مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال شهرها التاسع؛ والهوة الكبيرة في مواقف طرفي القتال، الجيش والدعم السريع؛ تتعقد أفق حل الأزمة التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وتشرد بسببها قرابة الـ 7 ملايين شخص.

وفي ظل الضبابية الحالية رسم مراقبون 3 سيناريوهات لمستقبل البلاد خلال الفترة المقبلة.

وبدت الهوة واضحة بعد التزام قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" في إعلان مبادئ وقعه مع تنسيقية القوى المدنية "تقدم" في العاصمة الاثيوبية الثلاثاء الماضي، بوقف العدائيات بشكل فوري وغير مشروط عبر تفاوض مباشر يفضي إلى التزام مماثل من الجيش؛ في حين أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أمام مجموعة من جنوده في منطقة جبيت العسكرية شرقي السودان أنه لن يتفاوض مع الدعم السريع.



التحشيد الشعبي
وفي الوقت الذي تحرز فيه قوات الدعم السريع تقدما كبيرا على الأرض حيث تمددت في معظم أجزاء وسط السودان خلال الأسابيع الماضية، وتسيطر على أكثر من 80 في المئة من العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور وأجزاء كبيرة من إقليم كردفان في غرب البلاد؛ زاد الجيش من وتيرة التحشيد الشعبي الذي يقوده عناصر من النظام السابق الذي حكم السودان ثلاثين عاما قبل أن يطيح به الحراك الشعبي في أبريل 2019.

وكان من المقرر أن يعقد لقاءا مباشرا في الثامن والعشرين ديسمبر الماضي بين البرهان وحميدتي بحسب مخرجات قمة الدول الأعضاء في الهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا "إيقاد" في التاسع من الشهر نفسه، لكن اللقاء تأجل لأسباب وصفتها الايقاد بـ "الفنية".

وبحسب تصريحات مسؤولين في "إيقاد"، فإن اللقاء سيعقد خلال الأسابيع الأولى من يناير الحالي؛ إلا أن تصريحات البرهان الأخيرة ألقت بظلال من الشكوك حول إمكانية عقد اللقاء في وقت قريب.

3 سيناريوهات
ووفقا لمراقبين، فإن الأوضاع الحالية التي يشهدها السودان والتباينات الكبيرة في مواقف أطراف القتال يمكن أن تضع البلاد أمام 3 سيناريوهات محتملة، أفضلها هو الرضوخ للضغوط الإقليمية والدولية وعقد اللقاء بين قائدي الجيش والدعم السريع والتوصل إلى توافق بينهما يؤدي إلى وقف القتال والبدء في إنهاء المعاناة الإنسانية الناجمة عن الحرب.

وفي هذا السياق؛ يعبر المحلل السياسي وائل محجوب عن اعتقاده بإمكانية عقد اللقاء مستندا في ذلك إلى أن التأجيل جاء بسبب الرغبة في إتاحة الفرصة لحضور قادة دول "إيقاد" وممثلي المجتمع الدولي بعد عطلة نهاية العام.

وفند محجوب تبريرات الخارجية السودانية التي تحدثت فيها عن فشل اللقاء بسبب قائد الدعم السريع؛ مشيرا إلى أن بيان وزارة الخارجية الجيبوتية ينفي ما جاء على لسان نظيرتها السودانية.

وأوضح في حديث لموقع سكاي نيوز عربية "بيان الخارجية السودانية لم يكن دقيقا وشكل ما يشبه الفضيحة خصوصا بعد ظهور حميدتي في المشهد خلال الأيام القليلة الماضية ولقاءاته مع رؤساء عدد من البلدان الأفريقية".

وأضاف "أعتقد مصطلح أسباب فنية الذي جاء على لسان الخارجية الجيبوتية جاء بسبب رغبة حميدتي في حضور رؤساء إيقاد وممثلي الأطراف الدولية وهو ما لم يكن ممكنا في التوقيت الأول المحدد في الثامن والعشرين من ديسمبر بسبب عطلات نهاية العام".
وترجح الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن هذا السيناريو أيضا؛ وتقول لموقع سكاي نيوز عربية "التفاوض سيتم إن ذهب البرهان أو امتنع، فالعودة إلى التفاوض قرار ستعلنه المؤسسة العسكرية قريباً".

وتلفت صباح الحسن إلى أن خطاب البرهان أمام قواته جاء عقب إبداء الخارجية السودانية غضبها من استقبال قائد الدعم السريع في كينيا؛ معتبرة أن ذلك يعني أنه "كلما غضبت دوائر الإخوان الداعية للحرب، دفعت البرهان إلى المسرح ليعبر لها عن سخطها".

وأضافت "خطابات البرهان دائما لا تعبر عن رغبة المؤسسة العسكرية؛ فحتى قرار عودة الجيش إلى التفاوض في وقت سابق جاء بلسان نائبه الفريق شمس الدين الكباشي".

اما السيناريو الثاني فهو حدوث تأخير أكثر في عقد اللقاء، مما يؤدي بحسب المراقبين الى تعقيد الوضع على الأرض بشكل اكبر.

وتقول صباح محمد الحسن في هذا الإطار "تأخير التفاوض قد يأتي بثمن أكبر؛ حيث يمكن أن يؤدي إلى تمدد قوات الدعم السريع أكثر على الأرض وإجتياحها لمدن أخرى؛ أو قد يجبر الأطراف الدولية المعنية إلى اتخاذ خطوات قد تقلب الطاولة على أعوان النظام البائد الداعمين للحرب".

ويكمن السيناريو الثالث؛ وهو الأخطر من وجهة نظر المراقبين؛ في إقحام المقاومة الشعبية في القتال، مما سيؤدي إلى فوضى عارمة وزيادة كبيرة في الكلفة البشرية والمادية للحرب.

ويحذر سليمان صندل رئيس حركة العدل والمساواة المنشقة عن وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم إلى المآلات الخطيرة التي يمكن ان تنجم عن التحشيد الشعبي؛ ويقول في حسابه على منصة إكس "كلما حانت فرصة لإطفاء الحرب أوقدوا ناراً جديدة لها؛ وذلك بفرية التجييش الشعبى؛ مع إثارة الجوانب العرقية والإثنية القبيحة".

لكنه يستدرك "ليس هناك أدنى شك من أن تلك التعبئة السالبة؛ والتحريض لمزيد من الاحتراب والاقتتال ستتحول إلى طاقة إيجابية نحو السلام، لأن الشعب واع ولا يمكن أن يدخل في أتون حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. الخاسر فيها الوطن وجميع الأطراف".  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش يتقدم غرب السودان ويصد مسيّرات شرقه

قال مصدر عسكري سوداني للجزيرة إن الجيش يواصل تقدمه غربي البلاد، حيث استعاد السيطرة على مدن وبلدات عدة، في حين تصدت المضادات الأرضية للجيش فجر اليوم لمسيرات حاولت مهاجمة مدينتين شرقا.

وقال المصدر العسكري إن الجيش استعاد السيطرة على مدينة الخُوَيّ، في غرب كردفان غربي البلاد. وكانت مصادر محلية قالت إن قوات الجيش استعادت السيطرة على بلدات عدة غرب مدينة الأُبَيِّض، بشمال كُردُفان.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الجيش استعاد السيطرة على بلدات: أم صميمة والعيّارة وأبو قعود في شمال كُردفان، بعد معارك مع قوات الدعم السريع استمرت ساعات.

من جهته، قال عضو مجلس السيادة السوداني عبد الله يحيى، في منشور على حسابه بمنصة "إكس"، إن "التشكيلات العسكرية الوطنية تواصل التقدّم اليوم بثبات، ملتزمين بموعدنا مع التحرير الكامل لأرض الوطن من المليشيات المدعومة من الخارج".

وإلى الشرق، أفاد مراسل الجزيرة بأن المضادات الأرضية للجيش السوداني تصدت فجر اليوم لمسيرات حاولت مهاجمة مدينتي بورتسودان شرقي السودان وعَطْبَرة شمالي البلاد.

وأفاد المراسل بأن مسيّرات حلّقت لليوم السابع في سماء بورتسودان، لكن مضادات الجيش تعاملت معها. وفي مدينة عَطْبَرة -كبرى مدن ولاية نهر النيل– أكد شهود عيان للجزيرة تصدي المضادات الأرضية لثلاث مسيرات على الأقل، حلّقت على مستوى منخفض.

إعلان سيطرة على الحرائق

من جانب آخر، قال مدير الدفاع المدني في السودان عثمان العطا إن قوات الدفاع المدني سيطرت بشكل كامل على حرائق مدينة بورتسودان، التي اندلعت نتيجة استهداف الدعم السريع للمستودعات الإستراتيجية وبعض المرافق الأخرى، مشيرا إلى أن العمل أُنجز في ظل ظروف بالغة التعقيد، لوجود مخزونات نفطية بكميات كبيرة.

يذكر أن الحرائق ظلت مشتعلة منذ الثلاثاء الماضي بمستودعاتٍ للوقود في بورتسودان، حيث اتهمت السلطات السودانية قوات الدعم السريع باستهداف منشآت عسكرية ومدنية في المدينة باستخدام الطائرات المسيرة.

ومنذ الأحد الماضي، تتعرض بورتسودان إلى هجمات بطائرات مسيرة على مواقع عسكرية ومدنية، اندلعت على إثرها حرائق بمستودعات نفط ومحطة كهرباء في المدينة.

موجة مسيّرات

والثلاثاء، اتهمت السلطات السودانية قوات الدعم السريع باستهداف مستودعات الوقود في الميناء الجنوبي ومطار بورتسودان ومحطة كهرباء، دون تعقيب من الأخيرة.

ومنذ فترة، تتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية بمدن البلاد الشمالية، مثل مروي ودنقلا والدبة وعطبرة.

ويخوض الجيش السوداني والدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • شاهد.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضحكات الجمهور بعد مطالبتها البرهان بــ(ختان) النساء المتخصصات في الإساءة على السوشيال ميديا وتهاجم المليشيا: (انعل أبو الدعم السريع وأبو حميدتي وأبو الحرب)
  • مسؤول حكومي سابق يكشف علاقة الإمارات بالنحاس المسروق من السودان.. برفقة حراسة مشددة من قيادات الدعم السريع
  • الدعم السريع تعلق بشأن مفاوضات سرية مع الجيش وتلميحات عن قرب المنامة 2
  • 7 شهداء مدنيين في قصف مدفعي نفذته قوات “الدعم السريع” على أحياء سكنية في الفاشر
  • الجيش وكل مقاتلي معركة الكرامة يجب أن يصلوا سريعا بوابة مواقع مليشيا الدعم السريع
  • الجيش يتقدم غرب السودان ويصد مسيّرات شرقه
  • الجيش السوداني يُصّعد هجماته الجوية على مواقع مهمة لقوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يخوض معارك لساعات ويستعيد مدن من قبضة الدعم السريع 
  • يوم يقنعو من الدعم السريع حيعملو ليك فتنة جديدة
  • توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم