مطران فلسطيني: نتمنى ان ينعم الفلسطينيون بحرية طال انتظارها
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس لدى لقاءه صباح هذا اليوم مع وفد من الاساقفة الارثوذكس الذين يزورون مدينة القدس في هذه الايام بأن هذه الارض لم ترى السلام ولم تنعم بالسلام خلال سنوات طويلة.
ومدينة القدس التي من المفترض ان تكون مدينة للسلام وهي المدينة المقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث اضحت مدينة للعنف والتطرف والكراهية وخلال الايام المنصرمة لاحظنا كثيرا من التعديات والاقتحامات في باحات المسجد الاقصى ناهيك عن شتم المسيحيين والبصق على رموزهم الدينية وكلها مظاهر عنصرية مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا.
مشكلتنا ان هنالك في العالم دولا وكيانات سياسية لا تولي اهتماما بهذه التجاوزات التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني من قبل هذه الجماعات الاستيطانية المتطرفة المتزمتة التي لا تؤمن بالتعددية الدينية والتعايش الديني بين اصحاب الاديان المتعددة.
ان الصمت على هذه الجرائم المرتكبة بحق شعبنا هو الذي يؤدي إلى الانفجار ولا تتوقعوا من شعب مظلوم يتعرض للتنكيل في كافة تفاصيل حياته ان يبقى صامتا متفرجا مكتوف الايدي امام ما يحدث.
انطلاقا من قيمنا المسيحية نحن لا نؤمن بالحروب ولا نؤمن بالقتل والعنف وثقافتنا كانت دوما وستبقى ثقافة التسامح والمحبة والاخوة والسلام ولكن الثقافة هذه لا تعني على الاطلاق تجاهل المظالم التي يتعرض لها الانسان الفلسطيني.
صلوا من اجل السلام في ارض غُيب عنها السلام وصلوا من اجل السلام المبني على العدالة واحقاق الحق وتحرير الانسان الفلسطيني من الاحتلال الظالم فأي حديث عن السلام بمعزل عن العدالة وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا الفلسطيني انما لا طعم له ولا لون، فالسلام ليس شعارا نتغنى به بل هو مقرون دائما بالعدالة وحرية الانسان ونيل حقوقه المشروعة والفلسطينيون يحق لهم ان يعيشوا في وطنهم وفي ارضهم المقدسة بحرية وسلام مثل باقي شعوب العالم.
نتمنى ان تتوقف هذه الحرب والتي يدفع فاتورتها المدنيين والابرياء ومشاهد الدمار والخراب تؤلمنا وتحزننا لان ما يبنى بسنوات يمكن ان يدمر بثوان، واهل غزة اليوم يتعرضون للقصف وتدمر البيوت على من فيها بمن فيهم الاطفال والنساء والشيوخ والمدنيين.
لا يمكننا ان نكون صامتين امام مشاهد القتل والدمار والخراب ولذلك فإننا نتمنى ان تنجح كافة المساعي المبذولة من اجل إنهاء الحرب حقنا للدماء ولكن تبقى هذه حلول مؤقتة إذا لم يتم هنالك حل جذري للقضية الفلسطينية التي هي مفتاح السلام في منطقتنا وفي عالمنا.
طالبوا بأن ينعم الفلسطينيون بحرية طال انتظارها وطالبوا بأن يزول الاحتلال وان تتوقف الممارسات الظالمة في القدس من اقتحامات واعتقالات وتنكيل يستهدف الفلسطينيين هنا وفي كثير من المواقع في هذه البقعة المباركة من العالم.
نحن مسيحيون فلسطينيون يحق لنا ان نحب شعبنا وان ننتمي لوطننا وان ندافع عن المظلومين من ابناء هذا الشعب، فهذا هو واجبنا مع تأكيدنا بأنه انطلاقا من قيمنا الايمانية والاخلاقية والانسانية فإننا نرفض العنف والقتل والدمار والخراب واستهداف الابرياء.
نتمنى منكم ان تكونوا صوتا مناديا بالحق والعدالة في كل مكان تذهبون اليه فهذه الارض متعطشة للسلام المبني على العدالة والفلسطينيون اصحاب قضية عادلة يستحقون ان ينعموا بالحرية في وطنهم مثل باقي شعوب العالم.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
ليلى خالد... المرأة التي هزّت سماء العالم
محمد بن أنور البلوشي
حين يُذكر اسم ليلى خالد، لا يُذكر كاسمٍ عابرٍ في دفاتر التاريخ، بل كرمزٍ للثورة والصمود والجرأة الفائقة. هي ليست مجرد امرأة فلسطينية عادية؛ بل أيقونة نضالية قلبت مفاهيم القوة والضعف، واستطاعت في لحظة أن تجعل العالم كله يلتفت إلى قضية شعبها. ولدت ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944، تلك المدينة الساحلية الفلسطينية التي غادرتها مع عائلتها بعد النكبة عام 1948، حين طُرد آلاف الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم ليعيشوا مرارة اللجوء والحرمان.
منذ طفولتها، حملت ليلى في قلبها فلسطين كحلم لا يفارقها، كقصة تحكيها لنفسها قبل النوم، وكشمس تشرق في كل صباح تدعوها إلى الحرية. انخرطت في العمل الوطني مبكرًا، فانضمت إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رافعة شعار "لا بد للحق أن يعود مهما طال الزمن". كانت تؤمن أن النضال ليس حكرًا على الرجال، وأن للمرأة دورًا أساسيًا في المقاومة وصناعة التاريخ.
في عام 1969، نفذت ليلى خالد عملية اختطاف طائرة تابعة لشركة TWA" " الأمريكية، وكانت متجهة من روما إلى تل أبيب. في تلك اللحظة، أصبحت ليلى حديث الصحف والإذاعات العالمية. لم يكن الهدف من اختطاف الطائرة قتل الأبرياء، بل كان هدفًا سياسيًا بحتًا: لفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن الفلسطينيين شعب له قضية عادلة يجب ألا تُنسى. وقفت ليلى، في تلك اللحظة، تحمل سلاحها في الطائرة، لكنها كانت تحمل في قلبها رسالة شعبها قبل أي شيء آخر.
الغريب في قصة ليلى خالد هو اختفاء الطائرات الإسرائيلية في تلك الفترة. كانت إسرائيل قد تباهت بتفوقها الجوي وبقدرتها على السيطرة على السماء، لكن فجأة، في خضم العمليات الفدائية، بدأت بعض الطائرات تختفي من الرادارات، وتتأخر في العودة إلى قواعدها. ربط بعض المحللين تلك الظاهرة بالخوف النفسي والاضطراب الأمني الذي تسببت به عمليات المقاومة، خاصة بعدما أيقن الطيارون أن السماء لم تعد حكرًا لهم، وأن هناك مقاومين يستطيعون الوصول إلى قلب المطارات وخطف الطائرات نفسها.
بعد تلك العملية، تم اعتقال ليلى في لندن، لكنها أُفرج عنها بعد فترة قصيرة في صفقة تبادل أسرى. لم تتراجع ليلى عن مواقفها، بل ازدادت إيمانًا بعدالة قضيتها. عادت لتنفذ عملية اختطاف أخرى عام 1970، هذه المرة مع رفيقها النضالي باتريك أرغويلو، على متن طائرة شركة "إل عال" الإسرائيلية. لم تنجح تلك المحاولة بالكامل، إذ تم اعتقالها مرة أخرى، لكنها أصبحت أكثر شهرة، وصارت صورة وجهها بالكوفية رمزًا عالميًا للمقاومة والثورة.
تُجسد ليلى خالد حالة فريدة من الإصرار والإيمان. لم تكن تحب فلسطين حبًا عاديًا، بل عشقًا مقدسًا تجاوز كل الحدود، جعلها تضحّي بحياتها الشخصية وحريتها من أجل وطنها. في كل مقابلة صحفية أو حديث عام، كانت تكرر: "لن أعود إلى بيتي في حيفا إلا ومعي كل اللاجئين الفلسطينيين". هذه الجملة وحدها كانت كفيلة بأن تحفر اسمها في ذاكرة كل عربي وكل إنسان حر.
عاشت ليلى حياة مليئة بالتحديات والمطاردات، لكنها لم تنكسر. بمرور السنوات، صارت رمزًا نسويًا عالميًا، وصورةً حية للمرأة التي تكتب التاريخ لا بالحبر فقط، بل بالفعل والتضحية. حتى اليوم، ترى في عينيها بريق الأمل، تسمع في كلماتها نداء العودة، وتحس في قلبها ذلك النبض الفلسطيني الأصيل الذي لا يهدأ.
قصة ليلى خالد ليست مجرد فصل في كتاب المقاومة، بل مرآة تعكس عظمة الإنسان عندما يقف في وجه الظلم، كيفما كانت إمكانياته. هي دليل حي على أن الإيمان بالقضية يمكن أن يجعل من امرأة شابة، خرجت من مخيمات الشتات، صوتًا يزلزل العواصم ويجعل الطائرات تختفي من السماء خوفًا من جرأتها.
ليلى خالد علمتنا جميعًا درسًا أبديًا: أن الوطن ليس مجرد قطعة أرض، بل هو كرامة وهوية وحلم لا ينطفئ. وعلّمتنا أن المرأة قادرة على حمل السلاح والقلم معًا، قادرة على رسم خريطة الوطن بحروفها ودمائها، وأن الحق، مهما تآمر العالم عليه، لا يموت.
بهذه القصة، تبقى ليلى خالد أيقونة الأمل، وشمسًا لا تغيب عن سماء فلسطين.