غزة- خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي: لليوم الثاني على التوالي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليتها العسكرية الأكبر والأعنف منذ أكثر 20 عامًا على مخيم مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية، وأسفرت حتى اللحظة عن ارتقاء 10 شهداء إضافة لما يقارب الـ100 إصابة بينهم 17 بحالة خطرة، وتدمير جزء كبير من المخيم وتهجير مئات العائلات الفلسطينية.

مخيم جنين والذي طالما كان ولا زال عصي عن الكسر وشوكة موجعة في حلق الاحتلال، يُسطر هذه الأيام ملحمة جديدة من البطولة والتصدي لـ”أكبر جيوش المنطقة”، فأسقط من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح وتدمير الكثير من العربات من خلال المواجهات والعبوات الناسفة التي يتم زرعها على جوانب الطرقات. ورغم حملات الإدانة العربية والدولية الكبيرة لما أسموه بـ”الجريمة” الإسرائيلية البشعة التي ترتكب بحق المخيم وسكانه، إلا أن الاحتلال وحكومته المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، لا تزال لم تجد الضغط الكافي لوقف هذه العملية، فكل ما يجري مجرد تصريحات إعلامية لا أكثر، وفق الإعلام العبري. مصر بدأت التحرك رسميًا بهذا الجانب، وقالت مصادر فلسطينية رفيعة، إن القاهرة تجري اتصالات مكثفة مع إسرائيل لوقف هجومها الواسع النطاق في جنين شمالي الضفة الغربية. وكانت الخارجية المصرية أصدرت بيانا في وقت سابق أمس أكدت فيها إدانة القاهرة بأشد العبارات “الاعتداء الذي قامت به القوات الإسرائيلية على مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة”، وأكد البيان “رفض مصر الكامل للاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية المتكررة ضد المدن الفلسطينية، وما تسفر عنه من وقوع ضحايا أبرياء من المدنيين في استخدام مفرط وعشوائي للقوة، وانتهاك سافر لأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية، لاسيما القانون الإنساني الدولي الذي يفرض التزامات واضحة ومحددة على إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال”.

 

 

–       المعركة الكبرى وحذرت مصر من المخاطر الجسيمة للتصعيد الإسرائيلي المستمر ضد الفلسطينيين، وما يؤدي إليه من تأجيج لحالة الاحتقان ومفاقمة معاناة الشعب الفلسطيني، وتقويض للمساعي المبذولة من جانب مصر والشركاء الإقليميين والدوليين لخفض التوتر في الأراضي المحتلة. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن فجر الاثنين إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في مخيم جنين، تعد الأكبر منذ 20 عاما، واستعان الجيش بآلاف الجنود ومئات المركبات والطائرات المسيّرة في العملية العسكرية المستمرة حتى الآن، وأسفرت العملية الإسرائيلية عن استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة 100 آخرين حتى الآن. وتصدت المقاومة في جنين للعدوان بالرصاص والعبوات الناسفة، وأسقطت طائرتين مُسيرتين لجيش الاحتلال، وأكدت وقوع إصابات بين الجنود. السلطة الفلسطينية كذلك كان لها موقفًا “حاسمًا” بهذا الأمر فقررت القيادة الفلسطينية وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي، والاستمرار في وقف التنسيق الأمني. جاء ذلك في بيان صدر عن الاجتماع الطارئ الذي عقدته القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، اليوم الإثنين، لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة جنين ومخيمها. وقررت القيادة، دعوة الأمناء العامين لاجتماع طارئ، للاتفاق على رؤية وطنية شاملة وتوحيد الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له، مؤكدةً على حق شعبنا في الدفاع عن نفسه، وأن مهمة السلطة بمؤسساتها المختلفة هي حماية الشعب الفلسطيني، ووضع جميع إمكاناتها لهذا الغرض، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته في هذا المجال، مع التأكيد على الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي.

 

 

في المقابل، دعت حركة “حماس” إلى توسيع ساحات الاشتباك والمواجهة مع إسرائيل، رداً على ما قالت إنه مجزرة إسرائيلية في جنين، مؤكدة في ذات الوقت على ربط جبهات “المقاومة في المنطقة” استعداداً للرد. كما دعا القيادي الأخر في “حماس” صالح العاروري، المقاومين في مدينة ومخيم جنين إلى محاولة أسر جنود الاحتلال المقتحمين للمخيم، مشددًا على أن الاحتلال سيخرج مهزومًاـ قائلاً :” الهجوم على جنين حلقة جديدة من عدوان الاحتلال على شعبنا وكانت واضحة معالمه منذ فترة، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال سيقع بالكمائن، التي أعدها المقاومون”. وأضاف” نحن نضرب الاحتلال في أي وقت ومكان نختاره، وقبل أيام أطلق صاروخ قسام من جنين”، مؤكدًا أن الاحتلال سيخرج من جنين جارًا أذيال الهزيمة، معربًا عن ثقته بالمقاومة من كل الفصائل بصد العدوان. وشدد العاروري على أن المعركة في الضفة الغربية هي معركة مصير، لأن الاحتلال يستهدف القدس والأقصى، وتهجير شعبنا في الضفة، وسحق حلم الفلسطينيين في الحرية والاستقلال.

 

 

 

–       كلمة السر وفي ذات السياق أكد مصدر قيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أن المواجهة مع الجيش الإسرائيلي ستنتقل إلى ساحات أخرى وعلى العدو أن يتوقع في كل لحظة مزيداً من عمليات المقاومة التي ستكشف عجز الاحتلال وتعري صورته من جديد. وبنظرة تحليلية لما يجري في جنين ومخيمها، يقول المحلل السياسي عدنان الصباح، إن ما يجري على الأرض هو استعراض قوة ولاسيما أن الاحتلال دفع بكم كبير من القوات والطاقات والآليات والطائرات لمخيم لا تزيد مساحته عن نصف كيلومتر ويستخدم أدوات مقاومة بدائية. ويضيف” حكومة الاحتلال المتطرفة تهدف من العدوان لإيقاع أكبر قدر من الشهداء والدمار لأخذ صورة لجمهورها وناخبيها بأنها استعادت مكانتها؛ وتوقف الأصوات الناقدة لها على حساب الدم الفلسطيني، مؤكدًا أن المقاومة قادرة على الإمساك بزمام الأمور وحشر الاحتلال في الزاوية، معتبرًا أن “القضاء على المقاومة محاولة يائسة لا يمكن أن تنجح”. ويشير إلى أن الآليات لا تسير إلا بجرافة في المقدمة تحرث الأرصفة بحثا عن العبوات الناسفة لتجنب تكرار السيناريو الذي حدث قبل أسبوعين، حينما جرى إعطاب 7 آليات وإصابة 7 جنود إسرائيليين بتفجير عبوات ناسفة. ويرجح الصباح انتهاء العدوان خلال 24 -48 ساعة كأقصى تقدير، مضيفًا أن الاحتلال يريد إحداث أكبر قدر ممكن من الأضرار في أقل وقت ممكن، موضحًا أن “الاحتلال لا يريد لهذه العملية أن تطول لأنه لا يضمن إلى أين يمكن أن تصل دائرة اللهب وخشية تحول كل الضفة الغربية إلى جنين”. ويتابع “الخطر الأكبر للاحتلال هو انضمام سائر مدن الضفة للمعركة، وإمكانية اندلاع هبات شعبية وجماهيرية في الداخل المحتل، ثم انضمام قطاع غزة أو جنوب لبنان أو سوريا للمواجهة”. ويؤكد الصباح أن “ما في جعبة المقاومة لصدّ العدوان شعبها وتاريخها الطويل”، لافتًا إلى أن جنين تواجه الاحتلال بشبان ولدوا بعد اجتياح عام 2002 ويقاتلون على نفس الأرض بأدوات أكثر خبرة وحنكة وتجربة. وأما هذه التطورات يبقى التساؤل.. هل موقف السلطة الفلسطينية يكفي؟ ولماذا لم تدخل غزة المعركة بعد؟ وهل ستحقق إسرائيل هدفها بمخيم جنين؟

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأميركية؟

غزة- رفعت فصائل المقاومة الفلسطينية درجة الاستنفار الميداني في صفوف مقاتليها للتعامل مع أي تطورات محتملة بالتزامن مع تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة بإسقاط حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودراسة خيارات بديلة لإعادة "الرهائن".

وقابلت المقاومة في غزة التهديدات الجديدة بمزيد من التأهب لمواجهة أي تطورات مفاجئة، سواء فيما يتعلق برفع الاحتلال وتيرة عملياته البرية داخل القطاع، أو اللجوء إلى عمليات خاصة بهدف تحرير الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

رفع الجاهزية

وقال قائد ميداني في فصائل المقاومة بغزة للجزيرة نت إن رفع الجاهزية لدى المقاتلين يأتي لمنع أي محاولة إسرائيلية للحصول على أي من جنوده الأسرى دون مقابل، وتكبيده أكبر قدر من الخسائر في حال فكر بأي عملية خاصة أو لجأ إلى التقدم البري بشكل أكبر داخل القطاع.

وشدد القائد الميداني على أن المجموعات المقاتلة تلائم خططها بما يحقق أكبر قدر من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي يحاول الهرب من المواجهة المباشرة عبر القوة النارية الغاشمة.

وتأتي هذه التطورات الميدانية بعدما قال ترامب "إن حركة حماس لا ترغب في إبرام اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وأعتقد أنهم سيسقطون".

وأعقب ذلك حديث نتنياهو بأن إسرائيل تدرس خيارات بديلة لإعادة الرهائن إلى ديارهم وإنهاء حكم حماس في غزة، بعد أن استدعت المفاوضين من محادثات وقف إطلاق النار في قطر.

التخلص الفوري من الأسرى الإسرائيليين وسيلة المقاومة للرد على محاولة إسرائيلية لتحريرهم (الجزيرة) "التخلص الفوري"

وفي السياق، يعتقد الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة أن قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة تدخل منعطفا حساسا مع تصاعد التهديدات العلنية وعودة الحديث عن خيار الحسم العسكري المجرب خلال 22 شهرا من الحرب دون نتائج حاسمة.

إعلان

ويقول أبو زبيدة للجزيرة نت إن هناك تحولا في الموقف الأميركي تجاه تقديم غطاء سياسي لأي عملية إسرائيلية خاصة، سواء في غزة أو في الخارج، مما أدى إلى رفع المقاومة الفلسطينية منسوب الجاهزية لوحدات تأمين الأسرى، وفعّلت بروتوكول "التخلص الفوري" كإجراء ردعي عالي المستوى، مضيفا أن أي عملية إنقاذ قسرية ستكون محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى مقتل الأسرى.

ويشير إلى أن المعطيات الاستخبارية ترفع مؤشرات تنفيذ عمليات خاصة مركّبة، سواء عبر طائرات مسيرة أو وحدات كوماندوز أو عملاء ميدانيين، ليس فقط في غزة، بل في ساحات خارجية تستهدف كوادر المقاومة، وهو ما دفعها إلى إصدار تحذيرات أمنية لقياداتها في الخارج خشية تنفيذ اغتيالات أو عمليات اختطاف.

وكانت منصة الحارس التابعة للمقاومة الفلسطينية نقلت عن ضابط في أمن المقاومة بغزة قوله إن المقاومة رفعت الجاهزية لدى جميع وحدات تأمين الأسرى الإسرائيليين في القطاع، بما في ذلك العمل وفق بروتوكول "التخلص الفوري".

وأوضح الضابط في حديثه للمنصة أن هذا الإجراء يأتي في ظل وجود تقديرات بإمكانية قيام الاحتلال الإسرائيلي بعمليات خاصة بقصد تحرير أسرى في غزة، داعيا المواطنين للإبلاغ عن أي تصرف مشبوه أو سلوك مريب، سواء لأشخاص أو مركبات.

وأمام الحضور الاستخباري الإسرائيلي المكثف في غزة لفت الباحث أبو زبيدة إلى أن فصائل المقاومة تعمل ضمن معادلة استنزاف طويلة وتجهيز كمائن، وانتشار موضعي عبر مجموعات صغيرة لا مركزية، تحسبا لأي مواجهة أو عملية خاصة معقدة، ولا سيما إذا ما تم تنفيذها تحت غطاء ناري واسع.

وشدد على أنه مع تدهور البيئة الداخلية في غزة قد يعتقد صانع القرار في تل أبيب أن الزمن مناسب لمحاولة جريئة، لكن المفاجآت تبقى واردة، والتكلفة قد تكون سياسية وعسكرية وأمنية عالية.

"أوراق حماس"

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة إن ما يجري ليس مجرد تراجع في المواقف الأميركية، بل انكشاف كامل للنية السياسية التي كانت تتخفى خلف ستار الوساطة، ومع ذلك لا تزال حماس تتعاطى مع مسار التفاوض من باب القوة النسبية التي راكمتها ميدانيا وسياسيا.

وأوضح عفيفة في حديث للجزيرة نت أن الأوراق التي تمتلكها حماس تتمثل في:

الأسرى: وهو الملف الذي يبقي الاحتلال في حالة استنزاف دائم ويمنح حماس ورقة تفاوض مركزية. الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي تعاني من ضغط نفسي وسياسي متفاقم ومن حكومة عاجزة ومأزومة. الميدان الغزي: الذي يربك الاحتلال يوميا بكمائن الأنفاق والاشتباك المتقطع. البيئة الإقليمية: التي تشهد تحولا في المزاج الشعبي والرسمي يحرج العواصم الداعمة للاحتلال.

ويعتقد عفيفة أن تصريحات ترامب ليست زلة لسان، بل تعبير صريح عن العقيدة الأميركية المستقرة منذ عقود، والقائمة على التفاوض مع الفلسطينيين فقط بقدر ما يخدم أمن إسرائيل، وليس كجزء من حل سياسي متوازن، وبالتالي فإن حماس لا تفاوض فقط لإدارة كارثة، بل لتثبيت معادلة جديدة عنوانها لا أمن ولا استقرار دون حقوق سياسية واضحة للفلسطينيين.

يذكر أن حركة حماس خاضت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي بوساطة قطرية مصرية منذ 20 يوما، وكانت يسودها حالة من التفاؤل بقرب التوصل إلى هدنة لمدة 60 يوما، قبل أن يعلن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن الإدارة الأميركية قررت استدعاء فريقها التفاوضي من الدوحة.

إعلان

وقال ويتكوف في منشور له عبر منصة إكس إن رد حماس على المقترح الأخير يظهر عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار.

مقالات مشابهة

  • كارثة عطش تهدد الضفة.. الاحتلال يسيطر على 84% من المياه الفلسطينية
  • السلطة الفلسطينية ونظرية الضفدع المغلي
  • كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأميركية؟
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن إحباط هجومين في الضفة الغربية
  • "حماس" تدين قمع أجهزة السلطة لمسيرات الضفة وتدعو لتكثيف الفعاليات المساندة لغزة
  • أجهزة السلطة في الضفة الغربية تقمع تظاهرات تضامنية مع غزة (شاهد)
  • حماس: قمع السلطة للمسيرات بالضفة إسناد لعدوان الاحتلال على غزة
  • حماس: قمع السلطة بالضفة لمسيرات التنديد بحرب غزة إسناد لعدوان الاحتلال على شعبنا
  • مسيرات في الضفة نصرةً لغزة وأجهزة السلطة تقمع مسيرة في نابلس
  • خلال ساعات.. تغير لافت في موقف إسرائيل وأمريكا من رد حماس