تعيش فلسطين صراعًا أزليًا بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وهي القضية العربية الأكثر ألمًا في الوطن العربي، لما يعانيه الفلسطينيين من ظلم وعدوان على أرضهم المنهوبة، واستفزاز دائم من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال.

وعلى مدار عام 2023 شهدت غزة الكثير من العمليات الإجرامية التي نفذها جيش الاحتلال في مختلف أنحاء فلسطين، وفي السطور التالية نستعرض أبرز العمليات التي تمت على مدار عام 2023.

يناير 2023  اجتياح جنين 

في يناير 2023 نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية لمدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، في صباح يوم الخميس 26 اجتاح الجيش الإسرائيلي مخيمات اللجوء شمال الضفة، وحدثت مجزرة في مخيم جنين أسفرت عن استشهاد 9 وإصابة 20 آخرين، واستهدف جنود الاحتلال المنازل بقذائف حارقة أدت لاحتراق عدد من المواطنين، كما اقتحموا المشفى الحكومي داخل المخيم وثلاجة الموتى حيث يرقد الشهداء.

واستهدف جيش الاحتلال الطواقم الطبية، ما أدى لعرقلة جهودها لإنقاذ المصابين في جنين، كما تم استهداف الصحفيين ومنعهم من تغطية أحداث الاجتياح.

واشتعلت الأجواء طوال شهر يناير وهدأت في الثلاثين من يناير، ثم عادت للتوتّر في اليومِ الموالي عقبَ الاستهدافات المتكررة من طرفِ المستوطنين للفلسطينيين في البلدات المتاخمة للمستوطنات. 

فبراير 2023  مجزرة نابلس

أطلق صاروخ من قطاع غزة مع بداية الشهر، للمستوطنات الإسرائيلية تم اعتراضه إلّا أن بقاياه تسببت في إصابة شخصٍ واحدٍ بجروح طفيفة، ثم انتقمت إسرائيل بعدها بغارة جويّة وسط قطاع غزة، وأطلقت قواتُ الاحتلال الرصاص الحيّ على شابٍ فلسطيني قرب حاجز حوارة جنوب نابلس بزعم محاولته الاستيلاء على سلاح أحد الجنود الإسرائيليين، ثم اقتحمت القواتُ الإسرائيلية مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا.

ثم اقتحَمت القوات الإسرائيلية مخيّم جنين بحثًا عن مطلوبين وقُتل طفلًا فلسطينيًا بعدما تعرّض لرصاصة من سلاح جنديّ إسرائيلي.

ووقعت مجزرة نابلس قٌتل فيها 9 فلسطينيين وإصابة أكثر من 100 آخرين وشهد شهر فبراير الكثير من العمليات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

مارس 2023 عنف المستوطنين 

اقتحم جيش الاحتلال مخيم عقبة جبر بمدينة أريحا، وحاصرت أحد المنازل هناك، ثم اندلَعت اشتباكات بين القوات الإسرائيليّة والمقاومة نجمَ عنها إصابة عدد من الفلسطينيين بجروح واعتقلت إسرائيل 3 آخرين، ومنعت طواقم الإسعاف المحليّة من إسعافِ المصابين، وأعلنت بعدها وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة فلسطيني متأثرًا بالجروح الحرجة.

واقتحم مستوطنون مدجَّجُون بالسلاح قرية حوارة الفلسطينيّة، بدعمٍ من جيش الاحتلال، واقتحم الاحتلال المصلى القبلي بالمسجد الأقصى مطالبةً المعتكفين داخله بالمغادرة بشكل فوري، واعتقلت بعضهم، كما اقتحَمت مخيم نور شمس شرقي طولكرم وسطَ اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين. 

أبريل 2023 اشتباكات الأقصى

مطلع الشهر أطلق جندي إسرائيلي رصاصة بشكل مباشر على شابٍ فلسطيني عند باب السلسلة في البلدة القديمة بالقدس، ومعَ اقتراب صلاة الفجر أغلقت قوات الاحتلال عددًا من الأبواب المؤدية للأقصى، كما دفعت بتعزيزات ملحوظة داخل البلدة القديمة، واعتدوا على عددٍ من المعتكفين داخل المسجد الأقصى.

وفي 7 أبريل نفذ شاب فلسطيني عملية دهس في قلبِ تل أبيب، ودهسَ مجموعة مستوطنين وأطلق النار عليهم ما تسبَّبَ في مقتل مستوطن إسرائيلي واحد، وجُرح 6 آخرين، منفذ الهجوم هو يوسف أبو جابر وينحدرُ من قرية كفر قاسم حيثُ استعملَ سيارة عائلته لتنفيذ العمليّة قبل أن يقتله جنود الاحتلال في منطقة الهجوم.

مايو 2023 مخيم طولكرم

نفذت قوات الاحتلال عملية عسكرية في مخيم طولكرم بمدينة طولكرم، واستشهد اثنين من عناصر كتيبة طولكرم بعد الاشتباك معهما وهما سامر صلاح الشافعي وحمزة جميل خريوش، بتهمة  تنفيذ عدة عمليات إطلاق نار صوب الحواجز والمستوطنات والمركبات الإسرائيلية في منطقة طولكرم.

يوليو 2023 مخيم جنين

شنّ الاحتلال الإسرائيلي هجومًا جويًا على مخيم جنين، استهدفت من خلاله البنية التحتية في المنطقة، استشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب عدد آخر، وأرسل الجيش الإسرائيلي رسائل نصية لسكان المخيم يدعوهم فيها إلى البقاء في منازلهم، ثم جددت القصف وواجهت المقاومةً الفلسطينية آليات الاحتلال بعبوات ناسفة محلية الصنع، وقالت حركة حماس إنّ العدوان على جنين سيفشل محملة حكومة نتنياهو مسؤولية ما يجري، أما حركة فتح فقد أكّدت مواجهتها ومعها كل الفصائل الفلسطينية لهذا العدوان. 

يوم 19 يوليو اقتحم مئات المستوطنين قبر النبي يوسف في المنطقة الشرقية في مدينة نابلس، وتطور الاقتحام لاحقًا لاشتباكاتٍ بين الطرفين.

واصل جنود الاحتلال وتيرة الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، واقتحمَ الجيش الإسرائيلي مخيم العين في مدينة نابلس، وحيّ النقار في مدينة قلقيلية، وأقدم مئاتُ المستوطنين على اقتحامِ المسجد الأقصى يوم 27 يوليو.

أغسطس 2023  عمليّة معاليه أدوميم

في عملية انتحارية فتحَ شاب فلسطيني النار على مجموعةٍ من المستوطنين في مستوطنة معاليه أدوميم، أصيب 5 منهم بجروحٍ، قبل أن يتبادل إطلاق النار مع جنود الجيش الإسرائيلي المتمركزين في المستوطنة ليُصاب برصاصةٍ أوليّة منهم قبل أن يتم تصفيته.

وفي 4 أغسطس أقدم مستوطن إسرائيلي، على قتلِ شاب فلسطيني يدعى قصي جمال معطان عمره 19 سنة، بدمٍ بارد وبدون سبب محدّد في قرية برقة شرقي رام الله في الضفة الغربية.

وفي ذات الشهر قتل الاحتلال 3 فلسطينيين في جنين، ثم اقتحمَ جيش الاحتلال مخيم طولكرم وقتل شابًا فلسطينيًا وأصاب آخرين، واقتحمت مخيمي عقبة جبر وبلاطة واستشهد فلسطينيين وأصيب  آخرين.

نفذ فلسطيني صباح 31 أغسطس عملية دهس لمجموعة من الجنود الإسرائيليين في حاجزٍ عسكري على مقربةٍ من مدينة رام الله أدت لمقتل جندي إسرائيلي وإصابة 4 مجنّدين آخرين .

أكتوبر 2023 عملية طوفان الأقصى

نفذت المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر، واستنفرت إسرائيل وفرضت حصارًا شاملًا، على قطاع غزة في 9 أكتوبر 2023، شمل منع دخول الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء، وأعلنت إسرائيل إن رفع الحصار عن غزة لن يتم إلا بعد عودة الرهائن الذين اختطفتهم حماس.

واشتد الصراع بين المقاومة وجيش الاحتلال، الذي نفذ عمليات قتل مختلفة للمدنيين انتقاما من حماس، وأعلنت عدد كبير من الدول العربية دعمها لأهالي غزة في وقفات احتجاجية عربية.

وفي 24 أكتوبر 2023، تم الاتفاق على هدنة إنسانية لمدة 4 أيام قابلة للتمديد يتم فيها تبادل أسرى بين فلسطين وإسرائيل والسماح بدخول المساعدات.

ديسمبر 2023 دماء الشهداء لم تتوقف

وفي 11 ديسمبر 2023، أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن ما لا يقل عن 18205 أشخاص قتلوا وأصيب 49645 آخرون في الغارات الإسرائيلية على القطاع.

يوم 22 ديسمبر أعلنت وزارة الصحة في غزة، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع إلى أكثر من 20057 قتيلا، وحصيلة المصابين إلى أكثر من 53320 ألفا منذ 7 من أكتوبر الماضي.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حصاد أحداث غزة ويتضمن غزة 2023 مقابر فلسطين والصراع مستمر أرض الشهداء الأحرار الجیش الإسرائیلی جیش الاحتلال فی مدینة

إقرأ أيضاً:

الدعوة لانتخاب مجلس وطني فلسطيني: لماذا وُلدت ميتة؟

بالرغم من أن إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني (الهيئة التشريعية العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية) تمثل مطلبًا فلسطينيًا عامًا وملحًّا، فإن دعوة الرئيس محمود عباس لانتخابه وُلدت ميتة!!

وكان عباس قد أصدر قرارًا في 19 يوليو/ تموز 2025 (بناءً على قرار اللجنة التنفيذية للمنظمة قبل ذلك بيومين) بإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني قبل نهاية 2025، وفي موعد يُحدّده عباس نفسه.

وتضمَّن القرار أن يكون عدد أعضاء المجلس 350 عضوًا، ثلثاهم من الضفة الغربية وقطاع غزة. غير أنه اشترط للعضوية الالتزام ببرنامج منظمة التحرير والتزاماتها الدولية والشرعية الدولية، أي اتفاقات أوسلو وكل ما ينبني عليها من استحقاقات بما في ذلك الاعتراف بـ"إسرائيل"، والتنازل عن معظم فلسطين التاريخية، ونبذ المقاومة المسلحة والالتزام فقط بالوسائل السلمية. وفوق ذلك، فقد جعل عباس تشكيل اللجنة التحضيرية تحت هيمنته (هيمنة فتح).

وقد أثار القرار غضب الفصائل والقوى الشعبية الفلسطينية والرموز والمستقلين، وخصوصًا فصائل المقاومة المعارضة لاتفاقات أوسلو، والمعترضة على "عقلية التفرد" التي ينتهجها عباس وقيادة فتح، والمطالبين بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس تمثيلية حقيقية.

تعميق المأزق الفلسطيني

يعلم الجميع خطورة التحديات الوجودية التي تواجهها قضية فلسطين في أيامنا هذه، وتعرضها للشطب والإلغاء مع تصاعد مشاريع الضم والتهجير الإسرائيلية، وتجاهل الاحتلال الإسرائيلي اتفاقات أوسلو، وكل القرارات الدولية ومشاريع التسوية.

ويعلم الجميع الحالة المتردية التي وصلت إليها منظمة التحرير، حيث صارت أقرب إلى دائرة من دوائر سلطة رام الله؛ في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة في القيادة، وفي البنى المؤسسية وانعدام فاعليتها، ومن أزمة في تفريغ محتواها النضالي، ومن هيمنة فصيل يحتكر السلطة ويغلق أبواب الإصلاح، ومن فقدان للرؤية والبوصلة وإدارة الأولويات، ومن تهميش للخارج الفلسطيني… وغيرها.

إعلان

غير أن عباس وفريقه وضعوا مسمارًا جديدًا في نعش "المشروع الوطني الفلسطيني" من خلال هكذا دعوة للانتخابات، حيث بدت أقرب إلى إعادة ترتيب سيطرة "البيت الفتحاوي" على منظمة التحرير، وليس ترتيب البيت الفلسطيني نفسه. حيث يُلاحظ على القرار:

1- أنه جاء مخالفًا لكافة التوافقات الفلسطينية التي وقعتها فتح وحماس على مدى العشرين سنة الماضية، بما في ذلك القاهرة 2005، و2011، و2017، و2021، والجزائر 2022، ولقاءات موسكو وبكين في الفترة 2019- 2024، والتي نصَّت على إصلاح أو إعادة بناء منظمة التحرير وتشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، على أسس تشاركية ديمقراطية وبما يضمن تمثيلًا حقيقيًا، وبالانتخاب حيثما أمكن، وبالتوافق عندما يتعذر ذلك؛ وعبر لجنة تحضيرية موحدة.

كما تحدثت عدة توافقات عن تشكيل "إطار قيادي مؤقت" يدير المرحلة إلى حين تشكيل مجلس وطني جديد.

2- أنه يُخرج حماس والجهاد وقوى المقاومة الرافضة لأوسلو من حق المشاركة والانتخاب، لأنه يشترط الالتزام باتفاقات أوسلو وما يترتب عليها من التزامات.

وهي قوى تمثل تيارًا واسعًا في الشعب الفلسطيني. وهو قرار يتعارض مع الميثاق الوطني الفلسطيني (دستور المنظمة)، الذي يعدّ كل الفلسطينيين أعضاء طبيعيين في المنظمة، على اختلاف اتجاهاتهم السياسية والأيديولوجية.

3- أنه يستأثر بالهيمنة على اللجنة التحضيرية، ولا يضمن شراكة حقيقية للقوى الفلسطينية الفاعلة فيها، ويطعن بشفافية الانتخابات.

4- أنه يتجاهل الإطار القيادي المؤقت، ويفرض هيمنة عباس وفتح على الإجراءات، ويُسهّل "هندسة النتائج" مسبقًا.

5- أنه يُعمّق الانقسام الفلسطيني بتجاهل القوى الفاعلة على الأرض، ويُعيد إنتاج حالة "مزورة" للإرادة الشعبية الفلسطينية.

6- أنه يعطي فرصة مثالية للأعداء والخصوم لاستكمال مخططات شطب القضية الفلسطينية.

فإذا كانت قيادة المنظمة ستعيد إنتاج منظومتها الفاسدة الضعيفة المستبدة، المتجاهلة لشعبها، فليس غريبًا أن تُولد هذه الدعوة للانتخابات "ميتة"!!

قراءة كارثية للواقع

تعاني قيادة المنظمة من قراءة كارثية للواقع، وبالتالي تنفيذ سياسات تصبّ في إضعاف المشروع الوطني الفلسطيني. إذ تجد نفسك أمام قيادة متنفذة تظن أن لديها ترف الوقت للمناورة والالتفاف على التوافقات الفلسطينية، مع تجاهل عميق لخطورة المرحلة، والإصرار على عقلية التفرد والاستئثار؛ في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة لاستنفار وتوحيد كل القوى الفلسطينية في الداخل والخارج، وإعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها بشكل قوي وفعال.

هكذا قيادة تُشعرك أنها ليست فقط خارج الشرعية الحقيقية، بل خارج البيئة الشعبية وهمومها وأولوياتها، بل خارج حركة التاريخ!!

وهي قيادة تهرب من أخذ شرعيتها من قواعدها الشعبية، وضمن المعادلة الوطنية، إلى الاتكاء على عكازات خارجية عربية ودولية تدعم بقاءها في السلطة، بسبب توافقها مع مسارات التسوية ومحاربتها خط المقاومة، وبُعدها عن "الإسلام السياسي"، وقابليتها لتقديم المزيد من التنازلات.

إعلان

وعلى سبيل المثال:

1- تتجاهل قيادة المنظمة (قيادة السلطة وقيادة فتح) أن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز اتفاقات أوسلو، وأن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تُنفذ خطة "الحسم" القاضية بضم القدس وباقي الضفة الغربية، وتفكيك السلطة الفلسطينية إلى كانتونات.

وكان آخر الإجراءات تصويت الكنيست 23 يوليو/ تموز 2025 على مشروع قانون بتطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية؛ تمهيدًا لضمها بأغلبية 71 صوتًا مقابل 13 صوتًا فقط.

ومع ذلك، تتابع قيادة السلطة "التزاماتها" ودورها الوظيفي في خدمة الاحتلال، من خلال ملاحقة المقاومة، والتعاون الأمني مع الاحتلال في إخضاع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.

2- تتجاهل قيادة المنظمة الاستحقاقات الكبرى التي فرضتها معركة طوفان الأقصى، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما صاحبه من مجازر بشعة وتدمير للمدارس والمستشفيات والجامعات والمساجد والكنائس والبنى التحتية، ومن حصار وتجويع.. وتشغل نفسها بالمماحكات مع حماس وقوى المقاومة.

وكان من النماذج البئيسة دعم أجهزتها الأمنية (من خلال بهاء بعلوشة وفايز أبو هنود) ظاهرة مليشيا العميل ياسر أبو شباب "القوات الشعبية" التي تعمل تحت إشراف عسكري إسرائيلي، وتقوم بنهب المساعدات المقدمة لأبناء القطاع، وتهاجم قوى المقاومة.

وفي الوقت نفسه، تشغل قيادة السلطة نفسها، ليس بمواجهة الاحتلال، وإنما في تقديم نفسها بديلًا مقبولًا للإسرائيليين والأميركان، يُلبي اشتراطاتهم ومعاييرهم ليحل مكان حماس.

3- شكّلت القيادة الفلسطينية حكومة جديدة لسلطة رام الله بقيادة محمد مصطفى (31 مارس/ آذار 2024) في غمرة طوفان الأقصى، وبشكل منفرد إقصائي، في الوقت الذي كانت الحاجة فيه ماسة للتوافق الفلسطيني.

وهكذا، فوفق هذه القراءة الكارثية القاصرة على المصلحة الذاتية الضيقة الآنية، تسهم السلطة في مساعدة الاحتلال الإسرائيلي في حفر قبرها (بل وقبر قضية فلسطين) بنفسها!!

هروب إلى الأمام

يبدو قرار الدعوة لانتخابات المجلس الوطني في مضمونه هروبًا من استحقاقات الواقع الفلسطيني، ومن الخريطة الانتخابية التي تعكس الوزن الحقيقي للفصائل والقوى الفلسطينية.

فعلى مدى العامين الماضيين، أظهرت استطلاعات الرأي تفوقًا كبيرًا لحركة حماس وتراجعًا واضحًا لحركة فتح، مع مطالبة أغلبية فلسطينية ساحقة تبلغ 85- 90% باستقالة الرئيس عباس، وتوقع هزيمة ساحقة له أمام أي من مرشحي حماس أو أمام مروان البرغوثي.

وبالتالي، فإن الذهاب إلى هذا الاستحقاق جاء استجابة لترتيبات فتحاوية داخلية، ولضغوط خارجية، ليتّسق تركيب المجلس الجديد واللجنة التنفيذية التي ينتخبها، مع مرحلة ما بعد الرئيس عباس، الذي بلغ أكثر من تسعين عامًا (مواليد فبراير/ شباط 1935)، ومع ما قد يترتب على معركة طوفان الأقصى من التزامات، يسعى الأميركان والمطبعون العرب لإيجاد جهة فلسطينية لإنفاذها.

وكان من اللافت للنظر أن الدعوة للانتخابات تعطي ثلثي المقاعد للداخل الفلسطيني المتمثل بالضفة والقطاع، بخلاف التوافق الفلسطيني على المناصفة بين الداخل والخارج.

وهذا ليس فقط مؤشرًا على تهميش الخارج الفلسطيني الذي تزيد أعداده عن نصف العدد الكلي للفلسطينيين (بينما تمثل الضفة والقطاع نحو 37% من الشعب الفلسطيني)، وإنما هو تكريس لبيئة صناعة القرار الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي؛ وهو الذي حرصت منظمة التحرير منذ حرب 1967 وحتى اتفاقات أوسلو 1993 على تجنبه، حيث لم تكن أصوات الداخل الفلسطيني تُحتسب ضمن النصاب.

أولويات المرحلة

في ضوء المخاطر الوجودية التي تشهدها قضية فلسطين، فإن مسألة ترتيب البيت الفلسطيني، بما في ذلك التوافق على قيادة مؤقتة، تشرف على انتخابات جديدة، تؤدي إلى تشكيل مجلس وطني جديد على قاعدة المحافظة على الثوابت، أصبحت "واجب الوقت"، ولا يجوز أن تظل لعبة للمناورة وللتذاكي والابتزاز.

إعلان

ولذا، لا بد من التوافق الفلسطيني الذي يقطع الطريق على التدخل الخارجي فيما يتعلق باليوم التالي لإدارة قطاع غزة، وبتنفيذ برنامج عمل مستعجل لمواجهة مخاطر تهويد المسجد الأقصى والقدس، ومخاطر الضم والتهجير في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كما أن وقف التنسيق الأمني، والتوقف عن مطاردة المقاومة، والإصرار على المحافظة على سلاح المقاومة، وفك الحصار عن قطاع غزة، وكسر الإرادة الإسرائيلية من خلال إرادة فلسطينية أقوى، كلها من متطلبات المرحلة واستحقاقات إنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني، ودحر الاحتلال الإسرائيلي.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • صياد فلسطيني يعثر على زجاجات طعام في البحر ويشكر المصريين.. ماذا قال؟
  • جنين: القبض على سائق مركبة غير قانونية تسبب في دعس طفلين
  • استشهاد رضيع فلسطيني نتيجة سوء التغذية والمجاعة في قطاع غزة
  • خلال اقتحام مخيم في نابلس.. مقتل فتى فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية
  • الاحتلال يطلق النار صوب فلسطيني قرب بيت لحم بزعم محاولته تنفيذ طعن
  • الدعوة لانتخاب مجلس وطني فلسطيني: لماذا وُلدت ميتة؟
  • ضياء رشوان: مصر استقبلت 23 ألف جريح ومريض فلسطيني .. وأجرت 2978 عملية معقدة
  • إعلام فلسطيني: 89 شهيدًا و453 مصابًا بنيران جيش الاحتلال خلال 24 ساعة
  • رايتس ووتش تدعو مؤتمر الأمم المتحدة حول فلسطين لاتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • الاحتلال يقصف خيام النازحين ويستهدف منتظري المساعدات والتجويع مستمر في غزة