ضربت حالة من التوتر المتصاعد الحدود السورية الجنوبية منذ التطورات الأخيرة في قطاع غزة، واندلاع حرب وحدة الساحات، التي تصر معها فصائل "محور المقاومة" إشراك الجبهة السورية في معركة حامية الوطيس بين حركة "حماس" وإسرائيل منذ قرابة ثلاثة أشهر من دون توقف.

ومع مستنقع الخلافات الداخلية والحرب الدائرة في قطاع غزة والمناوشات النارية على الجبهة اللبنانية، تكتفي إسرائيل بتنفيذ غارات متكررة هدفها ضرب مواقع ثابتة أو متحركة لميليشيات إيرانية أو موالية لها في دمشق وحلب السوريتين.

ويظل الاستهداف الإسرائيلي الأقوى للأراضي السورية، منذ اندلاع هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو الهجوم بغارة جوية على إحدى المزارع في ريف دمشق بمنطقة السيدة زينب، ومقتل أحد أبرز المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا، رضي موسوي، فيما ردت دمشق برسائل مناشدة متطابقة لكل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن حول تكرار غارات إسرائيل وانتهاكاتها.

ويرجح متخصصون مطلعون نية تل أبيب توجيه سلاحها الجوي مصوباً نحو هجمات واغتيالات أو ضربات رادعة في ظل عدم رغبتها في اتساع دائرة الحرب لتشمل هضبة الجولان، ولهذا سعت طيلة الشهرين الماضيين إلى ضرب محيط العاصمة دمشق، خصوصاً مطارها المدني الدولي.

ويرى مراقبون أن إسرائيل غير قادرة على الذهاب إلى فتح جبهة ثالثة في الجولان السوري، لكونه تشتيتاً للقدرات الإسرائيلية العسكرية، على رغم مسعى حكومة تل أبيب وقيادته السياسية لتحقيق انتصارات ملموسة، بعد السقوط المدوي لكثير من الخطط العسكرية الميدانية على أرض القطاع.

تحركات روسية

في غضون ذلك تحطمت طائرة مسيرة قرب قرية في مرتفعات الجولان السوري الذي تسيطر عليه إسرائيل منذ يونيو (حزيران) 1967، وأعلن فصيل عراقي مسؤوليته عن الهجوم تزامناً مع تأكيد وسائل إعلام إسرائيلية حادثة الطائرة الهجومية التي أطلقت من سوريا وأسقطت، ليل الأربعاء الماضي، جنوب إلياد واقتصرت الأضرار على المادية، بينما ذكرت إحدى الميليشيات "المقاومة الإسلامية العراقية" استهدافها هدفاً حيوياً في الجولان.

وثمة تحرك روسي لضبط إيقاع تطور التوتر الحاصل على حدود تقبع على صفيح ساخن، ومنعاً من نشوب حرب نشرت موسكو وحدات الشرطة العسكرية الروسية بهدف مراقبة الأوضاع الميدانية على طول خط ترسيم الحدود في هضبة الجولان. وذكرت وسائل إعلام أن مهمة كل نقطة مراقبة ودورها بالرقابة على نظام وقف إطلاق النار على مدار الساعة ليلاً ونهاراً.

 ويسعى الجانب الروسي من هذه الخطوة إلى رصد الغارات الجوية الإسرائيلية، ومنع التصعيد من قبل دمشق وتل أبيب في وقت ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا نشر النقاط الروسية في ريفي القنيطرة ودرعا جنوب البلاد على خلفية التصعيد من قبل الميليشيات.

وتتأزم مجريات الأحداث من جهة إصرار الميليشيات الإيرانية والعراقية على فتح النار لتخفيف الضغط عن جبهة قطاع غزة، بينما العاصمة السورية تقف موقفاً داعماً إعلامياً لها ولـ"حماس" بعد ذوبان صقيع العلاقة قبل عام حين زار وفد فلسطيني دمشق وأعاد العلاقة المتوترة إبان الحراك الشعبي واندلاع الحرب في عام 2013 حيث وقفت الحركة الفلسطينية إلى صف المعارضة السورية.

وفي الوقت ذاته، يرى متابعون أن سوريا غير قادرة رسمياً على الانخراط في حرب علنية وعبر جيشها النظامي وسط أزمات اقتصادية تعصف بالبلاد على خلفية حرب مستمرة لأكثر من 12 عاماً وحصار مطبق منذ القطيعة الأوروبية والعقوبات الأميركية، علاوة على انشغالها بجبهات الشمال بشقيه الشرقي والغربي إذ لا تزال فصائل المعارضة المتشددة تحكم إدلب ومن جهة ثانية تواجه أخطار (الفدرلة) والانفصال من جهة الأكراد الساعين للاستقلال بإقليمهم في الشمال الشرقي.

الجولان وجولات النار في عام 2021 أحيا السوريون ذكرى الـ40 لسلخ الجولان عن الوطن الأم حين أصدرت تل أبيب قراراً بضم مرتفعات الجولان إلى إسرائيل التي احتلتها في عام 1967 في حرب يونيو أو ما تسمى النكسة بينما ردت الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بهذا القرار.

في المقابل اعترفت الولايات المتحدة بقرار الضم الإسرائيلي، وسط نشر قوات أممية لفض الاشتباك نشرت بأعقاب انتهاء حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 بين الجيشين السوري والمصري من جهة وإسرائيل، إذ استعادت بها سوريا أراضي القنيطرة جنوب البلاد.

في هذه الأثناء ينتشر آلاف العناصر من الميليشيات، بحسب مصادر ميدانية، على طول خطوط الاشتباك بعد أن تم استدعاء المقاتلين من دير الزور شرق سوريا منذ اندلاع حرب غزة، بالتوازي مع تصعيد عسكري واسع النطاق استهدف القواعد الأميركية المنتشرة شرقاً حيث تحكم قوات أميركية مترأسة قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي منذ ولادته عام 2014 وأحكمت السيطرة على حقول النفط والغاز في المنطقة.

وتبقى الأجواء الساخنة هي التي تحول ليل دمشق الهادئ وشديد الظلمة إلى أصوات مرعبة بعد الهجمات المتكررة على مواقع عسكرية ومطارات مدنية في ظل اتهامات إسرائيلية إيران باستغلالها عبر ميليشياتها.

ولعل آخر تلك الضربات الجوية أخرجت مطار دمشق الدولي من الخدمة بعد يوم واحد من تشغيله، وأسفرت أيضاً بحسب وسائل إعلام عربية عن مصرع 11 من قادة الحرس الثوري الإيراني من أبرزهم نورت رشيد المتزعم وقائد الحرس الثوري الإيراني في شرق سوريا.

ظلت جبهة الجولان تعيش فترة هدوء واستقرار عدا عن مناوشات أو سقوط قذائف بأراض خالية تحدث بين الحين والآخر بين الطرفين لكن في أبريل (نيسان) الماضي، شهد الجانب الإسرائيلي سقوط ثلاث قذائف اثنتان منها في منطقة مفتوحة بالجولان وواحدة عن وقف إطلاق النار، وهذه الحادثة دفعت تل أبيب لتفعيل صافرات الإنذار في بلدتي "نيتور وآفني إيتان" أعقبها تنفيذ غارات جوية استهدفت مواقع في الداخل السوري.

في المقابل ليس من المستبعد، كما يرى فريق من المطلعين، إمكانية الاتجاه نحو فتح جبهة الجولان على خلاف التوقعات عن استقرارها، إذ تراها الميليشيات فرصة لتخفيف الضغط عن جبهتي غزة ولبنان معاً، لكن هذه الرؤية قد تكون ضمن السيناريوهات البعيدة في وقت لا ترغب دمشق وموسكو في التصعيد وتكتفي بالرد بالمكان والزمان المناسبين

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

شيخا عقل الدروز في السويداء يدينان اعتداءات الاحتلال على سوريا

أدان شيخا عقل طائفة الدروز في السويداء السورية يوسف جربوع وحمود الحناوي، اعتداءات دولة الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على سوريا، مشددين في الوقت ذاته على ضرورة نبذ التحريض وإثارة الفتن.

وأدان جربوع والحناوي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية "سانا"، الاثنين، "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والتدخلات الخارجية في شؤون سوريا بجميع أشكالها الهادفة لزعزعة أمنها واستقرارها".

وشدد الشيخان على تواصل سعيهما بالتعاون مع الجميع "لإعادة الأمن والأمان إلى جميع المناطق التي شهدت أحداثا مؤسفة في محافظتي ريف دمشق والسويداء، ورفض ونبذ التحريض وإثارة الفتن بين أبناء الشعب السوري الواحد".


وشهد الأسبوع توترات واشتباكات عنيفة في مناطق ذات غالبية درزية في ريف دمشق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا على خلفية تداول تسجيل مسيء للنبي محمد، وذلك بالتزامن مع تصعيد إسرائيلي استهدف محيط القصر الجمهوري ومناطق مختلفة من البلاد بذريعة "حماية الدروز".

وقال جربوع: "ندين الاعتداءات الإسرائيلية جملة وتفصيلا، ونستنكر التدخلات والاعتداءات الخارجية بجميع أشكالها، فهي تعود بالسلبية على الوضع السوري عامة".

وأضاف "نحن كمكون أساسي نعتبر الاعتداءات تدخلا خارجيا، ومساسا بالسيادة الوطنية التي دفع السوريون دماء لأجلها".

من جهته، شدد الحناوي على أن "العدوان على أرض الوطن مستنكر، ولا يمكن لأي مواطن أن يقبل ويرضى به، وكذلك كل التعديات التي تكون من الداخل ومن الخارج"، معتبرا أن "التدخل الخارجي له تأثيراته السلبية على أمن الوطن والمواطنين".

كما حذر الحناوي من "التعديات التي تأتي من الداخل كذلك وتمس أمن وأمان الأهالي"، مشددا على "أهمية أن تتدخل الدولة لفرض الأمن، ومنع هذه التعديات والاقتتال الطائفي، والقيام بوقف إطلاق نار، وردع المخالفين الذين يسيئون للمواطنين الآمنين، ويقومون بتصرفات خاصة دون أوامر تأتيهم من المسؤولين والسلطات في الدولة".


وكان جيش الاحتلال شن قبل أيام سلسلة من الغارات العنيفة التي استهدفت مناطق متفرقة من محيط العاصمة دمشق ومحافظات ريف دمشق وحماة ودرعا تحت ذريعة "حماية الدروز"، ما أسفر عن سقوط شهيد ومصابين بجروح مختلفة.

كما شن فجر الجمعة غارة جوية على محيط القصر الرئاسي المعروف بقصر الشعب في العاصمة دمشق، وهو ما أدانته الرئاسة السورية ودول عربية بشدة.

وانتهت الاشتباكات في المناطق ذات الغالبية الدرزية باتفاق مع أهالي مدينة جرمانا ودخول قوات الأمن السوري أشرفية صحنايا، فيما أصدرت مشيخة عقل الطائفة الدرزية ووجهاء من السويداء بيانا نص على "رفض التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال" وتفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في المدينة الواقعة جنوبي البلاد.

مقالات مشابهة

  • من باريس.. الشرع يعترف بإجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل
  • الإمارات تقود وساطة سرية بين سوريا وإسرائيل
  • قصف عنيف.. اشتعال الحرب بين الهند وباكستان وسقوط 38 قتيلًا
  • بؤرة جديدة للصراع.. اشتعال الحرب الهندية الباكستانية.. والعالم يحبس أنفاسه خوفًا من «النووي» |موجز أخبار العالم
  • اشتعال فتيل الحرب.. فيديو لحظة قصف كشمير بصاروخ باليستي هندي
  • بتسلئيل سموتريتش: انتصار إسرائيل يعنى دمار غزة بالكامل وتهجير أهلها لدولة ثالثة
  • طارق فهمي: إسرائيل تريد أن تحيد جبهة الحوثيين وأحداث عملية حصار عليهم
  • يديعوت أحرونوت: هكذا تضاعف إسرائيل وجودها العسكري داخل سوريا
  • شيخا عقل الدروز في السويداء يدينان اعتداءات الاحتلال على سوريا
  • FT: إسرائيل حولت الضفة الغربية إلى جبهة حرب كغزة