عندما كنّا صغاراً كنّا نلعب ألعاب مختلفة لم نفهم لها هدفاً غير المتعة ومشاركة الآخرين في المرح، ولم ندرك حينها أن هناك أفكاراً ترتَّبت على تلك الألعاب، وكوّنت سلوكنا نحو تحقيق الأهداف المشروعة وغير المشروعة، ودعَّمت بعض الصفات التي لم نكن ندرك توغّلها داخلنا، ورسّخت مبدأ الغاية تبرّرالوسيلة دون أن نشعر أو يشعر أهلونا بذلك، ولعل من أبرز تلك الألعاب ، لعبة الكراسي والتي تتضمن أن يكون عدد الكراسي المستخدمة في اللعبة ، أقل من عدد اللاعبين، حتّى يبقى عند قرع الجرس ، أو انتهاء الأغنية المستخدمة ، أحد اللاعبين بدون كرسي، فيخرج بدوره من اللعبة.
في تلك الفترة ، كنّا نبذل قصارى جهدنا حتى لا نكون ذلك اللاعب المطرود من حلبة اللعبة، وكنّا نحاول أن نبقي هذه الهزيمة لآخر لحظة، لم نستوعب مقدار ما تركته في نفوسنا من حرص في القضاء على زملاء اللعب، أو الكره لذلك البطل الذي قضى على أحلامنا بالفوز، البعض من بيننا ممّن شعر بالهزيمة ، كان ينسب ذلك الفوز إلى الغش والخداع، وكان يصف الفائز بأبشع الأوصاف من الأنانية إلى التحايل لتتحول اللعبة في أغلب الأحيان إلى معركة لبقاء الأقوى لا الأفضل.
لعلّ تلك اللعبة ، لم تكن وحدها الداعم لفكرة البقاء على القمة منفردين، بل دعمها تصنيف الطلب إلى الأول والثاني والثالث في مراحلنا الدراسية، ويحضرني في هذا التصنيف إحدى قريباتي التي كانت دائماً تحصل على المركز الأول أو الثاني على مستوى مرحلتها الدراسية، وكانت هناك سباقات تحدث بينها وبين صديقتها المقربة، حيث كانت العلاقة بينهم طوال العام في حالة من الثبات إلى أن يأتي يوم النتائج وتبدأ فيه المنافسة على احتلال المركز الأول لتكون صاحبة المركز الثاني هي صاحبة الموقف العدائي المؤدي للفرقة إلى باقي أيام الإجازة الصيفية، ويأتي العام تلو العام لتتكرر القصة إلى أن انتهت تلك المنافسات بانتهاء المرحلة الثانوية وتوجهت كل واحدة منهن إلى مصير مختلف لا علاقة له بالتعليم.
لا أعلم من صاحب تلك الأفكار، ومن قال أن القمة لا تتسع إلا لشخص واحد ، وأنك حتّى تبقى على القمة ، يجب عليك أن تقضي على كل من يحاول الوصول إليها!
للأسف تلك الأفكار استمرت وتربت في تربة خصبة أوجدها بعض المدراء في نفوس موظفيهم ،إما بالسلبية المفرطة أو بزرع الولاء المشروط الذي جعل من كسب ود الإدارة العليا هو المطلب بعيداً عن نوع الإنتاجية التي هي الهدف الرئيسي، وانشغل أصحاب الإدارات في نزاعات شريفة وغير شريفة لإثبات عدم صلاحية زملائهم، ليس كرهاً لذلك الزميل.. إنما لأن حِجر الإدارة العليا لا يتسع لأكثر من مدير واحد، وعلى البقية الباقية أن تبحث عن مراكز متأخرة ، وترضى بما قسم لها بدون عدل ولا إنصاف، أو فلتبحث لها عن إدارة جديدة في مكان جديد تقدر إمكانياتها، خاصة لو أنها انتقلت دون أن تحمل معها ترسبات لعبة الكراسي ولم تستمر في نشر وباء تلك اللعبة لكل مكان جديد تحظى بالعمل فيه..
ليس مهماً من أصبح من بيننا المدير، فالمدير الحقيقي من استطاع أن يدير نفسه قبل أن يدير الآخرين، والمهم ماذا سندير؟ ولماذا ومتى وكيف وإلى أين سنصل؟
eman_bajunaid@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
بسبب تصريحاته قبل العدوان.. إيران تقدم شكوى ضد مدير وكالة الطاقة الذرية
قدم سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، شكوى لمجلس الأمن الدولي ضد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، على خليفة تصريحاته قبيل العدوان الأخير الذي شنته القوات الإسرائيلية على طهران.
واعتبر إيرواني - حسب ما أفادت به قناة "العالم" الإخبارية الإيرانية، اليوم /السبت/ - تصريحات جروسي، انتهاكا صارخا وجسيما لمبدأ الحياد المنصوص عليه ضمن مسؤوليات منصبه، مؤكدا أن مثل هذه التصريحات تتنافى كليا مع الواجبات والالتزامات القانونية المنصوص عليها في النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال - في الشكوى التي قدمها للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن - إن "ما يكسب أهمية قانونية للشكوى هو رد فعل المدير العام للوكالة خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب بدء اجتماع مجلس المحافظين في 9 يونيو الجاري، حيث اكتفى جروسي، في مواجهة تهديدات الكيان الإسرائيلي العلنية ضد المنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للضمانات، بالإشارة إلى ما وصفه بـ«مخاوف» إسرائيل المزعومة، والتي اعتبر أنها تستحق النظر".
وأضاف السفير الإيراني - في الشكوى - أن "سلوك المدير العام عقب العدوان الذي شنه الكيان الإسرائيلي يظهر بشكل واضح ومتكرر عدم قدرته على الالتزام بمتطلبات الحياد والموضوعية والمهنية، وهي صفات يفرضها عليه منصبه".
اقرأ أيضاًهدى رؤوف: المحادثات بين ترامب وإيران مرهونة بوقف الحرب مع إسرائيل
بوتين: لا دليل على أن إيران تسعى للحصول على أسلحة نووية وأبلغنا إسرائيل ذلك
وزير الصحة الإيراني: إسرائيل هاجمت حتى الآن 3 مستشفيات و6 سيارات إسعاف