المبعوثون.. عيون الصين في الخارج
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
أفادت تقارير إعلامية بصدور مذكرات اعتقال بحق باحثة سابقة في جامعة بوسطن من مكتب التحقيقات الفيدرالي بتهمة سرقة أبحاث أميركية، والتي كشف أنها برتبة ملازم في الجيش الصيني، وهو ما أخفته عندما تقدمت للحصول على فيزا الدخول للولايات المتحدة.
وأشارت تقارير أخرى نشرتها وسائل إعلام أميركية أن الحكومة الصينية تجند طلاب الجامعات للعمل كخط دفاع ضد الحكومات الغربية، بحيث يتم إرسالهم للولايات المتحدة من أجل الدراسة والتجسس.
في هذا التحقيق من الحرة تتحرى، نفتح ملف المبعوثين الصينين في الجامعات أميركية، ما سبب إقبالهم على الدراسة في الولايات المتحدة، وهل يأتي بعضهم بتعليمات من بكين بغرض سرقة الأبحاث والمعلومات؟.
ما هي أبرز العلوم التي يحرص الطلبة الصينيون على دراستها؟ وهل لهذا علاقة بطموحات بكين العسكرية والاقتصادية؟.
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
منذ منتصف القرن العشرين، ما تزال الولايات المتحدة الوجهة الأكبر للمبعوثين الأكاديميين في العالم، ووفقا لتقرير معهد التعليم الدولي الأميركي، يدرس ما يقارب المليون طالب دولي في جامعات الولايات المتحدة.
ويمثل الطلاب القادمون من الصين والهند الأغلبية بنسبة 52 في المئة من جميع الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، ولا تزال الصين هي الدولة الاولى في عدد الطلاب، إذ بلغ عدد الطلبة للعام الدراسي 2021-2022 أكثر من 290 ألف طالبا صينيا في الجامعات الأميركية.
مدير معهد التعليم الدولي الأميركي، جيسون سيزيز قال "تظهر بياناتنا التحاق نحو 300 ألف طالب صيني بالدراسة في الولايات المتحدة وهي أكبر مصدر للطلاب في الولايات المتحدة، ويدرس أغلب هؤلاء العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وهي المجالات الأكثر شيوعا بينهم".
لكن نشاط المبعوثين الصينيين داخل الجامعات الأميركية رافقه توجس أمني، وبحسب تقرير نشره موقع قناة "نيوز نيش" الأميركي تشعر "وزارة العدل الأميركية بالقلق من أن التعليم العالي في كل أنحاء الولايات المتحدة قد يكون معرضا لخطر الجواسيس الصينيين، تم تحذير أكثر من 60 جامعة من التهديد المستمر، والمتمثل في تسلل مواطنين صينين إلى نظام الجامعات الأميركية، وهم يعملون كوكلاء لحكومة بكين بغرض نقل الأبحاث والمعلومات".
مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، كريستوفر راي قال في تصريحات صحفية "إن بكين تستخدم مجموعة متنوعة من التقنيات المتطورة لسرقة الابتكار من خلال مجموعة واسعة من الأطراف الفاعلة، بما في ذلك وليس فقط أجهزة المخابرات الصينية، ولكن أيضا الشركات المملوكة للدولة، والشركات الخاصة ظاهريا، وفئة معينة من طلاب الدراسات العليا والباحثين، إضافة لمجموعات كاملة من الجهات الأخرى العاملة بالنيابة عنهم".
الأكاديمية هدى خميس من جامعة ماريلاند قالت "في حالة الوافدين القادمين من الصين يكون هناك مزيد من القلق، ومزيد من التحري والتدقيق في خلفياتهم وأعمالهم، وهذا قد يؤدي بين قوسين إلى بعض المخاوف الخاصة بالأمن القومي، أو قد يكون بذور لعمليات تجسس أو ما شابهه، أو عملية اختراق للتكنولوجيا والتعليم الأميركي".
مدير مركز الصين بمعهد هدسون الأميركي، مايلز يو قال " هناك انتباه بوجود تهديد للأمن القومي الأميركي، فعدد كبير جدا من الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة يدرسون بعض المجالات بالغة الأهمية، مثل علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء، تخصصات قد تفيد الجيش والمخابرات الصينية".
منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي وحتى نهاية عام 2021، ومع تبني بكين لسياسة الانفتاح على الغرب، سافر نحو 8 ملايين طالب صيني للدراسة في الخارج.
الكاتبة والمحللة الصينية، سعاد ياي شين هوا قالت "يهتم الصينيون كثيرا بالتعليم خلال هذه السنوات، وهناك المزيد من الأباء الذين يدفعون تكاليف مرتفعة لتربية أولادهم، ولهذا نلاحظ أن العديد من الطلاب الصينيين قد حصلوا على منح دراسية جيدة من الجامعات الممتازة في مختلف دول العالم، لدراسة العلوم التكنولوجية".
وتدعم بكين إرسال طلابها إلى الخارج عبر برنامج حكومي يشرف عليه مجلس المنح الدراسية، الذي نشأ عام 1996.
وأضافت سعاد أن "هناك لجنة وطنية خاصة بالمنح الدراسية وتتابعها وزارة التعليم الصينية وتقدم مساعدات مالية للطلاب والباحثين الصينين المبتعثين للدراسة أو إجراء البحوث العلمية".
وأشارت إلى أن الجهود أيضا تستمر لإعادة جذب هؤلاء الطلاب "للعودة إلى أرض الوطن من الجامعات والمعاهد الخارجية".
ويقول تقرير مركز الأمن والتكنولوجيا بجامعة جورج تاون إنه في عام "2018 مول المجلس منحا دراسية مقدمة لـ 65 ألف طالب صيني في الخارج، ويتلقى أكثر من 7 في المئة من الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة أي حوالي 26 ألف طالب تمويلا من المجلس".
وبحسب الموقع الإلكتروني لمجلس المنح الدراسية الصيني، يتم التركيز على توفير التمويل للطلبة الصينيين في الخارج، وتحديدا في الولايات المتحدة.
ويمثل هؤلاء نسبة كبيرة الدارسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بحسب تقرير مركز الأمن والتكنولوجيا بجامعة جورج تاون.
ويشير التقرير إلى أن هؤلاء الطلاب يشكلون "31 في المئة من مجموع الطلاب الدوليين، و2 في المئة من جميع الطلاب في كل الجامعات الأميركية.. الدارسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ما على مستوى الدراسات العليا في المجالات نفسها فيشكل الطلاب الصينيون 37 في المئة من كل الطلاب الدوليين، و16 في المئة من جميع الطلاب في الجامعات الأميركية".
الإقبال الكبير على تلك المجالات بررته بكين في رغبتها بدعم تقدمها التكنولوجي، وقالت الكاتبة سعاد إن "الصين تعمل حاليا تعزيز التنمية وتحقيق المزيد من الابداعات التكنولوجية، وهذا يحتاج إلى المزيد من العلوم الحديثة".
وأضافت "أننا نعلم أن الدول المتقدمة والغربية تعتبر من الدول التي تمتاز بالتكنولوجيا الحديثة والمعلومات الوافرة في هذه المجالات".
لكن محتوى اتفاق مجلس المنح الدراسية الصيني مع المبعوثين يثير علامات استفهام كبيرة، وفي مطلع عام 2019 نشر باحث صيني نسخة من هذا الاتفاق الذي ترجمته جامعة جورج تاون.
وينص الاتفاق مع الطلاب الحاصلين على منح المجلس، على تقديمهم تقارير منتظمة عن التقدم المحرز في دراستهم، إلى أقرب سفارة أو قنصلية صينية، مع الالتزام بتوجيهاتها ولا يجوز للمبعوثين الانخراط في أنشطة تضر بمصالح الوطن وأمنه، وعليهم العودة إلى الصين لخدمة الوطن الأم لمدة عامين على الأقل بعد انتهاء دراستهم".
ويقول مدير مركز الصين في معهد هدسون مايلز إن "الحكومة الصينية تحاول جاهدة الحفاظ على سيطرتها عن طريق تعزيز دور أقسام التعليم في بعثاتها الخارجية وتحديدا في سفاراتها وقنصلياتها في الولايات المتحدة".
وأضاف أن "بكين ترسل مستشارين تعليميين لتأسيس منظمة طلابية صينية داخل الجامعات الأميركية، ليحكم هؤلاء المستشارون سيطرتهم، فالصين تريد أن تتأكد أن طلابها سيتصرفون طبقا للطريقة التي تريدها".
وفي الجزء الثاني من تحقيق "الحرة تتحرى" هل تجند الصين مبعوثيها في الجامعات الأميركية لجمع المعلومات والاستيلاء على الملكية الفكرية؟ وكيف تجبر بكين من يرفض منهم التعاون على الانصياع لأوامرها؟.
في صيف عام 2018 أصدرت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب قيودا على تأشيرات الطلاب الصينيين، في خطوة وصفت وقتها بأنها جاءت للحد من التجسس الأكاديمي.
وأفاد تقرير لوكالة أسوشيتد برس أنه بدءا من 11 يونيو 2018، وبموجب السياسية الجديدة قد يحدد المسؤولون القنصليون الأميركيون مدة صلاحية التأشيرات بدلا من الممارسة المعتادة، المتمثلة في إدارها لأقصى مدة ممكنة، وسيقتصر حصول طلاب الدراسات العليا الصينيين على تأشيرات لمدة عام واحد، إذا كانوا يدرسون في مجالات مثل علم الروبوتات والطيران وتصنيع التكنولوجيا المتقدمة، مجالات حددتها الصين كأولويات في خطة صنع الصين لعام 2025".
مدير مركز السياسات في معهد هدسون الأميركي، ريتشار ويتز قال " بذلت العديد من الوكالات الفيدرالية الأميركية مجموعة من الجهود لحماية الملكية الفكرية المهمة في الولايات المتحدة، وتقوم وزارة الأمن القومي الأميركية، في البحث بالمتقدمين للحصول على تأشيرة من الصين، للتأكد من أنهم غير مرتبطين بالجيش أو وكالة المخابرات الصينية".
تزامنا مع القيود على منح التأشيرات بدأت السلطات الأميركية في مراقبة العديد من الطلاب الصينيين، وفي خريف عام 2020 ألغت الولايات المتحدة تأشيرات أكثر من ألف باحث طالب صيني.
تشاد وولف، القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي الأميركي، قال إن "واشنطن منعت تأشيرات الدخول لبعض طلاب الدراسات العليا والباحثين الصينين، الذين لهم علاقات باستراتيجية الاندامج العسكري الصينية، وذلك لمنعهم من سرقة أو الاستيلاء على الأبحاث الحساسة".
وكرر وولف الاتهامات الأميركية للصين بالممارسات التجارية غير العادلة، والتجسس الصناعي، بما في ذلك محاولات سرقة أبحاث فيروس كورونا واتهمها بإساءة استخدام تأشيرات الطلاب لاستغلال الأوساط الأكاديمية الأميركية".
وتنفي بكين الاتهامات الأميركية ووصفتها بأنها مبنية على أسس غير قانونية، وقال المتحدة باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان "إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأميركية تضر بشكل صارخ بالحقوق والمصالح المشروعة للطلاب الصينيين في الولايات المتحدة وهذا تمييز عنصري".
ويقول مدير مركز الصين بمعهد هدسون، مايلز إن "الحكومة الصينية تقول إنها عنصرية، لكن الواقع ليس كذلك، إذا نظرت إلى لوائح الاتهام التي أصدرتها وزارة العدل الأميركية ضد بعض المواطنين الصينيين، ستجد أن التجسس على الولايات المتحدة وعلى قطاعي الأعمال والدفاع أمر حقيقي".
وتكشف لائحة اتهام صادرة عن وزارة العدل الأميركية أنه تم القبض على البروفيسور الصيني، هاو تشانغ من جامعة تيانجين عند دخوله الولايات المتحدة قادما ن الصين بتهم التجسس الاقتصادي وسرقة الأسرار التجارية الأميركية، لصالح الجامعات والشركات المملوكة للحكومة الصينية.
وتشمل لائحة الاتهام ستة مواطنين صينيين من بينهم: هوي سوي تشانغ، الذي درس في إحدى الجامعات الاميركية في جنوب كاليفورنيا، وحصل عام 2006 على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية.
وقال مسؤول مكتب التحقيقات الفيدرالي في بوسطن، جوزيف بونافولونتا في يناير من 2020 إنه في "جامعة بوسطن وجدنا أن يانغ شين ياي تعمل لصالح الحكومة الصينية، وهي ملازم في جيش التحرير الشعبي، الذراع العسكري لحكومة بكين الشيوعية".
وأضافت أنها "كذبت بشأن خدمتها العسكرية لدخول الولايات المتحدة، وخدعت جامعة بوسطن للسماح لها بإجراء الأبحاث رغم أنها قادمة من أكاديمية عسكرية عليا، مسؤولة عن تحديث القوات المسلحة الصينية وتصميم أنظمة الأسلحة المتقدمة".
وأشار إلى أن المكتب "يتهم ياي بالتآمر مع ضباط الجيش الصيني الذين كلفوها بإجراء دراسات على العديد من الأساتذة، ومنحنا العسكرية المقدمة من وزارة الدفاع، بينما كانت تتعاون معهم أيضا في مشاريع بحثية لها تطبيقات عسكرية".
وفي مايو 2021، حكم على أستاذ أمراض الروماتيزم وباحث له علاقات قوية بالصين، سونغ غو زنغ من ولاية أوهايو بالسجن لمدة 37 شهرا لإدلائه ببيانات كاذبة للسلطات الفيدرالية، كجزء من مخطط احتيال في أبحاث علم المناعة.
حالات التجسس تركزت في مجالات دراسية بعينها، ما دفع اللجنة الأميركية المختصة بتقييم العلاقات الاقتصادية والأمنية مع الصين لدق ناقوس الخطر في تقريرها السنوي المقدم للكونغرس.
وقال تقرير لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية في أكتوبر من 2020 إلى أن "برامج الدراسة الخراجية تستهدف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات التي ترعاها الحكومة الصينية إلى تنمية قوة عمل ذات مهارات عالية، وقادرة على قيادة التحديث الاقتصادي والعسكري في المستقبل، والمبادرات الأكثر تمثيلا من هذا النوع، هي تلك التي يديرها مجلس المنح الدراسية، لكن جيش التحرير الشعبي، وشركات الدفاع الصينية تدير أيضا برنامج دراسة في الخارج لموظفيها".
خبير الاقتصاد الصيني في معهد أميركان إنتربرايز، ديريك سيسورس قال " تتطلع الحكومة الصينية إلى مفهوم الحكومة الوطنية الكاملة، والتكنولوجيا تساهم في تعزيز القدرات العسكرية، رأينا معاناة روسيا خلال غزوها لأوكرانيا في مواجهة التقنية المتفوقة للجانب الأخر، والصين لا تريد أن تتعرض للموقف ذاته، ولذا فهم يريدون الحصول على تقنيات متعادلة".
ورغم اشتراك دول كثير على طلابها المبتعثين العودة بعد انتهاء الدراسة وخدمة الوطن، يرى خبراء أن الصين لها أهداف أخرى غير ذلك، وقال مدير مركز السياسيات بمعهد هدسون، ويتز "إن الصين تستغل قدرتها على إرسال الكثير من الدارسين إلى الجامعات الأميركية، إما لوضع بعض الجواسيس داخل تلك المجموعات بغرض الحصول على معلومات أو للتأكد بعد عودة هؤلاء الطلاب سيتعين عليهم الإبلاغ عن كل شيء".
ويشير تقرير لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية في الكونغرس "مقابل مساعدات الحكومة المالية في الجامعات الأجنبية، يجب على الطلاب والعلماء الصينين العودة بعد تخرجهم لإكمال خدمة إلزامية تستمر لعدة سنوات، وفي بعض الحالات يفرض عليهم أيضا تلبية شروط محددة تتعلق بالولاء السياسي".
ويرى محللون أن بكين تتبع أساليب مراقبة طلابها في الخارج، لإجبارهم على العودة للصين بعد تخرجهم مباشرة.
وقال مدير مركز الصين بهدسون، ميلز إن الطرق كثيرة لإعادتهم ومنها "التأكد أن لديك عائلة في الصين، لذلك يحاولون ربط سلوكك وكلامك في الخارج بسلامة وأمن أفراد عائلتك في الداخل".
وأضاف هناك "طريقة أخرى للسيطرة بالتأكد معظم الطلاب الصينيين ليسوا من مواطني الولايات المتحدة، وهم فقط يدرسون فيها، وإنشاء نوع من نظام المعلومات في الجامعات الأميركية للتأكد من سلوك وكلمات الطلاب التي سينطقون بها على الأراضي الأميركية سيكون لها تأثير على حياتك عندما تعود إلى الصين".
ولم يتلق فريق "الحرة تتحرى" أي رد من الحكومة الصينية للإجابة عن هذه الاتهامات.
وقالت الكاتبة الصينية إن الاتهامات "ليس لها أساس من الصحة"، وهي تعتقد أن هذه الاتهامات "تدور في إطار التبادلات الثقافية والعالمية بين البلدين، في مختلف المجالات".
وأضافت "أن الصين تؤكد أن هذه الأخبار ليس لها أي أساس من الصحة".
وقال مايلز إن "الصين منظمة جدا في استغلال المواهب، ويمكنها تجنيد الطلاب الصينيين الذين درسوا هنا في المجالات الأكثر أهمية وتخدم الجيش والمخابرات والدولة الصينية، وتقوم بكين بتقديم عروض مغرية لهم للعودة بعد انتهاء دراستهم ورواتب مرتفعة، ووعود بمسيرة مهنية ناجحة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العلوم والتکنولوجیا والهندسة والریاضیات فی الجامعات الأمیرکیة فی الولایات المتحدة الحکومة الصینیة الدراسات العلیا المنح الدراسیة الصینیین فی فی المئة من فی مجالات فی الخارج العدید من ألف طالب أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزارة الخزانة الأميركية.. مركز القوة المالية والرقابة الاقتصادية العالمية
وزارة الخزانة الأميركية هي ثاني أقدم وزارة في الحكومة الفدرالية، تأسست رسميا عام 1789 بعد جهود تمويل حرب الاستقلال ضد بريطانيا العظمى وبهدف تنظيم الشؤون المالية للمستعمرات المتحدة.
تتولى الوزارة مسؤولية حيوية تشمل إدارة الإيرادات والإنفاق، والإشراف على البنوك، وفرض العقوبات الاقتصادية على الأفراد والكيانات عالميا، وتضم أكثر من 19 مكتبا متخصصا، أبرزها دائرة الإيرادات الداخلية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية وشبكة مكافحة الجرائم المالية.
النشأة والتأسيسبدأ النقاش حول إنشاء الخزانة الأميركية عندما عقد الكونغرس القاري في فيلادلفيا مداولات بشأن تمويل حرب الاستقلال، التي اندلعت عام 1775 ضد بريطانيا العظمى.
لم تكن لدى الكونغرس سلطة فرض وجمع الضرائب، ولم تكن له القدرة على جمع الأموال من المستثمرين أو الحكومات الأجنبية، فقرر المندوبون إصدار عملة ورقية على شكل سندات ائتمان، مع وعود للناس بسداد قيمتها نقدا، بناء على الثقة في نجاح الثورة ضد بريطانيا.
وفي يونيو/حزيران 1775، أصدر الكونغرس عملة ورقية في شكل سندات ائتمان بقيمة مليوني دولار أميركي، وبعد ذلك بأيام وظف 28 مواطنا من فيلادلفيا لتوقيع العملة وترقيمها.
في الشهر التالي أسند الكونغرس القاري مسؤولية إدارة الشؤون المالية لحكومة الثورة إلى أمينين مشتركين للخزانة، ونص قرار الكونغرس على أن تسهم كل مستعمرة في تمويل الحكومة.
إعلانولضمان إدارة مناسبة وفعالة للدين القومي المتزايد، شكل الكونغرس في فبراير/شباط 1776م لجنة من 5 أفراد للإشراف على الخزانة وتسوية الحسابات وتقديم تقارير دورية.
وفي أبريل/نيسان من العام نفسه، أنشئ مكتب حسابات الخزانة، الذي يتكون من المدقق العام وعدد من الكتبة، بهدف تسهيل تسوية المطالبات وحفظ الحسابات العامة لحكومة المستعمرات المتحدة.
ومع توقيع إعلان الاستقلال في 4 يوليو/تموز 1776، تمكنت الجمهورية الوليدة من الحصول على قروض من الخارج، غير أن المستعمرات المتحدة لم تتمكن من إنشاء هيئة مالية منظمة جيدا.
بحلول عام 1781، انهار الدولار بشكل كبير، وانتشرت الاحتجاجات ضد هذه العملة عديمة القيمة، وفي العام نفسه، عُين روبرت موريس مشرفا على الشؤون المالية، وكان تاجرا إنجليزيا ثريا يلقب بـ"الممول"، نظرا لقدرته على تأمين الأموال أو البضائع بسرعة عند الحاجة، فأعاد الاستقرار المالي للبلاد.
بعد استقالة موريس عام 1784، واصل مجلس الخزانة المكون من 3 موظفين الإشراف على الشؤون المالية لاتحاد المستعمرات حتى عام 1789.
دُعي أول كونغرس للولايات المتحدة الأميركية إلى الانعقاد في نيويورك يوم 4 مارس/آذار 1789، معلنا بداية الحكم بموجب الدستور الأميركي. وفي 2 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أنشأ الكونغرس وزارة الخزانة باعتبارها مؤسسة دائمة لإدارة الشؤون المالية للحكومة.
وكان أول وزير للخزانة هو ألكسندر هاميلتون، الذي توقع نمو الصناعة والتجارة في الولايات المتحدة، واقترح أن تستند إيرادات الحكومة إلى الرسوم الجمركية.
وزارة الخزانة هي الجهة التنفيذية المسؤولة عن تعزيز الازدهار الاقتصادي وضمان الأمن المالي للولايات المتحدة، وتتولى مسؤولية مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل تقديم المشورة للرئيس بشأن القضايا الاقتصادية والمالية، وتشجيع النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز الحوكمة المحسنة في المؤسسات المالية.
إعلانوتعمل الوزارة على إنتاج العملات المعدنية والورقية وصرف المدفوعات وجمع الإيرادات واقتراض الأموال اللازمة لتسيير عمل الحكومة الفدرالية، كما تعمل بالتعاون مع الوكالات الأخرى والحكومات الأجنبية على تشجيع النمو الاقتصادي العالمي ورفع مستويات المعيشة والتنبؤ بالأزمات الاقتصادية والمالية ومنعها.
وتشمل المهام الرئيسية لوزارة الخزانة الأميركية ما يلي:
إدارة الشؤون المالية الفدرالية. جمع الضرائب والرسوم والأموال المستحقة والمدفوعة للولايات المتحدة، وسداد جميع فواتيرها. إصدار العملات المعدنية والورقية. إدارة الحسابات الحكومية والدين العام. الإشراف على البنوك الوطنية والمؤسسات الادخارية. تقديم المشورة بشأن السياسات المالية والنقدية والاقتصادية والتجارية والضريبية على الصعيدين المحلي والدولي. تنفيذ القوانين الفدرالية المتعلقة بالمالية والضرائب. التحقيق في التهرب الضريبي وتزوير العملة، والملاحقة القضائية للمخالفين.تتكون مكاتب وزارة الخزانة الأميركية من أكثر من 19 مكتبا، منها مكتب الإرهاب والاستخبارات المالية ومكتب الشؤون الدولية ومكتب أمين الخزانة.
كما تتولى جملة من المكاتب مسؤولية تنفيذ العمليات المحددة الموكلة إليها من قبل وزارة الخزانة، ومن هذه المكاتب:
مكتب الضرائب وتجارة الكحول والتبغ: يتولى تنفيذ وإدارة القوانين المتعلقة بإنتاج وتوزيع واستخدام منتجات الكحول والتبغ، ويجمع الضرائب الانتقائية على الأسلحة النارية والذخيرة. مكتب النقش والطباعة: يصمم ويطبع العملة الأميركية والأوراق المالية والشهادات والجوائز الرسمية الأخرى. مكتب الخدمة المالية: تتمثل مهمته في تعزيز النزاهة المالية والكفاءة التشغيلية للحكومة الأميركية عبر المحاسبة والتمويل والتحصيل والمدفوعات والخدمات المشتركة الاستثنائية. شبكة مكافحة الجرائم المالية: تدعم جهود التحقيقات التي تعمل عليها جهات إنفاذ القانون، وتعزز التعاون بين الوكالات محليا ودوليا لمكافحة الجرائم المالية، كما تزود صانعي السياسات الأميركيين بتحليلات إستراتيجية للاتجاهات والأنماط المالية المحلية والعالمية. مكتب المفتش العام: يعمل على إجراء عمليات التدقيق والتحقيق والمراجعة المستقلة، لمساعدة وزارة الخزانة في أداء مهامها وتحسين برامجها وعملياتها، ومنع واكتشاف الاحتيال والانتهاكات. دائرة الإيرادات الداخلية: تُعد أكبر مكاتب وزارة الخزانة، وهي مسؤولة عن تحديد وتقييم وجمع الإيرادات الداخلية في الولايات المتحدة. مكتب المراقب المالي للعملة: يمنح المكتب التراخيص للبنوك الوطنية وينظمها ويشرف عليها، بهدف ضمان وجود نظام مصرفي آمن وسليم يدعم المواطنين والمجتمعات والاقتصاد في البلاد. دار سك العملة الأميركية: تعمل على تصميم وسك العملات المحلية والاستثمارية والأجنبية، إضافة إلى الميداليات التذكارية والمواد النادرة الأخرى. كما تتولى مسؤولية توزيع العملات الأميركية على بنوك الاحتياطي الفدرالي.يتولى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية إدارة وتنفيذ العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة على جهات وأنظمة مستهدفة، إضافة إلى أفراد وكيانات ترى الولايات المتحدة أنها "متورطة في أنشطة ضارة"، بما في ذلك الإرهاب وتهريب المخدرات والترويج لأسلحة الدمار الشامل.
إعلانويكون فرض العقوبات استجابة للتهديدات الموجهة ضد الأمن القومي أو السياسة الخارجية أو الاقتصاد الأميركي. وتُفرض العقوبات الاقتصادية بهدف الضغط أو الردع أو الإدانة العلنية للجهات التي تعرض مصالح أميركا للخطر أو تنتهك الأعراف الدولية.
ويتخذ المكتب أشكالا متعددة من العقوبات، تبدأ من تجميد أصول الأفراد والكيانات، وتصل إلى حظر شامل للمعاملات مع بلد أو منطقة جغرافية بأكملها، مثل فرض حظر تجاري أو قيود تتعلق بقطاعات معينة من اقتصاد دولة ما.
ويشرف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على أكثر من 30 برنامجا للعقوبات الأميركية، في حين تضطلع وزارات أخرى مثل الخارجية والتجارة والأمن الداخلي بدور أساسي في هذه العملية.
وحتى عام 2024، فرضت الولايات المتحدة أنظمة عقوبات شاملة على كل من كوبا وكوريا الشمالية وإيران وروسيا وسوريا، إضافة إلى أكثر من 12 برنامجا آخر استهدف أفرادا وكيانات على خلفية أزمات سياسية معينة، أو نوع محدد من السلوك الإجرامي مثل الاتجار بالمخدرات.
ويعمل المكتب بشكل دوري على إضافة أو حذف أسماء إلى قائمته السوداء التي تضم أكثر من 12 ألف فرد وشركة ومجموعة، تُجمد أصولهم ويُمنع على الأشخاص الأميركيين وعلى الشركات الأميركية وفروعها الأجنبية التعامل معهم.