من جوليا بروير إلى عمرو أديب
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
إذا كانت المذيعة التلفزيونية جوليا هارتلي بروير في قناة «TALKTV» البريطانية قد أثارت ضجة بأسلوبها غير المهني مع ضيفها د. مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، الذي استضافته للحديث عن اغتيال الشيخ صالح العاروري، فإنّ الإعلامي المصري عمرو أديب - الذي حصل على الجنسية السعودية مؤخرًا - أثار جدلًا واسعًا وصاخبًا، بعد تغريدته التي علق فيها على اغتيال الكيان الصهيوني للشيخ صالح العاروري، يوم الثلاثاء الثاني من يناير 2024، التي تساءل فيها: «يا ترى ممكن يعملوا نفس الشيء في الدوحة؟»، وختم التغريدة معلقًا: «مجرد خاطر.
اعتبر كثيرون أنّ تغريدة عمرو أديب، تنطوي على تحريض على دولة قطر، التي يعيش فيها عدد من قادة حماس، خاصة أنها جاءت بعد التهديدات التي قدمها قادة الكيان لمسؤولي الحركة في كلّ مكان، وحدّد إيلي كوهين وزير الخارجية الإسرائيلي، في مقابلة مع القناة الـ13 الإسرائيلية، اسمَيْ قائدَي حركة حماس إسماعيل هنية وخالد مشعل - اللذين يعيشان في قطر - كهدفين رئيسيين للاغتيال، و«أنهما لن يموتا موتًا طبيعيًا».
طرحت التغريدة أسئلة كثيرة منها مثلا: هل كان عمرو أديب مدركًا لما كتبه أم أنها كانت مجرد زلة قلم؟ وهل حذفها اختيارًا أم اضطرارًا؟ فيما تساءل آخرون: بأي جنسية كتب أديب ما كتبه؟ وهو سؤال يحمل مغزى.
بما أنّ مواقف أديب ضد قطر معروفة ومعلنة منذ أيام الحصار عليها، فإنّ هناك من ذهب إلى اعتبار أنّ التغريدة ليست إلا تعبيرًا عن عقله الباطن، «الذي يتمنى التخلص من قادة حماس»، وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يسلط الضوء على تصريحات عمرو أديب عبر قناة «أم بي سي مصر»، عبّر فيها عن مواقفه من الأزمة الخليجية وحصار قطر قبل وبعد نجاح جهود المصالحة؛ وحسب الفيديو، فإنّ أديب كان يصر على مدار السنوات الماضية على ضرورة عدم المصالحة مع دولة قطر. وفي المقطع المنتشر تظهر تصريحاتٌ جديدة لأديب، بعد نجاح جهود الكويت في تحقيق المصالحة، يقول فيها: «بعتولي على الواتساب بسألوني إيه حكاية المصالحة الخليجية، أنا شخصيًا كمواطن كان لي أصدقاء في قطر، الحكومة القطرية في أوقات عندها مناسبات كانت تدعوني. نحن شعوب ودول معندناش مشاكل مع بعض. إي المشكلة أنه الوضع يرجع زي أول».
من الصعب معرفة نوايا أديب، هل كان سؤاله بريئًا، وهل هو مدفوع من قبل جهات أخرى؟ ولكن الحقيقة المعروفة هي أنّ مسألة اغتيال قادة حماس قد بتّ الكيان الصهيوني فيها، وكثيرًا ما طُرح الموضوع للنقاش، ليس في المجالس الخاصة فقط؛ بل على المستوى الرسمي؛ من ذلك مثلا أنه وُجّه سؤالٌ إلى جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، كان نصّه وفقا لما ورد في موقع البيت الأبيض: «هل ستدعم الولايات المتحدة إسرائيل إذا لاحقت وقتلت أعضاء من قيادة حماس في دولة أخرى ضمن حدود القانون الدولي، على سبيل المثال إذا حدث ذلك في قطر؟»، ورد كيربي قائلًا: «لا أريد الخوض في افتراضات محددة هنا»، قبل أن يقاطَع بسؤال: «لكنك قلت إنّ لديهم الحق والمسؤولية للقيام بذلك، طالما كان ذلك ضمن القانون الدولي. فهل ينطبق ذلك أيضًا على قطر؟»، ليرد كيربي قائلًا: «لن أخوض في الافتراضات. وكما قلت، فإنّ لديهم الحق والمسؤولية في ملاحقة قيادة حماس. توقّعاتنا هي أنهم سيفعلون ذلك وفقًا للقانون الدولي»، مما يعني أنّ اغتيال الكيان لهما في قطر يمكن أن يتم، وكأنّ تلك الإشارة ضوء أخضر من أمريكا للتنفيذ.
في كلّ الأحوال، سواء كان ما كتبه عمرو أديب مجرد تساءل بريء ولا ينطوي على أيّ تحريض أم كان تحريضًا، فإنّ الكيان الصهيوني لا ينتظر تغريدة من أديب لينفذ جرائمه، كما أنّ قادة حماس في كلّ مكان يعلمون - تمام العلم - أنّ كلّ واحد منهم مشروعُ شهادة وهم مستعدون لذلك، وأخلاقياتُ الموساد الإسرائيلي قائمة على الإجرام، ولا يهتم الكيان الصهيوني إن كان يُحرج أصدقاءه أم لا؟ فهو ينفذ جرائمه بدم بارد، وقد يفعلها في قطر وفي غيرها، خاصة أنّ الكيان يحتاج الآن إلى تصدير معاركه خارج غزة، بعد الخسائر التي مُني بها هناك.
أمام المقاومة ورقة ضغط كبيرة هي ورقة الأسرى؛ فوجودُ قادة حماس أحياء في قطر، هو في صالح الكيان الإسرائيلي حاليًا، نظرًا لأهمية الوساطة التي تقوم بها دولة قطر في ملف الأسرى، فمتى ما تستلم إسرائيل أسراها أحياء أو أمواتا، ستنفذ جرائمها ضد قيادات حماس.
نحن إزاء نموذجين إعلاميين مختلفين؛ الأول تمثله جوليا هارتلي بروير، فهي تمثل قناة يملكها يهودي، ولها توجهاتها المعلنة تأييدًا للكيان الصهيوني وضد الفلسطينيين، والثاني يمثله عمرو أديب، وهو خير من يمثل الإعلاميين المتلونين، الذين يأكلون على كل الموائد، ويميلون حيث تميل الريح، ويبدّلون مواقفهم كما يبدلون ملابسهم. وبمثل هؤلاء تُباع الأوطان، وكم رأينا إعلاميين ومغرّدين وشيوخًا يعتلون المنابر فقدوا إنسانيتهم، وأصبحوا أبواقًا للصهيونية، يستبيحون دماء الأبرياء في فلسطين، ويثيرون الفتن في كلّ مكان، حسب الجهة التي تدفع لهم؛ والغريبُ في الأمر أنهم لا يخجلون من تلونهم، رغم أنّ «اليوتيوب» يفضحهم، مثل ما يفضح «جوجل» المنتحلين، الذين يحرص سليمان المعمري على كشفهم. وإذا جاز لنا أن نقارن بين النموذجين، ستكون جوليا هارتلي بروير أفضل من كلّ هؤلاء، لأنّ عداوتها مكشوفة وتوجهاتها معلنة، عكس المتلونين الذين لا يخجلون من تغيير مواقفهم كلَّ يوم حسب من يدفع أكثر.
زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی عمرو أدیب قادة حماس فی قطر
إقرأ أيضاً:
أبناء صعدة يحتشدون في 37 ساحة للتأكيد على تصاعد العمليات العسكرية ضد الكيان
وأكد المشاركون في المسيرات التي احتضنتها 37 ساحة متفرقة توزعت على ساحة المولد النبوي بمركز المحافظة، وساحة الشهيد القائد في خولان عامر، وساحات ذويب بمديرية حيدان، وشعارة والحجلة وبني صياح وبني القم والشوارق بمديرية رازح، والخميس وآل مقنع ونيد البارق بمديرية منبه، والسهلين والبرقة والعقلين بمديرية آل سالم، وكتاف وأملح والعقيق بمديرية كتاف، والجرشة والرحمانين وبقامة بمديرية غمر، وبني سعد والرقة والقهرة ووالبه والعين بمديرية الظاهر، والجمعة وعرو بمديرية بني بحر، ومديرية شدا، ويسنم وقهر بني الحارث بمديرية باقم، وقطابر وآل ثابت وحنبه بمديرية قطابر، وربوع الحدود وبني عباد وولد عمر وبني سويد ومدينة جاوي بمديرية مجز، ومذاب بمديرية الصفراء، والجفرة والعضلة بمديرية الحشوة، اليوم الجمعة، تحت شعار "نصرة لغزة.. مسيراتنا مستمرة وعملياتنا متصاعدة"، استمرارهم في الخروج الأسبوعي لدعم واسناد غزة، انطلاقاً من المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية.
وردد أبناء صعدة المشاركين في المسيرات، شعارات وهتافات عبرت عن مباركتهم للانتصارات التي يحققها أبطال القوات المسلحة في البحر الأحمر، نصرة للشعب الفلسطيني، معلنين تفويضهم للسيد القائد في اتخاذ ما يراه مناسباً لاستمرار الواجب الديني تجاه غزة.
وجدد أنصار الرسول الأعظم، التأكيد على أن أبناء غزة ليسوا وحدهم كما قال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، مشيرين إلى أن غارات الكيان الصهيوني لن ترهب الشعب اليمني ولن تثنيهم عن مواصلة دعم وإسناد إخوانهم الفلسطينيين، مشددين على ضرورة تحرك مختلف شعوب الأمة العربية والإسلامية.
ولفت أبناء صعدة إلى أن خروجهم بهذا الزخم وهذا الحجم هو ملهم لبقية شعوب العالم، موضحين أن الغلبة هي للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ولمحور المقاومة، لأنهم يقفون مع الحق.
واستعرضت المسيرة المركزية في صعدة، فلاشة للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي، رضوان الله عليه، أشار من خلالها إلى التحركات الغربية ممثلة بأمريكا وبريطانيا وفرنسا وتحريك قطعهم الحربية في البحار العربية والإسلامية، بينما الأمة لم تحرك ساكناً ولا يجوز لها أن تنطق بكلمه، في الوقت الذي يجب عليها أن تأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
في السياق، قال بيان صادر عن مسيرات صعدة،إن المسيرات الشعبية الحاشدة تأتي استجابة لله تعالى وجهاداً في سبيله ونصرة للشعب الفلسطيني المظلوم، واستمرارًا لمواجهة الظلم والطغيان الصهيوني الذي يرتكب أبشع الجرائم الوحشية غير المسبوقة طيلة 21 شهراً على مرأى ومسمع العالم.
وأشاد البيان بالعمليات البطولية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في بيت حانون بغزة والتي أسقط العشرات من جيش الاحتلال بين قتيل وجريح، كما أشاد بالانتصارات العظيمة التي حققتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر ضد السفن المرتبطة بالعدو.
وأكد أن تلك العمليات المباركة لمقاومة غزة واليمن أجهزت على أحلام العدو الصهيوني الذي تلقى صفعات مدوية شاهدها العالم بالصوت والصورة، موضحاً أن تلك العمليات لن تزيد الأحرار إلا عزيمة وثباتاً وقوة ويقيناً بأن هزيمة الاحتلال ممكنة وغير مستحيلة، فهو أضعف وأجبن كما وصفه الله في كتابه الكريم.
وأشار البيان إلى أن الشعب اليمني لن يتراجع مطلقاً ولن يمل أو يكل أبداً أو يتخلى عن موقفه الديني والإنساني والأخلاقي في نصرة ودعم وإسناد غزة مهما كانت الصعوبات والتضحيات.