مع دعوات مغادرة لبنان، قراءة في تطورات الأحداث
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
أثير –مكتب أثير في دمشق
دعت الكثير من الدول رعاياها بضرورة مغادرة لبنان ومنها سفارة سلطنة عُمان التي دعت مواطنيها للعودة الفورية، ويشهد جنوب لبنان أحداثاً في الفترة الأخيرة والرد على اعتداء الاحتلال الإسرائيلي المتكرر.
“أثير” تواصلت مع الأستاذ فادي بودية رئيس تحرير شبكة مرايا اللبنانية والمسؤول التنسيقي الإعلامي بين إيران وروسيا، وذلك لقراءة تطورات الأحداث، وقال بودية إن حزب الله أعلن منذ الساعات الأولى لطوفان الأقصى أنه ليس على الحياد، وهو في قلب المعركة بدليل سقوط عدد من الشهداء على أرض الميدان وتوجيه ضرباته وضربات مقاتليه كل يوم الى مواقع وأهداف إسرائيلية.
وأضاف بودية إذا أردنا الحديث عن اتساع رقعة المعركة ومتى يتوغل الحزب داخل الأراضي المحتلة، فهذا يرتبط بعاملين أساسيين. العامل الأول يتعلق بالواقع على الأرض لجهة المقاومة الفلسطينية ومدى قدرتها على تحمل الواقع الميداني المستجد، أما العامل الثاني فهو القراءة الشاملة لرؤية المنطقة، لأن دخول حزب الله الى المعركة يختلف عن دخول أي حركة مقاومة أخرى في هذه الحرب، لأن دخوله يعني أن جبهات عدة قد تفتح، كالجبهة العراقية والجبهة اليمنية وأيضاً السورية، وقد تتحول الى حرب إقليمية كبرى، وبطبيعة الحال فإن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، الأمر الذي قد يجر دولاً أخرى للدخول.
واستطرد قائلاً بناءً على هذا، فإن الواقع الميداني حتى الآن هو الذي يحدد متى تدخل المقاومة في هذه العملية. وأشار إلى أن المقاومة لديها قيادة حكيمة تعرف متى تدخل وكيف، وإذا قررت الدخول فلن تخرج إلا منتصرة. أما بخصوص ما يحصل في جنوب لبنان، فعملياً حزب الله يريد تثبيت قواعد الاشتباك التي وضعت عام 2006.
أما بالنسبة لنتنياهو وأسباب التصعيد على جبهة الجنوب، فإن ذلك بعد فشله الذريع عسكرياً واستخباراتيا، فهو معني بإرسال الرسائل من أجل تلميع صورته، أولاً أمام الرأي العام الداخلي الإسرائيلي ليقول إنه لا زال يمتلك الجيش الأقوى في المنطقة، وأن حكومته قوية وليست ضعيفة وبإمكانه أن يقصف ويدمر أين ومتى أراد، وقوة ردعه لازالت كما هي، وهو قادر على كبح جماح حزب الله في الجنوب وكسر قواعد الاشتباك متى شاء. ثانياً، للرأي العام الدولي الخارجي والدول الداعمة لإسرائيل، للتأكيد على أن نتنياهو ما زال يمثل يدهم القوية في الشرق الأوسط، وقد استطاع أن يجلب الدعم الغربي المطلق العسكري والمالي والسياسي والمعنوي، مثل بريطانيا التي نزلت بكل ثقلها وأمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، كلهم جاؤوا الى الكيان لتقديم المساندة.
وأوضح الأستاذ فادي بو دية أن المقاومة حتى الآن ترد بشكل محدود على كل اعتداء عليها، أما عن تطورات الأحداث في الجنوب ألمح إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة، فاحتمال الحرب واتساع الجبهات مفتوح، واحتمال أن تبقى الأمور على هذا الشكل أيضا موجود، ولكن الثابت الوحيد أن إسرائيل لن تستطيع أن تخرج من هذه الحرب منتصرة مهما ارتكبت من جرائم وقصفت لتغطي فداحة ما حصل، وما فعلته المقاومة الفلسطينية بالجيش الإسرائيلي والذي وثقته الكاميرات وظهر على كل الشاشات.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
كل الساحات يمنية وكل البنادق فلسطينية .. قراءة في الهتافات المليونية
شهد ميدان السبعين في العاصمة صنعاء اليوم الجمعة، مشهداً مليونياً عظيماً وحاشداً ، “نصرة لغزة .. مسيراتنا مستمرة، وعملياتنا متصاعدة”، عبّرت بوضوح عن تجذر الموقف الشعبي اليمني في دعم القضية الفلسطينية والمواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني، كانت هذه المسيرة لوحة مكتملة الأركان من المواقف السياسية والهتافات الثورية والمطالب المبدئية التي تمثل موقفاً ثابتاً وراسخاً في ضمير الشعب اليمني.
يمانيون / تحليل / خاص
موقف جماهيري مبدئي لا تهزه العواصف
أظهرت المسيرة أن الشعب اليمني لا يتعامل مع القضية الفلسطينية كرد فعل لحظي، بل كموقف عقائدي مبدئي لا يقبل التفاوض أو المساومة، وتأكيد الجماهير على “الاستمرار في الاستنفار والتحشيد” و”الجاهزية لأي تصعيد” يعكس قناعة راسخة بأن دعم فلسطين لم يعد مجرد تعاطف بل التزام نضالي لا رجعة عنه.
هذا الموقف تعزز من خلال الهتافات التي تكررت في المسيرة مثل: (في غزة آيات الله.. تتجلى برجال الله – ويا غزة هذه جبهتكم .. والبحرية بحريتكم ) وهي شعارات لا تُظهر فقط التضامن، بل تؤكد وحدة الجبهة والمصير المشترك، وتضفي بُعداً روحياً على المعركة مع العدو.
تفويض شعبي مطلق لقيادة الثورةأحد الجوانب الهامة في المسيرة والمستمرة في كل مسيرة، كان إعلان الحشود تفويضها المطلق لقائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله ، في اتخاذ ما يراه من قراراته الاستراتيجية ضمن إطار معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، هذا التفويض لا ينفصل عن الثقة الشعبية المتزايدة في العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، خصوصاً بعد إعلان ضرب سفينتين انتهكتا قرار الحظر البحري اليمني.
إن هذا التفويض يعكس أيضاً التماهي الكبير بين الشعب والقيادة ، والثقة المتبادلة التي تبنى عليها القرارات الميدانية والمواقف الاستراتيجية.
عمليات عسكرية تعزز صدق الموقف الشعبيلم تكن هتافات الجماهير محصورة في إطار الخطاب التعبوي، بل جاءت متزامنة مع عمليات عسكرية فعلية قامت بها القوات اليمنية ضد أهداف بحرية مرتبطة بالعدو الصهيوني، وهذا ما عزز من مشروعية الخطاب الشعبي، وجعل الهتاف يتكئ على فعل حقيقي، لا مجرد تمنٍ.
وقد حمل الهتاف : (باب المندب باب العزة.. بحر ساحله في غزة) ، في طياته رسالة رمزية واستراتيجية، تفيد بأن الجغرافيا اليمنية باتت جزءاً من خريطة المعركة مع العدو الإسرائيلي، وأن الممرات الدولية لم تعد مفتوحة أمام المعتدين دون رد.
البراءة من الخذلان العربي والإسلاميبيان المسيرة لم يكتفِ بتوجيه الرسائل إلى العدو الصهيوني، بل حمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية على الأطراف العربية والإسلامية المتخاذلة، مستنكراً الصمت المريب والخذلان المستمر، وهو ما عبّرت عنه الجماهير بشعار: (من يخذل شعب فلسطين.. ليس من الله أو الدين) وكذلك شعار:( اليهود أشد عداء.. هم ووحوش الغاب سواء)
هذه الرسائل تعكس وعياً شعبياً متقدماً بأن الخطر لا يأتي فقط من الخارج، بل من الداخل العربي الذي فقد جزءاً كبيراً من مناعته الأخلاقية والسياسية تجاه فلسطين.
الثبات الشعبي رغم المعاناةمن اللافت أن بيان المسيرة لم يغفل الإشارة إلى المعاناة التي يعيشها اليمن ذاته، من حصار اقتصادي وعدوان مستمر، ولكنه مع ذلك قدّم هذه المعاناة كأرضية تعزز الثبات، لا كذريعة للتراجع، بل جاء التعبير عنها في سياق الإصرار على المضي قدماً، واليقين بأن النصر يأتي بالصبر والبصيرة.
خاتمةالمسيرة جاءت تجسيداً لخط استراتيجي تتبناه جماهير واعية ومؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية، ترى أن مواجهة العدو الصهيوني ليست خياراً سياسياً، بل تكليف إلهي، وواجب جهادي، واستحقاق إنساني.
والأهم من ذلك، أن هذه الحشود المليونية تُبرهن للعالم أن الموقف اليمني ليس معزولاً، بل يتقاطع مع موجة متصاعدة من الوعي التحرري في المنطقة، عنوانها: أن غزة ليست وحدها، وأن القدس ليست بعيدة، وأن الموقف الشعبي هو خط الدفاع الأول في معركة الأمة الكبرى ضد الاحتلال والتطبيع.