اليوم العالمي لنصرة غزة.. قوة الشعوب بديل الأمم المتحدة
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
سلط الزميل الزائر بجامعة ليدز ورئيس منظمة "أصدقاء الأقصى" في بريطانيا، إسماعيل باتيل، الضوء على ما كشفه العدوان الإسرائيلي بقطاع غزة من ضعيف شديد للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الضعف هو ما دفع المجتمع المدني العالمي ونشطاء السلام إلى تحديد يوم 13 يناير/كانون الثاني الجاري باعتباره "يوم العمل العالمي" من أجل غزة.
وذكر باتيل، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الدعوة إلى التحرك العالمي من أجل غزة تأتي في أعقاب 12 أسبوعًا من المظاهرات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، التي شارك فيها مواطنون في آلاف البلدان، من ملاوي إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك الآيسلنديين والأمريكيين الأصليين.
ويهدف هذا اليوم العالمي إلى تسليط الضوء على إدانة القصف والحصار الإسرائيلي المستمر على غزة، والذي يودي بحياة حوالي 300 شخص يوميًا، والتطهير العرقي المستمر في الضفة الغربية، والتمييز ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل، والهجمات الاستفزازية الإسرائيلية التي تستهدف سوريا ولبنان.
وإلى جانب فضح الفظائع والاعتداءات الإسرائيلية، فإن اليوم العالمي سيسلط الضوء على قضايا أخرى، تشمل المخاوف العالمية بشأن الهيكل الهرمي للأمم المتحدة الذي يعمل فقط لصالح المصالح الجيوسياسية لأعضاء "نادي النخبة".
نظام معيب
وهنا يشير باتيل إلى أن الأمم المتحدة نظام ذو مستويين: مجلس الأمن في الأعلى، والجمعية العامة تحته، ويتألف مجلس الأمن من 5 أعضاء دائمين: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا والصين، مع 10 أعضاء متناوبين، تنتخبهم الجمعية العامة للعمل في المجلس لمدة عامين، فيما يملك حق النقض الأعضاء الخمسة الدائمين فقط.
أما الجمعية العامة فهي المكان الذي تجتمع فيه أغلب الدول الأخرى، وهي المكان الذي قد تكون فيه هذه الدول متفرجة، والقرارات التي تتخذها هي مجرد "آراء غير ملزمة"، وفي أحسن الأحوال يمكنهم فقط الإشارة إلى إحباطهم من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن.
وباعتبارهما عضوين في مجلس الأمناء الخمس، فإن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعرقلان دعوات بقية دول العالم لوقف إطلاق النار في غزة، ولذا جاء يوم الاحتجاج العالمي كأداة قوية لفضح هذا النظام "غير العادل وغير الفعال"، حسب توصيف باتيل، مضيفا: "يسلط هذا اليوم الضوء أيضا على كيفية قيام حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة باحتجاز العدالة كرهينة بينما تحميان إسرائيل باستمرار من المساءلة".
اقرأ أيضاً
عشرات الآلاف من الأتراك يتظاهرون فوق جسر غلاطة تضامنا مع غزة
ومن خلال فضح هذا النظام المعيب، يأمل المتظاهرون بيوم العمل العالمي من أجل غزة في تمكين الدول التي تتمتع بالاستقلال الأخلاقي لتجاوز دعم الحق الفلسطيني في الأمم المتحدة، ويدعون القادة إلى فرض العقوبات وممارسة الضغوط الاقتصادية على إسرائيل والدفع لإحالتها إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
ويلفت باتيل، في هذا الصدد، إلى أن الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ساعدت في وضع حد للهجمات الأمريكية، كما شهدت الاحتجاجات ضد الحرب على العراق مشاركة الملايين من الأشخاص حول العالم. ورغم أنهم لم يوقفوا الحرب، إلا أنهم لعبوا دورًا فعالًا في إدانة المتورطين فيها باعتبارهم دعاة حرب ومنبوذين.
ويضيف أن تخصيص يوم للاحتجاج العالمي من أجل غزة له قيمة مضافة تتمثل في زيادة وضوح الإبادة الجماعية، وتحدي الخطاب الإسرائيلي اللاإنساني، وإظهار اتساع التضامن العالمي ضده، وهذا بدوره يمارس ضغوطًا على حفنة من حلفاء إسرائيل ويمكّن غالبية الدول من وضع حد للإبادة الجماعية الإسرائيلية.
قوة الشعوب
ويرى باتيل أن الأشهر الثلاثة الماضية أظهرت أن النكبة لم تنته أبدًا، وأن مظاهرها الأكثر حدة عام 1948 تعود بقوة أكبر، وذلك على الرغم من شعارات "لن يحدث ذلك مرة أخرى أبدًا"، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي، واتفاقيات جنيف، وتعزيز المُثُل الديمقراطية على مستوى العالم، مشيرا إلى أن قوة الشعوب مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى.
ويشير إلى أن هذه القوة ظهرت من سبعينيات إلى تسعينيات القرن الماضي في شكل الحركة المناهضة للفصل العنصري، وتمكنت من إنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، على الرغم من دعم الولايات المتحدة وبريطانيا لبريتوريا.
وينوه باتيل إلى أن الهجمات الإسرائيلية على غزة تولد دماراً لا يقل حجمه عن الحروب الأكثر تدميراً في القرن الماضي. وبحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول، كانت إسرائيل قد أسقطت 29 ألف قنبلة وذخيرة وقذيفة على غزة.
وتعرض 70% من منازل غزة، البالغ عددها 439,000 منزلاً، للتدمير الكامل أو الجزئي، ما يعادل تدمير مدن مثل بوسطن وهلسنكي وروتردام وليدز.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن الحرب الإسرائيلية في غزة تركت نصف سكان القطاع، البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة، معرضين لخطر المجاعة، ويقول 90% منهم إنهم يبقون بانتظام دون طعام لمدة يوم كامل.
وإضافة لذلك، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية الصحية تؤدي إلى انتشار الأمراض، التي قد تقتل في نهاية المطاف عددًا من الناس أكبر من الذين تقتلهم القنابل الإسرائيلية.
ولذا يشدد باتيل على أن يوم العمل العالمي هو، في حد ذاته، إدراك المواطنين حول العالم أن جهودهم مطلوبة لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، عبر الضغط على حكوماتهم ومؤسساتهم بالابتعاد عن الحرب والدخول في نظام عالمي إنساني قائم على المساواة والعدالة.
ولهذه الأسباب، يشير باتيل إلى انضمام مجموعات إلى دعوة يوم العمل العالمي من أجل غزة، من ماليزيا وجنوب أفريقيا والهند والأمريكتين وآسيا وأوروبا، وجميعها بدأت في التحشيد استعدادًا ليوم 13 يناير/كانون الثاني.
اقرأ أيضاً
تضامنا مع غزة.. إضراب شامل ومسيرات واسعة في موريتانيا
المصدر | إسماعيل باتيل/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة فلسطين الأمم المتحدة فيتنام العراق العالمی من أجل غزة یوم العمل العالمی الولایات المتحدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد العالمي بين الصعود الصيني والتراجع الأمريكي
في أيار/ مايو 2025، لم يعد الصراع بين الولايات المتحدة والصين مجرد خلافات تجارية، بل تحول إلى مواجهة شاملة تشمل الاقتصاد، التكنولوجيا، والجغرافيا السياسية. فقد خفّضت الولايات المتحدة تعريفاتها الجمركية على الواردات الصينية من 145 في المئة إلى 30 في المئة، بينما خفّضت الصين تعريفاتها على السلع الأمريكية من 125 في المئة إلى 10 في المئة، في إطار هدنة تجارية مؤقتة لمدة 90 يوما تهدف إلى تهدئة التوترات. ورغم هذه الهدنة، لا تزال الأسباب الجذرية للصراع قائمة، مما يجعل من هذا التوتر أحد أبرز ملامح السياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين.
خلفية الصراع
منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموا ملحوظا. وفقا لتقرير البنك الدولي، ارتفعت التجارة الثنائية من 100 مليار دولار في عام 2000 إلى أكثر من 600 مليار دولار في عام 2022. استفادت الشركات الأمريكية من العمالة الرخيصة في الصين، بينما استفادت الصين من الاستثمارات الأجنبية والتكنولوجيا. لكن مع مرور الوقت، بدأت الولايات المتحدة تتهم الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية والتلاعب في سعر صرف اليوان. في عام 2017، بلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين 375 مليار دولار، مما زاد من حدة التوترات.
يتوقع المحللون أن يؤدي الصراع الحالي إلى فك ارتباط اقتصادي جزئي بين البلدين، مع توجه الصين لتعزيز شراكاتها في إطار "مبادرة الحزام والطريق"، التي تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية مع أكثر من 60 دولة
التصعيد المتبادل
مع وصول إدارة ترامب إلى الحكم، بدأت الولايات المتحدة في فرض تعريفات جمركية على السلع الصينية، مما دفع الصين للرد بإجراءات مماثلة. في عام 2018، فرضت الولايات المتحدة تعريفات على سلع صينية بقيمة 250 مليار دولار، مما أدى إلى رد صيني بتعريفات على سلع أمريكية بقيمة 110 مليار دولار. وفي عام 2025، تم التوصل إلى هدنة تجارية مؤقتة لمدة 90 يوما، خفّضت خلالها الولايات المتحدة تعريفاتها الجمركية على الواردات الصينية من 145 في المئة إلى 30 في المئة، بينما خفّضت الصين تعريفاتها على السلع الأمريكية من 125 في المئة إلى 10 في المئة.
تداعيات الحرب التجارية على الصين
تأثرت الصين سلبا بالحرب التجارية، حيث انخفضت صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 20 في المئة في عام 2023، مما أثر على قطاعات التكنولوجيا والإلكترونيات. ورغم ذلك، حافظت الصين على هدف نمو اقتصادي بنسبة 5 في المئة لعام 2025، مع زيادة الإنفاق الحكومي لتعزيز الطلب المحلي. ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.8 في المئة في عام 2025، مما يعكس التحديات المستمرة.
تداعيات الحرب التجارية على الولايات المتحدة
أدت التعريفات الجمركية إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما ساهم في ارتفاع التضخم. في عام 2024، بلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة 6.5 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ 40 عاما. كما شهدت الأسواق المالية الأمريكية تقلبات حادة، مما أثر على ثقة المستثمرين. ورغم الهدنة التجارية، لا تزال المخاوف قائمة بشأن تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد الأمريكي، حيث يتوقع العديد من المحللين أن يستمر العجز التجاري في الارتفاع.
الأبعاد الجيوسياسية
تُعتبر تايوان نقطة توتر رئيسية في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. فبينما تعتبر الصين تايوان جزءا من أراضيها، تدعم الولايات المتحدة تايوان سياسيا وعسكريا. في عام 2025، زادت التوترات في بحر الصين الجنوبي، مع تعزيز الصين لقدراتها العسكرية، حيث زادت ميزانيتها الدفاعية بنسبة 7 في المئة لتصل إلى 230 مليار دولار.
الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة يتجاوز كونه خلافا تجاريا عابرا، بل هو صراع على شكل النظام العالمي القادم. ومع تراجع لغة الحوار وتصاعد حدة العقوبات، يبقى العالم في ترقب لما ستؤول إليه هذه الحرب الاقتصادية، التي قد تعيد رسم خريطة القوى العالمية لعقود قادمة
كما شهدت العلاقات بين الصين وروسيا تقاربا كبيرا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 244.8 مليار دولار في عام 2024، مما يعكس تحالفا استراتيجيا متزايدا.
الرأي العام والتعبئة الوطنية
في الصين، تنامى الشعور القومي، مع انخفاض نسبة المؤيدين للتسوية مع الولايات المتحدة. ووفقا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة "بيو" في عام 2024، فإن 70 في المئة من الصينيين يعتبرون الولايات المتحدة تهديدا. وفي الولايات المتحدة، تتزايد الانقسامات بشأن فعالية السياسات التجارية تجاه الصين، حيث أظهر استطلاع آخر أن 55 في المئة من الأمريكيين يؤيدون فرض مزيد من العقوبات على الصين.
الاستشراف المستقبلي
يتوقع المحللون أن يؤدي الصراع الحالي إلى فك ارتباط اقتصادي جزئي بين البلدين، مع توجه الصين لتعزيز شراكاتها في إطار "مبادرة الحزام والطريق"، التي تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية مع أكثر من 60 دولة. كما يشير بعض الخبراء إلى أن المواجهة الاقتصادية قد تكون مقدمة لمواجهة عسكرية محتملة حول تايوان، مع زيادة احتمال وقوع مواجهة عسكرية حقيقية خلال العقد القادم، حيث تتزايد الاستعدادات العسكرية من كلا الجانبين.
الصراع مستمر والعالم سيتغير
الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة يتجاوز كونه خلافا تجاريا عابرا، بل هو صراع على شكل النظام العالمي القادم. ومع تراجع لغة الحوار وتصاعد حدة العقوبات، يبقى العالم في ترقب لما ستؤول إليه هذه الحرب الاقتصادية، التي قد تعيد رسم خريطة القوى العالمية لعقود قادمة. إن فهم هذه الديناميكيات المعقدة سيكون ضروريا لصانعي السياسات والمحللين في جميع أنحاء العالم.