عمار العركي يكتب – القضارف بين إجراءات التامين.. واعلام التطمين
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
إعلان ولايتي القضارف وسنار لحظر التجوال ورفع درجة الجاهزية التأمينية أمر طبيعي نتيجة لتأثر الولايتين بالأحداث في ولاية الجزيرة ، وإن كانت درجة التهديد والإستهداف للقضارف أعلى لطبيعة وقوع الولاية في سهل البطانة مشتركة مع ثلاثة ولايات بينهم تنسيق وترتيب جيد حسب ما علمنا.
ولكن بالضرورة رفع معدل التنسيق والجاهزية الإعلامية المساندة والداعمة للتأمين خاصةً ولاية القضارف والتي تناولنا في مقال سابق تداعيات واقعة “ترحيل النازحين” والتي إستغلها الإعلام المتعاون مع العدو في تزييف الحقائق واثارة البلبلة وتجريم حكومة الولاية ولجنة أمنها من خلال اصدار بيانات تجريمية مليئة بالتهديد والوعيد لما وصُفته البيانات ب ( ممارسات وانتهاكات شرطة الولاية )، وقلنا ان ذلك ما هو الا جس نبض للجنة امن الولاية وشرطتها ومدى ردة فعلها ، وطالبنا حينها بردة فعل قوية وحاسمة لقطع الطريق امام هذا النشاط الاعلامي الهادم.
الآن ، مع التطورات الأخيرة بدأت تلك الخلايا الاعلامية المتعاونة تنشط مُستخدمة سلاح الشائعات والحرب النفسية لإسناد مخطط “غزو مدني” الذي فشل، وتهيئة القضارف بزعزعة امن مواطنها وإرعابه.
قبل الاعلان الرسمي لحظر التجوال بالقضارف كان هناك تداول للأمر بين مواطني الولاية ما بين كونه شائعة وما بين حقيقة في نطاق سوق القضارف فقط ، مع تخمين المستجدات والدواعي والأسباب ، تزامن ذلك مع قرار إعادة فتح معبر “القلابات” الحدودي مع أثيوبيا ، مما جعل المواطنين يتدافعون امام مكتب الجوازات – بعد التقصي إتضح أن غالبيتهم كانوا قد بدوا إجراءات المغادرة ولم تكتمل بسبب إغلاق المعبر ، والبعض الآخر قادم من مدني – مما خلق بيئة جاهزة وصالحة لبث الشائعات الضارة .
قبل كتابة هذا المقال اجرينا اتصالات مع الجهات المعنية لإستجلاء الحقائق من مصادرها، ومنهم السيد نائب الوالي وامين امانة الحكومة السيد يعقوب محمد العبيد، ودار بيننا حوار ونقاش، وتلقينا منه إجابات عملية وواقعية مقنعة على كل تساؤلاتنا، توصلنا من خلالها الى حقيقة أن (حكومة الولاية ولجنة أمنها واعية تماماً ومحيطة بكل المهددات داخل الولاية، او تلك الوافدة لها ، متحسبة لكل السيناريوهات المتوقعة).
بعد حديث السيد نائب الوالي، تأكد لنا ما ظللنا نردده منذ بداية هذه الحرب في الخرطوم أن الإعلام هو العلة والثغرة فيها، والجبهة الوحيدة التي يجيد استخدامها العدو، وذلك انعكس من بعد الخرطوم ومدني على القضارف التي تحتاج لمجهود إعلامي مكثف ونوعي لدحض الشائعات اول بأول، وبثً الطمأنينة ورفع الحس الأمني لدى مواطن القضارف بما يُمكن من توظيفه بالمشاركة في تأمين ولايته.
خلاصة القول ومنتهاه:
على لجنة آمن الولاية استصحاب الإعلام كوسيلة تامينية ووقائية من خلال غرفة إعلامية متخصصة لإدارة الازمة إعلامياً ومواجهة اعلام العدو المضاد من جهة، ومن جهة أخرى إيقاء وتوعية المواطنين بالمهددات الأمنية وطرق اكتشافها و التعامل معها.
بالضرورة تنفيذ الخطوات التأمينية الإعلامية الاستباقية والوقائية لتأمين الولاية ونظافتها من الطابور الخامس والمتسللين كضرورة ملحة يجب اتخاذها اليوم قبل الغد.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: العركي القضارف عمار يكتب
إقرأ أيضاً:
الإعلام اليمني منبرُ الكبرياء ودرعُ اليقين
في ساحة الوغى الإعلامي، حيث تتصارع الروايات وتتطاير أباطيل الظلام، يقف الإعلامي والناشط اليمني شامخًا، لا ككاتب خبر فحسب، بل كمُجاهد بالبيان وحارس لضوء الحقيقة في لحظة فارقة تستوجب أن ترتقي الكلمة إلى مصاف الصيحات المدوّية، وأن تكون اللغة سيفاً بتاراً يقطع دابر التضليل، فالمعركة ليست على الأرض والجو فحسب، بل هي حرب كسر الإرادة واستلاب الوعي.
لقد أثبت العدو الأمريكي وحلفاؤه أنهم لا يهابون شيئًا قدر توهج الحقيقة الصادعة، لذا، وجهوا سهام غدرهم نحو منابر الإجلال ومنارات الوعي في اليمن، في محاولة يائسة لتكميم الأفواه الخالدة واغتيال صوت الصمود وهذا الاستهداف، ببعديه العسكري والتقني، هو وصمة عار أبدية في جبين التاريخ.
لم يقتصر العدو الأمريكي والصهيوني على استهداف البنية التحتية والمقدرات الاقتصادية لليمن، بل شن هجومًا شرسًا وممنهجًا على قلاع الوعي ومنابر الحقيقة، معتبرًا السردية اليمنية الأصيلة خطرًا يهدد هيمنته وأجنداته.
إن استهداف الإعلام اليمني ما هو إلا ثمرة مُرة للإفلاس الاستراتيجي الذي مُني به تحالف العدوان السعودي الأمريكي وأدواته، بعد أن تكسّرت على صخرة الصمود والتضحية اليمنية كل مؤامراتهم الخبيثة وحملاتهم الزائفة، ولأنه وقف صخرةً أمام التضليل، وكان الصوت المدوي الذي لم يكتفِ بإسناد صمود الشعب اليمني، بل انطلق ليكون رأس الحربة في فضح جرائم الكيان الصهيوني وتعريته نصرةً لغزة، فاستحق أن يكون الهدف لنجاحه الساحق.
هذا الاستهداف المزدوج، العسكري والتقني، يمثل ذروة الخوف من قوة رسالة الصمود، حيث انطلق التحريض الأمريكي وحلفائه في إطار ممنهج لتجفيف منابع الكلمة وقد تجسد العجز عن مواجهة منطق السرد اليمني بمنطق الحقيقة في اللجوء إلى الخيار العسكري الإجرامي.
فقد اتهمت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة الإعلام اليمني بالدعاية الماكرة بهدف تجريده من أي حماية قانونية دولية، ممهدة ومشرعنة بذلك لمرحلة القصف المباشر، في محاولات إجرامية يائسة إلى اقتلاع جذور الإعلام من خلال القصف المباشر، متصوراً أن إزاحة الأجساد ستؤدي إلى إخماد الأفكار.
وتوَّج هذا التحريض توصيات مجلس الأمن التي أدانت استخدام المنصات الإعلامية في ماولة لتغييب الصوت اليمني عن الرأي العام العالمي الداعم، ما شكل الذريعة والشرعية الكبرى لاستهداف مبنى صحيفة 26 سبتمبر وسقوط 31 شهيدًا من الصحفيين، آية دامغة على أن العدو يرى في حبر الكاتب وكلمة الشاهد تهديدًا وجوديًا يُضاهي الصواريخ وكان هذا الهجوم تتويجاً مأساوياً لمسار التحريض، ليثبت أن العدو لا يتورع عن إزهاق الأرواح لوقف تدفق الحقيقة.
وبعد أن فشل العدو الأمريكي وحلفاؤه في إخراس صوت الحقيقة عبر استهداف المؤسسات الإعلامية وقتل الصحفيين، ارتدّ بخبث إلى الميدان الرقمي لتنفيذ حصار خانق عبر إغلاق الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي، في تكتيك جبان يهدف إلى عزل السردية اليمنية عن فضاء التنافس الإعلامي العالمي.
وتُوِّجت حملة أمريكا وحلفائها، التي وفرت لها أغطية قانونية زائفة عبر توصيات دولية جائرة، بمذبحة رقمية طالت آلاف الحسابات والمنصات، وكان إغلاق الحسابات استكمالاً لمشروع نزع الشرعية، ومحاولة دنيئة لعزل السردية اليمنية بعد أن عجز القصف عن بترها.
ويمثل هذا الحجب محاولة لاغتيال الوصول والتأثير، وذلك بعد أن أدركوا أن الرسالة اليمنية الخارقة قد أخذت تتمدد وتخترق سدّ التعتيم، ما يفرض على الإعلامي اليمني مواجهة مضاعفة في ميادين لا تتقيد بالجغرافيا.
إن العدو، بغروره الأعمى وأجنداته المُتدثرة بالزيف، قد ارتكب خطيئة استراتيجية لا تُغتفر عندما ظنّ أن قصف البُنى أو حجب المنابر كفيل بـاستئصال جذور الحقيقة المُتجذّرة في هذا الثرى المبارك، يا له من وهم، فالدم المسفوك تحوّل إلى قسم أزليّ، والمنصات المُغلقة أصبحت دلالة دامغة على عجزهم المريع أمام منطق السردية اليمنية الباسلة.
إننا في ذروة هذا الصراع، نُدرك أن شرف المهنة يكمن في صيانة الميثاق المُقدس للوعي، وفي مواجهة هذا الاستهداف الشرس والمؤامرات الخبيثة، ينهض الواجب المقدس على عاتق كل إعلامي وناشط يمني ليحمل شعلة اليقين ولواء الصدق.
إنه واجب نبيل وشريف يتطلب عزيمة لا تلين وبصيرة نافذة وأن يكون الإعلامي سيدًا لموقفه، صادقًا في ولائه، لا يحيد عن مُثل وحدة الوطن واستقلاله الناجز ومجابهة سيل الكذب المائج والتصدي بتحدٍ وعلانية للشائعات الهدّامة، باستخدام لغة البيان المُفعمة التي لا تقبل التأويل ولا الركون إلى الخمول.
ويجب أن يتجلى شرف المهنة في الاستماتة في التدقيق والتحقيق والتحلي بأمانة الكلمة المُقدسة، ليصبح الإعلام اليمني مرجعًا أصيلاً لا يُدحض للصدق والرد على الشائعات صاعقًا وفوريًا، بتفنيدها بسرعة البرق والوضوح القاطع، مدعومًا بالأدلة والبراهين الدامغة التي تبطل زيفها وتُحوّلها إلى رماد في أعين مروجيها والتمسك بالرصانة والتبصّر العميق، لأن قوة الحجة المُحكمة هي السلاح الأشد فتكًا في معركة الرأي العام.
فالإعلام ليس نفيًا للباطل فحسب، بل هو غرسٌ متواصل لروح الأمل وإذكاء لجذوة الصمود الأبي في النفوس ولم يعد الإعلامي مجرد شاهد، بل هو سيد الموقف، والمُجاهد بالبيان، وقلعة الصمود الشامخة، وخط الدفاع الأول الباسل في حرب الوعي المصيرية.
فلتكن كلمته صوت حق مدوٍ ومِفتاحًا لليقين وترياقًا للزيف والضلال، ولتثبت الأيام أن قوة الحقيقة الخالصة هي المنتصرة على شراسة العدو الأمريكي والصهيوني وأدواتهما.