تبذل مصر جهودا لتحقيق أمن الطاقة وتنويع مصادرها، بدلا من الاعتماد الخطير على الغاز الطبيعي الإسرائيلي، لكن لا بد من توافر ثلاث شروط لتخطي أزمة الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، بحسب مارك أيوب، وهو زميل غير مقيم في "معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط" (TIMEP) ويركز على المناخ والطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال أيوب، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، إن "صيف عام 2023 كان بمثابة اختبار قاسٍ للمصريين، فعبد نحو عقد من إمدادات الكهرباء الموثوقة، بفضل الاستثمارات الكبيرة والمكلفة في شبكة الطاقة، فرضت الحكومة انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي لخفض التكاليف".

وتابع أن "الاقتصاد المصري يعاني من حالة من الفوضى، وتعطي السلطات الأولوية لسداد أكثر من 25 مليار دولار من مدفوعات خدمة الديون في 2024، بينما تواجه أزمة توفير عملة صعبة".

وزاد بأنه "على جبهة الطاقة، كان للحرب على غزة (مستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي) تأثير كبير، إذ اعتمدت مصر على زيادة واردات الغاز الإسرائيلي منذ عام 2020، ويتم استخدام حوالي 10% فقط من هذ الغاز محليا وتصدير الـ90% المتبقية إلى أوروبا".

اقرأ أيضاً

أدنوك الإماراتية وبي بي البريطاتية تتفقان على مشروع غاز مشترك بمصر

الغاز الإسرائيلي

و"في 9 أكتوبر الماضي، قررت إسرائيل إيقاف الإنتاج مؤقتا من حقل تمار البحري للغاز؛ مما فاقم التحديات التي يواجهها قطاع الكهرباء بمصر، إذ تقلص تدفق الغاز من إسرائيل ثم توقف تماما في 29 من ذلك الشهر"، كما أضاف أيوب.

ولفت إلى أن "الحكومة المصرية كانت قد أعلنت بالفعل في يوليو/تموز 2023 عن برنامج تقنين للطاقة للحد من الاستهلاك خلال موجة الحر الشديدة في الصيف، وانخفض إنتاج ظُهر، أكبر حقل للغاز في مصر، بشكل مثير للقلق".

"كما أوقفت تصدير الغاز إلى أوروبا على شكل غاز طبيعي مسال طوال صيف 2023، لكن بعد توقف إنتاج حقل تمار، وجدت مصر نفسها مضطرة إلى مضاعفة فترات انقطاع التيار الكهربائي اليومية إلى ساعتين"، بحسب أيوب.

وأضاف أنه "في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأت التدفقات الإسرائيلية إلى مصر في الارتفاع مرة أخرى مع استئناف إنتاج حقل تمار".

وأشار إلى أنه على الرغم من أن مصر أصبحت في عام 2019 مصدّرا صافيا للغاز الطبيعي المسال، إلا أن وارداتها من الغاز الإسرائيلي زادت أيضا منذ 2020، وتم تسييل هذا الغاز قبل تصديره إلى أوروبا.

أيوب قال إنه "كانت لدى مصر طموحات منذ سنوات طويلة لتصبح مركزا إقليميا للغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، ولكن يبدو أنها وقعت في فخ الاعتماد على واردات الغاز الإسرائيلي، مما دفعها إلى استيراد الغاز المسال بدلا من تصديره، وساهم في استنفاد احتياطياتها الأجنبية التي تحتاجها بشدة".

اقرأ أيضاً

بلومبرج: إسرائيل تزود مصر بغاز يفوق مستويات ما قبل حرب غزة

مشاريع متنوعة

و"يبدو أن مصر تعمل بنشاط على إيجاد بدائل قد تساعد في تنويع مزيج الطاقة بدلا من الاعتماد على إسرائيل فقط"، كما زاد أيوب.

وأشار إلى أنه "في سبتمبر/ أيلول الماضي، منحت مصر أربع مناطق جديدة في جولة عطاءات للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط ودلتا النيل لشركات إيني الإيطالية وبريتيش بتروليوم (بي بي) وقطر إنرجي وزاروبجنفت الروسية".

وتابع: "كما أطلقت جولة مناقصة دولية للتنقيب في 23 منطقة مفتوحة، مع تحديد موعد نهائي في 25 فبراي/ شباط الجاري، مع تعزيز التعاون في مجال الطاقة مع دول منطقة شرق البحر لمتوسط، وخاصة اليونان".

وأردف أن مصر تأمل في زيادة إنتاج الطاقة المتجددة إلى 10 آلاف ميجاوات بحلول عام 2025، بما في ذلك طاقة الرياح والهيدروجين والطاقة الشمسية، وحددت هدفا للوصول إلى 42% من الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، و60% بحلول 2040، في حين تبلغ حاليا حوالي 20%".

اقرأ أيضاً

المترو والاتصالات والكهرباء.. المصريون يستقبلون 2024 بانفجار في الأسعار

استقرار جيوسياسي

و"لكي يتحقق كل ما سبق وتهيئة البيئة للاستثمارات، لا بد من استيفاء ثلاثة شروط. أولا، يجب إعطاء الأولوية للاستقرار الجيوسياسي، وخاصة في غزة"، كما أضاف أيوب.

وتابع: "ثانيا، هناك حاجة إلى رؤية اقتصادية واضحة لمصر. وثالثا، يجب أن تكون هناك مناقشات مناسبة حول المسائل المتعلقة بمشاريع الطاقة وربط الحكومة بمدفوعات طويلة الأجل للشركات الأجنبية الموجودة خارج مصر".

وقال إنه "بينما يناقش العالم وقف إطلاق النار في غزة، فإن احتمال اندلاع حرب إقليمية واسعة يظل مرتفعا. وسيتأثر أمن الطاقة في المنطقة بما إذا كانت الحرب ستتوسع أكثر أم لا".

أيوب حذر من أن "هذا مؤشر على أن الاعتماد المصري على الغاز الإسرائيلي ينطوي على توازن هش بين الأمن الوطني وأمن الطاقة".

واعتبر أن "هذا أيضا مؤشر آخر على أن الاعتماد على شرق البحر المتوسط ليحل محل غاز روسيا (في ظل حربها على أوكرانيا) لم يكن مثمرا حتى الآن في ظل الصراعات.. وقد تتعرض مصر لضربة أكبر إذا امتدت الحرب في غزة لأسابيع وأشهر أخرى".

اقرأ أيضاً

مصر تواصل استراتيجية تخفيف أحمال الكهرباء حتى مارس

المصدر | مارك أيوب/ معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر كهرباء إسرائيل غاز حرب غزة طاقة الغاز الإسرائیلی اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

“ذا ناشيونال” الإماراتية: الصواريخ الإيرانية استهدفت 18 موقعاً حساساً في إسرائيل

الجديد برس| في صبيحة الـ13 من يونيو الجاري شنت “إسرائيل” هجمات مفاجئة استهدفت أكثر من 100 موقع في إيران، غالبيتها مدنية ومجمعات سكنية، وفق ما بثته القنوات الفضائية، إلى جانب استهداف مواقع عسكرية ونووية مثل “نطنز” و”فوردو”، ما أدى إلى مقتل مسؤولين كبار، في عمل ينظر إليه القانون الدولي بأنه إجرام غير مبرر، الأمر الذي أعطى إيران حق الدفاع المشروع، حسب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً مع تعرض إيران لهجمات على منشآتها المدنية والعلمية الحيوية. الرد الإيراني- الذي وصف بغير المسبوق في تاريخ كان الاحتلال الإسرائيلي- على هجماتها تلك لم يتأخر، فمنذ صبحية الـ 14 من يونيو، شنّت إيران موجات متواصلةً من الضربات على البنية التحتية الحيوية لإسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً، مستهدفةً أكثر من 18 موقعاً ذا قيمة عالية، وتعد أهدافاً عسكرية مشروعة في أعراف الحروب، حيث شملت تلك الأهداف قواعد جوية كبرى مثل “الجليل”، “تل نوف”، “نيفاتيم”، “عوفدا” و”كرياه”، بالإضافة إلى مركز وحدة الاستخبارات السيبرانية 8200 ومقر الموساد وشركة رافائيل المصنعة للأسلحة المتقدمة، وفقاً لما كشفه الصحافي البرازيلي “بيبي إسكوبار” على قناته في منصة تليجرام. ووفقاً لـ”اسكوبار”، فإن هذا التركيز على النقاط الحرجة، أدى إلى شلل جزئي لطائرات F‑35 وأنظمة الحرب السيبرانية، فيما اعترفت “إسرائيل” بحالة ضرر كبير، مؤكدة أنه رغم اعتراض غالبية الصواريخ، إلاٍ أن الخسائر تركزت في التجهيزات الدفاعية وتناقص المخزون العسكري من صواريخ الدفاعات الجوية. وعلى مستوى الطاقة، تعرضت “مصفاة حيفا”، التي تشمل “محطة توليد الطاقة بحيفا”، و”محطة كهرباء هدار” لهجمات أدت إلى حرائق واسعة وعطب بالشبكة الكهربائية، ما أدى إلى توقف الإمدادات حيناً، ما تسبب بخسائر يومية تُقدر بنحو 3 ملايين دولار فقط لصيانة المحطات ورفع الإنتاج من بدائل الطاقة. كما شملت قائمة الأهداف البنية التحتية البحثية والعلمية، أبرزها “مركز تصنيع الرقائق في كريات جات”، ومعهد وايزمان، ومركز النقب النووي. وأظهرت التقارير أضراراً هيكلية بنحو 300–500 مليون دولار بسبب تدمير مختبرات ووحدات إنتاج أشباه الموصلات. تضررت أيضاً شبكات الخدمات اللوجستية، مع توقف ميناء حيفا ومطار بن غوريون المؤقت، وهو ما أدى لتعطل سلاسل الاستيراد والتصدير لأيام، وتكبد خسائر اقتصادية مباشرة تزيد على مليار دولار، فضلاً عن توقف نشاط شركات تأمين وشحن. هذه الهجمات الصاروخية الإيرانية المركزة، كبدت الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة تجاوزت 6 مليارات دولار، كخسائر مباشرة، لا تشمل الخسائر غير المباشرة المترتبة على شلل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، فيما تشير التقديرات إلى أن أكثر من 32975 عقاراً تضررت هيكلياً بسبب هجمات الرد الإيراني على “إسرائيل”. وفقاً لما نشرته منصة “ذا ناشيونال” الإماراتية الناطقة باللغة الإنجليزية.

مقالات مشابهة

  • مصانع الأسمدة في مصر تعود للإنتاج بعد استئناف إمدادات الغاز الطبيعي
  • أزمة الغاز تتفاقم.. الحزام الأمني يحتجز مقطورات في أبين ومصادر تكشف التفاصيل
  • أزمة الغاز المنزلي تشتد في عدن
  • الجولان مقابل التطبيع.. إسرائيل تضع شروط السلام مع سوريا
  • المغرب يتجه للاستعانة بسفن توليد الكهرباء التركية كحل انتقالي لتعزيز أمن الطاقة
  • مصر تعلن زيادة إنتاجها من الغاز المحلي بعد أشهر أزمة في الطاقة
  • “ذا ناشيونال” الإماراتية: الصواريخ الإيرانية استهدفت 18 موقعاً حساساً في إسرائيل
  • مقتل سليمان سليماني عالم الطاقة النووية البارز بالهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران
  • الكربلائي: الشعب العراقي ليس بعيدا عن تداعيات الصراعات القائمة في المنطقة عاجلا أم اجلا
  • استجابة سريعة لأزمة الطاقة.. مصر تدير نقص الغاز بوقف التصدير والصيف بدون تقنين