م. علي أبو صعيليك مهما بلغت وحشية الجريمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني حالياً في مدينة جنين الفلسطينية، فإنها لن تنتهي بهزيمة الشعب الفلسطيني الذي صمد ولا زال على أرضه رغم كل المجازر والقمع والتنكيل الذي يرتكبه الاحتلال في فلسطين منذ قرابة خمسة وسبعين عاما على بداية الاحتلال. لا شك في أن الجريمة الحالية تجري بتنسيق كامل بين الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة كما تحدثت العديد من وسائل الإعلام، وسط تأييد علني من الدول الكبرى التي تمارس أقذر التناقضات مع جرائم الاحتلال في فلسطين بالمقارنة مع مواقفها مع روسيا في حربها في أوكرانيا.

لن تسمح الدول الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة للمقاومة الفلسطينية بإزالة الاحتلال الصهيوني عن الوجود، فالاحتلال الصهيوني هو “كلب” الحراسة المستخدم مخابراتيا وحتى عسكري للسيطرة على المنطقة وليس احتلال فلسطين فحسب، ندرك هذه الحقيقة، ولكن ندرك أيضا أن الاحتلال لن يزول إلا بالمقاومة. أهم سبب لما تقترفه قوات الاحتلال في جنين حاليا هو تطور قدرات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي التي تسير على نهج المقاومة في غزة، والتي تثق بها الجماهير، ولكن الاحتلال الصهيوني يمارس قذارته بالضغط على أهالي مخيم جنين الأبرياء بطردهم وهدم بيوتهم كذريعة للبحث عن المقاومين، وفي ذلك دليل قاطع على عجز استخبارات العدو في تحديد قدرات المقاومة ومواقعها. هدم البيوت وطرد الفلسطينيين الأبرياء من مدينة جنين والمخيم جريمة على رؤوس الأشهاد، وإذا كانت أمريكا والدول الغربية جزءا من هذه الجريمة كما أشرنا، فماذا نسمي صمت الدول العربية والإسلامية واكتفاء معظمها ببيانات الشجب والتنديد التي لا يلتفت لها الاحتلال. يمكن تفسير ما قامت به قوات الاحتلال مساء أمس من عمل عنيف وسريع بطردها العائلات الفلسطينية من بيوتها، خصوصاً في المخيم، بأنه مقدمة لعملية اقتحام عنيفة جدا للقضاء على المقاومة، والتي لا شك بأنها تحتاج للكثير من الدعم وقد يحدث ذلك من غزة أو من غيرها لأن زيادة جبهات القتال وهو الطريق الذي سيؤدي لا محالة لتراجع قوات الاحتلال عن مخططها وعدوانها على جنين. ورغم عدم تكافئ المعركة،  إلا أن الأمور تتجه نحو مواجهات دموية شديدة بعد إفراغ المخيم من ساكنيه، ولكن في داخل المخيم سيضطر الاحتلال إذا استمر في مخططه للدخول في حرب شوارع مع المقاومة، صحيح أن الفارق كبير جدا في الإمكانيات، ولكن ما يميز الفلسطيني عن مرتزقة قوات الاحتلال أنه يؤمن بدفاعه عن وطنه. من المعيب على الجميع أن يستمر نقص الخدمات في مستشفيات مدينة جنين، واستمرار اعتداء قوات الاحتلال على المستشفيات وهي التي تستقبل المدنيين العزل المصابين في اقتحام جنين، فلماذا لا تمارس دول العالم الإسلامي دورها في هذا الشأن فقط بعد أن عجزت عن تقديم أي دعم عسكري أو حتى سياسي! لا يوجد مبرر لصمت وعدم تدخل دول العالم العربي والإسلامي في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني في الحرب غير المتكافئة والمستمرة مع الاحتلال، لا نتحدث عن دعم عسكري وهذا مفروغ منه، بل نتحدث عن غياب دورها السياسي في العمل على إيقاف الاعتداء على جنين، فهل ينتظرون أن تقتل قوات الاحتلال أكبر قدرا من الفلسطينيين وتنسحب قوات الاحتلال من جنين حتى يدعي البعض بأن ذلك تم بجهوده!!! ونتساءل عن غياب أي دور للدول العربية التي أصبحت ترتبط بعلاقات وتطبيع مع الاحتلال، فلماذا لا تستخدم تلك العلاقات كوسيلة ضغط للعمل على إيقاف ما يحدث من جرائم للاحتلال في جنين، وذلك أضعف الإيمان، حتى في السياسة لمن يدعي استقلاله، فإن من غير المنطقي أن يحتفظ الكيان الصهيوني بعلاقات دافئة مع بعض الدول العربية دون ثمن ولا تضحيات، فهل يعقل أن تترك أسود فلسطين لوحدهم بلا دعم لتأكلهم كلاب الصهيونية! وفي نفس الوقت الذي نشعر فيه بمشاعر الحزن والغضب والألم على أي أذى يلحق بالفلسطينيين من قوات الاحتلال، لكن أيضاً تعودنا أن تكون المدن الفلسطينية المنكوبة مصدرا لرفع معنوياتنا، حتى وهي تتعرض لأقسى درجات الإجرام، فالإيمان بأن  التحرير حتمي مزروع  فينا وفي كثير من الأحيان كان صمود مدن فلسطين في مواجهة غطرسة الاحتلال هي مصدر لذلك الإيمان بالإضافة لعقيدتنا. كاتب أردني aliabusaleek@gmail.com

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: قوات الاحتلال

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: المساحة مقابل الوقت تكبد الاحتلال خسائر فادحة

 

قال الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا إن المقاومة تتبع إستراتيجية "المساحة مقابل الوقت" في مواجهة محاولات جيش الاحتلال للسيطرة على 75% من قطاع غزة كحد أدنى.

وأشار حنا إلى أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى إعطاء القليل من المساحة مقابل إنزال الكثير من الخسائر، في انتظار تحول سياسي قد يغير موازين المعركة.

وأوضح الخبير العسكري أن المقاومة طورت تكتيكًا جديدًا يقوم على مبدأ بسيط لكنه فعال: بدلا من الدفاع عن كل شبر من الأرض، تركز المقاومة على جعل تقدم قوات الاحتلال مكلفًا جدًا من ناحية الخسائر البشرية والمادية.

ويشبه هذا التكتيك إلى حد كبير ما تطبقه الجيوش في الحروب الحديثة عندما تواجه قوة متفوقة تقنيًا، حيث تحول الصراع من معركة سيطرة تقليدية إلى معركة استنزاف طويلة الأمد.

وبحسب حنا فإن هذه الإستراتيجية تتجلى في العمليات المتقدمة التي تنفذها المقاومة في مناطق حساسة مثل بيت حنون والشجاعية وخان يونس، والتي لا تبعد أكثر من 500 متر عن مراكز مهمة لجيش الاحتلال.

وللتعمق أكثر في فهم كيفية تطبيق هذه الإستراتيجية عمليًا، أكد حنا أن المقاومة لا تعتمد على "مركز ثقل" واحد يمكن استهدافه وإنهاء المقاومة بضربة واحدة، مما يجعلها قادرة على الاستمرار حتى مع فقدان قيادات مهمة.

إعلان

وحول استمرار العمليات العسكرية رغم مقتل قيادات مهمة في المقاومة، ولماذا لم تحقق الضربات الموجهة للقيادات النتائج المرجوة في إنهاء المقاومة، أوضح حنا أنها إستراتيجية تشبه إلى حد كبير نموذج "حرب العصابات الحديثة" التي تعتمد على التوزيع الواسع للقدرات والمسؤوليات.

إستراتيجية متطورة

ونتيجة لهذه الإستراتيجية المتطورة، تظهر الآثار الواضحة على قوات الاحتلال من خلال أرقام مقلقة. فقد لفت حنا إلى أرقام تدل على حجم الاستنزاف الذي يواجهه جيش الاحتلال، حيث أشار إلى تنفيذ 2900 غارة جوية منذ شهر مارس/آذار، مما يعكس حجم الجهد العسكري الهائل المبذول دون تحقيق النتائج المرجوة.

الأمر الأكثر دلالة هو ما اعتبره حنا مؤشرًا واضحًا على فشل الخطة الأولية: تزايد عدد قوات الاحتياط التي تم استدعاؤها إلى 450 ألف جندي، مقارنة بالعدد الأساسي للمقاتلين النظاميين البالغ 190 ألف جندي.

هذا التضخم في الأعداد يؤكد أن الخطة العسكرية الأولية لم تحقق أهدافها في الإطار الزمني المتوقع، مما اضطر القيادة العسكرية إلى اللجوء إلى موارد إضافية بشكل مكثف، بحسب حنا.

وسلط الخبير العسكري الضوء على مجموعة من التحديات المعقدة التي تواجه جيش الاحتلال، والتي تتجاوز الجانب العسكري المحض إلى أبعاد اقتصادية ونفسية واجتماعية.

فعلى المستوى الاقتصادي، تشكل الزيادة الهائلة في عدد قوات الاحتياط عبئًا ماليًا ثقيلًا على الموازنة العامة، خاصة مع تمديد فترات الخدمة من 37 يوما إلى 187 يوما في بعض الحالات، مع وجود حالات وصلت إلى 500 يوم خدمة.

الضغوط النفسية

أما على المستوى النفسي والاجتماعي، فيواجه الجنود تحديات جسيمة -وفق ما ذكره حنا- تشمل فقدان الوظائف والمنازل، والضغوط النفسية الناتجة عن طول فترة القتال وعدم وضوح النهاية.

وهي عوامل تسهم في تآكل الروح المعنوية وتؤثر على الأداء القتالي للوحدات، كما تخلق ضغوطًا داخلية على القيادة السياسية والعسكرية.

إعلان

إضافة إلى التحديات المادية والبشرية، تواجه قوات الاحتلال أزمة أعمق تتعلق بالمصداقية والصورة.

وفيما يتعلق بأزمة المصداقية التي يواجهها جيش الاحتلال، والتي تتجلى في التناقضات المستمرة بين التصريحات الرسمية والواقع الميداني، لفت حنا إلى بعض الحالات التي يدعي فيها الجيش استخدام "السلاح الدقيق والذكي"، بينما تظهر النتائج الميدانية غير ذلك.

وعندما يؤكد دقة المعلومات والإحداثيات، تكشف الوقائع عن أخطاء كبيرة، وأشار إلى أن هذا التناقض لا يؤثر فقط على الصورة الخارجية، بل يخلق شكوكًا داخلية حول فعالية الإستراتيجية المتبعة.

كما نبه إلى أن الأمر الأكثر خطورة هو تأثير هذه التناقضات على مفهوم "الجيش الأخلاقي" الذي يروج له جيش الاحتلال، حيث تبدو الادعاءات حول الالتزام بالمعايير الأخلاقية في القتال متناقضة مع الواقع الميداني والخسائر المدنية الكبيرة.

مقالات مشابهة

  • مندوب فلسطين بمجلس الأمن: أنقذوا غزة وأوقفوا جرائم الاحتلال
  • خبير عسكري: المساحة مقابل الوقت تكبد الاحتلال خسائر فادحة
  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • كيف تضع العمليات اليمنية العدو الصهيوني بين فكي كماشة وتمنح المقاومة الفلسطينية فرصة الانتصار؟
  • أحزاب اللقاء المشترك: انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني علامة فارقة في تاريخ الأمة
  • سرديات المقاومة.. رحلة طاهر النور من تشاد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة
  • إسرائيل تواصل عدوانها على جنين ومخيمها لليوم 126 على التوالي
  • الجولان في قبضة الاحتلال.. كيف يغذّي الاستيطان أطماع الكيان الصهيوني؟
  • الاحتلال يوسع عمليات التجريف والتدمير داخل مخيم جنين
  • جرائم الاحتلال الصهيوني ومواجهته