جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-20@04:33:20 GMT

السنوار.. الرجل الصعب

تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT

السنوار.. الرجل الصعب

 

محمد بن رامس الرواس

"إنه ليس شخصًا عاديًا، هو رجل يرى نفسه في مهمة ما في هذا العالم" مركز هرتسيليا الإسرائيلي.

كانت وما تزال الاغتيالات والتصفيات والجرائم السياسية ديدنَ الكيان الإسرائيلي منذ نشأته عام 1948، بعد احتلاله أرض فلسطين، واستخدم في ذلك أجهزة الشاباك والموساد وأعوانهم فامتدت أيدي عملائهم إلى العديد من العواصم الأوربية والعربية لتنفيذ جرائمهم، وبعض هذه الاغتيالات لا يُعلن عنها والبعض منها يتم الإعلان عنها مسبقًا .

لقد ركّز الكيان الإسرائيلي بشدة في العقود الأخيرة على قادة حماس فبدأ باغتيال الشهيد الشيخ أحمد ياسين عام 2004؛ وبعده عبد العزيز الرنتيسي وغيرهم، واليوم يطلب الكيان الإسرائيلي ومجلس الحرب تحديدًا القائد يحيى إبراهيم حسن السنوار بشدة ويضعه ضمن قائمة أهدافه في حرب غزة ويعتبر القضاء عليه هدفاً استراتيجياً، وليت الكيان الإسرائيلي يعلم أن الاغتيالات لا تصنع انتصارات وإلا لما وصلت المقاومة إلى ما وصلت إليه اليوم من عدة وعتاد وتسليح وتجهيزات .

لم يتعلم الكيان الإسرائيلي من الدروس الفائتة من نتائج اغتيالاته التي تكون نتائجها وخيمة عليه، كل قيادي يسقط من المقاومة تتفجر بعده براكين من الثورة في نفوس زملائه وتلاميذه فيعملون بأضعاف طاقاتهم للنيل من الأعداء فيصبح الاغتيال وبالاً على إسرائيل؛ وعندما يسقط قائد يظهر قائد آخر أقوى وأشد بأساً ممن سبقوه، والقادة بحماس عبارة عن شهداء يمشون على الأرض وهذا ما لا تدركه إسرائيل.

إنَّ من يجري البحث عنه اليوم المطلوب رقم واحد للكيان الإسرائيلي رئيس المكتب السياسي بحماس، ذي عينين ثاقبتين وشعر أبيض ثلجي ولحية بيضاء وشارب اختلط فيه البياض باللون الأسود، عندما تقابله قد لا تدرك أنه بتلك القوة الجبارة التي يحملها في صدره.. هو من دهاة قادة المقاومة يتميز بالذكاء الفطري والحس الأمني، وهو أديب وكاتب، محبوب بشدة بين زملائه ومعارفه والشارع الفلسطيني، وهو شخصية كما شبهه أعداؤه بالأسطورة.. سياسي بامتياز متعدد المواهب في القيادة والتخطيط، يعرف كيف يدير المعارك، فهو يُدرك نقاط ضعف أعدائه بدقة، صادق الوعد لا يخلف وعده يعرف ما يُريد، مفاوض عنيد وصلب يتحدث العبرية بطلاقة، قارئ جيد للشخصية الصهيونية متعمق في المجتمع الإسرائيلي يقرأ صحفهم وكتبهم ودراساتهم ويبحر في شخصيات قادتهم، يعرف كيف ينظم ويخطط وينفذ بسرية تامّة.

يعتبره البعض غارقًا في محبة حماس إلى أذنيه؛ إذ إن المحبة الحقيقية- كما يقولون- تُنتج المعجزات، ويولد من رحمها ما يفوق الخيال، اعتنى أيما عناية بتسليح كتائب القسام فأصبحت مثل ما نشاهدها اليوم متفوقة وصاحبة اليد العليا عند الالتحام مع جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهًا لوجه .

أوهم أعداءه خلال تواجده بالأسر (حيث قضى 24 عامًا في سجون الاحتلال) بأنَّه شخصية قابلة للإرضاء ففي إحدى لقاءاته بالتلفزيون الإسرائيلي بعد أن أجرى عملية جراحية بالمخ تحدث إليهم باللغة العبرية قائلًا "برغم عدم اعترافنا بإسرائيل لكننا مستعدون للذهاب إلى هدنة طويلة الأمد". لقد أوهم الإسرائيليون بأنه من النوع المتردد في خوض الحرب، وظل يخدعهم بهذا الوهم حتى تم إطلاق سراحه في تبادل الأسرى بصفقة شاليط المعروفة عام 2011م، قام بعد خروجه بتصفية الخونة بحماس وكانت هذه مهمته الأولى، ثم تدريب وتسليح كتائب القسام، بينما على الجانب الآخر ظل يوهم إسرائيل أنه مهتم بالشأن الاقتصادي؛ ففي إحدى زياراته لمصر بعد إحدى الحروب الفائتة ترك قصاصة ورق صغيرة فوق الطاولة كتب فيها "أتمنى أن أرى غزة مثل سنغافورة"، فيعتقد القاري لها أنه يحلم بالهدنة والسلام وتشييد غزة لتكون مثل المدن الاقتصادية الكبرى حتى اعتقد الكيان أن حماس بقيادة يحيى السنوار لا تميل إلى حرب أخرى.

برغم كل ذلك، أكدت مراكز الأبحاث الإسرائيلية ومنها معهد السياسات الاستراتيجية التابع لمركز هرتسيليا في تقريره حول شخصية يحيى السنوار أنه الرجل الذي سيُغيِّر قواعد اللعبة مع إسرائيل، وأنه لا يمكن قراءة سلوكه في ظل انعدام العقلانية فهو رجل يعمل ضمن خيارات واعية، وأوصى المعهد في ختام تقريره بالاستعداد لمعركة إضافية قد تكون قريبًا. وللمفارقة أن التقرير صدر قبل معركة السابع من أكتوبر.. وللحديث بقية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاحتلال بعد عامين من العدوان.. سقوط الكيان المنبوذ وولادة وعي عالمي جديد

بعد عامين على العدوان الإسرائيلي على غزة، تتضح ملامح مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بل وفي الوعي العالمي تجاه ما يسمى "الكيان الإسرائيلي". لم يعد الاحتلال يملك ما يسوّقه من أكاذيب حول "حقه في الدفاع عن نفسه"، ولا ما يبرر جرائمه الممنهجة ضد المدنيين. فالعالم الذي كان يصمت لعقود بدأ اليوم ينطق بالحقيقة، ويتعامل مع إسرائيل كدولة مارقة خارجة عن القانون الدولي.

عزلة دولية غير مسبوقة

الكيان اليوم يقف في مواجهة عزلة دولية خانقة. فقد باتت إسرائيل ملاحقة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، بينما يواجه عدد من قادتها ملفات في محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب.

العقوبات والمقاطعات الشعبية والرسمية تتوسع يوماً بعد يوم، من المقاطعة الأكاديمية والرياضية والثقافية إلى المقاطعة الاقتصادية الواسعة التي تضرب قطاعات إسرائيلية حساسة.

الكيان اليوم يقف في مواجهة عزلة دولية خانقة. فقد باتت إسرائيل ملاحقة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، بينما يواجه عدد من قادتها ملفات في محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب. ولعل أهم ما تحقق على الصعيد الدولي هو الاعتراف المتزايد بدولة فلسطين من قبل معظم دول العالم، وهو اعتراف لم يعد رمزياً بل أصبح جزءاً من تحول سياسي وأخلاقي عالمي في فهم طبيعة الصراع: من نزاع بين "طرفين"، إلى قضية احتلال واستعمار وتمييز عنصري.

منذ عامين فقط، كانت وسائل الإعلام الغربية تتعامل مع الرواية الإسرائيلية كحقيقة مطلقة. أما اليوم، فباتت السردية الفلسطينية تتصدر الإعلام العالمي، وتفرض مصطلحاتها على الخطاب الدولي: "الاحتلال"، "الإبادة"، "الاستعمار الاستيطاني".

جيل جديد من الصحفيين والناشطين والأكاديميين الغربيين أصبحوا أكثر وعياً، وأكثر جرأة في فضح التضليل الإسرائيلي، ما جعل صورة إسرائيل تهوي أخلاقياً حتى في المجتمعات التي كانت تعتبرها حليفاً ثابتاً.

تآكل الداخل الإسرائيلي

أما في الداخل، فالمشهد أكثر قتامة. المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة انقسام حاد غير مسبوقة، ليس فقط بين اليمين واليسار، بل بين التيارات الدينية والعلمانية، وبين اليهود الشرقيين والغربيين.

الجيش الذي كان يُقدَّم كـ"الجيش الذي لا يُقهر" يعاني من أزمة ثقة وانهيار في منظومة الردع، بعد إخفاقاته العسكرية، وتراجع قدرته على تحقيق أي نصر ميداني حقيقي.

لقد خسر الاحتلال جزءاً كبيراً من شرعيته السياسية والدبلوماسية، حتى بين أنصاره التقليديين، وأصبح يُنظر إليه كـ"نظام أبارتهايد استعماري" لا يختلف كثيراً عن نظام جنوب أفريقيا قبل سقوطه بل اشد اجراما و عنصرية.. الاقتصاد الإسرائيلي بدوره دخل في دوامة انهيار: الشركات الكبرى تنسحب، الاستثمارات الأجنبية تتراجع، ومئات الآلاف من المستوطنين يغادرون الأراضي المحتلة بحثاً عن الأمان والاستقرار المفقودين.

حتى القطاع السياحي انهار بالكامل، بعدما أوقفت عشرات شركات الطيران رحلاتها إلى مطار بن غوريون، خشية من المخاطر الأمنية.

مستقبل بلا تطبيع

في ظل هذا الانهيار، لم يعد الحديث عن "التطبيع" مجدياً. فالدول التي هرولت نحو إسرائيل باتت اليوم تراجع مواقفها تحت ضغط شعوبها، وتدرك أن العلاقة مع كيان متهم بالإبادة لم تعد مكسباً سياسياً، بل عبئاً أخلاقياً.

لقد انتهى مفهوم التطبيع بالمعنى التقليدي، الذي كان يهدف إلى أن تصبح إسرائيل دولة طبيعية في المحيط العربي والإسلامي، من خلال تكامل ثقافي وتجاري وسياحي، وغيرها من العلاقات التي يعكسها التفاهم والتواصل بين الشعوب. ومع ذلك، فإن التطبيع الذي جرى حتى الآن، أصبح أقرب إلى اتفاقات أمنية بين الدول. ويظل الشعب الفلسطيني، خاصة سكان قطاع غزة، يواجهون جرائم وانتهاكات مستمرة من قبل الاحتلال، مما يجعل من المستحيل رؤية هذا الكيان كجزء طبيعي من المنطقة. فالشعوب في المنطقة، بعد كل هذا الظلم والعدوان، لا يمكنها أن تتقبل وجود كيان يمارس القتل والتنكيل بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

لقد خسر الاحتلال جزءاً كبيراً من شرعيته السياسية والدبلوماسية، حتى بين أنصاره التقليديين، وأصبح يُنظر إليه كـ"نظام أبارتهايد استعماري" لا يختلف كثيراً عن نظام جنوب أفريقيا قبل سقوطه بل اشد اجراما و عنصرية..

ما حدث خلال العامين الماضيين ليس مجرد تحول ظرفي، بل تحول تاريخي في الوعي العالمي. القضية الفلسطينية استعادت جوهرها: قضية شعب يُحتل ويُطرد ويُقتل لأنه يطالب بحريته.

لقد سقطت كل الأقنعة، ولم يعد ممكناً العودة إلى خطاب "السلام الزائف" أو "حلول التسوية السابقة". فالعالم بات يرى الحقيقة كما هي: الاحتلال هو أصل المأساة و الجريمة، والطريق الوحيد للسلام العادل هو زوال الاحتلال وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الثابتة في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا ..

مقالات مشابهة

  • أبو العروسة يجيب علي السؤال الصعب .. هل ابنته مريضة بفرط الحركة
  • إيران تدين انتهاك الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار في غزة
  • “العقل الهادئ والقبضة الحديدية”.. من يُلقب بخليفة السنوار في غزة؟
  • نجم برشلونة يعلق على فوز البارسا الصعب أمام جيرونا
  • الاحتلال بعد عامين من العدوان.. سقوط الكيان المنبوذ وولادة وعي عالمي جديد
  • قيادى بحماس: الحركة تستهدف الحفاظ والسيطرة الأمنية في غزة
  • قيادي بحماس : الحركة تعتزم الاحتفاظ بالسيطرة الأمينة في غزة
  • الإعلام الإسرائيلي يعترف بتأثير العمليات العسكرية اليمنية على أهداف حساسة داخل الكيان
  • اختراق أنظمة 3 مطارات في كندا وآخر في أميركا وبث رسائل تشيد بحماس
  • بثوا رسائل تشيد بحماس.. قراصنة يخترقون 4 مطارات في كندا وأميركا