باحث بريطاني: الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على هذه الأسس الثلاثة
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
حذر مقال في صحيفة "غارديان" البريطانية من أن ما يروج له الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن الدولة الفلسطينية لا يرد فيه أي ذكر للقرار 242، بل ربما يقتصر على دويلة على غرار البانتوستانات في جنوب أفريقيا أثناء نظام الفصل العنصري، مشددا على أن 3 أمور لا بد أن تكون هي الأساس للدولة المرتقبة.
ولفتت الصحيفة -في مقال بقلم إتش إيه هيلير، وهو هو زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة ومؤسسة كارنيغي للسلام الدولي- إلى إعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون المفاجئ باحتمال اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية قبل نهاية عملية السلام مع إسرائيل، وقول الولايات المتحدة أيضا إنها يمكن أن تعترف بالدولة الفلسطينية بعد الحرب في غزة.
ورأى الكاتب أن هذا الاتجاه نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذا كان يرتكز على قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي يقوم على مبدأ أن انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 شرط مسبق للسلام، فإنه سيكون متسقا مع التحركات الأخرى التي تم اتخاذها في هذا الاتجاه، وأبرزها مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي قبل بها جميع أعضاء الجامعة وأكدت منظمة التعاون الإسلامي، بما فيها إيران، دعمها لها، مع أن إسرائيل لا تزال ترفضها.
غير أن الدولة التي تتحدث عنها واشنطن -حسب هيلير- قد لا يكون فيها أي ذكر للقرار 242، وما يروج له الرئيس الأميركي يبدو أنه دويلة على غرار البانتوستانات في جنوب أفريقيا أثناء الفصل العنصري، أو الدول العميلة لروسيا في شرق أوكرانيا، مما يعني أنها ليست دولة على الإطلاق.
لهذا يقول الكاتب لا بد للدولة الفلسطينية الجديدة أن تقوم على 3 أسس، وهي أنه لا يمكن الاستيلاء على الأرض بالقوة، وضرورة إبعاد ونبذ اليمين المتطرف في إسرائيل، مع القيام بإصلاح حقيقي للمجلس الوطني الفلسطيني.
إضفاء الشرعية على الاحتلال
وإذا تم إنشاء مثل هذه الدويلة الفلسطينية، فلن ينظر إليها الفلسطينيون ولا المنطقة المحيطة ولا حتى المجتمع الدولي، على أنها وفاء من إسرائيل بالتزامات القانون الدولي، ولا كاعتراف بتطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة، بحسب الكاتب الذي يرى أن تلك الخطوة سيُنظر إليها على أنها إضفاء للشرعية على الاحتلال، ولن يساعد ذلك إسرائيل وحلفاءها على الحصول على الدعم داخل المنطقة.
أما الطريق إلى التقدم، فيقوم على 3 ركائز لا غنى عنها، بحسب هيلر، أولها أن يبقى القرار "242 في عام 2024" هو حجر الزاوية، ليس فقط لمعالجة القضية الفلسطينية، بل للحفاظ على مبدأ رفض القوة كوسيلة للاستيلاء على الأرض، لأن المجتمع الدولي يراقب ما يقوم به الغرب في إسرائيل وفلسطين، ويقارنه بما تفعله روسيا وأوكرانيا، ولا يمكننا أن نسمح بأن يكون التناقض هو القاعدة السائدة اليوم.
أما الركيزة الثانية فهي إجراء إصلاح حقيقي للمجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لجعله قابلا للمساءلة وأكثر ديمقراطية وأكثر تمثيلا.
وأخيرا، لا بد من رفض اليمين الإسرائيلي المتطرف الممثل في الحكومة الحالية، "لنضمن أن سلوكنا يعكس قيمنا، وبالتالي على الغرب أن يعمل على تهميش وعزل القوى السياسية الإسرائيلية التي تعمل على تقويض سلامة شعب إسرائيل، فضلا عن المصالح العالمية في المنطقة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تصعيد بريطاني ضد الاحتلال الإسرائيلي على وقع تفاقم المأساة في غزة
صعد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، من لهجته تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، موجها أشدّ انتقاد له منذ بدء العدوان الوحشي المتواصل على قطاع غزة السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، واصفا الحصار المفروض على المساعدات الإنسانية بأنه "غير مقبول، ومثير للقلق الشديد".
ويُنظر إلى تصريحات وزير الخارجية البريطاني على أنها نقطة تحول في موقف المملكة المتحدة إزاء جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وفق ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لمحرر الشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور، أن تصعيد لامي جاء بعد أسابيع من الغضب المتراكم داخل وزارة الخارجية البريطانية إزاء تعنت دولة الاحتلال في إيصال المساعدات، إضافة إلى تصاعد القلق الدولي من "خطة مؤسسة غزة الإنسانية"، التي اعتُبرت محاولة لتقويض دور الأمم المتحدة في القطاع.
وأكد دبلوماسي بريطاني سابق للصحيفة أن "اللغة التي استخدمها لامي كانت غير مسبوقة"، مضيفا أن ذلك يعكس تحولا فعليا في الخطاب الدبلوماسي البريطاني.
وأضاف الدبلوماسي ذاته "حتى لو لم يكن خطاب لامي وأفعاله متطابقين، فإن اللغة أحيانا تكون مهمة في الدبلوماسية"، حسب تعبيره.
وأشار التقرير إلى أن قرار لامي تعليق محادثات التجارة الحرة مع دولة الاحتلال جاء في ظل مشاهد الأطفال الجوعى، وتصريحات بعض الوزراء الإسرائيليين التي تنذر بـ"تطهير غزة"، والعجز الأمريكي عن إلزام تل أبيب بقبول وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الأسرى.
ولفتت الصحيفة إلى أن لقاء لامي مع وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر في 16 نيسان /أبريل الماضي، كان نقطة تحول رئيسية.
وبحسب "الغارديان"، فقد تمحور الاجتماع حول الحصار المفروض على غزة، الذي بدأ في 2 آذار /مارس الماضي، حيث وصفه لامي لاحقا في البرلمان بأنه انتهاك للقانون الإنساني، قبل أن يُضطر للتراجع تجنبا لمخالفة السياسات الرسمية التي تقصر تقييم الشرعية القانونية على المحاكم الدولية.
وفي سياق متصل، شدد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر على خطورة خطط إسرائيل لإنشاء "صندوق غزة الإنساني"، الذي وصفه بأنه محاولة لمحو أثر الأمم المتحدة من القطاع.
وقال فليتشر أمام مجلس الأمن الدولي يوم 13 أيار /مايو الجاري، "يجب أن يسأل أعضاء المجلس أنفسهم كيف سيُحاسبون من الأجيال القادمة إذا لم يفعلوا كل ما في وسعهم لوقف وحشية إسرائيل السافرة".
وحذر فليتشر من أن "خطة صندوق الإغاثة الإنسانية العالمي تُقصر المساعدات على جزء واحد من غزة، بينما تترك الاحتياجات الماسة الأخرى دون تلبية"، مضيفا أنها "تجعل من المجاعة ورقة مساومة… وتشتيت متعمد، وغطاء لمزيد من العنف والتهجير".
وفي تطور لافت، أشار التقرير إلى تدخل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر بيان مشترك قالا فيه: "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري المتجدد وترفع قيودها على المساعدات الإنسانية، فسنتخذ المزيد من الإجراءات الملموسة ردًا على ذلك".
وأكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن بلاده "عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين"، في وقت تستعد فيه باريس والرياض لاستضافة قمة دولية في نيويورك خلال حزيران /يونيو المقبل للدفع بحل الدولتين، على هامش قمة مجموعة السبع.
وخلص تقرير "الغارديان" إلى أن اعترافا دوليا محتملا بفلسطين قد يصبح ورقة ضغط حاسمة في ظل استمرار إسرائيل في احتلال غزة وتوسيع المستوطنات بالضفة الغربية، في وقت ترى فيه بريطانيا وفرنسا أن اللحظة قد تكون مناسبة لتغيير قواعد اللعبة السياسية في المنطقة.