لبنان ٢٤:
2025-05-25@17:06:49 GMT

الإعلام الأسود والرسم التشبيهي للحقيقة

تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT

الإعلام الأسود والرسم التشبيهي للحقيقة

كتب وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلاّس: هلّ يجروء الإعلام على ملاحقة الحقائق و كشف الفضائح  و إعلانها كاملة ، أم ان له خاصية تحرك و قدرة محورية للتحايل على الواقع و تمكنه من تقديم  رسم تشبيهي  للحقيقة ، رفعاً للعتب و إبعاداً للشبهة ، بما يقرب من وضعية  استراتيجية  التضليل 
؟ انه السؤال العمقي الذي تفرض دقة الظرف طرحه في زمن التضييع و الضياع و تفاقم الأزمات النزاعية الداخلية و الانقسامات  الحادة التشظي التي تعصف بالبلد سياسيا و امنياً و اجتماعياً ، مع  الملاحق الاقتصادية و الخلافية للأزمة و اثرها على واقع الحال اللبناني .


ميزة بعض الإعلام في لبنان  انه يستثمر الحقيقة و يفاخر بها  على القطعة و وفق سياسة داخلية خاصة بالمؤسسة ، في حين ان بعض الإعلام يستثمر باللَّاحقيقة فيطمسها  و ينتحل صفة المفكِّر  ، مدَّعِياً  إمتلاك القدرة و الخبرة الإستراتيجية التي تمكنه من قول كلام و إختلاق شائعات لا ترقى إلى ان تكون اخباراً  غير مكتملة العناصر  ، فيمارس فنونو هندسات التجهيل و التزييف المبطن و المضلِّل لطرق كشف الحقائق و إعلانها . و يترافق ذلك مع ترويج مشروع الذهنية المادية للإعلام التي تجعل من إعلام النزاعات إعلامَ رهانات  ، و تحوله إعلاماً هَشَّاً  لا يميز بين سلبيات الرذيلة و  حسنات الفضيلة . فصلاً عن انه يسهم  بقتل المعرفة و يعزز الجهل و  يمنع الوصول الى الحقيقة في مستوياتها اللفظية  ، المعلومة  و المكتومة و  المجهولة و المُعْلنة و المكشوفة و المستورة . و لكلّ من هذه اللفظيات مستوياتها و مواصفاتها و تقنيات التعامل معها و فنون التداول بها و أصول استخدامها للإمعان بالأمساكِ بسياسة الالهاء و التزييف و تشويه صورة الحقيقة من خلال تقديم رسم تشبيهي للحقيقة و  مكوناتها الرئيسة . فوظيفة الرسم التشبيهي  ان يدل إلى الملامح   التي يمكن ان توصل إلى معرفة  الحقيقة و التأكد من مطابقتها لعلامات  الرسم ، 

و يتزايد توظيف أنماط التزييف و التجهيل و الإبعاد  عن الحقيقة ، مع ظهور وسائل التواصل و انتشار فوضى المنصات و شعبوية المواقع الالكترونية ، و  التحوُّل من الرصانة الاعلامية و الأخلاقية المهنية  ، إلى المشاعات الخبرية و منصات الحكي الاستعراضي و الإستثماري . و تفرض عملية إنتاج مواد اعلامية معرفية متخصصة و صلبة، مواكبة التغيُّرات في عمليتّي الارسال و التلقي ، و التمييز بين خاصية المنتج  كفرد او مؤسسة ، و خاصية المستهلك كجماعة  تتطلب اعلاما متخصصا او جمهورا  عاما منفتحا على حاجات معرفية متنوعة .

ينتج عن ذلك ان التزايد اللحظي للتحديات و الضغوط على وسائل الإعلام الرصينة و التعديات على خصوصياتها وحقولها المعرفية و مستوجباتها  ، فرض التحوُّل  من عملية وضع ضوابط مهنيّة و خلقية و سلوكات ميدانية للتعاطي بالشأن الإعلامي ، بحيث  ان الأمر يتطلب الاسراع لوضع برنامج تأهيل الجمهور على فن التذوق و تقنيات الاختيار ، قبل الترويج  لعملية الاستهلاك و إطلاق الاحكام على مدى جودة الخدمات الاعلامية و  نفعيتها . إذاك  تبدأ عملية التحصين و التمكين و بناء الذوق عند الجمهور المستهلك الذي تقع عليه مسؤولية اختيار الوسيلة التي يرتاح إلى رصانتها  و يتأكد من صدقيتها و موضوعية معالجتها للأمور  و كيفية تغطيتها للقضايا الساخنة ، مع وجوب التنبه إلى عدم الوقوع ضحية  بيضاء لعملية المنافسة السوداء الحاصلة بين الوسائل و الطرائق الاعلامية و انعكاسها على صدقية  العمل و  أصول التسابق الشريف بين وسائل المعرفة و ادوات  التواصل لتقديم مواد تحكمها ثلاثية الجودة و النوعية و الثقة . و  الالتزام بمعايير هذه الثلاثية تؤكد ان تأهيل الجمهور و إعداده لإختيار الوسيلة الإعلامية الأنسب كمصدر موثوق للخبر  ، هي أسهلُ من عملية  توجيه وسائل الإعلام و ضبط حركية عملها الميداني  و دفعه نحو  الاستثمار الايجابي للخبر و  فنون  النقل و الإفهام .

ان عملية التزييف و التجهيل و  هندسة التضليل  التي يمكن ان تمارس من خلال بعض الاعلام ،  من شأنها ان  تؤدي إلى الإفلاس المعرفي الذي يجعل المجتمع عرضة للإفلاس و الانهيار ، ما يفرض العمل الهادف  إلى بناء مجموعة معارف متماسكة ، و الاتفاق على وضع مفاهيم متنوعة  تشكل مدخلاً إلى  المعرفة الواسعة و ترشيد  إدارة المعرفة المتخصصة ، تماما مثل علمية إدارة الاموال و  قانونية ادارة الحكم .  مع التأكيد  ان وَهْمَ المعرفة هو عدو المعرفة الأكبر  .  و هذا ما يطرح خطر الإشكاليّة المرافقة  لدور الإعلام في تقديم رسم تشبيهي للحقيقة ، في الوقت يملك فيه كل مفاصل الحقيقة و علاماتها الفارقة . فأي مسؤولية للإعلام الأسود في ممارسة سياسة الإبهام و الإمعان بجرم إخفاء الحقائق و قتلها ؟.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

حوار المعرفة العماني السعودي يبحث إنشاء مراكز مشتركة للبحث والابتكار

انطلق اليوم منتدى حوار المعرفة العُماني السعودي الذي تنظمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالتعاون مع مجلس شؤون الجامعات بالمملكة العربية السعودية، وذلك بفندق قصر البستان، برعاية معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

وعُقدت ضمن فعاليات المنتدى 3 جلسات استعرضت الأولى التحديات والفرص في بناء جامعات ريادية في الخليج العربي، وتم التطرق خلالها إلى القوانين والتشريعات، ودور التكنولوجيا في بناء جامعات ريادية، والتعاون الدولي والشراكات، بالإضافة إلى التكامل بين الجامعات الخليجية لبناء منظومة ريادة إقليمية، والبُنى الأساسية والموارد البشرية والمالية، واستعرضت الجلسة الثانية دور الثورة الصناعية الرابعة والخامسة في دعم التعليم والحرم الجامعي الذكي، وتم التطرق خلالها إلى الذكاء الاصطناعي، وتحويل الأبحاث في الذكاء الاصطناعي إلى حلول تطبيقية في بيئة التعليم الجامعي، ودور إنترنت الأشياء في تطوير بيئات التعلم الذكية في الجامعات، وكذلك الأمن السيبراني، ودمج إنترنت الأشياء وذكاء البيانات في تشغيل الحرم الجامعي الذكي، فيما استعرضت الجلسة الثالثة التعاون في البحث العلمي والابتكار، وتم التطرق خلالها إلى إنشاء برامج بحثية مشتركة وتبادل الباحثين، والتشجيع على إنشاء مراكز البحث والتطوير والابتكار.

وأكدت الدكتورة مريم بنت بلعرب النبهانية المديرة العامة للجامعات والكليات الخاصة أن منتدى حوار المعرفة العُماني السعودي يشكل محطة مهمة على طريق تعزيز الشراكة الأكاديمية والبحثية بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، واستكشاف آفاق جديدة في مجالات التعليم الجامعي والبحث العلمي والابتكار، استكمالًا لما بدأ من جهود تعاونية، وتأكيدًا لما تم الاتفاق عليه خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود لسلطنة عُمان في عام 2023، وما تبعها في عام 2024 من لقاء مشترك عُقد في مسقط بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وهيئة تنمية الصادرات السعودية، وعدد من شركات القطاع الخاص بالمملكة، إلى جانب مؤسسات التعليم العالي الخاصة في سلطنة عُمان، وتتسق هذه الجهود مع الرؤيتين الوطنيتين الطموحتين: "رؤية عُمان 2040" و"رؤية السعودية 2030"، واللتين ترتكزان على الاستثمار في الإنسان والمعرفة كركيزة أساسية للتنمية المستدامة.

وأوضحت أن موضوع هذا المنتدى، وما يتضمنه من جلسات نقاشية حول الجامعات الريادية والتقنيات الحديثة، والثورات الصناعية الرابعة والخامسة، يعكس الوعي المشترك بضرورة إعادة صياغة أدوار مؤسسات التعليم العالي في عصر المعرفة والاقتصاد الرقمي، لتصبح الجامعات الخليجية مراكز إنتاج معرفي وريادي، تسهم في تنمية مجتمعاتنا، وتستجيب لاحتياجاتها المتجددة، وتدعم اقتصاداتها من خلال البحث والتطوير والابتكار، إذ غدا مفهوم "الجامعة الريادية" ضرورة واقعية، تفرضها التحديات التنموية والتقنية التي تواجهها دولنا، ونتطلع إلى تبادل الخبرات وأفضل الممارسات، والتعاون في تطوير الأطر القانونية، والبنية الأساسية، والارتقاء بالكفاءات الوطنية، بما يعزز من قدرات مؤسسات التعليم العالي في كلا البلدين.

مسيرة التعاون العلمي

وقال سعادة الدكتور بسام بن عبدالله البسام، الأمين العام لمجلس شؤون الجامعات بالمملكة العربية السعودية: يجسد هذا اللقاء العلمي العلاقة الأخوية بين البلدين ويدعم مسيرة التعاون العلمي والمعرفي بين الصروح التعليمية، بما يسهم في تبادل الخبرات والتجارب سعيًا إلى تعزيز جودة التعليم ومخرجات التعلم في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأوضح أن مؤسسات التعليم العالي تمثل منارة من منارات العلم والمعرفة، وتؤدي دورًا محوريًا في نشر المعرفة، وبناء كوادر بشرية تسهم في نهضة الأمم، كما أن المؤسسات التعليمية تُعد بيئة خصبة للبحوث العلمية والاختراعات والابتكارات التي تخدم البشرية، وتُقدّم الحلول الناجحة للتحديات التي تواجه البشرية محليًا ودوليًا، ولا يخفى على الجميع أهمية تبادل الخبرات وتعزيز الشراكات بما يضمن الاستفادة المثلى من المكونات الأساسية للبحث العلمي والتقنية المبتكرة؛ ويأتي لقاؤنا هذا كخطوة مهمة لتعزيز التكامل بين مؤسساتنا التعليمية والاستفادة من الخبرات والتجارب المتميزة في البلدين.

وأشار إلى أن ما يحتويه هذا اللقاء من محاور وموضوعات يُعدّ لبنة مهمة في طريق التكامل، الذي نأمل أن يكون بداية لتعاونات مستقبلية على المستويات الأكاديمية والبحثية والتقنية كافة، وبناء شبكة علاقات تضمن تبادل الخبرات وتعزيز البحث العلمي والشراكة الأكاديمية بين البلدين، ونتطلع للقاءات قادمة لاستكمال مسيرة التعاون وتحقيق طموحات القيادة في البلدين.

من جانبه، قال الدكتور صلاح بن صومار الزدجالي المدير العام للبرامج وبناء القدرات بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: إن المنتدى يسعى إلى تعزيز التعاون في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، معربًا عن أمله في أن يُثمر هذا المنتدى في التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات ما بين مؤسسات التعليم العالي بين الجانبين؛ بهدف التوأمة بين هذه المؤسسات التعليمية، وتنفيذ مجموعة من البرامج العملية في مجالات البحث العلمي والابتكار والتبادل المعرفي والعلمي، سواء على مستوى الباحثين والمبتكرين والطلبة بين البلدين الشقيقين.

ويشكّل منتدى حوار المعرفة العُماني السعودي منصة استراتيجية لتعزيز التعاون المعرفي وتبادل الخبرات بين البلدين الشقيقين.

مقالات مشابهة

  • جامعة صحار تنظم محاضرة لتعزيز المعرفة بحقوق المرأة في التشريع العُماني
  • حوار المعرفة العماني السعودي يبحث إنشاء مراكز مشتركة للبحث والابتكار
  • ملوك الغابة في أقفاص المنازل.. رواج ظاهرة تربية الأسود في العراق
  • تفقد التصفيات النهائية لمسابقات المهرجان الصيفي للموهوبين والمبدعين بالأمانة
  • «الوطني» يبحث تعزيز التعاون مع برلماني الجبل الأسود وأمريكا الوسطى
  • ما حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. المفتي السابق يجيب
  • ???? الصورة التي قال ترامب إنها “لمزارعين بيض قتلوا في جنوب إفريقيا”.. هي في الحقيقة لحادثة في الكونغو!
  • انطلاق فعاليات منتدى التعاون الإعلامي لدول منظمة شنغهاي 2025
  • مي عمر تثير الجدل بإطلالتها في الرياض
  • «الاقتصاد» تطلق مركز المعرفة والابتكار لترسيخ التعاون مع القطاع الأكاديمي