نشرت مجلة "لكسبرس" الفرنسية تقريرًا، تناولت فيه جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز حمايته ضد التحديات التي تطرحها الصناعة الصينية في مجال أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن المفوضية الأوروبية كشفت يوم الثلاثاء 03 تشرين الأول/أكتوبر، عن قائمة بالتقنيات الرئيسية التي ستحتاج إلى مراقبة أفضل والدفاع عنها ضد الدول المنافسة مثل الصين.



وأضافت المجلة أنه من الناحية الرسمية؛ فإن هذا النهج لا يستهدف الصين. لكن هذا البلد، الشريك والمنافس الإستراتيجي لأوروبا، يُشغل الجميع، تمامًا مثل روسيا؛ حيث كشفت المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء الماضي، عن قائمة بأربعة مجالات إستراتيجية يجب مراقبتها والدفاع عنها بشكل أفضل ضد الدول المنافسة مثل الصين.

وتشمل هذه القائمة، المتوقعة منذ عدة أشهر، الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات وتقنيات الكم والتكنولوجيا الحيوية. وتتميز القطاعات الأربعة التي تم تحديدها بتأثيرها الكبير على المجتمع، وإمكانية الاستخدام المزدوج المدني والعسكري، ومخاطر انتهاك حقوق الإنسان.

ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي فتح فيه الاتحاد الأوروبي تحقيقًا في أيلول/سبتمبر الماضي، في مساعدات غير قانونية مزعومة من بكين لشركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية، مما أثار توترات مع العملاق الآسيوي.


إعلانات جديدة متوقعة في الربيع
وذكرت المجلة أنه في وقت مبكر من 20 حزيران/يونيو الماضي، قامت السلطة التنفيذية في بروكسل بتفصيل إستراتيجية للدفاع بشكل أفضل عن المصالح الاقتصادية الأوروبية مع البقاء في قارة مفتوحة. ثم أعلنت المفوضية الأوروبية عن إنشاء قائمة بالتقنيات الأساسية التي سيتم النظر في اتخاذ تدابير لتخفيف المخاطر بشأنها.

ومن أجل ضمان أمنه في التكنولوجيات الرئيسية المحددة، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يلجأ إلى أنواع مختلفة من التدابير التي لم يتم تحديدها بعد: الشراكات الدولية، أو دعم القطاعات الأوروبية أو أدوات الاستجابة الجديدة مثل أدوات مراقبة الصادرات أو الاستثمارات.

ومن المتوقع صدور الإعلانات في ربيع سنة 2024. وقبل ذلك؛ ترغب المفوضية الأوروبية في إجراء حوار مع الدول السبعة والعشرين لتحديد المخاطر التي يجب تخفيفها بدقة بحلول نهاية سنة 2023. ومن المتوقع أن تكون المناقشات مكثفة، فمن المعروف أن البلدان الأعضاء منقسمة بين مؤيدي التجارة الحرة الشاملة والمدافعين عن النهج التدخلي باسم السيادة.


نهاية عصر السذاجة
ونقلت المجلة عن المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تييري بريتون قوله: "اليوم، نفي بوعدنا بالحد من المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الأوروبي. وهذه خطوة مهمة لتعزيز قدرتنا على الصمود".

وأضاف: "يجب علينا مراقبة تقنياتنا الحيوية باستمرار، وتقييم مدى تعرضنا للمخاطر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحنا الإستراتيجية وأمننا، عند الضرورة، لأن أوروبا تتكيف مع الحقائق الجيوسياسية الجديدة، وتنهي عصر السذاجة وتعمل كقوة جيوسياسية حقيقية".

وأشارت المجلة إلى أن أزمة كوفيد-19 ومن بعدها، الحرب في أوكرانيا، تسببت في حدوث صدمة كهربائية في أوروبا. وكشف الوباء عن هشاشة سلاسل التوريد المتضررة من إغلاق الحدود في الصين، في حين أظهر الصراع مع روسيا خطورة الاعتماد على الغاز الروسي.

أداة جديدة
ولفتت المجلة إلى أن نشر هذه القائمة يأتي في الوقت الذي وافق فيه أعضاء البرلمان الأوروبي، المجتمعون في جلسة عامة في ستراسبورغ، بشكل نهائي في منتصف النهار على أداة أوروبية جديدة تهدف إلى معاقبة أي دولة تستخدم العقوبات الاقتصادية للضغط على دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. ورحب مفوض التجارة الأوروبي فالديس دومبروفسكيس "بتعزيز كبير لقدرة الاتحاد الأوروبي على الدفاع عن نفسه".

ولا تستهدف هذه الأداة أحدًا بشكل صريح، ولكن من الواضح أن بكين تقع في مرمى نيرانها. وأوضح المسؤولون الأوروبيون أنه يمكن استخدامه في صراع، على سبيل المثال مثل الصراع الحالي بين ليتوانيا والصين، حيث تتهم الدولة الواقعة في منطقة البلطيق بكين بمنع صادراتها احتجاجًا على افتتاح تمثيل دبلوماسي لتايوان في العاصمة فيلنيوس، حيث تعتبر الصين تايوان جزءًا من أراضيها. في الوقت الحالي، بدأ الاتحاد الأوروبي نزاعات داخل منظمة التجارة العالمية.


أشكال عديدة من الانتقام
ووفقًا للمجلة، وبهدف الردع، قد يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى أشكال عديدة من الانتقام: تجميد الوصول إلى الأسواق العامة، ومنع تراخيص التسويق لمنتجات معينة، وحظر الاستثمارات...
بالإضافة إلى هذه الأداة، قام الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة بتجهيز نفسه بمجموعة من الأدوات للدفاع عن مصالحه الاقتصادية لتنويع مورديه، وزيادة إنتاجه في أوروبا، والمطالبة بفتح الأسواق العامة.

وأجرى أعضاء البرلمان الأوروبي مقابلة بعد ظهر اليوم الثلاثاء مع فالديس دومبروفسكيس، الذي عاد الأسبوع الماضي من رحلة إلى الصين، حول العلاقات التجارية مع هذا البلد. وقد وصل العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع العملاق الآسيوي إلى ما يقرب من 400 مليار يورو في سنة 2022.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاتحاد الأوروبي الصينية الموصلات الذكاء الاصطناعي الصين الاتحاد الأوروبي الذكاء الاصطناعي الموصلات صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المفوضیة الأوروبیة الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة المصرية بين البيروقراطية والذكاء الاصطناعي

«من لا يزرع لا يأكل، ومن لا يأكل لا يعيش» — حكمة مصرية قديمة تلخص فلسفة البقاء على هذه الأرض التي علّمت العالم معنى الزراعة منذ آلاف السنين. كانت الحبة تُلقى في الطين فيولد منها الخير، وكانت الأرض أمًّا صبورة تعرف أبناءها وتحفظ عرقهم في تربتها. لكن السؤال اليوم: هل ما زلنا نحافظ على سرّ هذه العلاقة المقدسة بين الإنسان والأرض، أم أن البيروقراطية قتلت روح الزراعة كما يقتل الصقيع بذور الربيع؟
لقد ظلت الزراعة المصرية لعقود طويلة أسيرة الورق والتوقيعات والموافقات، وكأن الأرض تنتظر ختمًا رسميًا لتخضرّ. البيروقراطية لم تكن مجرد إجراءات، بل أصبحت جدارًا يحجب الإبداع ويؤخر الاستثمار، ويجعل المزارع يدور في دوامة الروتين بدل أن ينشغل بتطوير إنتاجه.
ومع ذلك، فإن مصر الحديثة بقيادة سياسية واعية بدأت تدرك أن التنمية الزراعية لا يمكن أن تقوم بعقلية الأمس، وأن التحول نحو الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية لم يعد ترفًا بل ضرورة وجودية، في ظل تغير المناخ وتحديات الأمن الغذائي العالمي.
الذكاء الاصطناعي هنا ليس مجرد أجهزة أو برامج، بل فكر جديد لإدارة الموارد. فحين تراقب الأقمار الصناعية نمو المحاصيل، وتُحلل البيانات لتحديد الاحتياجات المائية، وتوجّه المستشعرات عمليات الري والتسميد بدقة، فنحن لا نتحدث عن رفاهية، بل عن ثورة في كفاءة الإنتاج. هذه الثورة قادرة على خفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30% وزيادة الإنتاج بنسبة قد تتجاوز 25%، وفقًا لتجارب دولية سبقتنا بخطوات.
من الناحية الاقتصادية، يمثل دمج الذكاء الاصطناعي في الزراعة أحد أهم مفاتيح رفع العائد القومي، وخفض فاتورة الاستيراد، وتعظيم القيمة المضافة للمنتجات الزراعية. فكل فدان يُدار بالتقنية هو مشروع صغير ناجح، وكل معلومة دقيقة هي استثمار آمن.
أما الجانب الاجتماعي، فهو لا يقل أهمية. فالتكنولوجيا لن تُقصي الفلاح كما يخاف البعض، بل ستُعيد له مكانته وتُخفف أعباءه. الذكاء الاصطناعي سيجعل الشاب الريفي أكثر ارتباطًا بأرضه، لأنه سيشعر أن الزراعة أصبحت مجالًا علميًا راقيًا، وليس مهنة تقليدية مرهقة. إنها وسيلة لإعادة جذب العقول الشابة إلى الريف، بدل هجرتها إلى المدن أو الخارج.
وفي البعد البيئي، تمثل هذه الثورة الرقمية طوق نجاة حقيقي. فالتحكم في استخدام المياه والأسمدة والمبيدات بدقة يعني تقليل التلوث، والحفاظ على خصوبة التربة، وضمان استدامة الإنتاج. كما تتيح نظم الإنذار المبكر التنبؤ بالأمراض النباتية وموجات الجفاف، مما يرفع من قدرة المزارع على التكيف مع التغيرات المناخية.
لكن ما زال البعد السياسي حاضرًا بقوة في هذه المعادلة؛ فالإرادة السياسية هي التي تحدد المسار. حين تُوضع السياسات الزراعية الذكية في إطار وطني متكامل، بعيدًا عن المركزية المعطلة، سنشهد نقلة حقيقية في منظومة الغذاء المصرية. فالأمن القومي لم يعد محصورًا في حدود الجغرافيا، بل في قدرة الدولة على إطعام شعبها من إنتاجها.
وأنا — من واقع خبرتي الأكاديمية والميدانية — أرى أن الوقت قد حان لإطلاق خطة وطنية للتحول الرقمي الزراعي، تتكامل فيها مؤسسات البحث والتعليم والقطاع الخاص، وتُبنى على قاعدة بيانات موحدة لكل فدان في مصر. نحتاج إلى «عقل زراعي رقمي» يقود التغيير، لا إلى مزيد من المكاتب والملفات الورقية.
إن مستقبل الزراعة المصرية لن يُكتب بالحبر، بل بالبيانات. ولن يُدار بالمراسلات، بل بالذكاء. وبين البيروقراطية والذكاء الاصطناعي، ستتحدد هوية الزراعة المصرية: إما أن تبقى أسيرة الماضي، أو أن تنطلق نحو مستقبلٍ تُزرع فيه الفكرة قبل البذرة، ويُروى الحلم قبل الحقل.

طباعة شارك فلسفة البقاء الزراعة المصرية البيروقراطية

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء المجري: قادة الاتحاد الأوروبي يستفزون زيلينسكي لمواصلة الحرب
  • تسريب يكشف خطة الاتحاد الأوروبي لإقامة جدار مسيّرات لمواجهة روسيا بحلول عام 2027
  • “الصداقة الأردنية الأوروبية” في الأعيان تبحث أوجه التعاون مع الاتحاد الأوروبي
  • «السواحه» يجتمع برئيسة شركة AMD لتعزيز الشراكة في الحوسبة والذكاء الاصطناعي
  • المركز الروسي بالإسكندرية يناقش دور الفن والذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية
  • "إنستغرام" تزيد الضوابط على حسابات المراهقين والذكاء الاصطناعي
  • "إذكاء" تستثمر 20 مليون دولار في "موفاندي" الأمريكية لتعزيز الحضور العُماني بمجال أشباه الموصلات
  • وثيقة داخلية: الاتحاد الأوروبي يسعى لتعظيم نفوذه في إعادة إعمار غزة
  • تحالف أوروبي أمريكي مرتقب لمواجهة تحركات الصين في سوق المعادن النادرة
  • د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة المصرية بين البيروقراطية والذكاء الاصطناعي