مدينة نيالا البحير غرب الجبيل منبع الثقافة والأدب والفن. هذه المدينة الساحرة قد أنجبت أفزازًا متفردين. ومثلما خرج من رحمها الباحث والمفكر آدم عبد الكريم دقاش والشاعر التجاني محمد خير، وزين العابدين محمد شريف والكاتب النور داؤد خير الله، والموسيقار حافظ عبد الرحمن مختار، والفنان عمر إحساس، فإن ذات المدينة قد خرج من رحمها كما الحراز الذي يستظل بظله مرتادو واديها في عز الهجير فطاحلة الإعلام الذين ساهموا في عكس وجه المدينة المشرق وكانوا شموعًا تضيئ عتمة الليل.

في مقدمتهم عبد الله الربيع والأستاذ عوض علي أحمد والإذاعي الراحل محمد سعيد ونبيلة عبدالله و سهام موسى والإعلامي الأديب عارف تكنة وأحمد أبوعشرة والأ ستاذ عباس البرير والراحل عبد الحي الربيع. هذه الأسماء وغيرها عاصرت رموزًا إعلامية لا يشق لها غبار. منها: الأستاذ الهرم حسين أبو العائلة، الأستاذ عوض أحمدان والأستاذ محمد توفيق أحمد الذي تم إنتدابه من إذاعة امدرمان للعمل مذيعًا بإذاعة نيالا عند افتتاحها. الأمر الذي بموجبه تفتحت مدارك عارف نحو الشعر والأدب رغم إنه جاء إلى العمل الإذاعي على صهوة جواد الشعر الذي امتطاه منذ نعومة أظافره من خلال فعاليات الدورة المدرسية في فترة الثمانينات. والتي كان أحد أهم فرسانها في مجال الإلقاء الشعري. وهذا بدوره مثل شارة خضراء لعارف لتقديم البرامج الإذاعية والنشرات. وأبرز تلك البرامج واحة الأدب الذي أبدع في تقديمه في ثلاثية الجمال التي شكلها مع الاستاذ مجدي مكي المرضي والدكتور عبدالله الربيع. من إخراج الاستاذ عوض احمدان. ليتلألأ نجم عارف مذيعًا كامل الدسم يشنف آذان المستمع بإذاعة أمدرمان خلال دراستة بجامعة الخرطوم بعد أن نجح في أول إختبار. خصوصًا أن اللغة والثقافة يجريان على لسانه كجري الماء على النهر ليجمع مابين الأدب والقانون والإعلام. فهو من زمرة مبدعي بلادي الذين جمعوا بين الشعر والإعلام والأدب. وينجح في ذلك باقتدار مما جعله كالفراش يغازل أزاهير الإذاعة والتلفزيون. مرة بصحبة الهرم الإعلامي عمر الجزلي مذيعًا بقسم المذيعين ومرة أخرى يقدم جريدة المساء في ثلاثية متفردة مع الفاتح الصباغ والشاعر الدكتور محمد حمد النيل وإخراج شكر الله خلف الله. ولعل النفس المتعطشة لنظم القوافي كانت هي الأوفر حظًا لعارف، فكتب أوبريت (لوحة وطن) وأوبريت (عدوة دنيا) الذي شارك في أدائه نجوم من السودان والوطن العربي. العملان قام بتلحينهما الفنان عمر إحساس وإخراج الأستاذ مهيد عباس. وأعمال غنائية عديدة يعد لها العدة لا يسع المجال لذكرها بيد أنها تجعله في مصاف العظام كالفيتوري ومحمد يوسف موسى والحلنقي وهلاوي. فهم كثر عبر تاريخ الأدب والشعر والصحافة السودانية.
ورغم هجرته إلى السعودية لم يزل ينثر دررًا من إبداعاته الشعرية. حيث ظل يشكل حضورًا طاغيًا في منتديات الأدب العربي بمنتوج شعري نال جوائز ودروعًا وشهادات عليا من مؤسسات وأكاديميات تهتم بالثقافة والأدب على مستوى العالم. وللدكتور عارف علي سعيد تكنة عدد من الدواوين تحت الطبع في ثناياها درر من المؤلفات الشعرية التي أعطت الأم والوطن حقهما بلسان مبين. وبلغ مراقي العلا حينما أبدع وأمتع بقافية متزنة وهو يشدو للمعلم والعالم يحتفي بالمعلم يطل علينا بإحدى روائعه التي شارك بها في مسابقة همس القوافي ونالت الدرع الذهبي لإحرازها المركز الأول بين فحول الشعر والأدب على مستوى الوطن العربي. ونشارك القارئ الكريم ببعض ما جادت به ملكة عارف الشعرية بحق المعلم فيقول:
ويَغُوصُ فِي بَحْرِ الْعُلُومِ بِغَائِصٍ
غَمَرَ اللَّآلِئَ مِنْ بَرِيقِ زَبَرْجَدِ

ويُفِيْضُ بِالْفَيْضِ المُفِيضِ بِفَائِضٍ
وهَبَ النَّفَائِسَ مِنْ نَفِيسِ زُمُرُّدِ

ويُتَوِّجُ التَّاجَ الْعَظِيمَ لِسَابِحٍ
أَرْسَى السَّفَائِنَ عِنْدَ ذَاكَ الْمَوْعِدِ

ويُضِيءُ لِلنَّشْءِ الطَّرِيقَ كَشَمْعَةٍ
تَفْنَى لِتُبْقِي مِنْ وَهِيجِ الْمَوقِدِ

فهذه الأبيات مجرد قطرة من فيض الدكتور عارف تكنة علاوة لعدد من المؤلفات منها كتاب يحمل عنوان عقود النقل في القوانين السودانية. وهذه الإصدارة تعد من المراجع المهمة التي نحتاجها في زماننا هذا. وبهذه الأعمال العظيمة أما حق لإبن البحير أن يصنف ضمن الذين رفدوا العالم العربي بإبداعهم الأدبي وثقافتهم المتدفقة؟. فهنيئًا لنا بهذا الأديب والصحفي الضليع والحقوقي المتفرد.

بقلم الأستاذ الفاتح بهلول
١٣ أكتوبر ٢٠٢٣م  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الثقافة تحتفي بـثمانينية محمد سلماوي بالمجلس الأعلى للثقافة

كتب- محمد شاكر:
شهد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، احتفالية "ثمانينية سلماوي" التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور أشرف العزازي، بمناسبة بلوغ الكاتب الكبير محمد سلماوي عامه الثمانين، وذلك بقاعة المجلس، بحضور نخبة من كبار المثقفين والمفكرين ومحبي الكاتب الكبير من مصر والوطن العربي.

وقال وزير الثقافة في كلمته: "لشرف كبير أن أكون بينكم اليوم في رحاب المجلس الأعلى للثقافة، لنحتفي معًا بأحد أعمدة الثقافة المصرية والعربية، الكاتب الكبير والمثقف الموسوعي محمد سلماوي، الذي يمثّل نموذجًا نادرًا للمثقف المتعدد، الشامل، الذي جمع بين الإبداع والتنوير، وبين الحضور الوطني والدور الدولي، وبين الكلمة الحرة والموقف الثابت".

وأضاف: "احتفالنا اليوم ليس بمجرد بلوغ عمر زمني، بل نحتفي بتاريخ وطني وثقافي حي، كتبه محمد سلماوي على مدار أكثر من خمسة عقود من العطاء المتنوع، الذي لم يتوقف يومًا عن الإسهام والتأثير وطرح الأسئلة الكبرى حول الإنسان والمجتمع والهوية".

وأشار إلى أن الكاتب الكبير جمع بين الأدب والصحافة، والمسرح والترجمة، والفكر والنقد، والدبلوماسية الثقافية والمسؤولية الوطنية، في توازن فريد، مؤكدًا أن سلماوي هو الأديب الذي كتب الرواية والمسرحية والمقالة، والصحفي الذي ترأس واحدة من أهم الصحف المصرية، والمترجم الذي قدّم للغة العربية أعمالًا عالمية ذات قيمة، والناقد الذي لم ينعزل عن قضايا مجتمعه، بل شارك بوعي في بلورة خطاب تنويري أصيل.

واختتم وزير الثقافة كلمته قائلًا: "باسمي وباسم وزارة الثقافة، وكل العاملين في الحقل الثقافي المصري، أقدم لك تحية شكر وامتنان، مقرونةً بأصدق التمنيات بمزيد من الصحة والإبداع. ودمت لنا رمزًا مضيئًا، ومثالًا حيًا لما يجب أن يكون عليه المثقف الحقيقي: ملتزمًا، حرًا، وشجاعًا".

كما وجّه الوزير بإنتاج إحدى مؤلفات الكاتب الكبير المسرحية، بالتعاون بين قطاع الإنتاج الثقافي والهيئة العامة لقصور الثقافة.

من جانبه، قال الكاتب الكبير محمد سلماوي: "في حياة الإنسان مناسبات ومحطات لا تتكرر، يتوقف عندها بالتأمل. ومن تلك المحطات هذه المناسبة، التي تُعد من معالم حياتي الخاصة"، مضيفًا: "حين تتيح لي وزارة الثقافة أن أسمع من زملائي وأصدقائي أن ما أنجزته خلال ثمانية عقود جدير بالاحتفاء، فهذه هي جائزة العمر، جائزة تحكمها لجنة من الجماعة الثقافية".

ووجّه سلماوي الشكر لكل من ساهم في إعداد وتنفيذ هذه الاحتفالية، سواء بالإعداد أو البحث أو التقديم، كما أعرب عن امتنانه لكافة الأدباء والمفكرين والحضور من مصر والدول العربية، واختتم حديثه بإلقاء أحدث ما كتب، تحت عنوان "حديث مع نفسي".

ويأتي هذا الاحتفاء في إطار توجه أوسع تتبناه وزارة الثقافة لتكريم القامات الوطنية وتوثيق منجزاتها، بما يعزز من حضور الرموز الثقافية في الوعي العام، ويحفّز الأجيال الجديدة على مواصلة مسيرة الإبداع والتميّز.

اقرأ أيضا:

ننشر موعد صلاة عيد الأضحى 2025 بالمحافظات

"تشريعية النواب" توافق نهائيًا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

وزارة الثقافة محمد سلماوي المجلس الأعلى للثقافة أحمد فؤاد هنو

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان

أخبار

"الثقافة" تحتفي بـ"ثمانينية محمد سلماوي" بالمجلس الأعلى للثقافة

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

عاجل.. الداخلية: حفيد نوال الدجوي انتحر بالرصاص لهذا السبب حقيقة "أحمد الفاتح" .. كيف راج تريند "أول رجل عربي حامل" ومن وراءه؟ درجة الحرارة تلامس 40.. والأرصاد تعلن تفاصيل موجة الحر وموعد انتهائها تراجع سعر الفائدة 1% على حسابات المعاشات والمرتبات والجاري ببنك مصر للإعلان كامل للإعلان كامل 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • لطيفة بنت محمد تلتقي وزيري الثقافة والإعلام اللبنانيين
  • ورشة تعديل قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة ٢٠٠٩ تختتم اعمالها وتسلم توصياتها
  • غدًا.. الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف المواهب بالسويس
  • فاتن حمامة.. سيدة الشاشة التي صنعت مجد السينما المصرية وقلوب الجماهير لا تزال تنبض باسمها
  • من الناجي!  ومن الهالك؟
  • توكل كرمان: ما جرى للصحفي محمد المياحي من اختطاف ومحاكمة هزلية يكشف وجه المليشيا الذي تخاف من الكلمة ومن النقد الذي يعرّي زيفها
  • مجالس السلطان الغوري لعبد الوهاب عزام.. جديد قصور الثقافة
  • النزاهة والصحافة .. تطور اسلوب العمل النقابي !
  • محمد صلاح يصنع التاريخ في البريميرليج: "كنت عارف أنا عاوز إيه"
  • الثقافة تحتفي بـثمانينية محمد سلماوي بالمجلس الأعلى للثقافة