على مثل “صالح العاروري” لن تبكي البواكي
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
على مثل ” #صالح_العاروري ” لن تبكي البواكي
د. #حفظي_اشتية
-قبل نكبة 1967 بسنة واحدة كان مولده في “عارورة”، جبالها تعانق جرزيم وعيبال نابلس من الشمال، ويعبر منها النظر بير زيت ورام الله نحو القدس والأقصى والقيامة ومهد المسيح وحرم إبراهيم الخليل جنوبا، وتلاغيها أمواج بحر يافا وتل الربيع من الغرب، وينفتح لها المدى شرقا لتصافح قلعة الكرك وجبال مؤاب والبلقاء، وتتنسم العبق العريق العتيق لموجات العرب الكنعانيين المهاجرين نحو فلسطين، وقوافل الصحابة الفاتحين الميامين، وينفتح فوق ثراها كتاب التاريخ المجيد ببطولاته وصراعاته ومراراته ونشوات انتصاراته وآلام انكساراته، وتنتثر فوق روابيها أشجار الكرمة والتين والزيتون تبسَّمُ صباح مساء تستذكر معاول اليبوسيين، وترتّل أن الصالحين لهم أجر غير ممنون، فلا تكذيب لهذا الدين.
-يا صالح، لقد كنت مرجوّاً فينا قبل استشهادك، وأصبحت مرجوّاً من بعده أعظم وأعمق، دماؤك العُمَرية الطاهرة التي جرت في شرايينك كانت مشكاة شعّت منها أشرف المقاومات، وسيرتك العظمى تثبت أن الأبطال العماليق لا تقاس أعمارهم بعدد السنوات، فقد شببت عن الطوق مبكراً وطويت المراحل، وتشرّبت حكمة الكهولة في بواكير الطفولة، واستحضرت دوما أن العمر قصير ودرب آلام شعبك طويل، وطموحاتك الشريفة ليس لها حدود، ورأيت مبكرا منزلتك عند ربك، فنثرت عمرك إلى ثلاثة أوراد، وثلاث ورود: ثلث ترضع فيه لبان العزة وشرف التربية وصدق الانتماء ونبل التضحية، وتعانق الأهل والتراب والحجر والشجر والأتراب لإدراكك أن الرحيل مباغت، فنمتَ دوما على صهوات الجياد ورجلاك في الركاب.
مقالات ذات صلة في ظلال طوفان الأقصى “40” 2024/01/02وثلثٌ أمضيته في سجن العدو المحتل الظالم، ترتعد فرائصه من كل زهرة فلسطينية يشرئبّ عنقها نحو الحرية، ومن كل ساعد مجبول بالهمة والعزيمة، ومن كل عقل واسع واع، أو لسان ذي بيان، أو قلب سليم مؤمن بحتمية تحرير الأوطان والإنسان.
وأما الثلث الأخير، فقد قضيته بعيدا عن الوطن الذي يسكن روحك وقلبك، وتحمله حيثما حللت بين جوانحك، واخترت الجزء الشمالي من بلاد الشام ليكونَ مقرّك ومستقرك، وقاعدتك للعمل الدؤوب والتخطيط الدائم والصبر والمثابرة والمبادرة والإبداع وتثوير الهمم وإعداد الكتائب في مشروع نضاليّ هائل لا يهدأ ولا يستكين، يجترح المعجزات في الاستعداد وتوحيد الجهود والبناء المتراكم تهيئةً للنصر الحتمي القادم في يومه الموعود المشهود.
ولطالما كنتَ تردّد في مقابلاتك أنّ الشهادة ماثلةٌ دوماً بين عينيك، وأن مطلبها عزيز لديك، وأنه لا يغيب عن بالك لحظة أن رأسك مطلوب، وذلك وعد مكتوب، وسنن مرسوم لكل رأس شريف في هذا العالم الظالم، وكنت تردّد أنك شهيد يمشي على الأرض وأنك لست أفضل من أيّ طفل شهيد سبقك، وأن بلوغك هذا القدر من العمر هو زيادة من الله وفضل، وتلك حقيقة معروفة متوارثة مألوفة، فالأبطال الشرفاء يمضون سِراعا نحو منازلهم العليّة، ولا يذوقون طعم الهرم، يرحلون وهم ما زالوا مهوى الأفئدة، والأرواحُ ما برحت بهم معلّقة.
كنسمة رقيقة معطرة بزهور برتقال أريحا عشتَ حياتك القصيرة الحافلة، ثم مضيت …. يا لَابتسامتك العذبة التي ستسكن خيالاتنا طويلا طويلا!!! ويا لَهدوئك وثقتك وثبات جنانك!!! ويا لَوضاءة وجهك، وأزيزُ الرصاص الفتّاك ينطلق من كلماتك التي قلقلت أعداءك !!!
” وقفتَ وما في الموت شكٌّ لواقفٍ كأنّك في جفن الردى وهو نائمُ
تمرّ بك الأبطال كَلْمى هزيمةً ووجهُك ضَحّاكٌ وثغرُك باسمُ”.
لقد حِرْنا طويلا في سرّ ابتسامتك، إلى أن أطلّت علينا وعلى الدنيا بأسرها والدتُك كقنديل القدس الساطع، تدعو إلى عدم البكاء عليك، فالبكاء لا يجوز على مَن هو مثلك، بل الفرح وحده هو اللائق بك، وتطلب نثر الحلوى والأقحوان على مقلتيك، تبتسم ذات ابتسامتك، تلوح في ملائكية وجهها وسامة وجهك، وظهرت أمامنا عياناً ملامحك التامة في هدوئها وثقتها وثباتها وصبرها وجَلَدها وإيمانها بحقها.
ثم كَمُلت الصورة وتجلّت بإطلالة أختك العظيمة، أخت الرجال، كريمة الأحرار، فإذا الملامح ذاتها، وإذا السلالة الطاهرة نفسها تتراءى في صورٍ حبيبةٍ أنيسةٍ واحدةٍ تؤكد عَظَمة الخالق ومَنَّه وإحسانه، وعظيم نواله وعطائه…. إنه الشرف الوضّاح يرتسم في لوحات سامية سرمدية عذبة الموارد والمصادر.
نعم، دماؤك العُمرية كانت مشكاةً فجّرت أشرف الثورات في حياتك، وحتما ستكون هذه الدماء الزكية زلزالا يعمّ فلسطين وما حولها، ويهدّ أركان كيان أعدائك ….
وأما أنت فقد ارتقيت إلى منزلتك المرقومة لك، والتحقت بأنبل ركب وأطهر موكب من رفاقك الراحلين السابقين، فالطريق لاحب، والقوافل تترى، وفلسطين الغالية ما زالت تنتظر استيفاء مهرها العظيم المستحَقّ.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: صالح العاروري
إقرأ أيضاً:
17 مسيرة جماهيرية في مأرب تحت شعار “مباركة بانتصار إيران.. وثباتًا مع غزة حتى النصر”
الثورة نت/..
شهدت محافظة مأرب اليوم 17 مسيرة جماهيرية وعشرات الوقفات مباركة بالانتصار التاريخي للشعب الإيراني وتأكيد الثبات مع الشعب الفلسطيني تحت شعار “مباركة بانتصار إيران.. وثباتًا مع غزة حتى النصر”.
حيث شهدت ساحة الجوبة مسيرة حاشدة لأبناء المربع الجنوبي جدد المشاركون فيها العهد لرسول الله بالثبات على نهج الإيمان، وحمل راية الجهاد عاليا لنصرة المظلومين والمستضعفين ومواجهة قوى الاستكبار العالمي.
وخرج أبناء مديرية صرواح في مسيرات بساحات سوق صرواح وحباب والمحجزة بمشاركة محافظ مأرب علي طعيمان، باركوا فيها للأشقاء في إيران قيادة وشعبا النصر التاريخي ضد قوى الشر والعدوان المتمثلة في أمريكا وإسرائيل ومن تحالف معهم.
ونظم أبناء المربع الشمالي مسيرة حاشدة بساحة مجزر، أكدوا فيها أن العام الهجري الجديد يأتي في ظل زخم إيماني عالي ونفير جهادي واسع، لرفد الجبهات والاستعداد والجهوزية لمواجهة أعداء الإسلام.
وشهدت مديرية حريب القراميش مسيرات بساحات باب حرة وشجاع والحزم واللواء وحرة، وساحة الإمام علي، دعا المشاركون فيها شعوب الأمة العربية والإسلامية، إلى التحرك العاجل لنصرة الشعب الفلسطيني ووقف المأساة الإنسانية في قطاع غزة.. محذرين من عاقبة التخاذل.
وأكد أبناء مديرية بدبدة خلال مسيرتين بساحتي التضامن والجريداء، استمرار الإسناد اليمني للمجاهدين في قطاع غزة.. مباركين عمليات المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني المحتل.
وخرجت بساحات قانية والعمود وجبل مراد ورحبة مسيرات جماهيرية أكدت على أهمية تكثيف أنشطة التعبئة العامة الشاملة والجهوزية العالية لمواجهة مخططات الأعداء.
وبارك بيان صادر عن المسيرات، للأمة العربية والإسلامية حلول العام الهجري الجديد، سائلًا الله تعالى أن يجعله عام جهاد وانتصار وخير للأمة وللمستضعفين في العالم.
وأشار إلى أهمية هذه المناسبة المرتبطة بوجدان الشعب اليمني وتاريخه الإيماني المشرف من أسلافه العظماء أنصار رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وإلى حاضرهم المجيد المنتمي للمسيرة القرآنية والحامل الأول لها.
وجدّد أبناء مأرب العهد والوعد لله تعالى ولرسوله صلوات الله عليه وعلى آله ولقائد الثورة وحامل راية الجهاد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالمضي على خط الجهاد والبذل والعطاء والوفاء والولاء دون تردد أو تراجع أو تخاذل، متوكلين على الله ومعتمدين وواثقين به حتى يتحقق النصر المبين والفتح الموعود بإذن الله.
كما بارك البيان للأشقاء في جمهورية إيران قيادة وشعباً ولمجاهديها في الجيش والحرس الثوري انتصارهم العظيم على العدوان الصهيوني، الأمريكي الظالم والذي حدد غايته المجرم السفاح ترامب بضرورة استسلام إيران غير المشروط وبعد تلقيه وشركائه الضربات الساحقة أذعن هو بنفسه ليعلن وقفاً غير مشروط لعدوانهم على إيران بعد أن تكبد كيان العدو ضربات مدمرة لم يعرف لها مثيلاً على مدى تاريخه الملطخ بالدم.
وأثنى على ضربات المقاومة الفلسطينية الباسلة الموجعة للعدو الصهيوني.. مجددا التأكيد على الوعد للمقاومة الفلسطينية بمواصلة الدعم والمساندة والوقوف إلى جانبهم والدفاع معهم عن المقدسات حتى تحقيق النصر الموعود.