الأمريكي؛ إذ تبحث الكتلة عن بدائل موثوقة ومستقرة لإمدادات الغاز الروسي ليس هذا فحسب، وإنما تعول أيضاً على الدور الأمريكي في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. بينما في القارة الآسيوية، بدأت قائمة من البلدان تضم اليابان وكوريا الجنوبية والهند، بالإضافة إلى بنغلاديش والهند وفيتنام وإندونيسيا والفلبين باستكشاف فرص التعاقد على شراء مزيد من شحنات النفط والغاز المسال الأمريكية قريباً.
وتطمح الإدارة الأمريكية لأكثر من مجرد زيادة مشتريات الغاز المسال من قبل شركائها الآسيويين، بل دعت واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وبلدان أخرى للمشاركة في مشاريع الغاز المسال الأمريكية وعلى رأسها مشروع ألاسكا للغاز البالغة قيمته 44 مليار دولار. وكل ذلك سيعيد صياغة وتشكيل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة وآسيا بحيث تشمل ملف الطاقة، الذي يشكل أولية قصوى لدى الطرفين.
الحسابات الأمريكية:
في اللحظات الأولى لتولي دونالد ترامب سدة الرئاسة الأمريكية، أعلن عن خطط واسعة لزيادة إنتاج الغاز الأمريكي من خلال إتاحة مزيد من الأراضي للتنقيب وتسريع إصدار تصاريح حفر النفط والغاز الطبيعي. وحتى قبل تاريخ تنصيبه في يناير 2025، كان هناك عدد كبير من مشاريع تسييل الغاز المسال الأمريكية قيد التشغيل أو التنفيذ، وذلك رغم موقف إدارة بايدن الصارم تجاه الوقود الأحفوري.
فبحسب شركة “ريستاد إنيرجي”، لدى الولايات المتحدة فرص قوية لمضاعفة صادراتها من الغاز المسال حتى عام 2030 ذلك بدعم من مشاريع التسييل الجديدة قيد التطوير. ولكن مع استمرار نمو قدراتها الإنتاجية، سيكون على الولايات المتحدة إيجاد أسواق جديدة لتصريف الإمدادات الإضافية من الغاز المسال. وترى واشنطن أن آسيا تمثل سوقاً مثالية لاستقبال تلك الكميات الجديدة؛ حيث إنها تُعد محركاً رئيسياً للطلب العالمي على الغاز والغاز المسال في العقود المقبلة.
من المتوقع أن يستمر زخم الطلب الآسيوي على الغاز الطبيعي والغاز المسال في الأمد المتوسط والطويل؛ بسبب خطط الحكومات الآسيوية لإحلال الفحم في توليد الكهرباء وبعض الصناعات، إلى جانب انتشار استخدام مركبات الغاز المسال بدلاً من البنزين. وسينمو الطلب الآسيوي على الغاز المسال بمعدل قياسي قدره 88.8% من 270 مليون طن (367.2 مليار متر مكعب) سنوياً في عام 2024 إلى 510 ملايين طن (693.6 مليار متر مكعب) سنوياً في عام 2050، وفق شركة “وود ماكنزي”.
لنيل حصة من الطلب الإضافي، ستسعى شركات الطاقة الأمريكية بدعم من الإدارة الأمريكية الجديدة للتعاقد مع مرافق توليد الكهرباء الآسيوية لتوريد كميات إضافية من الغاز المسال. وإلى الآن لا تزال الحصة الأمريكية في سوق توريد الغاز المسال الآسيوية نحو 8%، في حين تصل هذه النسبة إلى 45% تقريباً في أوروبا بأكملها. ومع التوسع بالأسواق الآسيوية، ستعزز شركات الطاقة الأمريكية تدفقاتها النقدية ليس هذا فحسب، وإنما التحوط من مخاطر شراكاتها مع المستهلكين الأوروبيين؛ حيث يتبنى الاتحاد الأوروبي خططاً طويلة الأمد للتخلص من الوقود الأحفوري وتسريع نشر الطاقة المتجددة.
ومع ذلك، تنبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أن زيادة الإمدادات العالمية من الغاز المسال سواء من قبل الولايات المتحدة أم غيرها من المنتجين تنذر بفائض بالمعروض السوقي؛ مما قد يُؤدي إلى انخفاض الأسعار وتآكل ربحية منتجي الغاز المسال؛ ومن ثم يرى مراقبو الطاقة أن التحدي الرئيسي الماثل أمام الشركات الأمريكية يتمثل في الموازنة بين دعم طموحات زيادة طاقة التسييل وضمان حصة سوقية تنافسية في الأمد الطويل.
مكاسب آسيوية:
من المنتظر أن تحقق الدول الآسيوية مكسباً مباشراً من خلال زيادة واردات الطاقة الأمريكية يتمثل في معالجة جانب من مخاوف واشنطن بشأن استمرار عجزها التجاري معها، وكذلك تعزيز موقفها التفاوضي بشأن بعض الملفات التجارية العالقة كتصدير السيارات الآسيوية للسوق الأمريكية؛ وإذا ما توصلت البلدان الآسيوية لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، ستتجنب الأولى مساراً اقتصادياً يغلب عليه عدم اليقين وتقلبات في الأسواق المالية والعملات وارتفاع الديون؛ وذلك نتيجة الرسوم الجمركية التبادلية المرتفعة التي فرضتها واشنطن على الصادرات الآسيوية للسوق الأمريكية، والتي أجلها ترامب لمدة 90 يوماً فقط.
بالإضافة إلى ما سبق، يؤسس استيراد الغاز المسال الأمريكي مساراً جديداً يعمل في صالح تعزيز أمن الطاقة، وتنويع الواردات الآسيوية من الغاز المسال. فيما يقدم المنتجون الأمريكيون للغاز المسال شروطاً أكثر مرونة في توريد الغاز المسال، سواء من حيث آجال التعاقد أم قيود الوجهة وإعادة البيع، وهذا ما يحرص عليه المستهلكون الآسيويون. وكل هذه النقاط ستكون محور نقاش ومباحثات مستمرة بين شركات الغاز المسال الأمريكية والمرافق الآسيوية عند توقيع عقود توريد الغاز المسال في الفترة المقبلة.
في كافة الأحوال، تنظر آسيا لنمو إمدادات الغاز المسال الأمريكي كرافعة لتأمين إمدادات الطاقة وسط نمو الطلب المحلي. ومن الناحية الاستراتيجية أيضاً، ترى آسيا أن توثيق العلاقات مع واشنطن في مجال الطاقة لن يسهم فقط في توثيق الشراكة التجارية مع الولايات المتحدة؛ بل سيعزز أيضاً التزامات الولايات المتحدة تجاه استقرار البلدان الآسيوية، ودعم مصالحها في مواجهة التهديدات العالمية وكثير من القضايا الإقليمية الخلافية.
حدود الاعتماد:
لعل السؤال الجوهري هنا هو ما إذا كانت آسيا تتطلع لتأسيس شراكة دائمة مع الولايات المتحدة في مجال الغاز المسال، حتى بعد انتهاء فترة رئاسة ترامب الممتدة حتى عام 2028. وتبدو الإجابة عن هذا السؤال صعبة والكشف عن النيات الحقيقية أمراً أصعب. وبلا شك أن الجانبين سيحققان مكاسب اقتصادية وجيوسياسية من تعزيز مبادلات الطاقة والغاز المسال، كما استعرضنا آنفاً.
مع ذلك، ينبغي الأخذ في الحسبان عدداً من العوامل التي ستحدد أوليات الحكومات الآسيوية في زيادة تجارة الطاقة والغاز المسال مع الولايات المتحدة، يتعلق أولها بمدى ملاءمة العقود الأمريكية للمستهلكين الآسيويين سواء من حيث آجال التعاقد أم شروط إعادة التصدير أم أسعار التوريد. فكلما قدم المنتجون الأمريكيون شروطاً أكثر ملاءمة لهم، زادت فرص توريد الغاز الطبيعي المسال لهذه الأسواق والعكس صحيح.
ولعل الطموح الأمريكي بالتوسع في أسواق الطاقة الآسيوية يأتي في وقت تنظر فيه الحكومات الآسيوية لزيادة الإمدادات العالمية من الغاز المسال من المنتجين الآخرين بخلاف أمريكا بمنظور إيجابي أيضاً، ذلك من حيث تعزيز قوتها التفاوضية للحصول على صفقات غاز مسال بأسعار أكثر تنافسية وجاذبية.
ثاني هذه العوامل يرتبط بحدود توريد الغاز المسال الأمريكي للأسواق الآسيوية، في ظل استراتيجيات الحكومات الآسيوية الراسخة لتأمين واردات الطاقة من مصادر متنوعة، للتحوط من التقلبات السياسية العالمية ومخاطر اختناقات سلاسل التوريد. فبطبيعة الحال، ترى غالبية الحكومات الآسيوية أن مجرد الاعتماد على شريك واحد أو إثنين في مجال توريد الغاز المسال أو حتى النفط لن يحقق لها أمن الطاقة المنشود.
فيما ثالث هذه العوامل يتعلق باستراتيجيات الطاقة الآسيوية الطامحة لتسريع نشر الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات الكربونية. ففي الواقع، لن تتخلى كثير من الدول الآسيوية سريعاً عن استخدام الوقود الأحفوري في المزيج الحالي والمستقبلي للطاقة، ومع ذلك تسارع بعض البلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى الاعتماد على مصادر الطاقة منخفضة الكربون في توليد الكهرباء؛ لتحقيق أهدافها المناخية؛ مما يعني أن اعتمادها على واردات الغاز المسال قد ينخفض مستقبلاً.
كل الاعتبارات المذكورة تعني أنه رغم قدرة الولايات المتحدة على بناء شراكة طويلة الأمد مع آسيا في مجال توريد الغاز المسال؛ فإن انخراطها بالأسواق الآسيوية سيظل مقيداً وخاضعاً لعدد من المتغيرات من أبرزها التنافس الشديد مع المنتجين الآخرين، فضلاً عن تغير أولويات الحكومات الآسيوية بشأن تحقيق الأهداف المناخية وتعزيز انتقال الطاقة.