آمال عريضة في إنقاذ جزء من الموسم الفلاحي بفضل التساقطات الأخيرة
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
يحتفظ الفلاح عبد الرحيم محافظ بقليل من الأمل في تساقط أمطار تنقذ ما يمكن إنقاذه من محصول الحبوب، في ظل جفاف “عنيف” للعام السادس تواليا، يهدد هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي.
على طول الطريق الرابطة بين الدارالبيضاء ومزرعته في ضواحي مدينة برشيد تبدو مساحات شاسعة من الحقول عارية، بعدما كانت تغطيها عادة في هذه الفترة من العام “سنابل حبوب تناهز 60 سنتيمترا”، كما يوضح محافظ.
لا يكاد يبرز أي نبات في مزرعته الممتدة على نحو 20 هكتارا، تماما كما هي الحال في حقل الفلاح حميد ناجم (52 عاما) الذي يعرب عن قلقه إزاء “موسم قاس لم يسبق أن شهدت مثله”.
ترتوي 88 بالمئة من مزارع هذه المنطقة الممتدة على 155 ألف هكتار بالأمطار مباشرة، وهي أحد أهم مصادر الحبوب في المملكة، وفق وزارة الزراعة.
أما المزارع المسموح سقيها بمياه السدود فتراجعت مساحتها من 750 ألفا إلى 400 ألف هكتار في مجموع مناطق البلاد، وفق ما أعلن وزير الفلاحة محمد صديقي قبل أسبوعين، بسبب “جفاف استثنائي وعنيف منذ ستة أعوام”.
وتفاقم هذا الوضع بسبب تبخر المياه المخزنة في السدود، في ضوء ارتفاع في معدل الحرارة بـ1,8 في المئة مقارنة مع متوسط الفترة بين العامين 1981 و2010.
وفي ظل مخاطر شح مياه الشرب قامت السلطات بإغلاق الحمامات العمومية ومحال غسل السيارات لثلاثة أيام في الأسبوع في عدة مدن، مع منع سقي الحدائق وملاعب الغولف بمياه الشرب.
لكن هذه الإجراءات الرامية لضمان مياه الشرب لا تغير شيئا من “الخطر الذي يهدد” مردود الموسم الزراعي الحالي، وفق تعبير الخبير في القطاع عبد الرحيم هندوف، علما أن الزراعة تستهلك حصة الأسد من موارد البلاد المائية.
ينبه هندوف إلى أن هذا الموسم انطلق أصلا بتضاؤل المساحة المخصصة لزراعة الحبوب إلى حوالى 2,3 مليون هكتار فقط، مقابل متوسط 4 إلى 5 ملايين هكتار في الأعوام الأخيرة، الامر الذي “سيكون له أثر وخيم على الاقتصاد” كون القطاع الزراعي يوظف نحو ثلث العاملين في المغرب، ويساهم بنحو 14 بالمئة من الصادرات.
بعد خمس سنوات عجاف كان عبد الرحيم محافظ (54 عاما) يأمل سماء أكثر سخاء هذا الموسم لعله يستدرك ما تراكم من خسائر، وخصوصا أنه اعتمد تقنية جديدة لزرع البذور بدون حرث أولي، ما يمكنه من الاستفادة من الرطوبة الطبيعية للتربة.
لكن “محصول هذا الموسم ضاع سلفا” كما يقول آسفا، بدون أن يفقد “الأمل في تساقط الأمطار خلال فبراير ومارس بما يوفر على الأقل علفا للماشية”.
يبدو الوضع أقل قسوة بالنسبة لكبار المزارعين، كما هو شأن حميد مشعل الذي يمكنه الاعتماد على المياه الجوفية لإنقاذ محصول 140 هكتارا من الحبوب والجزر والبطاطس، في ضواحي مدينة برشيد.
يستفيد مشعل من حصة محددة بخمسة آلاف طن من المياه يتم ضخها من باطن الأرض لكل هكتار “من أجل تدبير أفضل” لهذه المادة الحيوية كما يوضح، مع إقراره بأن هذه الزراعة تشكل ضغطا قويا على الثورة المائية المحلية.
بسبب الجفاف صار مضطرا إلى اللجوء للمياه الجوفية لسقي نحو 85 بالمئة من مزرعته، “بينما كانت تكميلية فقط في السنوات الماطرة”، على قوله.
مع تجدد الجفاف للعام السادس تواليا يطرح مجددا النقاش حول فاعلية السياسة الزراعية المعتمدة في المملكة منذ 15 عاما، والتي تستهدف بالأساس رفع الصادرات من خضروات وفواكه تستهلك حجما كبيرا من المياه، بينما تشهد الأخيرة “تراجعا مطلقا” كما ينبه الخبير الزراعي محمد طاهر سرايري.
تقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنويا، 87 بالمئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنويا خلال الأعوام الخمس الأخيرة.
تراهن المملكة على تحلية مياه البحر لمواجهة هذا العجز، وتخطط لبناء سبع محطات تحلية جديدة بنهاية 2027 بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنويا، فيما تتوافر حاليا 12 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 179,3 مليون متر مكعب سنويا، وفق معطيات رسمية.
لكن مواجهة المعضلة “يتطلب مراجعة السياسة الزراعية في العمق”، كما يؤكد هندوف آسفا “لكون الحكومة تسير في اتجاه مخالف للواقع”.
(وكالات)
كلمات دلالية المغرب بيئة زراعة طقس فلاحة مناخ
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب بيئة زراعة طقس فلاحة مناخ متر مکعب سنویا بالمئة من
إقرأ أيضاً:
اتفاق أربيل وواشنطن ينعش آمال عودة النفط عبر تركيا
شهدت زيارة رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، إلى واشنطن توقيع اتفاقيات طاقة بقيمة 110 مليار دولار مع شركتي HKN Energy وغرب زاغروس. وتُعدّ هذه الخطوة، بحسب محللين، دفعة محتملة نحو إعادة تشغيل خط أنابيب النفط العراقي التركي، بعد توقف دام لسنوات. ( اتفاق)
بغداد ترفض: “الاتفاقيات غير دستورية”
رفضت الحكومة المركزية في بغداد الاتفاقيات، مؤكدة أنها “غير صالحة”، مستندة إلى الدستور العراقي الذي ينص على أن الموارد الطبيعية تعود لجميع أبناء الشعب، وأن قرارات الاستثمار يجب أن تُتخذ حصراً من قبل الحكومة المركزية.
في المقابل، تؤكد حكومة الإقليم أن الاتفاقيات قانونية ولها سند دستوري.
توتر مزمن بين أربيل وبغداد منذ 2003
منذ الإطاحة بنظام صدام حسين، ظلّت الخلافات بين بغداد وأربيل حول إدارة الموارد النفطية والموازنة سبباً رئيسياً في التوتر.
وفي عام 2022، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارًا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة الإقليم، ما أوجب تسليم عائدات النفط إلى بغداد. وقد كبّد هذا القرار الإقليم خسائر كبيرة في قطاع الطاقة.
20 مليار دولار خسائر بسبب توقف التصدير
على الرغم من أن استئناف تشغيل خط أنابيب كركوك-جيهان كان متوقعًا في عام 2023، إلا أن الخلافات السياسية حالت دون ذلك، وأدت إلى خسائر اقتصادية تُقدّر بنحو 20 مليار دولار لإقليم كردستان.
اقرأ أيضاالمشروب الذي رافق الأتراك منذ ألف عام.. ما سره؟
السبت 24 مايو 2025“الاتفاق المحتمل قد يحل مشاكل أوسع”