اصطفى الله عز وجل بعض عباده ليكرمهم بحسن الخاتمة، فنرى بعضهم يلقى ربه وهو ساجد، وبعضهم كان يرتل القرآن الكريم أو يجاهد في سبيل الله، مدافعا عن وطنه وعرضه، ومنهم من يساعد في إنقاذ شخص، والكثير من النهايات الجيدة التي يتمناها كل مسلم أن يرزقه الله بها مثل هؤلاء، والكثيرون ممن يلقون ربهم في هذه الحالات نحتسبهم عند الله من الشهداء.

وخلال الفترة الماضية ومنذ العدوان الغاشم من الاحتلال الإسرائيلي على إخوتنا في فلسطين الشقيقة وخاصة في قطاع غزة، قصف الاحتلال مدينة غزة بكافة الطرق الوحشية دون اعتبار لأي عوامل دينية أو إنسانية أو قانونية وأدى ذلك لوفاة الآلاف من الأشخاص، من النساء والأطفال والشيوخ وأفراد المقاومة الذين يدافعون عن أرضهم. نحسبهم عند الله من الشهداء. 
ولمعرفة من هو الشهيد في الإسلام وكيفية تكفينه، وما هي أحكام الشهداء، تواصلنا من خلال جريدة الفجر مع الداعية الإسلامي الأستاذ عبدالعليم قشطة للإجابة على كل هذه التساؤلات."

وإلى نص الحوار:-

1/من هو الشهيد في الإسلام؟ وكيف يكفن؟

يقول الله عز وجل: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: 
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فالشهيد: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ؛ 
ودافع عن نفسه وماله وأهله ووطنه ودينه ؛ وكانت نيته خالصة لوجه الله.
ويُدفن في ثيابه، لا يُغسّل، ولا يُكفن، يُدفن في ثيابه، شهيد المعركة في سبيل الله، كما فعل الرسول في شُهداء أُحد، أمرهم أن يُدفنوا في ثيابهم، ولم يُغسلوا، ولم يُصلَّ عليهم، شهداء: بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169].

والشهداء على ثلاثة أقسام؛ 
- الأول: شهيد الدُّنيا والآخرة: الَّذي يُقْتَل في المعركة لتكون كلمة الله هي العليا، وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ» متفقٌ عليه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وتسمى هذه الشهادة بالشهادة الحقيقية.
- والثاني: شهيد الدُّنيا: وهو مَن قُتِلَ كذلك، ولكنه قُتِلَ ولم يبتغ وجه الله وكان مُدْبِرًا، أو قاتل رياءً وسُمعةً، ونحو ذلك؛ فهو شهيد في الظاهر وفي أحكام الدنيا.
- والثالث: شهيد الآخرة: وهو مَن له مرتبة الشهادة وأجر الشهيد في الآخرة، لكنه لا تجري عليه أحكام الشهيد من النوع الأول في الدنيا مِن تغسيله وتكفينه والصلاة عليه؛ وذلك كالميِّت بداء البطن، أو بالطَّاعون، أو بالغرق، أو الهدم، ونحو ذلك، وهذه تُسمَّى بالشهادة الحُكْمية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطعُونُ، والمَبطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدمِ، والشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ» أخرجه الشيخان.
وعَنْ جَابِر بْنِ عَتِيكٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ لَمَّا مَاتَ قَالَتْ ابْنَتُهُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا، أَمَا إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ قَضَيْتَ جِهَازَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: قَتْلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ»

الشهداء ثلاثة أقسام:
- الأول شهيد في حكم الدنيا -في ترك الغسل والصلاة- وفي الآخرة، وهو: مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.

- والثاني: شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو: مَن قاتل رياء وسمعة وقُتِل، والمقتول مدبرًا أو وقد غلَّ من الغنيمة، فلا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له من ثواب الشهيد الكامل في الآخرة.

- والثالث: شهيد في الآخرة فقط، وهم: المبطون، والمطعون، ومَن قتله بطنه، والغريق، والحريق، واللديغ، وصاحب الهدم، والميت بذات الجُنُب أو محمومًا، ومَن قتله مسلم أو ذمي أو باغ في غير القتال، فهؤلاء شهداء في الآخرة لا في الدنيا.

فهذه الأسباب المتعددة وغيرها قد تفضَّل الله تعالى على مَن مات بها صابرًا مُحتسبًا بأجر الشهيد؛ لِما فيها من الشِّدَّة وكثرة الألم والمعاناة؛ وكل علي حسب نيته وصدق سريرته.


2/ هل تكفين ودفن الشهداء وقت الحروب مثل ما يحدث في فلسطين يختلف بسبب ما يتعرضون له؟

والشهيد: يُدفن في ثيابه، لا يُغسّل، ولا يُكفن، يُدفن في ثيابه، 
شهيد المعركة في سبيل الله، كما فعل الرسول في شُهداء أُحد، أمرهم أن يُدفنوا في ثيابهم، ولم يُغسلوا، ولم يُصلَّ عليهم، شهداء: بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169].
إذا أُصيب الشهيد  بأرض المعركة ولكن لم يمت إلا خارج أرض المعركة: يُغسّل، إذا نُقل حيًّا ثم مات بعد ذلك يُغسّل.

 

3/ ما الحكم الشرعي في المقابر الجماعية؟ وهل يجوز  دفن الرجال والنساء مع بعض بنفس القبر؟


والأصل أن يدفن كل ميت في قبر مستقل وحده إلا للضرورة، فيجوز عندئذٍ دفن أكثر من ميت في القبر الواحد، حتى وإن كانوا رجالًا ونساءً، ولكن يوضع بين الرجل والمرأة فاصلٌ من تراب، كما جاء عن كثير من الفقهاء:"ولا يدفن اثنان في قبر ابتداء، بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع... إلا لضرورة كأن كثروا وعسر إفراد كل ميت بقبر فيجمع بين الاثنين والثلاثة والأكثر في قبر حسب الضرورة.

4/ ما الحكم الشرعي في من مات ونحتسبهم من الشهداء ومازالوا تحت الأنقاض؟

والميت تحت الهدم معدود من الشهداء ومثله الغريق كما في الحديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. رواه الإمام مالك 
وأبو داود والنسائي.

5/ وإذا وجد الميت أشلاءً مقطعة، أو لم يوجد منه إلا بعضه؟ 
فالواجب تجميع أشلاء وأعضاء كل ميت على حدة، فيما الأشلاء التي يتعذر معرفة هويات أصحابها تترك متفرقة كما هي. أشلاء الشهداء تدفن معهم كما هي، إما أن لم تكن لشهيد فيجب تغسيلها وتكفينها والصلاة عليها، حتى لو كان الموجود منها بعض الميت كيده أو رجله فقط، ويدفن كل ميت أو الجزء الموجود منه في قبر مستقل إلا إذا تعذر ذلك. وفي حال صُلي على الميت ثم وجد جزء آخر منه: تغسل هذه الأجزاء، وتكفّن، وتدفن في المقبرة.

6/ في حال كانت الجثة تعاني من مرض أو تشوه أو تآكل، هل يجوز لمسها أو تغسيلها؟

الحكم الشرعي أن الشهيد لا يغسل، وفي حال لم يكن شهيد معركة، يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ومن تعذر غسله بسبب المرض يُيمّم، وإذا تعذر تكفينه سقط، وإذا تعذرت الصلاة عليه صلي على قبره.

7/ هل يجوز دفن المسلم وغير المسلم في نفس القبر أو في مقابر المسلمين؟

فالأصل أن لا يدفن غير المسلم في مقبرة المسلمين، ولا مسلم في مقبرة غير المسلمين إلا للضرورة، فإن اختلط موتى من المسلمين وغيرهم دفنوا بين مقابر المسلمين وغيرهم، فإن تعذر ذلك دفنوا في مقابر المسلمين.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "اتفق أصحابنا رحمهم الله على أنه لا يدفن مسلم في مقبرة كفار، ولا كافر في مقبرة مسلمين.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: يجيب الداعية الإسلامي فی سبیل الله من الشهداء فی الآخرة ف ی س ب یل فی مقبرة شهید فی مسلم فی ى الله ل الله من الش فی قبر الله ع

إقرأ أيضاً:

رغم التحذيرات الحقوقية.. ترحيل الداعية المصري محمد عبد الحفيظ من تركيا إلى جهة مجهولة

أكدت أسرة الداعية المصري المقيم في تركيا، محمد عبد الحفيظ، في تصريحات خاصة لموقع عربي21، أن السلطات التركية رحلته بالفعل إلى جهة غير معلومة، بعد أيام من احتجازه في مطار إسطنبول، وسط تحركات قانونية وحقوقية مكثفة لمنع ترحيله خشية تعرضه للتعذيب في حال إعادته إلى مصر.

وقالت زوجته في تصريح مقتضب: "تم ترحيل زوجي من تركيا. نحن نشعر بحزن شديد، لكن محامينا يعملون على تقديم جميع الطلبات القانونية لضمان سلامته ولمّ شمله بأطفاله".

وأكدت الأسرة أنها لا تعلم حتى الآن الوجهة التي تم ترحيله إليها، وهو ما زاد من قلقها على مصيره.

محامية عبد الحفيظ: قرار موجع يخالف الدستور وحقوق الإنسان
من جهتها، قالت المحامية التركية غولدان سونماز، التي تتابع ملف عبد الحفيظ، إن القرار جاء رغم التحذيرات الحقوقية الواسعة، واعتبرته "مؤسفاً ومخالفاً للقانون".

وفي بيان نشرته على حسابها الرسمي، أوضحت سونماز: "ببالغ الحزن والأسى، أبلغكم أنه تم ترحيل المواطن المصري محمد عبد الحفيظ، رغم المناشدات التي وجهناها خلال الأيام الماضية لمنع ذلك. منذ لحظة توقيفه، تلقينا مئات الرسائل من صحفيين وحقوقيين ومواطنين من كافة أنحاء تركيا، يسألون عن مصيره، ويؤكدون رفضهم لهذا القرار".

وأضافت: "الهاربون من الموت والتعذيب لجأوا إلى تركيا أمانةً في أعناقنا. لا يحمينا القانون فقط، بل إنسانيتنا كذلك. والدستور التركي يلزم الدولة بحماية الإنسان، لا تسليمه إلى مصير مجهول".

وأكدت سونماز أن القوانين والمواثيق الدولية الموقعة عليها أنقرة، وفي مقدمتها اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية اللاجئين لعام 1951، تمنع ترحيل أي شخص إلى بلد يواجه فيه خطر الموت أو سوء المعاملة، وهو ما ينطبق تماماً على حالة عبد الحفيظ.

"أي قانون يبرر تمزيق العائلات؟"
ووجهت المحامية سؤالاً للجهات الرسمية قائلة: "بأي قانون يمكنكم تبرير فصل أب عن أبنائه؟ محمد عبد الحفيظ لديه أربعة أطفال، ويقيم في تركيا منذ سنوات بصورة قانونية، ويشهد له الجميع بأخلاقه وعمله الخيري والإغاثي. فكيف يصبح فجأةً شخصاً غير مرغوب فيه؟".

وشددت على أن القضية لم تكن أبداً مسألة إدارية روتينية، بل "اختبار لعدالة الدولة التركية ومدى احترامها لالتزاماتها القانونية والإنسانية".

وأضافت سونماز أن الإجراءات المتخذة بحق عبد الحفيظ كانت "سريعة، غامضة، وافتقدت للشفافية"، محذّرة من أن هذا النوع من القرارات "لا يمزق فقط العائلات، بل يمزق كذلك الثقة بين الدولة والمجتمع المدني".

مطالب بفتح تحقيق مستقل ووقف سياسة الترحيل
وتأتي هذه التطورات بعد أن أطلقت منظمات حقوقية عدة، من بينها مازومدر التركية، حملة عاجلة لمنع ترحيل عبد الحفيظ، محذّرة من أن تسليمه إلى مصر قد يعرضه لـ"الاختفاء القسري، أو التعذيب، أو حتى الإعدام خارج إطار القانون".

وحذّر محامون وحقوقيون من أن تكرار هذا النوع من الترحيلات يهدد سمعة تركيا كملاذ آمن للمعارضين الهاربين من القمع في بلادهم، ويفتح الباب لمزيد من الانتهاكات التي تضرب جوهر دولة القانون.

وفي ضوء الغموض الذي يلف مصير عبد الحفيظ، دعا نشطاء إلى فتح تحقيق مستقل حول ملابسات ترحيله، ومراجعة ملفات الترحيل السابقة التي تمت دون مسوغ قانوني أو حماية قضائية كافية.

وفي ختام تصريحها، ناشدت زوجة عبد الحفيظ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلة: "أعيدوا زوجي إلينا سالماً.. نحن لم نرتكب أي ذنب. نعيش في هذا البلد بمحبة واحترام للقانون. نرجو أن تستمعوا لصوت العدالة، وأن تتدخلوا لإعادة لمّ شمل عائلتنا من جديد".

مقالات مشابهة

  • عضو لجنة الدعوة بالأزهر يوضح فضل قول حسبي الله ونعم الوكيل
  • الإنسان بين نعمة الهداية وشهوة الطغيان .. قراءة دلالية في وعي الشهيد القائد رضوان الله عليه
  • الأزهر يوضح كيفية قضاء الصلوات الفائتة بطريقة سهلة وميسرة
  • خدمات شرطية.. تعرف على كيفية إثبات المهنة فى جواز السفر
  • خطيب الجامع الأزهر: الإسلام أولى الوقت والزمان عناية فائقة.. فيديو
  • رئيس جامعة زويل: استخسار المجموع في بعض التخصصات تفكير عقيم
  • من صور التمكين في السيرة النبوية
  • الإمام زيد وإحياء فريضة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  • رغم التحذيرات الحقوقية.. ترحيل الداعية المصري محمد عبد الحفيظ من تركيا إلى جهة مجهولة
  • متى يكون الكذب جائزًا شرعًا؟.. ثلاث حالات فقط رخص فيها الإسلام