للمساعدة في علاج الأمراض..علماء يصنعون خريطة ضخمة للعقل البشري
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
يعكف العلماء منذ القدم على محاولة فهم العقل البشري، حيث يعتبر الدماغ هو العضو الأكثر غموضا داخل جسم الإنسان خاصة الأجزاء المتعلقة بالمشاعر والأفكار، بينما توصل العلماء لرؤية جديدة مفاجأة فيما يخص هذا الصندوق الأسود.
وبحسب ما ورد في موقع “انسايدر”، أعلن العلماء أنهم رسموا خرائط لأكثر من 3000 نوع من خلايا الدماغ كجزء من أطلس الدماغ البشري الذي تم نشره في 24 ورقة بحثية مختلفة في 3 مجلات علمية.
ومن خلال إنشاء أطلس للدماغ البشري، يستطيع العلماء تحديد الطرق التي يختلف بها الدماغ البشري عن باقي المخلوقات الأخرى، بما في ذلك أقرب أقربائنا الأحياء، والرئيسيات الأخرى مثل الشمبانزي.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، أن الخريطة ستساعد الباحثين أيضًا على فهم كيف يمكن أن يتغير الدماغ البشري بمرور الوقت، ومدى تشابه دماغ شخص مع آخر، ولماذا يصاب بعض الأشخاص بحالات مثل الاكتئاب ومرض الزهايمر.
وفي هذا السياق، قال اد لين، أحد كبار الباحثين في معهد ألين لعلوم الدماغ، “نحن حقا بحاجة إلى هذا النوع من المعلومات إذا أردنا أن نفهم ما الذي يجعلنا فريدين كبشر، أو ما يجعلنا مختلفين كأفراد، أو كيف يتطور الدماغ”.
يحتوي الدماغ على مليارات الخلايا
تم تمويل البحث من قبل المعاهد الوطنية للصحة، وبدأ في عام 2017 كجزء من أبحاث الدماغ من خلال شبكة التعداد الخلوي لمبادرة التقنيات العصبية المبتكرة.
و يقول هنري غريلي، أستاذ القانون في جامعة ستانفورد، “يتكون الدماغ من 170 مليار خلية، بما في ذلك 86 مليار خلية عصبية، وربما يكون الجسم المادي الأكثر تعقيدًا الذي نعرفه في الكون حتى الآن هو العقل”.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه تم جمع خلايا الدماغ من متبرعين متوفين ومن مرضى موافقين يخضعون لجراحة في الدماغ، وتم تصنيفها حسب النشاط الجيني.
وتتضمن الدراسة أوصافًا لخلايا مثل الخلايا الدبقية الصغيرة، وهي نوع من الخلايا المناعية الموجودة في الدماغ، بالإضافة إلى الخلايا العصبية 'المتناثرة' الغريبة والتي لا تزال غير مفهومة بشكل جيد - وهو نوع من الخلايا العصبية يشبه بقع الطلاء.
خريطة الدماغ يمكن أن تمهد الطريق لعلاج أفضل للأمراض
وذكرت NPR أن رسم خريطة للخلايا في الدماغ البشري يمكن أن يسهل العثور على علاجات للاضطرابات العصبية، بما في ذلك مرض الزهايمر والتوحد والاكتئاب.
والعديد من اضطرابات الدماغ هي نتيجة لتغيرات صغيرة في الحمض النووي، ولكن من غير الواضح كيف تؤثر هذه الاختلافات على خلايا الدماغ الفردية.
وقال لين لـ NPR: 'يمكنك استخدام هذه الخريطة لفهم ما يحدث بالفعل في المرض وما هي أنواع الخلايا التي قد تكون معرضة للخطر أو متأثرة'.
في حين أن هذا البحث يعتبر إنجازا هائلا، إلا أنه لا يزال مجرد البداية، ووفقا لصحيفة واشنطن بوست، قامت المعاهد الوطنية للصحة بتمويل أكثر من 1300 مشروع.
وفي المستقبل، يتوقع الباحثون اكتشاف المزيد من أنواع خلايا الدماغ، وفهم وظيفة الخلايا التي تم توثيقها بالفعل بشكل أفضل، ويأملون أيضًا في فهم كيفية عمل خلايا الدماغ المختلفة معًا بشكل أفضل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العقل البشري جسم الإنسان الصندوق الأسود الدماغ البشری خلایا الدماغ الدماغ من
إقرأ أيضاً:
التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي
التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي
بانتشار الذكاء الاصطناعي في كل زاوية من زوايا الحياة، وتغلبه في بعض المهام أحيانًا على القدرات البشرية، أُغرق البشر في الخوف من هذه التقنية ربما لتطورها السريع، والوعود بأن بالإمكان تطويرها لتصبح أكثر كفاءة من البشر في معظم المهام البشرية، وبالتالي استبدال الإنسان في وظائف عدة، وتقليل الاعتماد عليه في جوانب قد تبدو معقدة، لكنها عند الذكاء الاصطناعي بسيطة، ويمكن إنجازها في ثوان أو دقائق معدودة.
وما يغفله الذكاء الاصطناعي أن الدماغ البشري هو أحد أكثر الأنظمة تطورًا وكفاءة، وإذا كان بالإمكان للذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط، فإنه يفتقر إلى الفهم الدقيق الذي يأتي بشكل طبيعي للبشر، وبالفعل يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل المشاعر والتعرف على تعابير الوجه، لكن تنقصه المشاعر، فالإنسان لا يتحرك في قراراته بالعقل والمنطق فقط، والذكاء العاطفي البشري يمكنه إنجاح صفقة معقدة، أو إدارة فريق خلال أزمة، أو تطوير منتجات يتردد صداها لدى المستهلكين.
وليس لدى الذكاء الاصطناعي قدرة على التخيل البشري، وتحويل الخيال إلى واقع، بل إن أقصى ما يمكنه هو توليد اختلافات بناءً على الأنماط المتاحة فقط، وحتى الابتكار في الذكاء الاصطناعي قد يشوبه الخلل، نظرًا لعدم فهم الاحتياجات البشرية والرغبات والفروق المجتمعية بعمق، ولذا يعدُّ الذكاء الاصطناعي أداة تساعد البشر، يمكنه التعامل مع المهام الروتينية ومعالجة المعلومات بسرعة، وفي النهاية يحتاج إلى البشر لتوجيهه. ومن الأشياء المفقودة أيضًا لدى الذكاء الاصطناعي البوصلة الأخلاقية، فمن الصعوبة لغير البشري إصدار الأحكام القيمية لأنها بالأساس تتطلب فهمًا للقيم الإنسانية والمعايير المجتمعية.
وبينما تتزايد التحذيرات من قدرة الذكاء الاصطناعي على استبدال الإنسان في سوق العمل، والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية جراء ذلك، فإن الطريق ليس ممهدًا بالكامل، لأن تقنيات الذكاء الاصطناعي مكلفة للغاية من الناحية التجارية، وهناك وظائف جديدة تخلقها هذه التقنيات لم تكن موجودة من قبل، أي أن التغيير هو في طبيعة الوظائف، وليس متعلقًا ببطالة الإنسان مقابل عمل الآلة، ومن المحتمل أن هذا التغيير تدريجًيا للذكاء الاصطناعي، وهذا ما يدفع البشر إلى تطوير مهاراتهم وصقل القدرات التكنولوجية، لأن المعرفة التكنولوجية أضحت ركنًا أساسيًّا في سوق العمل، إضافة إلى المهارات الأساسية للعمل، فالتحول الحقيقي يتعلق بالارتقاء، أي يتولى الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية المتكررة، ويصبح البشر أكثر تركيزًا على الأنشطة ذات القيمة الأعلى التي تتطلب قدرات بشرية فريدة، في منظومة عمل يتكامل فيها الإنسان مع الآلة.
وفي ظل التطور المتسارع، على البشر الاستعداد لمرحلة تعميم الذكاء الاصطناعي في أسواق العمل حول العالم، لكن ليس عليهم القلق كثيرًا مما يسمونه الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، الذي هو مصطلح يشير إلى إنشاء تطبيقات لديها ذكاء يشبه الإنسان ولديها قابلية التعليم الذاتي، بهدف القدرة على أداء مهام لم يدرب عليها، والتوقعات في الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام في السنوات القادمة، غير أن المشكلة تكمن في أنها فكرة تفترض أن الذكاء البشري هو صنف واحد، إذ تتعامل أبحاث الذكاء الاصطناعي مع الذكاء البشري كما لو كان مقياسًا خطيًّا، وفي الحقيقة أن الذكاء الإنساني يختلف من شخص إلى آخر، وأحيانًا لا يفهم البشر المحتوى ذاتَه إن تغيرت البيئة والمجتمع، حتى وإن كانت اللغة واحدة.
إن التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي بات من ضروريات الحياة على مستوى الدول والأفراد، وعلينا أن نركز على نقاط القوة وتطوير هذه التقنيات بحكمة وبمعايير أخلاقية تضمن تحقيق الاستفادة للجميع، لاسيما أن الذكاء الاصطناعي، بما يوفره من سرعة ودقة في معالجة البيانات والتحليل، يُكمل القدرات البشرية، ويسهم في اتخاذ قرارات أكثر رشادة، غير أن اليد الطولى تبقى للذكاء البشري في توجيه هذه التقنيات الحديثة نحو أهداف إنسانية تخدم البشرية.