قصة "غزة والضبع المجنون"
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
مسعود الحمداني
samawat2004@live.com
"غزّة"، وما أدراك ما "غزّة".. فتاة في مقتبل العمر، جميلة، عظيمة، مهيبة، تزوجت "الهمّ" صغيرة، وأنجبت أكثر من مليوني شهيد، تعيش بمعزل عن العالم مع أولادها، رغم أن لديها أكثر من عشرين أخًا يعيشون حولها، ولكنهم يقاطعونها؛ لأنها خرجت عن إرادتهم، و"عرّت" شرفهم، تخرج كل يوم لتلتقط رزقها، وتروي عطش أطفالها، وتسقي زرعها، لكي تبقى قوية متماسكة، إمكاناتها ضعيفة، ومواردها شحيحة، ولكن إرادتها لا تُقهر، وعزيمتها لا تُهزم، تنام في كثير من الأيام في العراء دون طعام، تقاسم الشمس نورها، وتفترش أديم الأرض، وتلتحف غيمات السماء، ليس لديها هَم سوى الحفاظ على كرامتها، وشرفها.
تخلّى الجميع عنها، ونسوا أمرها، واعتبرها إخوتها فتاة مارقة، لا تستحق اهتمامهم، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، وهي تشاهد إخوانها يهرولون نحو "الضبع" الغريب الجائع الذي جاء مع عصابته من أصقاع الغابة، فالتَهَمَ حقها، وسرق أرضها وبحرها، ونهب لقمة عيشها، وسكن في مساكنها، وظلمها ظلما كبيرًا، وعاث في الأرض الفساد، وها هو يقف مع قطيع من عصابته على حدود أرضها، يُهدد أمنها، ويقتل أطفالها دون هوادة، ويتحكّم في رزقها وعملها، ويعتدي على أبنائها، وبناتها، ويحيطها بسياج ضخم من الصخر والأسلاك، لديه سلاح فتاك، وجنود مدججين بالأنياب، شرسين، لا يعرفون الرحمة.
ورغم ذلك بدأ إخوان "غزّة" يتخلون عنها واحدًا واحدًا، ويهرولون لأحضان الضبع، لم تستطع أن تتحمّل كل هذا الألم، لم تعد تطيق هذا الحصار الذي فرضه عدوها عليها، وهذا التجويع، والترهيب، والقتل، والدمار اليومي، فأخذت سلاحها البسيط، ومضت مع مجموعة من أولادها، ودخلت إلى مضجع الضبع، ومارست حقها في الدفاع عن نفسها، العين بالعين، والنفس بالنفس، وقتلت عددًا من المجرمين المعتدين، والذين أتوا من كل غابات وجبال الدنيا، ليسكنوا بجوارها، ويستولوا على أرضها، ويقيموا منازلهم على جماجم أبنائها، حاولت أن تدافع عن نفسها وشرفها، وأن تلفت نظر "ملوك الغابة"، ونظر إخوانها لقضيتها المنسيّة، فيرحموا ضعفها، ويردوا حقوقها المسلوبة، ويثأروا لكرامتها، وتهتز فيهم شعرة النخوة، والقربى، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان.
هاج الضبع وماج، استدعى كل ضباع العالم، وصرخ بأعلى صوته، وبكى واستبكى، ورعد وأبرق وأزبد، وبدأ هجومًا لا مثيل له- ومعه أصدقاؤه الضباع الكبار- دون رحمة على "غزة".. أباد الصغار، وقتل الكبار، وأخرج الأطفال من أحشاء أمهاتهم، وأحرق الزرع والضرع، وهدّم البيوت على رؤوس ساكنيها، وأباد النساء، ولم يسلم من صرعه وخلله العقلي صغير ولا كبير ولا أرض ولا ثمر، أبادهم كلهم، بينما وقف ملوك الغابة يتفرجون على المشهد، ويصفقون لكل مذبحة، وشاهدت "غزة" أخوتها مبعثرين، يكتمون ضحكاتهم في العلن، ويطلقونها في الخفاء، يهرولون- على استحياء- لوقف جنون الضبع، ويتسوّلون من المجرم وقف القتل، وأن يسمح لهم بإدخال صهريج ماء، أو حزمة غذاء، أو مناديل طبية لتنشيف دم الجرحى، ولا يفعلون أكثر من الصراخ، والعويل، ولا يوفّرون حفلًا، ولا مؤتمرًا ولا اجتماعًا دون أن يحمّلوا أختهم المسؤولية عن المجازر التي حصلت لها، تمامًا كما يفعلون- بخجل- عند إدانة القاتل، فساوُوا بين الضحية والجلّاد، ورغم كل المآسي والدمار وصور الأشلاء وركام الأنقاض، ظلّت "غزة" صامدة في وجه المجرمين، تُعلّم العالم دروسًا في الكرامة والشرف والنخوة التي افتقدها حتى إخوتها الكبار، وستخرج يومًا من الرماد كما تفعل العنقاء من رحم النار.
تحوّلت قصة "غزّة والضبع" إلى حكاية أسطورية تسردها الأمهات لأطفالهن قبل النوم في كل العالم، لا ليناموا، ولكن ليستيقظوا من سباتهم العميق، ويسخروا من خرافات الضبع وأصدقائه القتلة الفاشلين، المُلطخة أياديهم بدم الأطفال والنساء، وأصبحت "غزة" رمزًا للصمود والشرف والكرامة التي افتقدها معظم العالم، وكثير من إخوانها البائسين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"لا أمية مع تكافل" تعقد لقاءها السنوي بالإسماعيلية بمشاركة هيئة تعليم الكبار
نظمت وزارة التضامن الاجتماعي من خلال مبادرة "لا أمية مع تكافل" اللقاء السنوي المشترك مع الهيئة العامة لتعليم الكبار، بمحافظة الإسماعيلية، وذلك على مدار ثلاثة أيام.
تناول اللقاء حصاد العام المالي الحالي، واستعرض أبرز التحديات والخطط المستقبلية للعام المالي القادم، ضمن مساعي الوزارة لمحو الأمية وتعزيز دمج مستفيدي برامج الحماية الاجتماعية في مسارات التعليم والعمل.
استعرض الدكتور سمير الفقي، المشرف العام على المبادرة، أبرز ما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى نجاح المبادرة في:
محو أمية 140،359 ألف دارس على مستوى جميع المحافظات.توفير فرص عمل مباشرة لأكثر من 13 ألف ميسر وميسرة من بينهم 8643 من مستفيدي "تكافل وكرامة" من حملة المؤهلات.تنفيذ 58 ورشة عمل تدريبية استفاد منها 1160 ميسر، بالتعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار.كما تم اعتماد الحقيبة التعليمية التي أعدتها الوزارة لتناسب مختلف الفئات، من الأشخاص الأسوياء وذوي الإعاقات السمعية والبصرية.
التعاون مع "جسور" بالإسماعيلية.. وإدماج رسائل صندوق مكافحة الإدمانشهدت محافظة الإسماعيلية تعاونًا ناجحًا مع مبادرة "جسور"، حيث تم تنفيذ 8 ورش عمل للمدرسين شملت مختلف مراكز وقرى المحافظة، وأسفرت عن اجتياز 10،787 دارس لاختبارات دورتي يناير وأبريل 2025.
كما نُظّمت ورشة تدريبية لمدربي المبادرة المعتمدين من اليونسكو بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، بهدف دمج رسائل التوعية الخاصة بالصندوق ضمن التدريبات المقدمة لمدرسي المبادرة.
تسليم شهادات محو الأمية لأكثر من 4600 مستفيدفي ختام اللقاء، تم تسليم 4،678 شهادة نجاح لمستفيدين اجتازوا اختبارات محو الأمية، تمهيدًا لاستخدامها في استكمال مراحل التعليم أو تلبية متطلبات الجهات الحكومية، مثل استخراج رخص القيادة أو التوظيف.
حضور رسمي واسع ومشاركة فعالة من ممثلي المحافظاتشهد اللقاء حضور عدد من قيادات الوزارة والجهات الشريكة، من بينهم:
الأستاذ عمر حمزة، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي لتعليم الكبار ومدير المشروع.الدكتورة مها الحفناوي، مدير مديرية التضامن الاجتماعي بالإسماعيلية.المهندس رائد هيكل، رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار.الدكتور سمير الفقي، المشرف العام على المبادرة.ياسمين علي، مساعد المدير التنفيذي لصندوق دعم الصناعات الريفية والبيئية، إضافة إلى منسقي ومسؤولي المشروع من مختلف المحافظات.1000442535 1000442534 1000442533 1000442532 1000442531 1000442530