الإنسان هو محور هذا الكون، وهو معجزة الله العظمى في هذا النظام المتقن الفسيح، خلقه الله تعالى على هيئة تختلف كليةً عن سائر المخلوقات، وخصه الله سبحانه بالنعمة العظمى؛ ألا وهي نعمة العقل الذي به يكون الإنسان مؤهلًا للخطاب الإلهي، ومستعدًّا للفهم والتدبر والتأمل في مفردات ومقاصد هذا الخطاب، وقادرًا على النظر في الكون من حوله واستكشاف أسراره الكامنة في قوانينه وسنن الله الإلهية التي أودعها فيه،

وكل هذه المجالات المعرفية تصلح أن تكون درجًا في سلم الوصول إلى الله تعالى خالق الإنسان في أحسن تكوين، وحتى تكون أدلة معرفة للإنسان على ربه سبحانه وتعالى، ومن ثم فإن القرآن الكريم أسس لبناء الإنسان بناءً روحيًّا خاصًّا لا يحصره في أدران الشهوة ورغبات الجسد ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85].

 

 وبناءً عقليًّا محكمًا متقنًا لا يقبل شيئًا في عقيدته إلا بالحجة والدليل والبرهان الناصع ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [النمل: 64] وبناء جسديًّا يعتبر مكونات الجسد أمانة تعينه على مواصلة السير إلى الله تعالى ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]. لقد وردت لفظة إنسان في القرآن الكريم مفردة في أربعة وستين موضعًا من القرآن الكريم، ومجموعة مائة واثنتين وسبعين مرة،

شملت هذه المواضع القرآنية كافة جوانب حياة الإنسان الروحية والأخلاقية والاجتماعية والعقدية والتشريعية، بيد أن الركيزة الأخلاقية والسلوكية قد احتلت المكان الأكبر من بين هذه المواضع، ففي قضية البناء الأخلاقي جعل الله تعالى رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم هو النموذج الذي يحتذى به في هذا الجانب، فخاطبه قائلًا: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وروى الإمام أحمد بسندٍ صحيح عن أبِي هُريرة، قال: قال رسُولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «إِنَّما بُعِثتُ لِأُتمِّم صالِح الأخلاقِ» وفي رواية «مكارم الأخلاق»، وروى الترمذي بسند حسن عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو قال: قال رسُولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: خِيارُكُم أحاسِنُكُم أخلاقًا، ولم يكُنِ النَّبِيُّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم فاحِشًا ولا مُتفحِّشًا. وروى الترمذي من حديث عنْ جابِرٍ، أنَّ رسُول اللهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم قال: «إِنَّ مِنْ أحبِّكُمْ إِليَّ وأقْربِكُمْ مِنِّي مجْلِسًا يوْم القِيامةِ أحاسِنكُمْ أخْلاقًا، وإِنَّ أبْغضكُمْ إِليَّ وأبْعدكُمْ مِنِّي مجْلِسًا يوْم القِيامةِ الثَّرْثارُون والمُتشدِّقُون والمُتفيْهِقُون»، قالُوا: يا رسُول اللهِ، قدْ علِمْنا الثَّرْثارُون والمُتشدِّقُون، فما الْمُتفيْهِقُون؟ قال: «الْمُتكبِّرُون».
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الانسان معجزة الله القرآن الكريم الله تعالى ى الله

إقرأ أيضاً:

غدا.. إعلام الأزهر تعقد مؤتمرها الدولي السادس حول الإعلام الدعوي وبناء الإنسان

تعقد كلية الإعلام بالأزهر للبنين بالقاهرة غدًا السبت 29 من نوفمبر 2025م مؤتمرها الدولي السادس تحت عنوان: «الإعلام الدعوي وبناء الإنسان»، برعاية الإمام الأكبر  الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث. 

 إعلام الأزهر تعقد مؤتمرها الدولي السادس بعنوان الإعلام الدعوي وبناء الإنسان

ويأتي ذلك بحضور عدد من القيادات الدينية والأكاديمية، ونخبة من الباحثين والإعلاميين، وذلك في قاعة الفسطاط بمركز الأزهر الدولي للمؤتمرات بمدينة نصر.

وصرح الدكتور رضا عبد الواجد أمين، عميد الكلية رئيس المؤتمر، أن المؤتمر يهدف إلى بيان رؤية الأزهر الشريف في توظيف القوة المتزايدة للإعلام الدعوي في بناء الوعي الإنساني وترسيخ قيم الوسطية والاستنارة في ظل التحولات الرقمية الراهنة؛ فمع تمدد المنصات الإلكترونية واتساع رقعة التأثير الاتصالي، أصبح الخطاب الدعوي أمام مسئولية مضاعفة تستلزم الجمع بين الأصالة العلمية والمهنية الإعلامية، بما يضمن حماية الهوية وتقوية الانتماء ومواجهة موجات الاضطراب الفكري التي يعيشها العالم المعاصر.

حكم ركعتي تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة.. الأزهر يحسم الجدلنماذج مضيئة من ذوي الهمم في حفظ القرآن.. وكيل الأزهر: رعاية الموهوبين واجب .. صور

وأشار إلى أن المؤتمر يضم نخبة من الأكاديميين والباحثين والقيادات الأكاديمية والدينية التي اجتمعت لتناقش عددًا من الأبحاث العلمية والأطروحات الفكرية المرتبطة بمحاور المؤتمر، في الحلقات النقاشية والجلسات البحثية التي تنضوي تحت محاوره المختلفة، ومن أبرزها: الإعلام الدعوي والوعي الديني، وعلاقة الإعلام الدعوي بتشكيل الهوية، ودور الإعلام الدعوي في بناء شخصية الإنسان، ووسائل الإعلام الدعوي ودورها في تحقيق الأمن المجتمعي، والمؤسسات الدينية والإعلامية ودورها في بناء الوعي.

الجدير بالذكر أن المؤتمر يتزامن مع احتفالات كلية الإعلام للبنين بمرور خمسين عامًا على بدء دراسة الإعلام والاتصال بالجامعة، حيث أنشيء قسم الصحافة والإعلام بكلية اللغة العربية بالقاهرة عام 1975م بتوجيه من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر الشريف آنذاك، ثم تحول إلى كلية مستقلة للإعلام في العام 2011 بتوجيه من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

طباعة شارك الأزهر شيخ الأزهر إعلام الأزهر الإعلام الدعوي وبناء الإنسان مركز الأزهر للمؤتمرات كلية الإعلام للبنين

مقالات مشابهة

  • إحسان الظن بين الناس.. منهج نبوي يواجه الغلو وسوء التأويل
  • نصائح رسول الله ﷺ للوصول إلى طريق الله تعالى
  • غدا.. إعلام الأزهر تعقد مؤتمرها الدولي السادس حول الإعلام الدعوي وبناء الإنسان
  • ليفربول يتخذ قرارًا بشأن ارني سلوت ... تعرف عليه
  • تعرف على الحوار مع الآخر أخلاقياته ونماذجه في ضوء السنة النبوية
  • حكم تخصيص وقت بالليل لقراءة القرآن الكريم دون النهار
  • اكتشاف جديد ومذهل لفوائد القهوة.. تعرف عليه
  • طعام كوري شهير يعزز جهاز المناعة بفاعلية.. تعرف عليه
  • حكم الرقية الشرعية بآيات القرآن الكريم
  • منهج الإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى