مع اقتراب اليوم الأخير من الهدنة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، وتداول الأنباء عن احتمال تمديدها، دارت تحليلات المراقبين حول الرابح والخاسر من وقف إطلاق النار المؤقت، وأهداف كل من إسرائيل وحركة حماس منها، وحساب المكاسب والخسائر لكل منهما منذ عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذته المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، مرورا بـ 51 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وحتى اليوم.

وقضى اتفاق الهدنة بوقف القتال 4 أيام، للسماح بإطلاق سراح 50 رهينة محتجزة في غزة بينهم نساء وأطفال، مقابل الإفراج عن 150 فلسطينيا من النساء والأطفال في السجون الإسرائيلية، وكذلك دخول مساعدات إنسانية تضم مئات الشاحنات من المساعدات الإنسانية والطبية والوقود إلى قطاع غزة.

وجاء الاتفاق تزامنا مع نشر تقارير إسرائيلية بشأن غضب وسط الرأي العام الداخلي من الإخفاق الاستخباراتي والعسكري في تقدير قدرة حماس على القيام بعملية "طوفان الأقصى"، فضلا عن الفشل في تحرير أكثر من 240 أسيرا وأسيرة من قبضة الحركة طوال 45 يوما من الحرب، رغم الإسناد البري.

واعتبر عديد المراقبين أن موافقة طرفي الحرب على الهدنة يعني أن لكل منهما مصالح منها، لكنهم رجحوا استفادة المقاومة الفلسطينية منها بشكل أكبر، خاصة حركة حماس.

فرض الشروط

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، أن اتفاق الهدنة كان لصالح حماس، التي "أجبرت إسرائيل على القبول بشروطها والتفاوض، في وقت كانت تصر إسرائيل على رفض الهدنة منذ أسابيع"، وفقا لما أوردته شبكة "سكاي نيوز عربية".

ويضيف الرقب أن حماس تمكنت من تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة في العدد والعتاد، " ما اضطره إلى الهدنة بعد الإخفاق في تحرير الأسرى وازدياد الغضب الدولي من ممارساته في قطاع غزة".

اقرأ أيضاً

4 أيام أم يوم بيوم؟.. اتفاق قريب لتمديد الهدنة بين حماس وإسرائيل

ويشير الدبلوماسي الفلسطيني، السفير السابق لدى مصر، بركات الفرا، إلى أن مكاسب السياسية من الهدنة أكبر من إسرائيل، "إذ نجحت في الاحتفاظ بالأسرى والمحتجزين كل هذا الوقت على الرغم من المساعي الإسرائيلية للوصول إليهم بالقوة وبالأدوات الاستخباراتية، وإجبار حكومة الحرب في تل أبيب على قبول الهدنة رغم الرفض الصارم في البداية لإبرام أي هدنة أو وقف لإطلاق النار قبل استكمال الأهداف العسكرية وتحرير جميع الأسرى"، وفقا لما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط.

وفي السياق ذاته، يرى الباحث اللبناني في الشؤون الدولية مؤسس ومدير مركز "سيتا" للدراسات، علوان أمين الدين، أن حماس "أجادت استخدام المسافة صفر لإلحاق أكبر خسائر ممكنة بجيش إسرائيل، لكنها تريد، في الوقت ذاته، أن توقف الخسائر البشرية والممتلكات والبنية التحتية نتيجة قصف الطيران الحربي والمدفعي المستمر ليل نهار على قطاع غزة، في حرب مستمرة لأكثر من 46 يوما".

التقاط الأنفاس

ويشير أمين الدين إلى أن حماس مستفيدة "بصورة كبيرة من تأمين مصادر للوقود والأدوية والأغذية، وتأمين نقل الجرحى من المعارك وأماكن القصف، والاستعداد لأرض جديدة للمعارك، لأن الحركة ومعها الفصائل تدرك أن الهدنة مؤقتة والجيش الإسرائيلي يريد أن يتدارك خسائره ويعدّل خططه، بعدما أخفق الحصار البري أن يسفر عن تقدم ملحوظ".

ويضيف أن حماس كسبت تعاطفا دوليا كبيرا، على المستوى الشعبي، لا سيما مع ضراوة الضربات الإسرائيلية للمقرات الأممية والمستشفيات ومقتل آلاف الأطفال والنساء، كما حظيت بدعم سياسي كبير من أطراف دولية قوية، بينها روسيا والصين.

ومن مكاسب حماس أيضا من الهدنة، أنها "كسرت خطاب ربطها بالإرهاب والقضاء عليها، وكذلك تثبيت قاعدة أسرى مقابل أسرى"، حسبما نقلت شبكة الجزيرةعن الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية، إبراهيم ربايعة.

كما ربحت حماس من الهدنة فرصة لإعادة تجميع صفوفها وإعادة التمركز وإعادة دراسة استراتيجيتها، وهو ما لن ينفع القوات الإسرائيلية بنفس الطريقة التي ستستفيد بها المقاومة الفلسطينية، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المحلل السياسي، كلايف جونز.

جمع المعلومات

ويرى الباحث السياسي، معين مناع، مكسب الاحتلال الإسرائيلي من الهدنة يتمثل في "استغلالها في جمع معلومات تتعلق بالمقاومة والأنفاق، وتحريك قواته بطريقة تكون قادرة على استئناف القتال"، حسبما أورد "الجزيرة نت".

لكن أمين الدين، يشير في المقابل إلى أن إسرائيل خسرت مكانتها لدى الظهير الشعبي الأوروبي، المتضامن معها منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي، فضلا وجود "ضجر غربي رسمي" من فاتورة دعمها المرهقة، في ظل أزمة اقتصادية فاقمتها حرب أوكرانيا وأزمتا الطاقة والإنتاج بأوروبا.

اقرأ أيضاً

أكد التفاهم حول تمديد الهدنة.. حماس: جهود قطرية مصرية لم تكتمل بعد لوقف دائم للحرب

ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خليل العناني، أن الاحتلال "فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض خلال 6 أسابيع من الحرب"، وأن التوصل إلى اتفاق كهذا يمثل "اختراقا مهما للتصعيد الإسرائيلي عقب عملية طوفان الأقصى"، حسبما أورد "الجزيرة نت".

وبحسب أستاذ الشؤون الدولية في جامعة قطر، أحمد جميل العزم، فإن إسرائيل خسرت "انكسار خطابها، الذي كان يتحدث عن معركة بلا توقف، ويتبنى خطاب إبادة بامتياز، مقتبسا نصوصا من التوراة تدعو إلى إبادة "العماليق"، ويعلن رفضه لوقف إطلاق نار لأنه سيؤدي إلى فرصة ذهبية لحماس لإعادة ترتيب صفوفها".

أما ربايعة، فيرى أن الهدنة تمثل انتكاسة إسرائيلية لمشروع تهجير سكان غزة بسبب الضغط الإقليمي والدولي المعاكس، إلى جانب غياب أي إنجاز عملياتي على الأرض، حسبما أوردت شبكة الجزيرة.

الإمدادات العسكرية

بينما يرى جميل العزم، في المقابل، أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من القدرة على جلب "الإمدادات العسكرية" خلال الهدنة، فهي الطرف صاحب الحدود المفتوحة مع العالم، وصاحب القدرة على ترتيب صفوفه أكثر بكثير من المقاومة المحاصرة أصلا.

فيما يعتبر العناني الهدنة بمثابة "أول اعتراف إسرائيلي غير مباشر بفشل العملية العسكرية البرية التي كانت تهدف إلى محاولة تخليص الرهائن بالقوة العسكرية"، ولذا فإن ما يتعلق بالإمدادات لن يكون مؤثرا طالما أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على إخضاع المقاومة على الأرض.

ويعزز من طرح العناني عديد المؤشرات على أن كتائب القسام لم تستخدم كل ما في جعبتها من إمكانيات عسكرية، ومنها صواريخ الكورنيت الروسية، ذات القدرة التدميرية الكبيرة، والمضادة للدروع، وهي أكثر قدرة على تدمير الآليات الإسرائيلية من قذائف الياسين 105 أو التاندوم، التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الماضية.

ولذا أكد الناطق العسكري باسم كتائب القسام، في خطابه الأخير، أن المقاومة مستعدة لحرب طويلة، وأن نسبة كبيرة من مقاتليها لازالوا في حالة "انتظار" للدخول في المعركة لأول مرة.  

نزيف اقتصادي

غير أن أكبر خسائر إسرائيل على الإطلاق من قبول الهدنة دون تحقيق للأهداف العسكرية المعلنة، خاصة القضاء على حماس وتحرير كل الأسرى، بعد أعداد القتلى غير المسبوقة من الإسرائيليين، والتي بلغت 1200، فضلا عن أكثر من 5 آلاف مصاب، هو النزيف الاقتصادي الذي أصاب دولة الاحتلال.

فإلى جانب كلفة الحرب الأولية التي تقدر بنحو 50 مليار دولار، ألقت الحرب تداعيات وتأثيرات على مختلف القطاعات الاقتصادية بالسوق الإسرائيلي، وهي تأثيرات أسهمت بتعطيل عديد المرافق بدرجات مختلفة، وأبرزها، فروع البناء، والسياحة، والضيافة، والترفيه، والمقاهي والمطاعم، الأمر الذي انعكس بتعطيل مئات الآلاف من القوى العاملة.

ولذا اعتبر كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، شموئيل أبرامسون، أن تأثير الحرب على الاقتصاد يتجاوز أي حادث أمني شهدته الدولة خلال العقدين الأخيرين على الأقل، حسبما أورد موقع "واي نت" العبري.

وبحسب الموقع الإسرائيلي فإن الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي تبلغ حتى الآن 24 مليار شيكل (6.4 مليارات دولار أمريكي)، ما يعني أن قبول الهدنة ربما يكون بضاغط اقتصادي، وأن استئناف القتال سيعني مزيدا من نزيف مالي غير مسبوق.

اقرأ أيضاً

لهدفين.. جيش الاحتلال يرغب بتمديد الهدنة مع "حماس" (تقدير إسرائيلي)

المصدر | الخليج الجديد + مواقع ووكالات

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حماس إسرائيل غزة الهدنة طوفان الأقصى المقاومة الفلسطينية المقاومة الفلسطینیة طوفان الأقصى من الهدنة أن حماس

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري .. بدلا من إنقاذ 20 أسيرا عاد نتنياهو للحرب وفقدت “إسرائيل” 20 جنديا

#سواليف

انتقد الكاتب الإسرائيلي أمير تيبون حكومة رئيس الوزراء بنيامين #نتنياهو لفشلها الذريع في استعادة #الأسرى #الصهاينة لدى حركة #المقاومة_الإسلامية ( #حماس )، وقال إن على الرأي العام الإسرائيلي أن يتساءل عن أي غرض تخدمه #الحرب على قطاع #غزة حاليا؟ ومن أجل ماذا يموت هؤلاء الشباب؟

وكتب تيبون في مقاله بصحيفة هآرتس أنه منذ أن خرقت “إسرائيل” وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي قُتل 20 من جنودها، وهو ما يعادل عدد أسراها الأحياء الذين كان من الممكن إنقاذهم.

وأضاف أن “إسرائيل” كانت في مفترق طرق قبل 3 أشهر -وتحديدا منذ أوائل مارس/آذار الماضي- وكان أمامها خياران: الأول أن تنتقل من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس في يناير/كانون الثاني إلى المرحلة الثانية، والتي كان من المفترض أن تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين وإنهاء الحرب التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

مقالات ذات صلة مقتل خمسيني طعنا وإصابة 3 خلال مشاجرة في مأدبا 2025/06/09

وكان الخيار الثاني يتمثل في خرق وقف إطلاق النار واستئناف الحرب كما ورد في المقال الذي قال كاتبه لو أن حكومة نتنياهو تبنت الخيار الأول لكان الأسرى الإسرائيليون الأحياء الـ20 قد عادوا إلى ديارهم، وكان من الممكن إطلاق سراحهم قبل عيد الفصح اليهودي الذي مضى عليه شهران تقريبا.

لكن الحكومة لجأت إلى الخيار الآخر، وهو استئناف الحرب، وكان دافعها في الأغلب سياسيا، لكن تيبون يقول إن قرارا يعيد الأسرى ويضع حدا للحرب في غزة حسب مقتضيات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار كان من شأنه أن يكتب نهاية للائتلاف الحاكم في إسرائيل باستقالة المتطرفين مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

ولهذا السبب، تجددت الحرب في غزة قبل 3 أشهر، ومنذ ذلك الحين لم يُفرج من الأسرى الإسرائيليين الأحياء سوى عن عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية أيضا، حيث جاء إطلاق سراحه باتفاق منفصل بعد مفاوضات بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحركة حماس ودون أي تدخل من جانب حكومة نتنياهو التي تصر على وقف إطلاق نار جزئي ومؤقت يسمح لها باستئناف الحرب.

إذا كان الهدف المعلن هو إعادة الأسرى فإن الكاتب يؤكد أن الحرب تحقق عكس ذلك تماما، أما إذا كانت الغاية منها القضاء على حماس فما الخطوات الدبلوماسية التي يجري اتخاذها لإنشاء حكومة مستقرة في غزة تكون بديلا لحركة المقاومة الإسلامية؟

وقال تيبون إن إدارة ترامب انحازت إلى نتنياهو، لكنها لم تنجح في زحزحة حركة حماس من موقفها، في حين نفد صبر بقية العالم وهو يرى تلك الصور المرعبة تخرج من قطاع غزة وارتفاع أعداد القتلى من المدنيين جراء القصف الإسرائيلي.

وتابع تيبون أنه إذا كان الهدف المعلن هو إعادة الأسرى فإنه يؤكد أن الحرب تحقق عكس ذلك تماما، أما إذا كانت الغاية منها القضاء على حماس فما الخطوات الدبلوماسية التي يجري اتخاذها لإنشاء حكومة مستقرة في غزة تكون بديلا لحماس؟

مقالات مشابهة

  • طائرات الاحتلال تتدخل لصالح مجموعة أبو شباب في اشتباك مع المقاومة
  • عرض شعبي لـ 2200 من خريجي دورات “طوفان الأقصى” في حجة “صور”
  • بمشاركة 2000 مقاتل: قوات التعبئة العامة بحجة تنظم عرضاً شعبياً لخروجي دورات طوفان الأقصى
  • “حماس”: العدو الإسرائيلي حول مراكز المساعدات لمصائد موت ممنهجة
  • لماذا لا تستطيع إسرائيل أن تنتصر في غزة؟
  • مسير وتطبيق لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية جهران بذمار
  • لقاء أميركي - صيني رفيع في لندن: هدنة الحرب التجارية على طاولة البحث
  • إعلام عبري .. بدلا من إنقاذ 20 أسيرا عاد نتنياهو للحرب وفقدت “إسرائيل” 20 جنديا
  • هآرتس: بدلا من إنقاذ 20 أسيرا عاد نتنياهو للحرب وفقدت إسرائيل 20 جنديا
  • رهائن الحقول في إسرائيل: لماذا كان التايلانديون في صدارة أسرى حماس في طوفان الأقصى؟