خطيب الجامع الأزهر: مصر الكنانة تحظى بمكانة عظيمة بتوسطها بين الأماكن المقدسة
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، ودار موضوعها حول "المسجد في الإسراء والمعراج".
خطيب الجامع الأزهر: مصر الكنانة تحظى بمكانة عظيمة بتوسطها بين الأماكن المقدسةوقال د. هاني عودة: إنه عندما نتحدث عن المساجد فلابد أن نعلم أن الإسراء كان من مسجد إلى مسجد؛ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج بالنبي ﷺ من المسجد الأقصى إلى السماوات العُلا ليأتي إلينا بتلك الهدية التي يؤديها المسلم خمس مرات في اليوم والليلة، تلك العبادة التي فُرضت علي كل المسلمين، لتغرس في نفوسهم القيم التعبدية والأخلاقية والمجتمعية؛ من خلال تأديتها في المساجد قال تعالي: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا ٱسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلغُدُوِّ وَٱلأٓصَالِ * رِجَال لَّا تُلهِيهِم تِجَٰرَة وَلَا بَيعٌ عَن ذِكرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَومٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلقُلُوبُ وَٱلأَبصَٰرُ * لِيَجزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضلِهِۦ وَٱللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيرِ حِسَابٖ﴾.
ولفت خطيب الجامع الأزهر، إلى أن النبي ﷺ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ﴾.
وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أن أول بيت وضع للناس المسجد الحرام مصداقاً لقوله تعالى: ﴿أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾، المسجد الحرام الذى أعاد بناءه سيدُنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، فلقد خرج إبراهيم عليه السلام بالسيدة هاجر المصرية وطفلها الرضيع إسماعيل عليه السلام، من شمال سيناء، فذلك النسب العظيم الذى يمتد إلى النبى محمد ﷺ، قال تعالي:﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.
ولفت مدير الجامع الأزهر، إلى أن مصر الكنانة تحظى بمكانة كبيرة؛ فهي تقع بين بيت المقدس ومكة المكرمة، قال تعالي: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ﴾، فالمقصود بالتين والزيتون بيت المقدس، وطور سينين يُقصد به مصر، والبلد الأمين يُقصد به مكة المكرمة، فلقد أمر الله نبيه إبراهيم عليه السلام بأن يخرج بالسيدة هاجر إلى أرض المسجد الحرام، ولم يكن البناء وقتها معلوماً لاختفاء معالمه بطوفان سيدنا نوح عليه السلام، فأراد الله لهذه البقعة أن تُعمّر؛ فكانت هجرة سيدنا إبراهيم بهاجر ورضيعها، فذهب خليل الله وترك أمنا هاجر ورضيعها في هذا المكان القفر الذى لا زرع فيه ولا ماء، وحين اشتد العطش عليهما، كان السعي بين الصفا والمروة، فنبع ماء زمزم تحت قدمي إسماعيل عليه السلام؛ لتتحقق دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾.
ووضح خطيب الجامع الأزهر، الربط بين الإسراء والمعراج، ثم الربط بين المسجد الأقصى والسماوات العلا بالصلاة التي تكون بالمساجد؛ التي سميت بذلك لسجود العباد لله تعالى، وبالتشهد يتحقق أيضاً الربط بين الأنبياء جميعاً؛ صلى بهم النبى ﷺ إماماً في بيت المقدس أولي القبلتين وثالث الحرمين. عَنْ أبِي ذَرٍّ، قالَ: قُلتُ يا رَسولَ اللهِ، أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلُ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً، وأَيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهو مَسْجِدٌ. هذه المساجد لها من العظمة والثوابت والبركة مالها. أيضاً جبل طور سيناء، هذا الجبل الذى تجلى ربنا فيه لسيدنا موسى عليه السلام، الذى خر صعِقاً وظل فيها أربعين ليلة ليلقي الألواح. ولما أسره بنو إسرائيل، كتب الله عليه التيه في سيناء، قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾.
وحث د. عودة المسلمين على تحري تلك النعم العظيمة ومعرفة فضلها الكبير قال ﷺ (الصلاة في المسجد الحرام تفضل على غيره بمائة ألف صلاة وفي مسجدي ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة.) يعلمنا النبى ﷺ ذلك لنتعلق بالمساجد، فينشأ الشباب على طاعة الله، ويكونوا من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، وشد على تربية الأبناء على حب المساجد والذهاب إليها لأداء الصلوات فيها.
وختم خطيب الجامع الأزهر حديثه، بتنبيه المسلمين بالرجوع إلي الله بأن يكونوا دائماً كما أمرهم الله، بأن يراهم حيث أمرهم، ولا يجدهم حيث نهاهم، وأن يتعايشوا مع المساجد، وأن يحافظوا على أداء الصلاة في وقتها فهي تنهي عن الفحشاء والمنكر، وبذلك تتحقق القيم الاجتماعية من ترابط، وألفة، ومودة بين المسلمين أجمعين لا فرق بين غني ولا فقير، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر خطبة الجمعة اليوم هاني عودة الجامع الازهر خطيب الجامع الأزهر خطیب الجامع الأزهر المسجد الحرام علیه السلام بیت المقدس
إقرأ أيضاً:
حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
التوسل بالنبي.. أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز التوسل بالنبي في الدعاء لمن يريد، ولا يجوز إنكار ذلك، مستشهدة بما أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم: "أن أعمى أتى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إني أُصِبتُ في بَصَرِي، فادعُ اللهَ لي، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «تَوَضَّأ وصَلِّ رَكعَتَين ثم قُل: اللَّهُمَّ إني أَسألُكَ وأَتَوَجَّه إليكَ بنبيكَ مُحَمَّدٍ، يا مُحَمَّدُ، إنِّي أَستَشفِعُ بكَ في رَدِّ بَصَرِي، اللهم شَفِّع النبيَّ فِيَّ، وقال: فإن كان لكَ حاجةٌ فمِثلُ ذلكَ»، فرَدَّ اللهُ تعالى بصرَه.
حكم التوسل بالنبي صلوات الله عليه وسلم:وقالت دار الإفتاء إن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستمرة ومتجددة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، ونصّ العلماء على أنَّ كرامات الأولياء وإجابات المستغيثين به صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته من جُملة هذه المعجزات المتجددة؛ لأنَّ كل ذلك حاصل بسبب الإيمان به واتِّباعه صلى الله عليه وآله وسلم.
حكم التشفع والتوسل بالنبي صلوات الله عليه وسلم
قال الإمام العارف أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى في "الرسالة القشيرية" بشرح شيخ الإسلام زكريا وحاشية العلامة العروسي (4/ 152، ط. دار الطباعة العامرة): [هذه الكرامات لاحقةٌ بمعجزات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.. وكل نبي ظهرت كرامته على واحد من أمته فهي معدودة من جملة معجزاته؛ إذ لو لم يكن ذلك الرسول صادقًا لم تظهر على يد من تابعه الكرامة] اهـ.
وقد نص العلماء على أنَّ مَن تشفع بجاه النبي عليه الصلاة والسلام فإنه يبلغ مراده، ويُحصِّلُ مَقْصُودَهُ؛ قال الحافظ السخاوي في كتابه "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم" (ص: 442، ط. مؤسسة الريان): [ومَن تشفَّع بجاهه صلى الله عليه وآله وسلم وتوسل بالصلاة عليه: بلغ مراده، وأنجح قصده، وقد أفردوا ذلك بالتصنيف.. وهذا من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام، وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل: إن إجابات المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمن معجزات كثيرة بعدد التوسلات لكان أحسن، فلا يطمع حينئذ في عد معجزاته حاصر، فإنه -ولو بلغ ما بلغ منها- حاسر قاصر] اهـ.
وأوضحت الإفتاء أن التشفع بجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير مُقَيَّد بعصر من العصور؛ فتجوز في حياته وبعد انتقاله صلى الله عليه وآله وسلم.
حكم التوسل بالنبي صلوات الله عليه وسلم
قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في "أدب المفتي والمستفتي" (ص: 210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورة على ما وُجِدَ منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أن كرامات الأولياء من أمته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عدّ ولا يحصرها حدّ، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ