غروندبيرغ : هذه هي عناصر خارطة الطريق الأممية التي التزم بها أطراف الحرب في اليمن
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
حيروت – صحف
أكد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أن خارطة الطريق الأممية التي أعلن عنها في الـ 23 من ديسمبر الماضي، ستكون وثيقة لتفعيل ما توصلت الأطراف إليه من التزامات من خلال تحديد آليات التنفيذ اللازمة للإيفاء بتلك الالتزامات، وسترسم خريطة الطريق الخطوات المقبلة بما يشمل التحضير من أجل استئناف عملية سياسية جامعة بقيادة يمنية ورعاية أممية.
وأوضح المبعوث الأممي في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” أن الوساطة الأممية تسعى إلى حوار سياسي جاد يهدف بشكل واضح لإنهاء النزاع والتأسيس لسلام مستدام ومستقبل يلبي تطلعات اليمنيين في الحكم الخاضع للمساءلة والتنمية الاقتصادية والمواطنة المتساوية.
وقال غروندبرغ إن «الأطراف التزمت بالفعل بالعمل معنا من أجل تحقيق هذه الغاية». مضيفاً: «نحرص على أن تتضمن خريطة الطريق الأممية التزاماً واضحاً من الأطراف بخطوات ملموسة نحو استئناف عملية سياسية شاملة وجامعة يملكها اليمنيون برعاية أممية».
وأشار إلى أن الالتزامات تشكل عناصر خريطة السلام والتي تشمل «وقف إطلاق نار في عموم اليمن، وفتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات، ودفع رواتب القطاع العام بجميع أنحاء البلاد، واستئناف تصدير النفط، والمزيد من تخفيف القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة، وإطلاق سراح المحتجزين لأسباب ترتبط بالنزاع، والتحضير لعملية سياسية جامعة يملكها اليمنيون برعاية أممية.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مصادر غربية ودبلوماسية أن الأطراف، التزمت برحيل القوات غير اليمنية والتي تشمل “التحالف، وفيلق القدس، وقوات حزب الله وعناصره”، مشيرة إلى الاتفاق على إعادة الإعمار، والانخراط في عملية سياسية جامعة للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم.
ولفت إلى أن انخفاض مستوى الثقة بين الأطراف بعد سنوات طويلة من الحرب من الأسباب التي تعيق تنفيذ الاتفاق. ويقول: «أنا مدرك لصعوبة الأمر وتعقيده الشديد»، مشددا على ضرورة استدامة الحوار كوسيلة لبناء الثقة وحل الخلافات وإحراز التقدم في خريطة الطريق الأممية مضيفا: «إذا وُجِدَت الإرادة السياسية لاستدامة الحوار بحسن نية، وصَدَقَ مقصد إبداء مصلحة الشعب اليمني على المكاسب السياسية والعسكرية قصيرة النظر، فالتغلب على كل المعوقات ممكن واستئناف العملية السياسية والتوصل إلى تسوية سياسية جامعة هي أهداف ممكنة التحقيق».
وحول تفاصيل خارطة الطريق لدى غروندبرغ، التي أعلن عنها نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بخصو التوصل إلى التزامات، وما جاء بعد ذلك من ردود، قال غروندبرغ: «اسمح لي بتوضيح بعض ما التبس بخصوص ما تم التوصل إليه الآن، وما نحن بصدده في الفترة المقبلة. أدت النقاشات التي دارت على مدى الأشهر السابقة لتوافق الأطراف حول عدد من الالتزامات”.
وعبر المبعوث الأممي، عن امتنانه للدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان من أجل الوصول إلى هذه النقطة، فقد كان هدف الدعم الإقليمي والدولي في الفترة السابقة تقريب الأطراف من الاجتماع تحت رعاية الأمم المتحدة للتقدم نحو الدفع بتسوية سياسية جامعة ومستدامة. مؤكدا أن الأطراف توصلت “إلى عدد من الالتزامات بخصوص وقف إطلاق للنار يشمل عموم اليمن، وعدة إجراءات لتحسين ظروف المعيشة، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية أممية”.
وأكد أن الأطراف وافقت على أن بعمل مكتب المبعوث الأممي مع الأطراف “من أجل تفعيل تلك الالتزامات من خلال خريطة طريق أممية. فالمقصد من خريطة الطريق الأممية أن تكون وثيقة لتفعيل ما توصلت الأطراف إليه من التزامات بالفعل من خلال تحديد آليات التنفيذ اللازمة للإيفاء بتلك الالتزامات، كما سترسم خريطة الطريق أيضاً الخطوات المقبلة بما يشمل التحضير من أجل استئناف عملية سياسية جامعة بقيادة يمنية ورعاية أممية”.
وتابع بالقول: «سأعقد وفريقي حواراً مع الأطراف حول عناصر خريطة الطريق الأممية في الأيام المقبلة تفعيلاً لما التزموا به. فمهمتنا في الفترة المقبلة تركز على بناء توافق حول آليات التنفيذ، وحول كيفية البناء على التزامات الأطراف من أجل استئناف العملية السياسية».
وأردف المبعوث: «جزء مهم من تركيزنا في المرحلة الحالية، وفي سياق بناء التوافق حول خريطة الطريق منصب على تأمين مشاركة الأطراف في بُنَى حوارية على المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية تدعم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من إجراءات لتحسين الظروف المعيشية في اليمن على المدى القصير، وتبتدئ النقاش حول القضايا طويلة الأمد التي تضمن استدامة تلك الإجراءات، وتمهد للوصول إلى تسوية سياسية جامعة».
واستحضر المبعوث تفعيل تلك المنصات الحوارية منذ الهدنة بالقول: «كانت أولاها لجنة التنسيق العسكري التي جمعت ممثلين للأطراف عملوا معاً أثناء شهور الهدنة على خفض حدة التوترات والتعامل السريع مع أي مخالفات حتى لا تنفلت الأمور وينهار الاتفاق… استمر عملنا مع أعضاء اللجنة حتى بعد انتهاء الهدنة لضمان استمرار خفض التصعيد وللنقاش حول محددات اتفاق وقف إطلاق النار المأمول وطرق المضي قدماً نحو إجراءات أمنية انتقالية مسؤولة وواقعية. ونسعى الآن للتوصل إلى اتفاق حول إنشاء آلية يقودها الأطراف بتيسير أممي لإدارة وقف إطلاق النار المرتقب بناءً على تجربة لجنة التنسيق العسكري».
وعن القضية الجنوبية، قال المبعوث الأممي للشرق الأوسط: «أؤكد على ضرورة التوافق بشأنها بشكل سلمي يعتمد على الحوار في إطار عملية سياسية تشمل الأصوات الجنوبية على تنوعها، وتوفر الدعم لجميع اليمنيين للتوصل إلى اتفاق حول مستقبل اليمن بصورة تشاركية».
وأوضح غروندبرغ أن الوساطة السياسية في كثير من الأحيان تتمثل في «الاستفادة من المداخل المتوفرة التي يتوافق الأطراف بشأنها… لقد دعمنا وصول الأطراف إلى الالتزامات التي وافقوا عليها على مدار الأشهر الماضية، وركزنا جهودنا على ضمان أن يكون واحداً من هذه الالتزامات هو الدخول في عملية سياسية جامعة. فبينما تتعدد المداخل، هدفنا ثابت ولم يتغير. وكانت الهدنة بالنسبة لنا أحد هذه المداخل، كما يشكل اتفاق الأطراف على هذه الحزمة من الالتزامات نقطة دخول أخرى. ونحن في الأمم المتحدة سنعمل من خلال أي نقطة بداية متاحة وصولاً إلى حل سياسي مستدام يلبي تطلعات اليمنيين واليمنيات، والذي ينبغي أن يشمل قضية الجنوب».
وتابع: «سنعمل مع الأطراف لوضع خريطة طريق لتفعيل الالتزامات التي توافقوا حولها بالفعل. تلك هي نقطة البداية التي ارتضتها الأطراف لنفسها، وعملنا الآن منصب على تفعيل تلك الالتزامات من خلال خريطة طريق أممية، ودعم الأطراف في تنفيذ هذه الالتزامات بعد الاتفاق على خريطة الطريق، والتقدم نحو عملية سياسية. فخريطة الطريق خطوة على مسار السلام، ولن تكون اتفاقاً شاملاً للسلام، ومنها ستبدأ الاستعدادات للعملية السياسية»، مضيفا: «تهدف تلك المرحلة التحضيرية إلى أن تكون منفتحة وجامعة إلى أقصى حد ممكن، وستشكل العملية السياسية المنبر لمعالجة القضايا السياسية طويلة المدى التي تهدف إلى حل النزاع بشكل مستدام».
وتحدث المبعوث الأممي عن التعثر والتشرذم في الملف الاقتصادي حيث قال: «إنه مجال شهد قدراً كبيراً من التصعيد في الآونة الأخيرة. تسليح الاقتصاد على هذا النحو أمر مكلف للغاية بالنسبة للمدنيين ويجب أن يتوقف. وقد توصلت الأطراف بالفعل إلى عدة التزامات في الملف الاقتصادي؛ منها دفع رواتب القطاع العام واستئناف صادرات النفط. وستعمل خريطة الطريق الأممية على إطلاق لجنة اقتصادية مشتركة بتيسير الأمم المتحدة من أجل دعم تنفيذ تلك الالتزامات وتوفير مساحة للحوار في حال ظهور الخلافات أثناء عملية التنفيذ، وبناء الثقة وبدء المناقشات حول الأولويات الاقتصادية طويلة المدى».
وأكد غروندبرغ أنه «لا يمكن فصل المسار الاقتصادي عن المسار السياسي أيضاً»، إذ كشفت الأشهر الماضية «عن حجم المعاناة التي خلفتها سنوات الحرب، والذي ظهر جلياً، ومُؤكِداً بما لا يدع مجالاً للشك أن الحلول الجزئية والمؤقتة لا تكفي، وأن عملية سياسية شاملة هي السبيل الوحيدة لمعالجة القضايا المتعلقة بالتعافي الاقتصادي والإنساني بشكل مستدام». ويرى أن «معالجة الأعراض الآنية للقضايا السياسية العالقة أمر مهم في سبيل تخفيف المعاناة الإنسانية لليمنيين واليمنيات، وهو ما نحن بصدده الآن». إلا أن الحلول لن تكون كافية أو مستدامة دون أن يصاحبها تقدم حقيقي على المسار السياسي
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
ما مدى تأثير الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية على اليمن؟
لن يكون اليمن بمنأى عن تأثيرات الحرب الإسرائيلية- الإيرانية المشتعلة حاليًا منذ الجمعة الماضية، والمستمرة في هجمات متبادلة؛ إذ إن تطور هذه الحرب سيدفع بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية إلى مستوى من التأزيم يختلف عما سبقه؛ لا سيما في حال امتدت الحرب لإغلاق مضيق هرمز وتوتر الوضع في البحر الأحمر، خصوصًا في حال تدخلت واشنطن عسكريًا.
من المحتمل أن التحذير الروسي، اليوم الأربعاء، لواشنطن “من تقديم أي مساعدة لإسرائيل أو حتى التفكير في تقديمها”، سيجعل واشنطن تتراجع خطوة للخلف، لكن قد لا يمنعها من الدخول في الحرب، خصوصًا في حال استمرار الضربات الصاروخية الإيرانية في العمق الإسرائيلي وتضرر الأخير كثيرًا، حينها من المتوقع أن تدخل واشنطن الحلبة، لكن، في ذات التوقيت، سيكون العالم بأسره قد دخل حربًا عالمية ثالثة.
اليمن بلد أفقره جشع ساسته وحروبهم، ومشاريع الاستحواذ على قراره من الخارج الإقليمي والدولي، وعلى صعيد هذه الحرب بالتأكيد سيناله تأثيرًا سلبيًا كبيرًا مع استمرار التصعيد، وسيكون، حينها، في الخضم في حال تدخلت واشنطن في الحرب؛ لأن “أنصار الله” (الحوثيون) لن يقفوا مكتوفي اليدين، ومن المحتمل مشاركتهم في المواجهة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
بعيدًا عن المستوى السياسي لتأثير التصعيد، سنقف قليلًا أمام تأثير التصعيد على المستويين الإنساني والاقتصادي باعتباره يمس غالبية اليمنيين في الشمال والجنوب والشرق والغرب؛ ففي ظل الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الغاية في السوء في الوقت الراهن، والحرب في عامها الحادي عشر، ستزداد أحوال غالبية المجتمع سوءًا، ومن المحتمل أن ترتفع مؤشرات الجوع وسوء التغذية؛ وبالتالي المزيد من تمدد وتوطن الأوبئة والأمراض، التي تهدد الحياة والمستقبل معًا.
نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، المفكر عبدالباري طاهر، يعتقد، في حديث إلى “القدس العربي”، أن اليمن هو الخاسر الأكبر، “والمأساة في هذه الحرب القذرة أن تكون اليمن ووحدته وكيانه الوطني مستهدفًا من أطراف الحرب كلها”.
وقال: “إن احتمال التدخل الأمريكي راجحٌ لتدمير المفاعل النووي الإيراني، وربما لما هو أبعد من ذلك؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى تمزيق وحدة إيران، وجرّ المنطقة كلها إلى الصراع”.
وأضاف: “يصبح التأثير باتعًا على المنطقة والعالم، وخاصةً الجزيرة والخليج، التي تحرص إسرائيل على جرّهما إلى الحرب والمواجهة مع إيران، لتوريط المنطقة في حرب مدمرة تُسفر عن سيادة إسرائيل وأمريكا بالمطلق”.
وأردف: “أما اليمن فهو الخاسر الأكبر، إذ يعدُّ هدفًا لإسرائيل وأمريكا وبريطانيا، والأكثر بالنسبة لإسرائيل، نظراً لكونه يعتَبَر حليفًا لإيران ومساندًا لفلسطين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وجود اليمن ككيان هدف رئيسي، وجرّ المنطقة إلى الحرب ليس بالمستبعد؛ فإن كياناته وثرواته تُعد هدفًا رائسًا، والمأساة في هذه الحرب القذرة أن يكون اليمن ووحدته وكيانه الوطني مستهدفًا من أطراف الحرب كلها”.
المحلل الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري، يعتقد أن كل دول المنطقة ستكون تحت طائلة التأثيرات الاقتصادية لهذه الحرب، وسينال اليمن تأثيرات واضحة.
ويقول لـ”القدس العربي”: “اليمن وكل دول المنطقة تقع تحت التأثيرات الاقتصادية للحرب الإيرانية الإسرائيلية، بعد أن طالت المنشآت النفطية والمؤسسات الحيوية، ما يعني توقف شحنات النفط الإيراني التي كانت تصدر للمنطقة واليمن بشكل خاص، وحرمان الأسواق من استقرار إمدادات الطاقة والوقود، ما سيؤدي إلى كثرة الطلب على النفط، وبالتالي ارتفاع أسعاره عالميًا، وتكبد الدول خسائر كبيرة، نتيجة لفوارق التكلفة المضافة، إضافة إلى ارتفاع التأمين البحري، باعتبار السفن وناقلات النفط مهددة اليوم بالهجمات الإيرانية الإسرائيلية في مضيقي هرمز وباب المندب، وكل هذه الانعكاسات الاقتصادية تفاقم من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المنهارة أساسًا من قبل في اليمن، الذي يعاني من أزمات متعددة”.